الدروس
course cover
الاختلاف في التفسير المستند إلى النقل
2 Oct 2022
2 Oct 2022

1038

0

0

course cover
مقدمات المفسرين

مقدمة التفسير لابن تيمية | القسم الأول

الاختلاف في التفسير المستند إلى النقل
2 Oct 2022
2 Oct 2022

2 Oct 2022

1038

0

0


0

0

0

0

0

الاختلاف في التفسير المستند إلى النقل


قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (فَصْلٌ

فِي نَوْعَي الاخْتِلاَفِ فِي التَّفْسِيرِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى النَّقلِ ، وَإِلَى طُرُقِ الاسْتِدلالِ.

الاخْتِلافُ فِي التَّفسيرِ عَلَى نَوْعَيْنِ:

- منْهُ مَا مُسْتَنَدُهُ النَّقْلُ فَقَطْ.

- وَمنْهُ مَا يُعْلَمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.

إذ العِلْمُ إمَّا نَقْلٌ مُصَدَّقٌ ، وَإمَّا اسْتِدلالٌ مُحَقَّقٌ .

وَالْمنْقُولُ إِمَّا عَن الْمَعْصُومِ ، وَإمَّا عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ

والْمَقْصُودُ بِأَنَّ جِنْسَ الْمنْقُولِ سَوَاءٌ كَانَ عَنِ الْمَعْصُومِ أَوْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ ، وَهَذَا هُوَ النَّوعُ الأَوَّلُ ، فَمنْهُ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الصَّحيحِ منْهُ وَالضَّعيفِ ، وَمنْهُ مَا لا يُمْكِنُ مَعْرِفة ُذَلِكَ فِيهِ.

وهَذَا القِسْمُ الثَّانِي من المنْقُولِ ، وهُوَ مَا لا طَرِيقَ لنا إلى الجَزْمِ بالصِّدقِ منْهُ ، عَامَّتهُ مِمَّا لا فَائِدَةَ فيهِ ، والكَلامُ فِيهِ منْ فُضُولِ الكَلامِ . وَأمَّا مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلى مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّ اللهَ تعالى نَصَبَ على الحَقِّ فِيهِ دَلِيلاً .

فَمِثَالُ مَا لا يُفِيدُ وَلا دَلِيلَ علَى الصَّحيحِ منْهُ اخْتِلافُهُم فِي لَوْنِ كَلْبِ أَصْحَابِ الكَهْفِ ، وفي البَعْضِ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ قَتِيلُ مُوسَى من البَقَرَةِ . وَفِي مِقْدَارِ سَفِينَةِ نُوحٍ ، وَمَا كَانَ خَشَبُهَا ، وَفي اسْمِ الغُلامِ الَّذِي قتَلَهُ الخَضِرُ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ الأُمُورُ طَرِيقُ العِلْمِ بِهَا النَّقْلُ .

فَمَا كَانَ منْ هَذَا منْقُولاً نقْلاً صَحِيحًا عنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاسْمِ صَاحِبِ مُوسَى أنَّهُ الْخَضِرُ - فهَذَا مَعْلُومٌ .

ومَا لَمْ يَكُنْ كذلِكَ بَلْ كَانَ ممَّا يُؤْخَذُ عَنْ أهْلِ الكتَابِ -كالمنْقُولِ عنْ كَعْبٍ ، وَوَهْبٍ ، ومُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ ، وغيرِهِمْ مِمنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ - فهَذَا لا يَجُوزُ تصدِيقُهُ ولا تَكْذِيبُهُ إلا بِحُجَّةٍ .

كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحيحِ عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّهُ قَالَ : " إِذَا حَدَّثَكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ ولا تُكَذِّبُوهُمْ ، فإمَّا أنْ يحدِّثُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوهُ ، وإمَّا أنْ يحدِّثُوكُمْ بباطِلٍ فتُصَدِّقُوهُ ".

وكذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ التَّابعينَ ، وإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ أَخَذََهُ عنْ أهْلِ الكِتَابِ ، فَمَتَى اخْتَلَفَ التَّابعُونَ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ أَقْوَالِهِم حُجَّةً علَى بَعْضٍ.

وَمَا نُقِلَ في ذلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ نَقْلاً صَحِيحاً ، فَالنَّفْسُ إِلَيْهِ أَسْكَنُ ممَّا نُقِلَ عن بَعْضِ التَّابعينَ ؛ لأَنَّ احْتِمَالَ أَنْ يَكونَ سَمِعَهُ من النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ منْ بَعْضِ منْ سَمِعَهُ منْهُ أَقْوَى ، وَلأَنَّ نَقْلَ الصَّحابةِ عن أَهْلِ الكتابِ أَقَلُّ منْ نَقْلِ التَّابعينَ .

