28 Dec 2021
الدرس الثالث: مذاهب التابعين رحمهم الله في كتابة العلم
عناصر الدرس:
- إيجاز أقوال التابعين في كتابة غير القرآن.
- دراسة مذاهب التابعين رحمهم الله في كتابة غير القرآن:
...- 1: ما روي عن علقمة بن قيس النخعي(ت:62هـ) رحمه الله.
...- 2. ما روي عن عبيدة السَّلماني(ت:72هـ) رحمه الله.
...- 3: ما روي عن أبي إدريس الخولاني(ت:80هـ) رحمه الله.
...- 4: ما روي عن عروة بن الزبير بن العوام(ت:93هـ) رحمه الله.
...- 5: ما روي عن أبي العالية الرياحي(ت:93هـ) رحمه الله.
...- 6: ما روي عن سعيد بن المسيّب(ت:94هـ) رحمه الله.
...- 7: ما روي عن سعيد بن جبير(ت:95هـ) رحمه الله.
...- 8: ما روي عن إبراهيم النخعي(ت:95هـ) رحمه الله.
...- 9: ما روي عن بشير بن نهيك البصري(ت:95هـ تقريباً ) رحمه الله.
...- 10: ما روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود(ت:98هـ) رحمه الله.
...- 11: ما روي عن عمر بن عبد العزيز(ت:101هـ) رحمه الله.
...- 12: ما روي عن مجاهد بن جبر المكي(ت:102هـ) رحمه الله.
...- 13: ما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الزهري(ت:104هـ) رحمه الله.
...- 14: ما روي عن أبي قلابة الجرمي(ت:104هـ) رحمه الله.
...- 15: ما روي عن الضحاك بن مزاحم الهلالي(ت:105هـ تقريباً) رحمه الله.
...- 16: ما روي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق(ت:108هـ) رضي الله عنهم.
...- 17: عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي(ت: قبل 110هـ)رحمه الله.
...- 18: ما روي عن الحسن البصري(ت:110هـ) رحمه الله.
...- 19: ما روي عن محمد بن سيرين البصري(ت:110هـ) رحمه الله.
...- 20: ما روي عن عامر بن شراحيل الشعبي(ت:114هـ) رحمه الله.
...- 21: وهب بن منبه بن كامل اليماني (ت:114 هـ)رحمه الله.
...- 22: ما روي عن نافع مولى ابن عمر(ت:117هـ)رحمه الله.
...- 23: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم النجاري الأنصاري(ت:120هـ)رحمه الله.
...- 24: ما روي عن محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري(ت:124هـ) رحمه الله.
...- 25: ما روي عن عمرو بن دينار المكي(ت:126هـ)رحمه الله.
...- 26: يحيى بن أبي كثير اليمامي(ت:129هـ)رحمه الله.
...- 27: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي (ت: 129 هـ)رحمه الله.
...- 28: ما روي عن شيبة بن نِصَاح بن سرجس المدني(ت:130هـ)رحمه الله.
...- 29: ما روي عن أيوب بن أبي تميمة السختياني(ت:131هـ)رحمه الله.
...- 30: ما روي عن منصور بن المعتمر السلمي(ت:132هـ)رحمه الله.
...- 31: ما روي عن همام بن منبّه اليماني(ت:132هـ) رحمه الله.
...- 32: ما روي عن أبي رجاء محمد بن سيف الحداني(ت:135هـ) رحمه الله.
...- 33: ما روي عن زيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ) رحمه الله.
...- 34: ما روي عن أبي حازم سلمة بن دينار الأعرج(ت:140هـ) رحمه الله.
...- 35:ما روي عن خالد بن مهران الحذاء(ت:142هـ) رحمه الله.
...- 36: ما روي عن يحيى بن سعيد الأنصاري(ت:143هـ)رحمه الله.
...- 37: ما روي عن سليمان بن طرخان التيمي (ت:143هـ) رحمه الله.
...- 38: هشام بن عروة بن الزبير(ت:146هـ) رحمه الله.
...- 39: ما روي عن سليمان بن مهران الأعمش(ت:148هـ) رحمه الله.
...- 40: ما روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت (ت:150هـ) رحمه الله.
...- 41: ما روي عبد الله بن عون المزني(ت:151هـ)رحمه الله.
...- 42: محمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ)رحمه الله.
36: ما روي عن يحيى بن سعيد الأنصاري(ت:143هـ) رحمه الله:
أما يحيى بن سعيد الأنصاري فقد أدرك الناس وكانوا
يتهيّبون كتابة الحديث؛ فكان يحفظ ولا يكتب، ثم أدرك اشتهار كتابة الحديث
بعد ذلك، وندم على أنه لم يكن يكتب.
- قال الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: (أدركت الناس يهابون [كتابة] الحديث حتى كان الآن حديثاً قال: (ولو كنا نكتب لكتبت من علم سعيد وروايته شيئاً كثيراً). رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال ابن وهب: قال مالك: سمعت يحيى بن سعيد يقول: «لأَن أكون كتبتُ ما أسمع أحبُّ إليَّ من أن يكونَ لي مثلُ مالي » رواه يعقوب بن سفيان، والبيهقي في المدخل إلى السنن.
- قال الليث بن سعد: (أُتي
يحيى بكتاب علمه يعرض عليه؛ فاستنكر كثرته لأنه لم يكن له كتاب؛ فكان
يجحده، حتى قيل له: نعرضه عليك فما عرفتَه أجزتَه، وما لم تعرفه رددتَه؛
فعرفه كله). رواه ابن سعد وابن عساكر.
- وقال إسماعيل ابن أبي أويس: حدثني مالك بن أنس قال:
لما أراد يحيى بن سعيد أن يخرج إلى العراق قال لي: اكتب لي مائة حديث من
حديث ابن شهاب، وأتني بها.
قال: فكتبت مائة حديث من حديث ابن شهاب فأتيته بها فأخذها مني.
قلت لمالك: فما قرأها عليك، ولا قرأتها عليه؟
قال: (لا، هو كان أفقه من ذلك). رواه ابن سعد.
- وقال ابن وهب: حدثنا مالك، قال: قال يحيى بن سعيد: (اكتب لي أحاديث من أحاديث ابن شهاب في الأقضية).
قال: فكتبت له ذلك في صحيفة كأني أنظر فيها صفراء.
فقيل لمالك: يا أبا عبد الله أعرض عليك؟
قال: (هو كان أفقه من ذلك). رواه ابن أبي خيثمة والبيهقي في المدخل إلى السنن
إيجاز أقوال التابعين رحمهم الله في كتابة العلم:
اختلف التابعون رحمهم الله في كتابة غير القرآن من الحديث ومسائل العلم على أقوال:
القول الأول: منع كتابة غير القرآن من مسائل
العلم مطلقاً، وهو ما ذهب إليه أبو إدريس الخولاني، وأبو العالية الرياحي،
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر،
وعمرو بن دينار المكي، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الأعمش، وعبد الله بن
عون.
