8 Jan 2022
الدرس السابع: تدوين التفسير في زمن تابعي التابعين رحمهم الله
52: النضر بن شميل بن خرشة المازني التميمي(ت: 204هـ). 53: روح بن عبادة بن العلاء القيسي (ت:205هـ).
عناصر الدرس:
- تمهيد.
1: أبان بن تغلب الربعي (ت:141 هـ).
2: علي بن أبي طلحة الوالبي الهاشمي (ت: 143هـ).
3: أبو مصلح نصر بن مشارس الخراساني (ت: 145هـ تقريبا).
4: عبيد بن سليمان الباهلي.
5: محمد بن السائب بن بشر الكلبي (ت:146هـ).
6: مقاتل بن حيان النبطي البلخي (ت: قبل 150هـ).
7: مقاتل بن سليمان البلخي (ت: 150هـ).
8: أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني (ت: بعد 150 هـ).
9: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت: 151هـ).
10: عباد بن منصور الناجي (ت: 152هـ).
11: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي (ت: 153هـ).
12: عيسى بن ميمون المكي (ت: 155هـ تقريبا).
13: سعيد بن أبي عروبة البصري (156هـ).
14: يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي (ت:159هـ).
15: الحسين بن واقد المروزي (ت: 159هـ).
16: أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي التميمي(ت: نحو 160هـ ).
17: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت: 161هـ).
18: أبو معاذ بكير بن معروف الدامغاني (ت: 163هـ).
19: شيبان بن عبد الرحمن النحوي (ت: 164هـ).
20: نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم المدني (ت: 169هـ).
21: سعيد بن بشير الأزدي(ت:169هـ).
22: أبو بشر ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري (ت: 170هـ تقريباً).
23: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ( 170هـ).
24: أسباط بن نصر الهمداني الكوفي (ت: 170هـ تقريباً).
25: أبو الحسن يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي(ت:172هـ).
26: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي (ت:174هـ).
27: مسلم بن خالد الزنجي (ت: 179هـ).
28: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي (ت: 179هـ).
29: عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت:181هـ).
30: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت: 182هـ).
31: يزيد بن زريع بن يزيد العَيشي (ت: 182هـ).
32: أبو معاوية هشيم بن بشير بن القاسم الواسطي (ت: 183هـ).
33: يونس بن حبيب الضبي(ت:183هـ)
34: سرور بن المغيرة بن زاذان الواسطي.
35: بشر بن عمارة الخثعمي(ت:185هـ).
36: محمد بن مروان بن عبد الله المعروف بالسدّي الصغير (ت: 185هـ تقريبا).
37: أبو سعيد المسيّب بن شريك التميمي(ت:186هـ).
38: يحيى بن اليمان العجلي (ت: 188هـ).
39: رشدين بن سعد بن مفلح المصري (ت:188هـ).
40: علي بن حمزة الكسائي (ت: 189هـ).
41: موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني (ت: نحو 190 هـ).
42: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المعروف بابن عُليَّة (ت 193هـ).
43: أبو العباس الوليد بن مسلم الدمشقي(ت:195هـ).
44: أبو فيد مؤرج بن عمرو بن الحارث السدوسي (ت: 195هـ).
45: وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي (ت: 197هـ).
46: عبد الله بن وهب بن مسلم المصري (ت: 197هـ).
47: سفيان بن عيينة الهلالي المكي (ت: 198هـ).
48: شبيب بن عبد الملك البصري(ت: قبل 200هـ).
49: يحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت:200هـ).
50: محمد بن إدريس الشافعي (ت:204هـ).
51: أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي (ت:204هـ).
55: حجاج بن محمد المصيصي الأعور(ت:206هـ).
56: يزيد بن هارون بن زاذي السلمي(ت:206هـ)
57: أبو عبيدة معمر بن المثني (ت:209هـ).
58: عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميريّ الصنعاني (ت: 211هـ).
59: محمد بن يوسف بن واقد الفريابي (ت:212هـ).
60: أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ)
61: آدم بن أبي إياس العسقلاني (ت:220هـ).
62: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت: 220هـ).
63: أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي(ت:245هـ)
تمهيد
ما دوّنه التابعون من كتب وصحف في التفسير كان بمثابة الركيزة الأولى
لتدوين التفسير، ثم ازداد تدوين التفسير في زمان تابعي التابعين كثرة
وتنوّعاً.
- فكثر رواةُ النسخ التفسيرية عن بعض مفسّري التابعين، حتى تعسّر تقصّي رواياتهم، واشتهر بعضها فعُني به أهل العلم.
- وكثرت الصحف التي فيها تعليقات مسائل عن أكثر من مفسّر.
- واشتهر التصنيف في التفسير بالجمع بين مصادر متعددة كما فعل مقاتل
بن حيان، ومقاتل بن سليمان، وابن جريج، وسفيان الثوري، ووكيع بن الجراح،
وعبد الله بن وهب، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سلام، وعبد الرزاق، وغيرهم.
وهذا النوع وإن كانت له بدايات في زمن صغار التابعين كما فعل السدّي وابن إسحاق، إلا أنّه في زمن تابعي التابعين أكثر وأظهر.
وهذا التدوين والتصنيف كان ممهّداً لنوع من الجمع والتصنيف والموازنة
بين الأقوال نهض به جماعة من المفسرين في القرن الثالث والرابع.
ومن المعلوم البيّن
أنّ عدد تابعي التابعين كان أضعاف عدد التابعين؛ كما أنّ عدد التابعين
كان أضعاف عدد الصحابة رضي الله عنهم، فإذا علمتَ أن الصحابي هو من رأى
النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإيمان، وأنّ التابعيَّ هو
من رأى صحابياً ومات على الإسلام، وأنّ تابعَ التابعي هو من رأى تابعياً
ومات على الإسلام تبيّن لك بذلك تضاعف أعداد تابعي التابعين أضعافاً كثيرة
على عدد التابعين.