وَمَعَ جَزْمِ الصَّاحِبِ بمَا يَقُولُهُ ، كَيفَ يُقالُ : إِنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ وقدْ نُهُوا عن تَصْدِيقِهِم ؟‍!).

هيئة الإشراف

#2

6 Dec 2022

المنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره


قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (والمقصُودُ أنَّ مِثْلَ هَذَا الاخْتِلافِ الَّذِي لا يُعْلَمُ صَحِيحُهُ وَلاَ تُفِيدُ حِكَايَةُ الأَقْوَالِ فِيهِ هُوَ كَالْمَعْرِفَةِ لِمَا يُرْوَى من الْحَدِيثِ الَّذِي لاَ دَلِيلَ على صحَّتِهِ وَأَمْثَالِ ذَلِِكَ .

وَأمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفةُ الصَّحيحِ منْهُ فَهَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَللهِ الحمدُ ، فَكَثِيرًا مَا يُوجَدُ في التَّفسيرِ وَالْحَدِِيثِ وَالمْغَازِي أُمُورٌ منْقُولَةٌ عَن نبيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيرِهِ من الأنبيَاءِ - صَلَواتُ اللهِ عَليهِمْ وَسَلامُهُ - والنَّقلُ الصَّحيحُ يَدْفَعُ ذَلِكَ ، بَلْ هَذَا موجودٌ فيمَا مُسْتَنَدُهُ النَّقلُ ، وَفِيمَا [قَدْ ]يُعْرَفُ بِأُمُورٍ أُخْرَى غَيْرِ النَّقلِ .

فَالمقصُودُ أَنَّ الْمنْقُولاتِ الَّتِي يُحْتاجُ إليها في الدِّينِ قَدْ نَصَبَ اللهُ الأَدِلَّةَ عَلَى بَيَانِ مَا فِيهَا منْ صَحِيحٍ وَغَيْرِهِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمنْقُولَ في التَّفسيرِ أَكْثرُهُ كَالْمنْقُولِ فِي الْمَغَازِي وَالْمَلاحِمِ ، وَلِهَذَا قَالَ الإمامُ أحمَدُ :" ثلاثةُ أُمُورٍ لَيْسَ لَهَا إِسْنادٌ : التَّفسيرُ وَالْمَلاَحِمُ وَالْمَغَازِي " ، ويُرْوَى : " ليسَ لَها أَصْلٌ " أَيْ إِسْنَادٌ ، لأَنَّ الغَالِبَ عَلَيْهَا المَرَاسيلُ ، مِثْلُ مَا يَذْكُرُهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبيرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ إسْحَاقَ وَمنْ بَعْدَهُمْ كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِيِّ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَالوَاقِدِيِّ وَنَحْوِهِمْ من كتاب المغازي فِي الْمَغَازِي .

فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْمَغَازِي أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ ، ثُمَّ أَهْلُ العِرَاقِ . فَأَهْلُ المدينَةِ أَعْلَمُ بِهَا ؛ لأنَّهَا كانَتْ عِنْدَهُمْ ، وَأَهْلُ الشَّامِ كَانُوا أَهْلَ غَزْو وجهادٍ , فَكَانَ لهُمْ من الْعِلْمِ بِالْجِهَادِ وَالسِّيَرِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ ، وَلِهَذَا عَظَّمَ النَّاسُ كِتَابَ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ الَّذِي صَنَّفَهُ في ذلِكَ ، وجَعَلُوا الأَوْزَاعِيَّ أَعْلَمَ بِهَذَا البَابِ منْ غَيْرِهِ منْ عُلَمَاءِ الأَمْصَارِ).

هيئة الإشراف

#3

6 Dec 2022

مراتب التابعين في التفسير


قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَأَمَّا التَّفسيرُ فَإِنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ ؛ لأنَّهُم أَصْحَابُ ابنِ عبَّاسٍ كَمُجَاهِدٍ ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبي رَبَاحٍ ، وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرِهِمْ منْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَطَاوُوسَ ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وأَمْثَالِهِم .

وَكذلِكَ أَهْلُ الكُوفَةِ منْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ - ومنْ ذَلِكَ مَا تميَّزُوا بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ-.

وَعلماءُ أهْلِ المدينةِ في التَّفسيرِ مثلُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ مَالِكٌ التَّفسيرَ, وَأَخَذَهُ عَنْهُ أَيْضًا ابنُهُ عبدُ الرَّحمنِ وعبدُ اللهِ بنُ وهْبٍ).