القول الثاني: الترخيص في كتابتها لغرض الحفظ
ثمّ محوها، وهو ما ذهب إليه علقمة بن قيس، وخالد الحذاء، وهشام بن حسان،
وحكاه مالك عن جماعة من التابعين من أهل المدينة.
وروي عن سعيد بن المسيب الترخيص في الكتابة لسيء الحفظ من غير اشتراط محوها.
- قال عبد الرحمن بن حرملة: (كنت سيءَ الحفظ فرخّص لي سعيد بن المسيب في الكتاب). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين أنه (كان لا يرى بأساً أن يكتب الحديث فإذا حفظه محاه). رواه ابن سعد.
- وقال عقبة بن أبي حفصة، عن أخيه، عن عاصم بن ضمرة أنه (كان يسمع الحديث ويكتبه؛ فإذا حفظه دعا بمقراض فقرضه). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال مالك بن أنس رحمه الله: (ولم يكن القوم يكتبون إنما كانوا يحفظون فمن كتب منهم الشيء فإنما كان يكتبه ليحفظه فإذا حفظه محاه). ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
القول الثالث: الترخيص في كتابة المرء لخاصة
نفسه من غير أن يخلّد كتاباً أو ينشره، وهو ما ذهب إليه عَبيدة السَّلماني،
وإبراهيم النخعي، وأبو قلابة الجرمي، ومحمد بن سيرين، وأيوب السختياني.
وتخليد الكتاب: أن يبقى الكتاب مدة طويلة، ولذلك روي عن بعض هؤلاء أنهم
أتلفوا كتبهم عند موتهم، أو أوصوا بها لمن يثقون بعلمه وفهمه.
القول الرابع: الترخيص في كتابة العلم، والحثّ عليه لضبط العلم مكتوباً خوفاً من تطرّق النسيان والخطأ في الرواية.
وهذا آخر ما ذهب إليه عروة بن الزبير، وهو قول جماعة من التابعين، ولا سيما بعض أوساطهم، وكثير من صغارهم.
- سعيد بن جبير.
- وبشير بن نهيك البصري وله صحيفة عن أبي هريرة
- وعمر بن عبد العزيز
- ومجاهد بن جبر
- وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
- والضحاك بن مزاحم الهلالي.
- والحسن البصري، وكان يكتب ويملي، وله كتب.
- ووهب بن منبه.
- وعامر بن شراحيل الشعبي.
- ونافع مولى ابن عمر.
- وأبو بكر ابن حزم قاضي المدينة ثم أميرها في زمن عمر بن العزيز، وهو
أوّل من جمع السنة ودوّنها بالمدينة بأمر عمر بن عبد العزيز.
- وابن شهاب الزهري.
- ويحيى بن أبي كثير اليمامي.
- وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وله كتاب في الهمز.
- وشيبة بن نِصَاح، وله كتاب في الوقوف.
- وهمام بن منبه، وله صحيفة مشهورة عن أبي هريرة.
- وزيد بن أسلم العدوي، وله كتاب في التفسير وكتاب في الناسخ والمنسوخ.
- وأبو رجاء الحداني، وله كتاب في التفسير.
- وأبو حازم الأعرج، وكان له كتب.
- ويحيى بن سعيد الأنصاري، وقد ندم أنه لم يكن يكتب في أوّل طلبه العلم،
ولما وُلّي القضاء بالعراق طلب من تلميذه مالك بن أنس أن يكتب له مائة
حديث من أحاديث الزهري في القضاء؛ فكتبها له.
- وسليمان بن طرخان التيمي، وله كتب، منها كتاب السير، وكتاب الخلق.
- وهشام بن عروة بن الزبير، وله صحيفة عن أبيه.
- وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي.
- ومحمد بن إسحاق بن يسار، وله كتاب المبتدأ والمبعث والمغازي، وله صحف كثيرة.
وسبب
اشتهار هذا القول عن صغار التابعين أنهم ذهبوا إلى هذا القول بعد التدوين
العامّ للسنة في خلافة عمر بن عبد العزيز، واشتهار أمر التدوين.
دراسة مذاهب التابعين رحمهم الله في كتابة غير القرآن:
1: ما روي عن علقمة بن قيس النخعي(ت:62هـ) رحمه الله
كان علقمة من خاصة أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه، وكان يذهب مذهبه في
المنع من كتابة العلم إلا أنّه كان يرخّص في الكتابة لمن يريد أن يحفظ ثمّ
يمحو ما كتب.
- قال عثام بن علي الكلابي عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: قال مسروق لعلقمة: (اكتب لي النظائر).
قال: أما علمت أن الكتاب يكره؟
قال: (بلى، إنّما أريد أن أحفظها ثم أحرقها). رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال وكيع: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال مسروق لعلقمة: اكتب لي النظائر.
قال : أما علمت أن الكتاب يكره؟
قال: إنما أنظر فيه ثم أمحوه.
قال: (فلا بأس). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
2. ما روي عن عبيدة السَّلماني(ت:72هـ) رحمه الله:
كان عَبيدة ينهى عن أن يُكتب العلم ليُنشر في الكتب أو
تخلّد تلك الكتابة، وكان يرخّص في الكتابة لغرض الحفظ ثم تتلف الكتب ولا
تبقى.
وظاهره صنيعه يدلّ على أنه كان يخشى الغلط على من يقرأ
الكتاب؛ وهو لا يعلم وجه كتابته، وربما صحّف وأخطأ فتسبب تصحيفه وخطؤه في
وقوعه في ضلالة، وقد كان له كتب دعا بها عند موته وأمر بإتلافها لهذا
السبب.
- قال شعبة عن إسماعيل بن رجاء عن إبراهيم النخعي قال: سألت عَبيدةَ قطعةَ جلدٍ أكتب فيه؛ فقال: « يا إبراهيم لا تخلدنّ عني كتاباً». رواه الدارمي في سننه، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
وروى نحوه ابن أبي شيبة والدارمي من طريق شعبة عن الحكم عن إبراهيم مختصراً.
- وقال حماد بن زيد، عن ابن عون، عن محمد، قال: قلت لعبيدة أكتب ما أسمع منك؟
قال: «لا».
قلت: فإن وجدت كتابا أقرؤه؟
قال: «لا». رواه
الدارمي في سننه، وابن أبي خيثمة في تاريخه، والخطيب البغدادي في تقييد
العلم، وفي رواية عنده قال ابن سيرين: قلت: أجيء بكتابٍ تقرأه علي؟
قال: «لا».
قال ابن عون: (فكان محمد والقاسم وأصحابنا لا يكتبون).
- وقال حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين، قال: «كنت ألقى عبيدة بالأطراف فأسأله». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال سفيان الثوري عن النعمان بن قيس المرادي أن عبيدة دعا بكتبه فمحاها عند الموت، وقال: (إني أخاف أن يليها قوم، فلا يضعونها مواضعها). رواه الدارمي في سننه، وابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
3: ما روي عن أبي إدريس الخولاني(ت:80هـ) رحمه الله:
- قال أبو مسهر الغساني: حدثني المنذر بن نافع قال: سمعت إدريس بن أبي إدريس يقول: قال لي أبي: أتكتب مما تسمع مني؟
فقلت: نعم.