وهم وإن كان اشتغال كثير منهم بالغزو والجهاد والعبادة
وغير ذلك إلا أن هذه النسبة كان لها أثر كبير في ازدياد المقبلين على طلب
العلم وتحصيله وتدوينه وروايته.
وكان
بعض الخلفاء والولاة والوزارء يستوفدون العلماء من أمصار شتى للتعليم
والإفتاء والقضاء، وكانت لهم حظوة ظاهرة، ومكانة سامية في دول الإسلام في
ذلك القرن، حتى كان لكثير من الأئمة مستملون ومبلّغون، وكانت مجالس الإملاء لبعض تابعي التابعين يحضرها
نحو عشرة آلاف أو أكثر؛ فلو قيل على سبيل التنزّل: إن الذين كانوا يكتبون
عُشرَ هذا العدد، ثمّ قيل بمثل هذه النسبة على عدد من الأمصار؛ لتبيّن
للناظر أنّ الذي وصل إلينا بالرواية قليل النسبة جداً إلى ما كُتب في
حقيقة الأمر.
ومع ذلك فقد بقي بحمد الله من العلم في أبواب الدين كافّة ما فيه كفاية لمن وفقه الله وأعانه.
والمقصود
التنبيه إلى أنّ ما تداوله العلماء بالرواية واعتنوا به من كتب التفسير
ليس هو كلّ ما كتب في التفسير من النسخ والصحف التفسيرية، وإنما توخّيت في
هذا الباب ذكر أشهر النسخ، وخاصة ما كان من مصادر أصحاب التفاسير المسندة.
ومما
ينبغي أن يُعلم أنّ جماعة من تابعي التابعين بقوا إلى أوائل القرن
الثالث، بل منهم من بقي إلى قريب من منتصف القرن الثالث كحال هشام بن
عمار الدمشقي(ت:245هـ) راوي قراءة عبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بن
إبراهيم الدمشقي(ت:245هـ) قاضي الأردن وفلسطين وصاحب الكتب المؤلفة في
التاريخ وغيره، فإنهما رويا عن معروف بن عبد الله الخيّاط، وكان من آخر
التابعين موتاً بالشام.
على أنّ بعض من مات في أوائل القرن الثالث لا يُعرف لهم سماع من أحد من التابعين.
وسأذكر
في هذا الباب – إن شاء الله - ما تيسّر لي الوقوف على ذكره من التدوينات
المشتهرة عن تابعي التابعين في التفسير على اختلاف أنواعها.
1: أبان بن تغلب الربعي (ت:141 هـ)
وهو كوفي صدوق ثقة من كبار القراء في زمانه، قرأ على الأعمش وطلحة بن مصرّف وعاصم بن أبي النجود.
ووثّقه أحمد، ويحيى بن معين، وأبو حاتم الرازي، والنسائي،
واحتجّ به مسلم في صحيحه، ومروياته قليلة جداً في التفسير، وتُكلّم فيه
لتشيّعه التشيّع القديم، وهو تفضيل عليّ من غير ذمّ للشيخين أبي بكر وعمر.
بل ذكر الحاكمُ أنه كان قاصّ الشيعة، لكن تشيّعه لم يخرج به إلى الرفض فيما نعلم، وهو في جانب الرواية والقراءة صدوق غير متّهم.
- قال ابن عديّ:
(له أحاديث ونسخ، وعامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في
الروايات، وإن كان مذهبه مذهب الشيعة، وهو معروف في الكوفيين، وقد روى
نحواً من مئة حديث، وهو في الرواية صالح لا بأس به).
ولم أقف على تفصيل النسخ
التي رواها، لكن ذكر ابن النديم أنّ له كتاباً في معاني القرآن؛ فإن كان
يريد كتاب التفسير الذي نحلته إياه الشيعة ووضعوا عليه فيه روايات معلومة
البطلان على طريقة الرافضة الإمامية؛ فهو كتاب موضوع.
ولذلك فإنَّ ما يُنسب إليه في كتب الرافضة لا يصحّ عنه.
وإنما ذكرته هنا للتنبيه على ما ادّعته عليه الشيعة في تفاسيرهم.
2: علي بن أبي طلحة الوالبي الهاشمي (ت: 143هـ)
مولى بني هاشم، أصله من
الجزيرة شمال العراق، ثم انتقل إلى حمص، وله صحيفة مشهورة كتب فيها ما بلغه
من تفسير ابن عباس، وهو لم يلقه باتفاق، ولم ينصّ على الواسطة بينه وبين
ابن عباس، وبعض ما في صحيفته مما يُجزم أنه ليس لابن عباس، وهي نسخة جيدة
في مجملها، إلا أن في بعضها ما يستنكر؛ فلذلك لا يُحكم بصحة مروياتها
بإطلاق، ولا تردّ بإطلاق، بل تعتبر في التفسير.
3: أبو مصلح نصر بن مشارس الخراساني (ت: 145هـ تقريبا)
صاحب الضحاك، له عنه كتاب في التفسير، يرويه عنه عمر بن هارون، وأبو معاذ خالد بن سليمان الحداني.
- قال أبو حاتم: شيخ.
- ووثّقه ابن حبان.
وقد تقدّم قول ابن عديّ:
(روى التفسير عنه [ الضحاك] : عبيد بن سلمان، وجويبر بن سعيد، وأبو مصلح
نصر بن مشارس، ومن غير كتابٍ مؤلَّف: سلمة بن. نبيط، وعلي بن الحكم
البنانيّ).
4: عبيد بن سليمان الباهلي
أبو الحارث، أصله من
الكوفة، ثم سكن مرو، له كتاب مشهور في التفسير يرويه عن الضحاك، ويرويه
عنه: أبو تميلة يحيى بن واضح المروزي، وأبو معاذ الفضل بن خالد النحوي،
وأبو نعيم الفضل بن دكين.
أخرج منه ابن جرير أكثر من ثلاثمائة رواية، وأخرج منه ابن أبي حاتم فيما طبع من تفسيره مرويات كثيرة.
