26 Dec 2021
المقدمة
عناصر المقدمة:
● تمهيد.
● التعريف بعلم تدوين التفسير.
● أوّل نشأة تدوين في التفسير.
● دروس دورة تدوين التفسير.
تمهيد:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن من المعارف المهمّة لطالب علم التفسير أن
يعرف كيف نشأ تدوين التفسير، وكيف توالت الكتب المؤلفة فيه حتى وصلت إلى
ما يتعسّر تقصّيه من الكتب الكثيرة جداً، ومنها كتب ذات أجزاء عدة.
وهذه المعرفة تكسب طالب العلم البصيرةَ بما
بُنيت عليه كثير من التفاسير المتأخرة، وطرق المفسّرين في تدوينها
وتصنيفها؛ وأغراضهم من تأليفها.
وذلك أنّ الغالبَ على علماء أهل كلّ قرن أن
يقصدوا إلى تأليف ما يفي باحتياج طلاب العلم في عصرهم، بما يناسب المصادر
التي وقفوا عليها، ولا سيما المشتهرة في زمانهم.
ولذلك فإنّ أغراض التأليف تتنامَى بتنامِي احتياج طلاب العلم إلى الجمع والتصنيف، والشرح والتحرير، والتقريب والتيسير.
وإذا تتبعنا المصادر التي بُنيت عليها تلك
التفاسير وجدناها تنتهي إلى صحف كثيرة متفرقة كُتبت في القرون الفاضلة ثمّ
زيدَ عليها بعد ذلك بأنواع من الزيادات.
ومن المعلوم أن تدوين أيّ علم من العلوم إنما
كان غرضه في الأصل ضبطه وحفظه من الضياع، لكن تنشأ بسبب الكتابة الأولية
أغراض أخرى، وذلك لاختلاف مناهج الكتابة، وتفاوت الضبط؛ وتناقل الصحف
والكتب بأيدي الرواة، فتعرض حاجات مثل ضبط الرواية، وتصحيح المرويّ، وإيضاح
بعض الجمل والمفردات، وشرح الغريب، والتعقيب على خطأ متحقق أو متوهّم،
وإضافة فائدة، وبيان علّة، وجمع لصحف وكتب متفرقة، وغير ذلك من أوجه
الاحتياج العلمي التي تستدعيها حاجة طلاب العلم في كلّ زمان.
وهذه الاحتياجات المتنوّعة نشأ بسبب الرغبة في
تلبيتها أنواع كثيرة من الكتب والمؤلفات، واختلفت المناهج فيها اختلافاً
كثيراً، فتعددت أغراض التأليف وازدادت، حتى ألّف في كلّ علم كتب كثيرة
جداً.
فكان من أوجه الاحتياج العلمي لأهل كلّ علم تعرّف نشأة التأليف فيه، وكيف كان بدء تدوينه، وأنواع المؤلفات فيه ومراتبها.
ومن ذلك ما عقدت له
هذه الدورة، وهو التعريف بنشأة تدوين علم التفسير، وذكر ما تيسّرت معرفته
من التفاسير التي كُتبت في القرون الفاضلة، وبيان أحوالها، ومراتبها، وشيء
مما تحسن معرفته عنها.
التعريف بعلم تدوين التفسير:
تدوين التفسير من فروع علم تاريخ التفسير، وذلك أن علم تاريخ التفسير علم واسع يتفرّع إلى فروع كبيرة منها:
الفرع الأول: نشأة علم التفسير كعلم تُدرس
مسائله وتدرّس، وهو فرع واسع، عقدت له دورة خاصة ذكرت فيها البيان الإلهي
للقرآن، والبيان النبوي، وتفاسير الصحابة والتابعين وتابعيهم، وطرائقهم في
تعلم علم التفسير وتعليمه، ودخول الإسرائيليات في التفسير، ونشأة التفسير
اللغوي، وغيرها من المباحث التفصيلية.
والحديث عن هذه المباحث في تاريخ التفسير يختلف عن الحديث عنها في
أصول التفسير، ففي تاريخ التفسير نستقرئ ما كان عليه الحال ونستخلص
الفوائد، فهي دراسة تاريخية وصفية، وفيها فوائد جمة.
وفي أصول التفسير ندرس الأحكام الكلية لطرق التفسير وبعض أمثلتها التفصيلية؛ فهي دراسة أصولية تطبيقية.
والفرع الثاني: نشأة تدوين التفسير، وهو ما عقدت له هذه الدورة.
والفرع الثالث: أسانيد التفسير.
والفرع الرابع: طبقات المفسرين.
والفرع الخامس: سير أعلام المفسرين.
والفرع السادس: مناهج المفسرين بالمعنى العام.
فهذه الفروع المهمّة تكتمل بها المعرفة الحسنة بتاريخ علم التفسير.
وسنعقد – بإذن الله تعالى - لكل فرع من الفروع
الخمسة الأولى دورة خاصة، وأما الفرع السادس فسندمج الحديث عنه مع طبقات
المفسرين بشيء من الإيجاز والاختصار.
أوّل نشأة تدوين التفسير:
وقد كانت بداية تدوين التفسير محضاً - فيما أعلم
- ما أُثر عن بعض أصحاب ابن عبّاس رضي الله عنهما من كتابتهم التفسير
عنه، وكان بعض ذلك من إملائه.
وممن ذكر أنه كان يكتب التفسير من أصحاب ابن
عباس: مجاهد، وسعيد بن جبير، وأربدة التميمي، وأبو مالك الغفاري، وأبو صالح
مولى أمّ هانئ وغيرهم.
وهؤلاء منهم من رويت عنهم صحفهم كأربدة، وأبي
مالك، وأبي صالح، وهي صحف قد تداولها الرواة حتى أخرج منها أصحاب التفاسير
المسندة كابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وغيرهم بعض مروياتها.
ومنهم من لم نقف على أنهم رووا عن ابن عباس
عينَ ما كتبوه كما هو حال مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير؛ وأبو الجوزاء
الربعي، والأظهر أنهم إنما كتبوا لأنفسهم ثم أضافوا إلى ما كتبوه عن ابن
عباس ما استفادوه من غيره، وما استخرجوه بفهمهم واستنباطهم.
ثمّ كتبوا تفاسير أو أملوها بعدما تصدّروا في التفسير.
دروس دورة تدوين التفسير:
ثمّ توالى التأليف في التفسير وكثر جداً، مما اقتضى تخصيص دورة مفصّلة في تأريخ تدوين التفسير، وهذا إجمال أسماء دروسها:
الدرس الأول: النهي عن كتابة غير القرآن في أوّل الإسلام ثم ورود الإذن بالكتابة
الدرس الثاني: بيان مذاهب الصحابة رضي الله عنهم في كتابة غير القرآن.
الدرس الثالث: بيان مذاهب التابعين رحمهم الله في كتابة غير القرآن.
الدرس الرابع: التعريف بصحف الصحابة والتابعين
الدرس الخامس: اشتهار التدوين وبدء التصنيف
الدرس السادس: تدوين التفسير في زمن التابعين.
الدرس السابع: تدوين التفسير في زمن تابعي التابعين
الدرس الثامن: تدوين التفسير في بقيّة القرن الثالث الهجري
الدرس التاسع: تدوين التفسير في القرن الرابع الهجري