قال: فأتني به.
قال: (فأتيته به فخرَّقه). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
4: ما روي عن عروة بن الزبير بن العوام (ت:93هـ) رحمه الله:
أما عروة بن الزبير فقد كان يكتب، ثم إنه محا كتبه لما
كان شائعاً من القول بكراهة كتابة غير القرآن، ثمّ إنه ندم على ذلك، فيكون
آخر ما ذهب إليه الترخيص في كتابة العلم.
- قال يحيى بن معين: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة أن أباه أحرق كتباً له فيها فقه، ثم قال: (لوددت أني كنت فديتها بأهلي ومالي). رواه ابن عساكر.
- وقال أبو نعيم ضرار بن صرد: حدثنا زيد بن حباب، عن أبي معشر، عن موسى بن عقبة، عن عروة بن الزبير، قال: (كتبتُ الحديثَ ثم محوتُه؛ فوددت أني فديتُه بمالي وولدي، وأني لم أمحه). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال ابن أبي الزناد: قال عروة بن الزبير: (كنا نقول: لا يُتخذ كتابٌ مع كتاب الله؛ فمحوت كتبي؛ فوالله لوددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرّت مريرته). رواه ابن عساكر.
- وكان عبد الملك بن مروان يكتب له يسائله عن بعض أحداث السيرة والمغازي، وكان يجيبه، وفي بعض رسائله طول.
واشتهرت عنه نسخة في المغازي رواها ابن لهيعة عن يتيم عروة أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، عن عروة بن الزبير.
- قال الذهبي: (نزل أبو الأسود مصر وحدث بها بكتاب " المغازي " لعروة بن الزبير).
وهذه النسخة مفقودة، ومروياتها متفرقة في كتب الحديث والتاريخ.
5: ما روي عن أبي العالية الرياحي(ت:93هـ) رحمه الله:
- وقال حماد بن سلمة، عن حُميدٍ أن بكر بن عبد الله بعث إلى أبي العالية أن يكتب له حديثاً قال: فجاء أبو العالية؛ فقال: مرحبا بك.
فقال: (لو كنتُ أَكتب لأحدٍ لكتبتُه لك؛ فحدّثه حتى حفظه). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
6: ما روي عن سعيد بن المسيّب(ت:94هـ) رحمه الله:
أما سعيد بن المسيب فقد ذكر عنه الإمام مالك أنه لم يترك كتاباً، وروي عنه أنه رخّص في الكتابة لمن كان سيّء الحفظ.
- قال يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: «كنت سيئ الحفظ، فرخص لي سعيد بن المسيب في الكتاب». رواه ابن أبي شيبة، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: أخبرني أشهب صاحب مالك قال: قال مالك: (مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتباً). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وأما ما رواه ابن أبي خيثمة من طريق الوليد بن شجاع قال: حدثنا ضمرة، عن يحيى بن زكريا، قال: (لما حضرت سعيد بن المسيب الوفاة وضع كتبه ووثائقه عند القاسم بن محمد بن أبي بكر)؛
فيحيى بن زكريا بن أبي زائدة لم يدرك سعيد بن المسيب، إنما ولد يحيى بن
زكريا نحو سنة 120هـ، ثمّ يُحتمل أن يكون المراد بكتبه مطلق ما كتبه مما
يختصّ به من رسائل أو صكوك أو نحو ذلك.
7: ما روي عن سعيد بن جبير(ت:95هـ) رحمه الله:
أما سعيد بن جبير رحمه الله فكان ممن يكتب ويرخّص في الكتابة.
- قال عثمان بن حكيمٍ: سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول: (كنت أسير مع ابن عباسٍ في طريق مكة ليلاً، فكان يحدثني بالحديث؛ فأكتبه في واسطة الرحل حتى أصبح فأكتبه). رواه الدارمي وابن أبي شيبة.
- وقال شريك بن عبد الله النخعي عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، قال: «كنت أسمع من ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهما، الحديث بالليل، فأكتبه في واسطة الرحل». رواه الدارمي.
- وقال مندل بن علي العنزي: حدثني جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: (كنت أجلس عند ابن عباسٍ فأكتب في الصحيفة حتى تمتلئ .. ). رواه الدارمي.
وروي عن سعيد بن جبير أنه كتب تفسيراً للقرآن حين سأله عبد الملك بن مروان ذلك، وبعث به إليه، وسيأتي خبره إن شاء الله.
8: ما روي عن إبراهيم النخعي(ت:95هـ) رحمه الله:
أما إبراهيم النخعي رحمه الله فرويت عنه روايات تدلّ على كراهته للكتاب، وتعليل ذلك بعلل عدة.
- قال سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، قال: «كانوا يكرهون الكتاب» رواه أبو خيثمة في كتاب العلم، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: «ما كتبت شيئاً قط». رواه الدارمي.
- وقال أبو عوانة عن سليمان بن أبي عتيك عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي أنه كان يَكره أن يُكتَبَ الحديث في الكراريس، ويقول: (يُشَبَّهُ بالمصاحف!) رواه الدارمي، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال الوليد بن مسلم، عن عطاء بن مسلم، عن عمرو بن قيس، عن إبراهيم قال: «لا تكتبوا فتتكلوا» رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال الفضيل بن عمرو الفقيمي: قلت لإبراهيم: إني أجيئك وقد جمعت مسائلَ فكأنما تخلَّسها الله مني، وأراك تكره الكتاب.
قال: «إنه قلَّ ما كتب إنسان كتاباً إلا اتّكل عليه، وقلَّ ما طلب إنسان علماً إلا آتاه الله منه ما يكفيه» رواه ابن سعد في الطبقات، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال عبد الله بن إدريس الأودي، عن عبد الله بن عون قال: رأيت حماداً يكتب عند إبراهيم، فقال له إبراهيم: (ألم أنهك؟!) قال: (إنما هي أطراف). رواه الدارمي.
- وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا ابن عون، قال:
دخلتُ على إبراهيم؛ فدخل علينا حماد؛ فجعل يسأله ومعه أطراف قال: فقال: ما
هذا؟
قال: إنما هي أطراف.
قال: (ألم أنه عن هذا). رواه أبو خيثمة في كتاب العلم، وابن الجعد في مسنده.
وقال النضر بن شميل، عن ابن عون قال: رأيت حماداً يسأل إبراهيم من كتابه، فانتهره، قال: (يا أبا عمران! إنما هي أطراف). رواه أبو زرعة الدمشقي.
وروى نحوه يعقوب بن سفيان من طريق قريش بن أنس عن ابن عون.
- وقال جرير، عن منصور، عن إبراهيم، قال: «لا بأس بكتاب الأطراف». رواه أبو خيثمة في كتاب العلم، وابن أبي شيبة في مصنفه.