- قال العباس بن مصعب المروزي: (قدم
الضحاك مرو، وسمع منه التفسير عبيد بن سليمان، مولى عبد الرحمن بن مسلم
الباهلي، وروى التفسير عن عبيد بن سليمان: خارجة بن مصعب، وأبو تميلة، وعلي
بن عمرو بن عمران من أهل الرَّزِيق). رواه العقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل.
ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: لا بأس به.
لم أقف على تاريخ وفاته.
5: محمد بن السائب بن بشر الكلبي (ت:146هـ)
أخباري نسّابة، كان من
القصاص المشهورين في الكوفة، وكان متروك الحديث متّهماً بالكذب، وله كتب في
التفسير هجر أكثرَها أهلُ العلم، وحذروا منها، وله مع ذلك أقوال حسنة في
التفسير، وقد اختلف أهل العلم في تفسيره:
- فذهب الإمام أحمد ويحيى
بن معين ووكيع بن الجراح وابن أبي حاتم إلى الإعراض عنه مطلقاً، وترك
الاشتغال بأقواله ومروياته في التفسير وغيره.
- وذهب سفيان الثوري وعبد
الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير الطبري وابن المنذر إلى انتقاء ما يصلح
للاعتبار من تفسيره وما يكون في نقله فائدة أو تنبيه على علّة.
ولذلك قلّت الرواية عنه
جداً في كتب التفسير المسندة، وإنما أكثر من إخراج مروياته وأقواله في
التفسير المتأخرّون من أمثال الثعلبي والواحدي والماوردي.
والكلبي على ضعفه ووهاء رواياته قد بُلي برواة ضعفاء متّهمين بالكذب كالسدّي الصغير ومحمد بن عبيد الله العرزمي وغيرهما.
وأما ما انتقاه الثقات كسفيان الثوري وشعبة ومعمر من تفسير الكلبي فهو أحسن حالاً، وإن كان لا يحتجّ به، ولا يُحتاج إليه.
6: مقاتل بن حيان النبطي البلخي (ت: قبل 150هـ)
إمام فقيه مفسّر، روى عن
سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله بن عمر، ومجاهد، وعكرمة، وعامر الشعبي،
والحسن البصري، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبي قلابة الجرمي، وغيرهم.
وروى عنه: بكير بن معروف
الدامغاني(ت:163هـ) قاضي نيسابور ثم نزيل الشام وهو أشهر الرواة عنه، وابن
المبارك، وإبراهيم بن أدهم، وأبو عصمة نوح بن أبي مريم، وغيرهم.
وله تفسير قيّم جمعه مما تحصّل له من تفسير مجاهد والحسن والضحاك وغيرهم، ولتفسيره روايات أشهرها رواية بكير بن معروف الدامغاني.
وتفسيره مما اعتمد عليه الشافعي رحمه الله، وقد أخذه برواية معاذ بن موسى الجعفري، عن بُكير.
- قال الشافعي: أخبرنا معاذ بن موسى، عن بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان قال: (أخذت هذا التفسير من نفر، حفظ معاذ منهم: مجاهداً، والضحاك، والحسن - رحمهم اللَّه)
وقد أكثر ابن أبي حاتم من الرواية من تفسير مقاتل بن حيان.
- قال الذهبي:
(كان خيّرا ًناسكاً، كبير القدر، صاحب سنة، هرب من خراسان أيام أبي مسلم
صاحب الدولة إلى بلاد كابل؛ فدعا هناك خلقا إلى الإسلام فأسلموا على يده).
وقال: (مات في حدود الخمسين ومِئة، قبل مقاتل بن سليمان بمدة).
7: مقاتل بن سليمان البلخي (ت: 150هـ)
كان صاحب كتب وله اطلاع
واسع على التفسير في زمانه، وله عناية بعلوم القرآن، وكتب فيها كتباً، وقد
ذكر في مقدمة تفسيره أنّه استخلصه من تفاسير ثلاثين رجلاً منهم اثنا عشر
رجلاً من التابعين، ولم يسمّهم.
ومقاتل متروك الحديث،
واتّهمه بعض المحدّثين بالكذب، وأعرض عنه كبار أصحاب التفاسير المسندة كعبد
الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم فلم ينقلوا عنه.
- قال محمود بن آدم المروزي: حضرت وكيعاً وسُئل عن كتاب التفسير عن مقاتل بن سليمان؛ فقال: (لا تنظر فيه).
قال: ما أصنع به؟
قال: (ادفنه).
ثم قال: (أليس زعموا أنه كان يحفظ؟ كنا نأتيه فيحدّثنا، ثم نأتيه بعد أيام فيقلب الإسناد والحديث). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال علي بن خشرم: سمعت وكيع بن الجراح يقول: (مقاتل بن سليمان لقيناه، ولكنَّه كان كذاباً؛ فلم نكتب عنه). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو عبد الرحمن النسائي: ،(الكذابون
المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: إبراهيم
بن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد
بن سعيد، ويعرف بالمصلوب بالشام).
وإنما اشتهرت بعض أقواله
في التفاسير المتأخرة بسبب نقل بعض متأخري المفسرين عنه كالثعلبي والماوردي
والواحدي؛ فكثر إيراد أقواله في التفاسير من غير إسناد.
وله تفسير مطبوع من رواية الهذيل بن حبيب الدنداني.
ومقاتل لا يُحتجّ به في المرويات، ولكن له أقوال حسنة في التفسير يستفيد منها بعض أهل العلم ممّن يميّز الصواب من الخطأ.
- قال نعيم بن حمّاد: رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل؛ فقلت: يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير؟
قال: (لا، ولكن أستدلّ به وأستعين).رواه الخطيب البغدادي في تاريخه وابن عساكر.
- وروي عن الشافعي أنه قال: (من أراد أن يتبحر في تفسير القرآن فهو عيال على مقاتل بن سليمان). وهي رواية فيها اضطراب؛ فإن صحّت فهي محمولة على كثرة مصادره في التفسير.
- وقال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله [هو أحمد بن حنبل] يُسْأل عن مقاتل بن سليمان، فقال: (كانت له كُتُبٌ ينظر فيها، إلا إني أرى أنه كان له علم بالقرآن). رواه الخطيب البغدادي في التاريخ وابن عساكر.
- وقال إبراهيم الحربي:
(إنما جمع مقاتل بن سليمان تفسير القرآن وفسَّر عليه من غير سماع، ولو
أنَّ رجلاً جمع تفسير معمر عن قتادة، وشيبان عن قتادة كان يحسن أن يفسر
عليه). رواه الخطيب البغدادي وابن عساكر.
ولمقاتل كتب أخرى منها:
أ: كتاب تفسير الخمسمائة آية من القرآن، وله روايات:
- منها: رواية الهذيل بن حبيب الدنداني، وقد حقق في رسالة علمية في جامعة بغداد من رواية بإشراف الدكتور حاتم الضامن رحمه الله.
- ومنها: رواية الباوردي، ذكرها ابن عديّ في الكامل؛ فقال في ترجمة مقاتل:
(كان من أعلم الناس بتفسير القرآن، وله كتاب الخمسمائة آية التي يرويها
عنه أبو نصير منصور بن عبد الحميد الباوردي، وفي ذلك الكتاب حديث كثير
مسند، وهو مع ضعفه يكتب حديثه).
ب: وكتاب "الوجوه والنظائر" وهو من علوم القرآن، وهو من رواية الهذيل أيضاً، وقد طبع بتحقيق الدكتور حاتم الضامن.
وقد ذكر في كتبه: كتاب في
القراءات، وكتاب في الناسخ والمنسوخ، وكتاب في متشابه القرآن، وكتاب في
التقديم والتأخير، وكتاب في نوادر التفسير، وهذه الكتب إما مفقودة وإما مما
يحتاج إلى تثبّت في صحّة نسبتها.
8: أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني (ت: بعد 150 هـ)
يروي عن زيد بن علي، وعن
غيره، وكان له أتباع يسمّون الجارودية نسبة إليه، وهم مِن فِرَق الزيدية،
وهو متروك الحديث متّهم بالكذب، وله كتاب في التفسير، نقل منه ابن جرير
وابن أبي حاتم شيئاً يسيراً، وذكر الدارقطني أن ابن شاهين (ت:385هـ) فرّق
تفسير أبي الجارود في تفسيره على الآيات.
- قال يحيى بن معين: (كذاب عدو الله، ليس يسوى فلساً).
- وقال أحمد بن حنبل: (متروك الحديث).
- وقال ابن حبان: (كان
رافضياً، يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروي
في فضائل أهل البيت أشياء ما لها أصول، لا يحلّ كَتْبُ حديثه).
9: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت: 151هـ):
أحد الأئمة الأعلام،
وأوعية العلم الكبار، ومفتي أهل مكة في زمانه، أصله رومي، وهو مولى بني
أمية، ولد بعد سنة سبعين للهجرة، وأدرك جماعة من أصحاب ابن عباس؛ فروى عن
مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، وابن أبي مليكة، وعمرو بن
دينار، وغيرهم.
وروى أيضاً عن القاسم بن أبي بزة وعطاء الخراساني ونافع مولى ابن عمر، وغيرهم خلق كثير.
وقد عُني بتدوين العلم مع جودة حفظه، وحسن ضبطه؛ فدوّن أحاديث كثيرةً جداً، حتى قال سفيان الثوري وهو من كبار الحفّاظ: (أعياني حديث ابن جريج أن أحفظه، فنظرت إلى شيء يجمع فيه المعنى، فحفظته وتركت ما سوى ذلك).
وهو أوّل من صنّف التصانيف بمكة، وكانت كتبه محلّ عناية أهل الحديث وثقتهم، حتى قال يحيى بن سعيد القطان: (كنا نسمي كتب ابن جريج كتب الأمانة).
- قال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي: من أول من صنّف الكتب؟
قال: (ابن جريج وابن أبي عروبة).
- وقال سفيان بن عيينة: سمعت ابن جريج يقول: (ما دوَّن العلمَ تدويني أحد). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
قلت: يقصد من أهل زمانه، وهذا من دلائل كثرة كتابته.
ومرويات ابن جريج في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، له في تفسير ابن جرير وحده نحو ألفين وخمسمائة رواية.
وقد طبع تفسيره حديثاً برواية الحسن بن الصباح الزعفراني عن حجاج بن محمد المصيصي عنه.
10: عبّاد بن منصور الناجي (ت: 152هـ)
قاضي
البصرة في زمانه، وكان من أصحاب الحسن البصري، وله نسخة في التفسير
يرويها عنه، ورواها عن عباد أبو بكر الحنفي، وسرور بن المغيرة الواسطي.
وكان صدوقاً عابداً، كثير الصلاة، لكنّه كان يرى القَدَر، ولم يكن جيّد الحفظ، ولذلك ضعّفه جماعة من الأئمة النقاد منهم: يحيى بن سعيد القطان، وابن سعد، ويحيى بن معين، وأبو زرعة.
ووثقه يعقوب بن شيبة السدوسي، وقال أبو حاتم الرازي: (ضعيف الحديث، يكتب حديثه).
- وقال أبو داوود السجستاني: كان عباد بن منصور كثير الصلاة، فجاء رجلٌ إلى سفيان؛ فسأله عن عبَّاد فقال: (اذهب فانظر إلى صلاته).
- وقال أيضاً: (ولي قضاء البصرة خمس مرات، وليس بذاك، وعنده أحاديث فيها نكارة).
11: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي (ت: 153هـ).
المحدّث الكبير، كان من أوعية
العلم الكبار، ثقة ثبتاً كثير الحديث، معدوداً من القلّة الذين تدور عليهم
الأسانيد، نشأ في البصرة، ثم انتقل إلى اليمن، وهو أوّل من صنّف في
اليمن، له كتاب الجامع، والمغازي، فأمّا الجامع فمطبوع، وأمّا المغازي
فمفقود، وقد جمعت مروياته في المغازي في رسالة علمية.
وله تفسير كبير يرويه عن
قتادة والحسن ومجاهد وزيد بن أسلم والزهري والكلبي وغيرهم، وأكثر ما فيه عن
قتادة، وتفسيره هذا يرويه عنه محمد بن ثور الصنعاني، وقد أكثر ابن جرير
من الرواية من هذه النسخة.