- وقال شريك، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: (لا تخلدن عني كتاباً). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
9: ما روي عن بشير بن نهيك البصري(ت:95هـ تقريباً ) رحمه الله:
- وقال وكيع،
عن عمران بن حدير، عن أبى مجلز، عن بشير بن نهيك، قال: كتبت كتاباً عن أبى
هريرة فلما أردت أن أفارقه قلت: يا أبا هريرة! إني كتبت عنك كتاباً؛
فأرويه عنك؟
قال: (نعم، اروه عني). رواه أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب العلم، والترمذي في سننه.
- وقال عمران بن حدير: حدثنا أبو مجلز عن بشير بن نهيك قال: (أتيت أبا هريرة بكتابي الذي كتبته فقرأته عليه)
فقلت: هذا سمعته منك.
قال: (نعم). رواه ابن سعد ويعقوب بن سفيان، وابن أبي خيثمة.
10: ما روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود(ت:98هـ) رحمه الله:
- وقال يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: حضرت عبيد
الله بن عبد الله دخل على عمر بن عبد العزيز؛ فأجلس قوماً يكتبون ما يقول؛
فلما أراد أن يقوم قال له عمر: صنعنا شيئاً.
قال: وما هو يا ابن عبد العزيز؟
قال: كتبنا ما قلت.
قال: وأين هو؟
قال: (فجيء به فخرق). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
11: ما روي عن عمر بن عبد العزيز(ت:101هـ) رحمه الله :
- قال أبو قلابة: خرج علينا عمر بن عبد العزيز لصلاة الظهر،
ومعه قرطاس، ثم خرج علينا لصلاة العصر وهو معه، فقلت له: يا أمير
المؤمنين، ما هذا الكتاب؟
قال: (هذا حديث حدثني به عون بن عبد الله، فأعجبني فكتبته). رواه الدارمي.
ثم إنّ عمر بن عبد العزيز عزم في خلافته على كتابة الأحاديث والسنن؛ فتمّ له ذلك، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله.
- قال مالك بن أنس: أخبرنا يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم: (انظر
ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنته، أو حديث عمرة، أو
نحو هذا فاكتبه لي؛ فإني قد خفت دروس العلم، وذهاب العلماء).
12: ما روي عن مجاهد بن جبر المكي(ت:102هـ) رحمه الله:
- قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدًا يسأل ابن عباسٍ عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباسٍ: اكتب، قال: حتى سأله عن التفسير كله).رواه ابن جرير.
- وقال فضيل بن مرزوق عن عبيدٍ المكتب، قال: «رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهدٍ» رواه الدارمي.
- وقال أبو يحيى الكناسي: (كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إلي كتبه فأنسخ منها). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وذكر سفيان بن عيينة أن مجاهداً أملى التفسير على القاسم بن أبي بزة، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله.
13: ما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الزهري(ت:104هـ) رحمه الله:
- قال محمد بن إسحاق: (رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكُتَّاب؛ فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث ويكتب له). رواه الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما.
14: ما روي عن أبي قلابة الجرمي(ت:104هـ) رحمه الله:
- وقال أبو قلابة: ( الكتاب أحبّ إليّ من النسيان). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- قال يونس بن عبد الأعلى: أخبرني أشهب صاحب مالك قال: قال مالك: (مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتباً، ومات أبو قلابة فبلغني أنه ترك حمل بغل كتباً). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال حماد بن زيد: أوصى أبو قلابة قال: (ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حياً وإلا فاحرقوها). رواه ابن سعد.
- وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد قال: (مات أبو قلابة بالشام فأوصى بكتبه لأيوب فأرسل أيوب فجئ به عدل راحلة.
قال أيوب: فلما جاءني قلت لمحمد: جاءني كتب أبي قلابة؛ فأحدّث منها؟
قال: نعم، ثم قال: (لا آمرك ولا أنهاك). ). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة، الخطيب البغدادي في الكفاية، وابن عساكر في تاريخه.
15: ما روي عن الضحاك بن مزاحم الهلالي(ت:105هـ تقريباً) رحمه الله:
كان الضحاك معلّم كُتّاب، معتنياً بالتفسير، وقد كتبت
عنه نسخ في التفسير؛ منها نسخة عبيد بن سليمان الباهلي، ونسخة جويبر بن
سعيد الأزدي، ونسخة نصر بن مشارس الخراساني.
- قال ابن عديّ: (روى
التفسير عنه عبيد بن سلمان وجويبر بن سعيد وأبو مصلح نصر بن مشارس، ومن
غير كتابٍ مؤلَّف: سلمة بن نبيط، وعلي بن الحكم البنانيّ).
- وقال وكيع، عن حسين بن عقيل، قال: «أملى عليَّ الضحاك مناسك الحج». رواه ابن أبي شيبة.
- وأما ما رواه وكيع بن الجراح قال: حدثنا الوليد بن ثعلبة عن عبد الله مؤذن الضحاك، عن الضحاك قال: (لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف). رواه أحمد في العلل، وابن أبي شيبة في مصنفه، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
فعبد الله مؤذن الضحاك مجهول، ثم ظاهر كلامه في النهي عن
تشبيه كراريس الحديث بكراريس المصاحف، لئلا يظنّ الجاهل أنها مصاحف، وهذا
لا يخالف ما تقدم من بيان مذهبه في كتابة العلم وإملائه المناسك، وإقراره
أصحابه على كتابة التفسير عنه.
- وأما ما رواه نعيم بن حماد قال: حدثنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، عن سنان البرجمي، عن الضحاك قال: «يأتي على الناس زمان تكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف بغباره لا ينظر فيه». رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
فعله أراد أبا سنان سعيد بن سنان البرجمي صاحب الضحاك، وهو متكلّم فيه، قال أحمد: (لم يكن يقيم الحديث).
ثم إن هذا الأثر إخبار عن أمر سيقع، ولا منافاة بينه وبين ما تقدم من تقرير مذهب الضحاك في كتابة العلم.
16: ما روي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق(ت:108هـ) رضي الله عنهم:
- قال عبد الله بن العلاء: سألت القاسم يملي عليَّ أحاديث؛ فقال: (إن
الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب؛ فأنشد الناس أن يأتوه بها؛ فلما
أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال: (مثناة كمثناة أهل الكتاب).
قال: (فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثاً). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي: حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن زبر عن (القاسم بن محمد أنه كره كتابة الحديث). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال معاذ بن معاذ العنبري: حدثنا ابن عون، عن القاسم: «أنه كان يكره أن يكتب الحديث». رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: أخبرني أشهب صاحب مالك قال: قال مالك: (مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتباً). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
17: عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي(ت: قبل 110هـ) رحمه الله:
- قال عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الواحد بن زياد، عن وقاء بن إياس، قال: «رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب ومعه الدواة يغيّر». رواه ابن سعد في الطبقات، وأحمد في العلل، والبخاري في التاريخ الصغير، ويعقوب بن سفيان في المعرفة، وابن أبي خيثمة في تاريخه.