ومرويات معمر في كتب التفسير المسندة كثيرة جداً، وأكثر ما في تفسير عبد الرزاق من طريق معمر.
12: عيسى بن ميمون المكي (ت: 155هـ تقريبا)
قارئ مفسّر، من أهل مكة،
يُعرف بابن داية، ويقال له: الجرشي نسبة إلى بني جرش لأنه جاورهم، قرأ على
ابن كثير، وروى عن ابن أبي نجيح، وقيس بن سعد المكي.
وهو أحد رواة التفسير عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد روى عنه تفسيره أبو عاصم الضحاك بن مخلد.
13: سعيد بن أبي عروبة البصري (156هـ)
أحد الحفاظ الكبار، وأوّل من
صنّف الكتب بالبصرة، جالس الحسن البصري، وابن سيرين، وروى عنهما شيئاً
قليلاً، ولازم قتادة وحفظ عنه حديثاً كثيراً، وهو أشهر رواة تفسير قتادة.
سأله أبو معشر زياد بن كليب
التميمي أن يكتب له تفسير قتادة فكتبه؛ فاشتهر عنه، وأخرج منه أصحاب
التفاسير المسندة مرويات كثيرة جداً.
14: يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي (ت:159هـ)
مولى بني أمية، من علماء أيلة،
ومن خاصة أصحاب الزهري، أكثر الكتابة عنه جداً حتى عدّ من أكثر الرواة
عنه، وكان صحيح الكتاب، وقد روى عن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعكرمة،
ونافع مولى ابن عمر وغيرهم.
- قال عبد الرزاق: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: (ما رأيت أحداً أروى عن الزهري من معمر، إلا ما كان من يونس فإنه كتب كلَّ شيء). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال خالد بن نزار الأيلي: سألني الأوزاعي؛ فقال لي: (أنت من أهل أَيْلة، أين أنت عن أبي يزيد؟!! يعني يونس بن يزيد الأيلي، يحضّني عليه). رواه ابن أبي حاتم.
ليونس بن يزيد جزء في التفسير عن عطاء الخراساني، وهو مطبوع.
اختلف في سنة وفاته.
15: الحسين بن واقد المروزي (ت: 159هـ)
قاضي مرو ومفتي أهلها في
زمانه، تولّى القضاء بعد عبد الله بن بريدة بن الحصيب، وهو مولى الأمير عبد
الله بن عامر بن كريز، وكان معدوداً من أئمة أهل السنة.
- قال يحيى بن أكثم: بلغني عن عبد الله [ بن المبارك] أنه سئل عن الاتباع؛ فقال: (الاتباع ما كان عليه الحسين بن واقد وأبو حمزة السكري). رواه الخطيب البغدادي.
قرأ على الأعمش، وروى عن عبد الله بن بريدة، وعكرمة، ويزيد النحوي، وغيرهم.
وله نسخة في التفسير يرويها عن يزيد النحوي عن عكرمة، أخرج منها أصحاب التفاسير المسندة مرويات كثيرة.
- قال أبو بكر المروذي: سألت أحمد بن حنبل عن حميد الخزاز، فقلت له: إن يحيى يتكلم فيه؟
قال: (ما
علمته إلا ثقة، قد كنا نقدم عليه إلى الكوفة فنزل عنده فيفيدنا عن
المحدثين، ثم قدم إلى بغداد ليسمع التفسير من حسين المروذي فنزل عندي).
- قال ابنه علي بن حسين: (مات أبي سنة تسع وخمسين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
16: أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي التميمي(ت: نحو 160هـ)
ولد في حدود التسعين، وحدّث عن
عطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وقتادة، والربيع بن أنس البكري،
وغيرهم، وكان صديقاً لسفيان الثوري.
- قال ابن سعد: (كان
أصله من أهل مرو، من قرية يقال لها برز، وهي القرية التي نزلها الربيع بن
أنس أولاً، وبها سمع أبو جعفر من الربيع بن أنس، ثم تحوّل أبو جعفر بعد
ذلك إلى الري، فمات بها، فقيل له الرازي).
وقد اختلف فيه الأئمة النقاد، وأوسط أقوالهم قول يحيى بن معين: (يكتب حديثه إلا أنّه يخطئ).
وله نسخة مشهورة في التفسير يرويها عن الربيع بن أنس البكري وأكثرها من تفسير أبي العالية الرياحي.
17: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (ت: 161هـ)
نسبة
إلى ثور بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وثور الذي يقال
له ثور أطحل، ابن عمّ تميم بن مرّ بن أدّ، وأطحل اسم جبل كان يسكنه.
الإمام الحافظ، شيخ الإسلام في عصره، ولد سنة 97هـ في خلافة سليمان بن
عبد الملك، ونشأ بالكوفة، وكان والده محدّثاً صالحاً من أصحاب الشعبي؛ فأخذ
عنه، وعن جماعة من علماء الكوفة، ومن أشهرهم أبو إسحاق السبيعي وسليمان
الأعمش، وكانا أعلمَ أهل الكوفة بعلم ابن مسعود وفتاوى أصحابه، وأخذ عن
إسماعيل بن أبي خالد البجلي، وعاصم الأحول، وعبد الملك بن أبي سليمان،
وسلمة بن كهيل، وغيرهم.
وأخذ عن بعض علماء البصرة منهم: أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وجماعة.
وأخذ عن بعض علماء الحجاز: منهم يحيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وعبد الله
بن دينار، وأبو الزناد، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم من أوعية العلم وكبار
المحدثين والفقهاء.
- قال علي بن مسهر: سمعت سفيان الثوري يقول: (أدركت من الحفاظ أربعة: إسماعيل بن أبي خالد، وعاصماً الأحول، ويحيى بن سعيد، وعبد الملك بن أبي سليمان). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: قال سفيان: (كنت آتي الأعمش ومنصورا، فأسمع أربعة أحاديث خمسة، ثم أنصرف كراهة أن تكثر وتفلت). رواه الخطيب البغدادي في الجامع.
- وقال بكر بن خداش: سمعت سفيان الثوري، يقول: (ما استودعت قلبي شيئا فخانني قط). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال علي بن المديني: (أصحاب عبد الله [يعني ابن
مسعود] ستة، الذين يقرئون ويفتون، ومن بعدهم أربعة، ومن بعد هؤلاء سفيان
الثوري كان يذهب مذهبهم ويفتى بفتواهم وكان أعلم الناس بأبي إسحاق
والأعمش بحديثهم وطريقتهم). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال عبد الرزاق: سمعت سفيان بن عيينة، يقول: (أصحاب الحديث ثلاثة: عبد الله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال أبو عبد الرحمن الحارثي: (خاف سفيان شيئاً
فطرح كتبه، فلما أمنَ أرسل إليَّ وإلى يزيد بن ثوير المرهبي؛ فقال: أخرجوا
الكتب؛ فدخلنا البئر فجعلنا نخرجها؛ فأقول: يا أبا عبد الله "وفي الركاز
الخمس"-وهو يضحك- فأخرجنا تسع قمطراتٍ كل واحد إلى هنا وأشار إلى أسفل
ثندوته). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
-
وقال أحمد بن حنبل: ألقى أبو إسحاق فريضةً فلم يصنعوا فيها شيئاً، فقال:
لو كان الغلام الثوري فصّلها الساعة، إذ أقبل سفيان فقال له: ما تقول في
كذا وكذا؟
قال سفيان: أنت حدثتنا عن علي بكذا وكذا، والأعمش حدثنا عن ابن مسعود بكذا، وفلان حدثنا فيها بكذا.
قال أبو إسحاق: (كيف ترون من ساعة فصلها، ألا تكونون مثله). رواه الخطيب البغدادي.
- قال عبد العزيز بن منيب: قال عبد الرزاق: كان الثوري جعل على نفسه لكل ليلة جزءاً من القرآن، وجزءاً من الحديث.
قال: (فيقرأ جزأه من القرآن ثم يجلس على الفراش فيقرأ جزأه من الحديث ثم ينام). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو عمر شهاب بن عباد: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (كان سفيان
يأخذ المصحف فلا يكاد يمرّ بآية إلا فسّرها؛ فربما مرّ بالآية؛ فيقول:
أيّ شيءٍ عندك في هذه؟ فأقول: ما عندي فيها شيء.
فيقول: (تضيع مثل هذه لا يكون عندك فيها شيء؟!!). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو هشام الرفاعي: سمعت يحيى بن يمان، يقول: (أحفظ عن سفيان أربعة آلاف حديث في التفسير). رواه الخطيب البغدادي
- وقال أبو عبد الله الطهراني: حدثنا عبد الرزاق قال: كان الثوري يقول: (سلوني عن المناسك والقرآن فإني بهما عالم). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال المبارك بن سعيد أخو سفيان الثوري: (رأيت عاصمَ بن أبي النجود يجيء إلى سفيان يستفتيه، ويقول: يا سفيان أتيتنا صغيراً، وأتيناك كبيراً). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال عبد الله بن المبارك: قال لي سفيان الثوري: (ما يُراد الله عز وجل بشيء أفضل من طلب العلم، وما طلب العلم في زمان أفضل منه اليوم). رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
- وقال عمرو بن علي الفلاس: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: (ما
عاشرت في الناس رجلاً أرقَّ من سفيان الثوري، وكنت أرمقه في الليلة بعد
الليلة ينهض مرعوباً ينادي، النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم
والشهوات). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
انتقل
إلى البصرة سنة 154هـ، في خلافة أبي جعفر المنصور، وأجّر نفسه لصاحب
بستان يحرسه، وتزوّج أم أبي حذيفة النهدي بالبصرة، وقد ذُكر أن أبا جعفر
المنصور قد طلبه ليوليه القضاء فأبى وتخفّى عنه في البصرة مدة، ثم انتقل
إلى مكة؛ ثمّ إن أبا جعفر عزم على الحجّ وجدّ في طلب سفيان، وبث في مكة من
يبحث عنه؛ وكان قد توعّده بالقتل، فذُكر أن سفيان تعلّق بأستار الكعبة
يدعو؛ فمات أبو جعفر قبل أن يبلغ مكة.
ثمّ جرت له محنة أخرى مع الخليفة المهدي؛ فإنه دخل عليه في مكة وأنكر
عليه إسرافه في إنفاق الأموال في حجّه، ثم إن المهديّ طلبه مرة أخرى
بالعراق وأحضره في مجلسه وكلّمه ليوليه الحسبة فأبى، ثم عاد لطلبه مرة أخرى
طلبه بعد ذلك فهرب منه إلى اليمن، وجرت له في اليمن محنة أخرى، ثم فرّج
الله عنه، وأمّنه والي اليمن معن بن زائدة، ثمّ انتقل إلى مكة وتحفّى
فيها مدة، ثم عاد إلى العراق، وتخفّى في البصرة حتى مات بها عند عبد الرحمن بن مهدي.
له تفسير مشهور، يرويه عنه أبو حذيفة النهدي، وقد طبع بعضه.
18: أبو معاذ بكير بن معروف الدامغاني (ت: 163هـ)
أصله من خراسان وكان قاضي نيسابور، ثم سكن دمشق، وحدّث بها، وروى تفسير مقاتل بن حيان؛ فاشتهر عنه. .
وروى عن: إبراهيم بن ميمون الصائغ، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن مغول، وأبي حنيفة، وأبي الزبير المكي، وغيرهم.
وروى عنه: الوليد
بن مسلم، ومروان بن محمد الطاطري، وأبو وهب محمد بن مزاحم المروزي، ومعاذ
بن موسى الجعفري، وهشام بن عبيد الله الحنظلي الرازي، وغيرهم.
قال أحمد بن حنبل: ما أرى به بأساً.