18: ما روي عن الحسن البصري(ت:110هـ) رحمه الله:
كان الحسن البصري رحمه الله يكتب ويملي، لكنَّه لما حضره الموت دعا بكتبه فأحرقها إلا صحيفة واحدة، وأملى حديثاً واحداً عند موته.
- قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن يونس [بن عبيد] قال: (كان الحسن يَكْتُبُ ويُكْتِب، وكان ابن سيرين لا يَكْتُبُ ولا يُكْتِبْ). رواه الدارمي.
- وقال ابن وهب: أخبرني السري بن يحيى، عن الحسن أنه كان
لا يرى بكتاب العلم بأسا، وقد كان أملى التفسير فكُتِب. ذكره ابن عبد البر
في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن الحسن قال: (إن لنا كُتباً نتعاهدها». رواه
أبو خيثمة في كتاب العلم، ويعقوب بن سفيان في المعرفة، والخطيب البغدادي
في تقييد العلم، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال البخاري في التاريخ الكبير: (حسين، أبو سفيان بن حسين، الواسطي السلمي، قال: (أملى عليَّ الحسن كتاباً).
- وقال يحيى بن أبي بكير: حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد أنه (أخذ كتب الحسن، فنسخها، ثم ردها عليه). رواه ابن سعد، ويعقوب بن سفيان.
- وقال سهل بن حصين بن مسلم الباهلي:
(بعثت إلى عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن: ابعث لي بكتب أبيك؛ فبعث إلي
أنه لما ثقل قال: اجمعها لي، فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته
بها، فقال للخادم: اسجري التنور، ثم أمر بها، فأحرقت، غير صحيفة واحدة،
فبعث بها إلي، ثم لقيته بعد ذلك، فأخبرنيه مشافهة بمثل الذي أخبرني
الرسول). رواه ابن سعد.
- وقال حميد بن مهران: حدثنا أبو طارق السعدي قال: شهدت الحسن عند موته يوصي، فقال لكاتب: اكتب: (هذا
ما يشهد به الحسن بن أبي الحسن، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول
الله، من شهد بها صادقاً عند موته دخل الجنة، يروى ذلك عن معاذ بن جبل
أنه أوصى بذلك عند موته، يروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد.
19: ما روي عن محمد بن سيرين البصري(ت:110هـ) رحمه الله:
- قال عفان بن مسلم: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين أنه (كان لا يرى بأسا أن يكتب الحديث فإذا حفظه محاه). رواه ابن سعد في الطبقات، وروى نحوه الخطيب البغدادي في تقييد العلم من طريق خلف بن هشام قال: حدثنا حماد بن زيد، به.
- وقال يونس بن عبيد: (كان الحسن يَكْتُبُ ويُكْتِب، وكان ابن سيرين لا يَكْتُبُ ولا يُكْتِبْ). رواه الدارمي.
- وقال ابن عون، عن ابن سيرين، قال: «لو كنت متخذاً كتاباً لاتخذتُ رسائلَ النبي صلى الله عليه وسلم» رواه الدارمي.
- وقال وكيع، عن الحكم بن عطية، عن ابن سيرين، قال: «إنما ضلّت بنو إسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم». رواه ابن أبي شيبة، وأبو خيثمة في كتاب العلم، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن محمد «كان يكره الكتاب». رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال هشام بن حسان القردوسي: «ما كتبت عن محمد إلا حديث الأعماق؛ فلما حفظته محوته». رواه الدارمي.
محمد هو ابن سيرين.
- وقال سفيان بن عيينة عن عاصم الأحول قال: أتينا ابن سيرين بكتاب فقال: (لا يبيتُ عندي) رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "العلل" لأبيه.
- وقال أحمد بن حنبل: (كان مذهب محمد بن سيرين وأيوب وابن عون ألا يكتبوا).
- وقال علي بن المديني: (أتاني رجلٌ
من ولد محمد بن سيرين بكتاب محمد بن سيرين عن أبي هريرة؛ فكان هذه الأحاديث
التي يحدث بها هشام بن حسان مرفوعة كانت مرفوعة، كان أولها: هذا ما حدثنا
أبو هريرة، قال أبو القاسم كذا، وقال أبو القاسم كذا، وكان فيه.
قال: كان كتاباً في رَقٍّ
عتيق، وكان عند يحيى بن سيرين، كان محمد لا يرى أن يكون عنده كتاب، وكان في
أسفل حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ منه: "هذا حديث أبي هريرة"
بينهما فصل، قال أبو هريرة كذا، وقال: في فصل كل حديث عاشرة حوله نقط كما
تدور، وكان محمد لا يدلس). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والخطيب البغدادي في الجامع، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
20: ما روي عن عامر بن شراحيل الشعبي(ت:114هـ) رحمه الله:
أما الشعبي فكان لا يكتب، لكنه كان يحثّ على الكتابة.
- قال ابن شبرمة: سمعت الشعبي يقول: «ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا استعدتُ حديثاً من إنسان» رواه الدارمي، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال أبو كبران الحسن بن عقبة المرادي: سمعت الشعبي يقول: (إذا سمعتَ مني شيئاً فاكتبه ولو في الحائط). رواه أبو خيثمة في كتاب العلم، والإمام أحمد في العلل، والدولابي في الكنى، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
21: وهب بن منبه بن كامل اليماني (ت:114 هـ) رحمه الله:
وهو تابعي ثقة، تولّى قضاء صنعاء مدة، وكان صاحب كتب،
وقد اطّلع على كتب أهل الكتاب، وقرأ كثيراً منها، فكان يقصّ منها؛ وهو من
مشاهير رواة الإسرائيليات.
- قال جعفر بن سليمان، عن أبي سنان القسملي، عن وهب بن منبه، قال: (قرأت
نيفاً وتسعين كتاباً من كتب الله - منها سبعين ظاهرة في الكتابين، ونيفا
وعشرين لا يعلمها إلا قليل من الناس - فوجدت فيها كلها: من وكل إلى نفسه
شيئا من المشيئة فقد كفر). رواه ابن أبي خيثمة.
وأبو سنان هو عيسى بن سنان مختلف فيه.
له كتاب "المبتدأ"، ذكر فيه بدء الخلق وأخبار الأنبياء، وكتب كتاباً آخر في القدر ثمّ ندم عليه.
- قال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار: دخلت على وهب
بن منبه داره بصنعاء، فأطعمني جوزاً من جوزة في داره، فقلت له: وددت أنك لم
تكن كتبت في القدر كتاباً.
فقال: (وأنا والله لوددت ذلك). رواه يعقوب بن سفيان.
- قال الذهبي: (وكان صدوقا
عالما قد قرأ كتب الأولين وعرف قصص الأنبياء عليهم السلام، وكان يُشَبَّه
بكعب الأحبار في زمانه، وكلاهما تابعي لكن مات قبله بنحو من ثمانين سنة،
فمولد وهب قريب من وفاة كعب).
لكن كثير مما يروى عن وهب بن منبه من الإسرائيليات في كتب التفسير لا يصحّ عنه.