19: شيبان بن عبد الرحمن النحوي (ت: 164هـ)
أبو معاوية، مولى تميم، محدّث قارئ ثقة، نشأ بالبصرة، ثم نزل الكوفة، وربما قيل له: أبو معاوية البصري.
- قرأ على عاصم بن أبي النجود.
- وروى عن الحسن وقتادة ومنصور بن المعتمر، وزياد بن علاقة، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.
- وله كتاب تفسير مشهور يرويه عن قتادة.
وكان مؤدبَ أولاد الأمير داوود بن علي العباسي بالكوفة، وكان يحدّث ببغداد أحياناً، ومات بها.
- قال أحمد بن حنبل: (ثبت في كلّ المشايخ).
- وقال يعقوب ين شيبة: (كان صاحب حروف وقراءات مشهور بذلك). رواه الخطيب البغدادي.
20: نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم المدني (ت: 169هـ)
قارئ أهل المدينة، له جزء صغير
في التفسير رواه عنه ابن وهب فيه نحو عشر مسائل مما سأل عنها شيوخه ربيعة
بن أبي عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ومسلم بن جندب، وعبد
الله بن يزيد بن هرمز، وأدخل فيه ابن وهب مسائل عن الليث بن سعد ومالك بن
أنس وغيرهما، وعامّة هذه المسائل في كتاب تفسير القرآن من جامع ابن وهب.
ولنافع مرويات في كتب التفسير المسندة.
21: سعيد بن بشير الأزدي(ت:169هـ)
مولى بني نصر بن معاوية
من الأزد، كان رجلاً صالحاً صدوقاً، له عناية بتفسير قتادة، وكان أبوه
شريكاً لأبي عروبة والد سعيد في تجارة؛ فأقدمه أبوه إلى البصرة فسمع من
علماء البصرة مع سعيد بن أبي عروبة، وكتب كتاباً في التفسير أكثره عن
قتادة، واشتهر كتابه في الشام، وكان الغالب عليه التفسير؛ فلذلك كان في
التفسير لا بأس به، وفي غيره من الحديث مضعّف لضعف ضبطه.
روى عن: قتادة، وابن شهاب
الزهري، ويزيد بن أبي مالك، وعمرو بن دينار، وأبي بشر اليشكري، وأبي
الزبير المكي، وسليمان الأعمش، وعبيد الله بن عمر، ومنصور بن زاذان،
وغيرهم.
وروى عنه: أبو مسهر
الغساني، وهشيم بن بشير، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن
الجراح، وعبد الرزاق بن همام، والوليد بن مسلم، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي،
ورواد بن الجراح العسقلاني، وبقية بن الوليد، ومروان بن محمد الطاطري،
ومعن بن عيسى القزاز، ويحيى بن صالح الوحاظي، وغيرهم كثير.
- قال بقية بن الوليد: سألت شعبة عن سعيد بن بشير قال: (ذاك صدوق اللسان). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال ابن هانئ: سألت أبا عبد الله [أحمد بن حنبل] عن سعيد بن بشير؛ قال: (ليس حديثه بشيء).
- وقال البخاري: (يتكلمون في حفظه، نراه أبا عبد الرحمن الدمشقي الذي روى عنه هشيم: عن أبي عبد الرحمن عن قتادة).
- قال أبو خليد: سألني سعيد بن عبد العزيز: ما الغالب على علم سعيد بن بشير؟
قلت له: التفسير.
قال: (خذ عنه التفسير، ودع ما سوى ذلك، فإنه كان حاطب ليل). رواه العقيلي.
- وقال أبو حاتم الرازي: قلت لأحمد بن صالح: سعيد بن بشير دمشقي شامي كيف هذه الكثرة عن قتادة؟
قال: (كان أبوه بشير شريكاً لأبي عروبة؛ فأقدم بشير ابنه سعيداً البصرةَ يطلبُ الحديثَ مع سعيد بن أبي عروبة). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت دحيماً: ما كان قول من أدركتَ في سعيد بن بشير؟
فقال: (يوثقونه، وكان حافظا). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة ذكرا سعيد بن بشير فقالا: (محله الصدق عندنا).
قلت لهما: يحتج بحديثه؟
فقالا: (يحتج بحديث ابن أبي عروبة والدستوائي، هذا شيخ يكتب حديثه).
وقد ذكره البخاري في كتاب "الضعفاء" فقال ابن أبي أحاتم: (سمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء وقال: يحوّل منه).
- قال ابن عدي: (وسعيد
بْن بشير له عند أهل دمشق تصانيف لأنه سكنها، وَهو بصري ورأيت له تفسيراً
مصنفاً من رواية الوليد عنه، ولاَ أرى بما يروي عن سَعِيد بْن بشير
بأساً، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة،
والغالب عليه الصدق).
بدرت منه كلمة في القدر وتاب منها، فلا يُلتفت إلى قول من رماه بالقدر.
22: أبو بشر ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري (ت: 170هـ تقريباً)
الإمام الثبت، أصله من خوارزم، ثم سكن المدائن، وكان حافظاً يقظاً، وكان شعبة يحسن الثناء عليه.
روى عن: عمرو بن دينار، وعبد الله بن دينار، ومنصور بن المعتمر، وغيرهم.
وروى عنه: شعبة، وابن المبارك، ووكيع، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن الجعد، وأبو نعيم، وشبابة، وغيرهم.
- قال يحيى بن معين: (كان ورقاء بن عمر خراسانياً ينزل المدائن).
له كتاب مشهور في التفسير
يرويه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، ولم يسمعه كلّه من ابن أبي نجيح، بعضه
قراءة وبعضه عرض، أخرج البخاري في صحيحه منه مسائل، وأخرج أصحاب التفاسير
المسندة منه مرويات كثيرة.
- قال يحيى بن سعيد القطان: قال معاذ: قال ورقاء: (كتاب التفسير قرأت نصفه على ابن أبي نجيح، وقرأ علي نصفه، وقال ابن أبي نجيح: هذا تفسير مجاهد). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال إبراهيم الحربي: لما قرأ وكيع التفسير، قال للناس: (خذوه، فليس فيه عن الكلبي ولا ورقاء شيء). رواه الخطيب البغدادي.