وله صحيفة عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما
فيها أحاديث ومسائل، رواها عنه إسماعيل بن عبد الكريم بن عقيل بن معقل بن
منبه الصنعاني فكان يقول: حدثنا إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه، عن أبيه
عقيل، عن وهب بن منبه قال: (هذا ما سألتُ عنه جابر بن عبد الله الأنصاري...) فذكر أحاديث أخرج منها محمد بن نصر المروزي، وابن خزيمة في صحيحه وفي كتاب التوحيد، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم.
وهذه الصحيفة فيها خلاف بين المحدثين فقد أنكرها يحيى بن معين، وصححها ابن خزيمة وغيره.
- قال ابن أبي مريم، عن يحيى بن معين في شأن إسماعيل بن عبد الكريم: (ثقة، رجل صدق، والصحيفة التي يرويها عن وهب عن جابر ليست بشيءٍ، إنما هو كتاب وقع إليهم، ولم يسمع وهب من جابر شيئاً).
والصحيفة فيها تصريح بسؤال وهبٍ لجابر بن عبد الله،
والسماع منه ممكن فإن قد كان له أكثر من أربعين سنة لما مات جابر بن عبد
الله رضي الله عنهما.
فإن كان قوله في الصحيفة (هذا ما سألتُ عنه جابر)
محفوظاً وليس غلطاً من الرواة فهو حجة صحيحة، فالإسناد إليه صحيح لا ينكر،
ولعلّ هذا ما أنكره يحيى بن معين كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر.
وقد طبع منسوباً إلى وهب بن منبه كتاب المغازي، وكتاب التيجان في ملوك حمير، ولا تصح نسبتهما إليه.
22: ما روي عن نافع مولى ابن عمر(ت:117هـ) رحمه الله:
كان نافع مولى ابن عمر يكتب، وله حقيبة فيها صحف له مما
كتبه، وكان يملي على أصحابه حديث ابن عمر، فكتب عنه جماعة منهم ابن جريج
وخالد بن زياد الترمذي له عنه نسخة.
- قال يحيى بن سعيد القطان: قال ابن جريج: (طرح إليَّ نافع حقيبة فمنها ما قرأت، ومنها ما سألت).
- قال يحيى: (فما قال: سألت وقلت؛ فهو مما سأله، والقراءة أخبرني نافع). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال سفيان بن عيينة، عن ابن جريجٍ، قال: (أملى عليّ نافعٌ). رواه أبو خيثمة في كتاب العلم.
- وقال ابن حبان: (خالد بن زياد بن جرو الأزدي من أهل ترمذ يروي عن نافع صحيفة مستقيمة، وكان على القضاء بترمذ).
- وقال الأصمعي: أخبرنا نافع ابن أبي نعيم عن نافع مولى ابن عمر أنه قيل له: قد كتبوا علمك؛ فقال: كتبوا؟
فقيل له: نعم.
فقال نافع: (فليأتوا به حتى أقوّمه لهم). رواه ابن عساكر.
23: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم النجاري الأنصاري(ت:120هـ) رحمه الله:
وهو من أوّل من جمع السنة وكتبها بأمر عمر بن عبد العزيز من حديث خالته عمرة بنت عبد الرحمن وحديث القاسم بن محمد وغيرهما.
- قال ابن وهب: حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم وكان عمر قد أمّره على المدينة بعد أن كان قاضيا.
قال مالك: وقد ولي أبو بكر بن حزم المدينة مرتين أميرا، فكتب إليه عمر أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبد الرحمن والقاسم بن محمد.
فقلت لمالك: السنن؟
قال: نعم.
قال: فكتبها له.
قال مالك: فسألت ابنَه عبدَ الله بن أبي بكر عن تلك الكتب؛ فقال: (ضاعت). رواه الفسوي.
- وقال أحمد بن حنبل: (حدثنا ابن
عيينة، عن يحيى. [بن سعيد الأنصاري] قال: كتب عمر بن عبد العزيز، وهو والٍ
إلى أبي بكر بن محمد؛ أن اكتب إليَّ من بما ثبت عندك عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وحديث عمرة).رواه عبد الله بن الإمام أحمد في العلل.
24 : ما روي عن محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري(ت:124هـ) رحمه الله:
وهو أشهر المجتهدين في تدوين السنة ونشرها في زمان التابعين رحمهم الله، كان الخلفاء يأمرونه بذلك.
بل اشتهر عنه أنه أوّل من دوّن السنة بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز.
وكان الزهري في أوّل أمره لا يكتب إلا إذا طال عليه حديث
كتبه حتى يحفظه ثم يمحوه، وكان حافظاً ضابطاً، ثمّ لما عزم عليه الخلفاء
بكتابة الحديث ونشره أملى حديثاً كثيراً جداً، وكثرت الكتب عنده، وكان يملي
في مكة والمدينة والشام ويُقرأ عليه، وكان يهب الصحف ويجيز بروايتها.
- قال محمد بن أبي زكير: أخبرنا ابن وهب عن مالك قال: لقد أخذت بلجام ابن شهاب وهو على بغلته؛ فسألته عن حديث؛ فقال: (الذي أعجبني منه قد حدثتكه).
قلت: أجل.
قال مالك: وأعجبني منه ما قال.
قلت له: فأعدْه عليَّ.
قال: لا.
فقلت -وأنا أريد أن أخصمه-: أما كنت تكتب؟
قال: لا.
فقلت: ولا تسأل أن يعاد عليك الحديث؟
فقال: لا
قال مالك: (فأرسلت الحديدة). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن عكرمة، قال: كنا نأتي الأعرج ويأتيه ابن شهاب.
قال: فنكتب ولا يكتب ابن شهاب.
قال: فربما كان الحديث فيه طول، فيأخذ ابن شهاب ورقة من
ورق الأعرج، وكان الأعرج يكتب المصاحف؛ فيكتب ابنُ شهاب ذلك الحديث في تلك
القطعة، ثم يقرأه، ثم يمحوه مكانه، وربما قام بها معه؛ فيقرأها ثم يمحوها).
رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال صالح بن كيسان: اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب
العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شيء سمعناه عن النبي صلى
الله عليه وسلم، ثم كتبنا أيضا ما جاء عن أصحابه فقلت: «لا، ليس بسنة» ، وقال هو: بلى هو سنة، «فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت» رواه معمر بن راشد، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وابن أبي خيثمة، وغيرهم.
- وقال يزيد بن السمط: سمعت قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل قال: (لم يكن للزهري كتاب إلا كتاب فيه نسب قومه).
قال يزيد بن السمط وكان الأوزاعي يقول: (ما أحد أعلم بالزهري من ابن حيوئيل). رواه يعقوب بن سفيان، وأبو زرعة الدمشقي، وابن عدي.
قلت: لعلّه يريد من الكتب التي يتخذها المرء لنفسه حتى
يتعاهد حفظه، فإنّ الزهري كان حافظاً ضابطاً، لا يكاد ينسى ما حفظه، وأما
ما كتبه الزهري لغيره فكثير لا يُنكر، حتى إنه ربما سأله بعض المحدثين أن
يحدّثهم فيعطيهم صحيفة قد كتب فيها بعض حديثه.
- وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الحسن بن زبالة، عن مالك بن أنس قال: «أول من دون العلم ابن شهاب». رواه أبو نعيم في الحلية.
ابن زبالة متروك الحديث.
- وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثنا إبراهيم بن سعد أن (أوَّل من وضع للناس هذه الأحاديث ابن شهاب). رواه يعقوب بن سفيان.
- قال روح بن عبادة: حدثنا عبد الرحمن أخو أبي حرة، عن أيوب بن أبي تميمة، عن الزهري، قال: (استكتبني الملوك فأكتبتهم فاستحييت الله إذ كتبتها للملوك ألا أكتبها لغيرهم). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي: قال ابن شهاب: (كنا لا نرى الكتاب شيئا؛ فأكرهتنا عليه الأمراء؛ فأحببنا أن نواسي بين الناس). رواه يعقوب بن سفيان، والحزامي لم يدرك ابن شهاب.
- وقال سفيان: حدثونا عن الزهري، قال: (كنا نكرهه حتى أكرهتنا عليه الأمراء فلما أكرهونا عليه بذلناه للناس - يعني الحديث). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الرزاق عن معمر قال: سمعت الزهري يقول: (كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء، فرأيتُ أن لا أمنعه مسلماً). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال أبو العباس السراج: حدثنا داود بن رشيد، حدثنا أبو المليح قال: «كنا لا نطمع أن نكتب عند الزهري حتى أكره هشامٌ الزهريَّ فكتب لبنيه، فكتب الناس الحديث». رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال صفوان بن صالح: حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن
الأوزاعي قال: (دفع إليَّ يحيى بن أبي كثير صحيفة؛ فقال: اروها عني، ودفع
إليَّ الزهري صحيفة فقال: (اروها عني). رواه أبو زرعة الدمشقي، والخطيب البغدادي في الكفاية، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال عبد الرزاق: أخبرنا مالك بن أنس قال: (مات يوم مات الزهري وإن كتبه حملت على البغال ما لم يخرجها). رواه ابن عدي في الكامل.
- وقال إبراهيم بن سعد، عن ابن أخي الزهري قال: سمعته- يعني الزهري- يقول: (لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها ما كتبت حرفاً، ولا أذنت في كتابته). رواه يعقوب بن سفيان.
25: ما روي عن عمرو بن دينار المكي(ت:126هـ) رحمه الله:
- قال سفيان بن عيينة، عن زمعة بن صالح، عن عبد الله بن طاووس قال: قال لي أبي: (يا بنيّ إذا قدمت مكة؛ فجالس عمرو بن دينار؛ فإنَّ أذنيه كانتا قِمْعاً للعلماء). رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه، وأبو نعيم في الحلية.
وهذه كناية عن قوّة حفظه؛ فكأنما يصبّ العلم في أذنيه صبّاً.
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا سفيان، قال: قيل لعمرو: إنَّ سفيان يكتبُ فاضطجع وبكى، وقال: «أحرّج على من يكتب عني».
قال سفيان: (وما كتبتُ عنه شيئاً، كنا نحفظ). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
وهذا الخبران رواهما ابن سعد بسند فيه انقطاع فقال: أُخبرت عن سفيان بن عيينة عن زمعة بن صالح عن ابن طاووس قال: قال أبي: (إذا قدمتَ مكة فعليك بعمرو بن دينار؛ فإن أذنيه كانتا قِمعاً للعلماء).
قال سفيان: وكان عمرو لا يدع إتيانَ المسجد، وكان يُحمل
على حمار، وما أدركتُه إلا وهو مُقعَد، فكنتُ لا أستطيع أن أحمله من الصغر،
ثم قويت على حمله، وكان منزله بعيداً، وكان لا يُثبت لنا سِنَّه، وكان
أيوب يقول: أي شيء يحدث عمرو عن فلان فأخبره، ثم أقول: تريد أن أكتبه لك؟
فيقول: نعم.
قال سفيان: وقيل لعمرو بن دينار: إن سفيان يكتب؛ فاضطجع وبكى، وقال: (أحرّج على من يكتب عني).
قال سفيان: (فما كتبت عنه شيئاً، كنا نحفظ).
26: يحيى بن أبي كثير اليمامي(ت:129هـ) رحمه الله:
كان يحيى بن أبي كثير محدّث اليمامة في زمانه، وأحد
أوعية العلم الذين تدور عليهم الأسانيد، من أقران قتادة والزهري وعمرو بن
دينار وأبي أسحاق السبيعي، والأعمش، وكان يكتب ويحثّ على الكتابة.
- وقال عبد الرزاق عن معمر قال: كنت عند يحيى بن أبي كثير لكَتْبِ الحديث عنه، فحدّثته فقال لي: (اكتب لي حديث كذا وحديث كذا).
قلت: يا أبا نصر وما تصنع بالكتاب؟
قال: (اكتب أيها الرجل؛ فإن لم تكن كتبت فقد عجزت)، أو قال: (ضيعت). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال صفوان بن صالح: حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن
الأوزاعي قال: (دفع إليَّ يحيى بن أبي كثير صحيفة؛ فقال: اروها عني، ودفع
إليَّ الزهري صحيفة فقال: (اروها عني). رواه أبو زرعة الدمشقي، والخطيب البغدادي في الكفاية، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
27: عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي (ت: 129هـ) رحمه الله:
وهو من قرّاء البصرة ونحاتهم، روى عن أنس بن مالك، وقرأ
على نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر، وهو جدّ يعقوب بن إسحاق الحضرمي
أحد القرّاء العشرة.
- قال أبو الطيب اللغوي: (تكلّم في الهمز حتى عمل فيه كتاب مما أملاه).
28: ما روي عن شيبة بن نِصَاح بن سرجس المدني(ت:130هـ) رحمه الله:
مولى أم المؤمنين أمّ سلمة، أدرك عائشة وأمّ سلمة ومسحت
على رأسه ودعت له، وكان إمام أهل المدينة في القراءة في زمانه مع أبي جعفر
القارئ، وهو زوج بنت أبي جعفر.
- قال ابن الجزري: (وهو أوَّل من ألَّف في الوقوف، وكتابه مشهور).
29: ما روي عن أيوب بن أبي تميمة السختياني(ت:131هـ) رحمه الله:
- قال سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب قال: (لم أكتب عن محمد إلا حديث البرذون فلما حفظته محوته). رواه يعقوب بن سفيان.
ومحمد هو ابن سيرين.
- وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد قال: (مات أبو قلابة بالشام فأوصى بكتبه لأيوب فأرسل أيوب فجئ به عدل راحلة).
قال أيوب: فلما جاءني قلت لمحمد: جاءني كتب أبي قلابة؛ فأحدّث منها؟
قال: نعم، ثم قال: (لا آمرك ولا أنهاك). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة، الخطيب البغدادي في الكفاية، وابن عساكر في تاريخه.
30: ما روي عن منصور بن المعتمر السلمي(ت:132هـ) رحمه الله:
- وقال إسحاق بن إسماعيل الطالقاني: قلت لجرير - يعني ابن عبد الحميد-: أكان منصور - يعني ابن المعتمر - يكره كتاب الحديث؟
قال: (نعم، منصور، ومغيرة، والأعمش كانوا يكرهون كتاب الحديث). رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
31: ما روي عن همام بن منبّه اليماني(ت:132هـ) رحمه الله:
كان يكتب، وله صحيفة مشهورة رواها عن أبي هريرة رضي الله
عنه، وأخرجها الإمام أحمد في مسنده من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام،
وقد اشتملت على 134 حديثاً بإسناد واحد.
32: ما روي عن أبي رجاء محمد بن سيف الحداني(ت:135هـ) رحمه الله:
من القرّاء، أدرك أنس بن مالك، وكان من أصحاب الحسن البصري، له كتاب في التفسير، يأتي ذكره إن شاء الله.
33: ما روي عن زيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ) رحمه الله:
كان معلّم كتّاب بالمدينة، وعني بالتفسير والفقه حتى تصدّر فيهما، روي عنه كتاب في الناسخ والمنسوخ، وكتاب في التفسير.
- قال يعقوب بن شيبة: (زيد بن أسلم ثقة من أهل الفقه والعلم، وكان عالما بتفسير القرآن، له كتاب فيه تفسير القرآن). رواه ابن عساكر.
وهذا الكتاب لا نعلمه إلا ما رواه عنه ابنه عبد الرحمن بن زيد، وقد جمع فيه أقواله مع أقوال أبيه فلم يتمحّض الكتاب لأبيه.
وكتاب في الناسخ والمنسوخ رواه عنه القاسم بن عبد الله العمري، وقد أخرجه ابن وهب في جامعه.
34: ما روي عن أبي حازم سلمة بن دينار الأعرج(ت:140هـ) رحمه الله:
من العلماء العباد روى عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وكانت له كتب يكتب فيها الحديث صارت لابنه من بعده.
- قال أبو طالب عن الإمام أحمد وقد سُئل عن عبد العزيز بن أبي حازم فقال: (ابن
أبي حازم لم يكن يُعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه، وكان رجلا يتفقَّه،
يقال: لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إن سليمان بن بلال أوصى
إليه؛ فوقعت كتب سليمان إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يُعرف أنه
سمع منهم، ولا كاد يعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه؛ فإنهم يقولون: سمعها). رواه يعقوب بن سفيان.
35: ما روي عن خالد بن مهران الحذاء(ت:142هـ) رحمه الله:
كان خالد الحذاء يحفظ ولا يكتب إلا إذا كان الحديث طويلاً كتبه حتى يحفظه ثم يمحوه.
قال حجاج بن محمد المصيصي: سمعت شعبة يقول: قال خالد
الحذاء: «ما كتبت حديثاً قط إلا حديثاً طويلاً فإذا حفظتُه محوته» رواه علي
بن الجعد في مسنده، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
37: ما روي عن سليمان بن طرخان التيمي (ت:143هـ) رحمه الله:
كانت له كتب، عرف منها كتاب السير وكتاب الخلق.
- قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب العلل: سمعتُ أَبي يقول: (أوّل
ما جلسنا إلى المعتمر كان يقرأ المغازي أحاديث مراسيل، عن أبيه وغيره فلم
نفهم، ولم نكتب منها شيئًا، وقرأ علينا أحاديث عن أبيه، عن مغيرة، فعلقت
منها أحاديث صالحة من كتابه "كتاب الخلق").
- قال محمد بن عبد الأعلى: حدثنا المعتمر بن سليمان: (حدثني أبي في كتاب "السير"). رواه ابن منده في المستخرج.
38: هشام بن عروة بن الزبير(ت:146هـ) رحمه الله:
كان هشام بن عروة ثقة ثبتاً حافظاً، وكان له كتاب فيه أحاديث أبيه عروة بن الزبير.
- وقال الزبير بن بكار: أخبرني يحيى بن الزبير، قال: سألت هشام بن عروة يعطيني حديثه ويحدثنيه فأعطاني صحيفة له، قال: (هذه صحيفتي قد عرضتها وصححتها فخذها عني ولا تقل كما يقول هؤلاء). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال إبراهيم بن المنذر: حدثنا يحيى بن الزبير بن عباد
بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، قال: طلبت من هشام بن عروة أحاديث أبيه
قال: فأخرج إليَّ دفتراً فقال: (في هذا أحاديث أبي صححته، وعرفت ما فيه؛ فخذه عني ولا تقل كما يقول هؤلاء: حتى أعرضه). رواه الخطيب البغدادي في الكفاية.
39: ما روي عن سليمان بن مهران الأعمش(ت:148هـ) رحمه الله:
- وقال إسحاق بن إسماعيل الطالقاني: قلت لجرير - يعني ابن عبد الحميد-: أكان منصور - يعني ابن المعتمر - يكره كتاب الحديث؟
قال: (نعم، منصور، ومغيرة، والأعمش كانوا يكرهون كتاب الحديث). رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، والخطيب البغدادي في تقييد العلم.
40: ما روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (ت:150هـ) رحمه الله:
- قال مالك بن أنس: أخبرنا يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم:
(انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنته، أو حديث
عمرة، أو نحو هذا فاكتبه لي؛ فإني قد خفت دروس العلم، وذهاب العلماء).
قال محمد بن الحسن: (وبهذا نأخذ، ولا نرى بكتابة العلم بأساً، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله).
41: ما روي عبد الله بن عون المزني(ت:151هـ) رحمه الله:
كان ابن عون ممن لا يرى الكتابة.
- حماد بن زيد، قال: قال لي ابن عون: (إني أرى هذه الكتب يا أبا إسماعيل ستُضل الناس). رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا قريش بن أنس أبو أنس، قال: قال ابن عون: (لم يكتب أبو بكر، ولا عمر)
وقال إبراهيم: (إن القوم لم يذخر عنهم شيء لفضل عندكم).رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
- وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: قال إسماعيل - يعني ابن علية-: قال ابن عون: (أحسب أو أرى يكون لهذه الكتب غب سوء).
قال أبي: قال إسماعيل: «إنما كرهوا الكتاب لأن من كان قبلكم اتخذوا الكتب فأعجبوا بها؛ فكانوا يكرهون أن يشتغلوا بها عن القرآن». رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم.
42: محمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ) رحمه الله:
له كتاب المبتدأ والمغازي، وكان كثير الكتب.
- وقال أبو عبد الله الذهبي: (وهو أوّل من دوّن العلم بالمدينة، وذلك قبل مالك وذويه).
قلت: كتب قبله جماعة من أهل المدينة منهم: أبو بكر ابن
حزم، وابن شهاب الزهري، وزيد بن أسلم، وشيبة بن نصاح، لكن لعلّه كان أكثرهم
كتابة.