- قال أبو داود الطيالسي: قال لي شعبة: (عليك بورقاء فإنّك لن تلقى مثله حتى ترجع). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو حفص الفلاس: (سمعت معاذ بن معاذ، وذكر ورقاء، فأحسن الثناء عليه، وحدثنا عنه).
- قال يحيى بن أبي طالب: حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر، قال: دخلنا
على، ورقاء بن عمر اليشكري، وهو في الموت فجعل يهلل، ويكبر، ويذكر الله،
عز وجل وجعل الناس يدخلون عليه أرسالا فيسلمون، فيرد عليهم، فلما أكثروا،
التفت إلى ابنه، فقال: (يا بني! اكفني ردّ السلام على هؤلاء، لا يشغلوني عن ربي عز وجل). رواه الخطيب البغدادي.
23: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ( 170هـ)
راوي التفسير عن محمد بن كعب القرظي، وله كتاب في المغازي، وهو مضعّف في الحديث، لكنه حاله في التفسير أحسن.
- قال أحمد بن حنبل: (يُكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب في التفسير).
- وقال يحيى بن معين: (اكتبوا حديث محمد بن كعب في التفسير، وأما أحاديث نافع وغيره فليس بشيء، التفسير حسن).
24: أسباط بن نصر الهمداني الكوفي (ت: 170هـ تقريباً)
صاحب السدّي وراويته، وثقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد، وأخرج له مسلم في المتابعات.
وتفسيره عن السدي مشهور، أخرج منه أصحاب التفاسير المسندة مرويات كثيرة جداً.
25: أبو الحسن يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي(ت:172هـ)
- قال الذهبي: (الإمام المحدِّث المفسّر).
له كتاب فيه روايات في
التفسير عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، وعن حفص بن حميد عن عكرمة
وعن شمر بن عطية، ويروي أيضاً عن زيد بن أسلم.
وقد روى عنه جماعة منهم: محمد بن حميد الرازي، ويحي الحِمَّاني، وعمرو بن رافع شيخ قزوين، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم.
وقد أخرج له ابن جرير وابن أبي حاتم في تفاسيرهم.
- وثقه ابن حبان والطبراني، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
- قال يحيى بن معين في شأن محمد بن حميد الرازي أحد أصحاب يعقوب: (قدم علينا بغداد؛ فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي؛ ففرَّقنا الأوراق بيننا، ومعنا أحمد بن حنبل؛ فسمعناه ولم نرَ إلا خيراً).
26: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي(ت:174هـ)
محدّث مصر وعالمها وقاضيها، على ضعف فيه.
روى عن: يزيد بن أبي
حبيب، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي
رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وأبي الأسود يتيم عروة، وعمرو بن
شعيب، وعطاء بن دينار، وعقيل بن خالد، وغيرهم كثير جداً.
وروى عنه: شعبة بن
الحجاج، وجرير بن حازم، والأوزاعي، وعمرو بن الحارث، وعبد الله بن المبارك،
وعبد الله بن وهب، وسعيد بن كثير بن عفير، والوليد بن مسلم، وقتيبة بن
سعيد، وعبد الله بن صالح، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وسعيد بن أبي مريم،
وغيرهم كثير جداً.
ولد سنة 96هـ، ونشأ
بمصر، وأخذ عن علمائها، ومن وفد إليها من العلماء، ورحل إلى الحجاز،
والشام، وكان طلابة للعلم، كثير الشيوخ جداً، وكان يُكنى أبا خريطة؛ لأن له
خريطة كان يعلّقها على عنقه يحمل فيها صحفاً، ويدور على الشيوخ، وكلما
سمع بمقدم عالمٍ بادر إليه ليكتب ما عنده.
وهو رجل صالح صدوق،
مجتهد في طلب العلم، وجَمْعِ الحديث، حتى كتب حديثاً كثيراً جداً عجز عن
ضبطه، ووقع منه تساهلٌ في تحمّله وأدائه؛ وهو غير متّهم بالكذب، لكن دخل
الخلل في حديثه وكثرت الأخطاء بسبب تساهله في الرواية والتحديث.
- قال رَوح بن صلاح ابن سيابة الحارثي: (لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعياً، ولقي الليث بن سعد اثني عشر تابعياً). رواه ابن عساكر.
- وقال بشر بن المنذر: (كان
ابن لهيعة يكنى أبا خريطة، وذاك أنه كانت له خريطة معلّقة في عنقه، وكان
يدور بمصر، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، وكان إذا رأى شيخًا سأله: من
لقيت؟ وعمن كتبت؟ فإن وجد عنده شيئًا كتب عنه، فلذلك كان يكنى أبا خريطة). رواه ابن حبان في المجروحين.
- وقال أبو داوود السجستاني في مسائل أحمد: سمعت أحمد يقول: (من كان بمصر يشبه ابن لهيعة في ضبط الحديث وكثرته وإتقانه).
- وقال النسائي عن أبي داوود: سمعت أحمد يقول: (ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة).
وثناء الأئمة عليه في
كثرة شيوخه وكتبه واجتهاده في الطلب كثير، ومنهم من أثنى عليه في ضبط
أصوله، لكنهم ضعّفوه بسبب طريقته في التحديث، فتركه يحيى بن سعيد القطان،
وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن معين، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، وكان
أحمد يضعّفه حديثه ويكتبه للاعتبار، وحسّن ابن عديّ حديثه إذا استبان من
روى عنه.
والذي تلخّص لي من
كلام الأئمة النقاد في ابن لهيعة، أنه كان صحيح الأصول في قول بعضهم، لكنّه
كان ضعيفاً في أداء الحديث، يتجوَّز في التحديث بما ليس من حديثه، وربمّا
أسقط بعض الرواة فيما بينه وبين من لقيهم من الشيوخ، وكان يملي على الناس
من أصوله ثمّ لما كثروا عليه لم يخرج أصوله؛ وكان من أراد أن يقرأ عليه
ذهب إلى من كانت لديه نسخة فاستنسخها ثم قرأها على ابن لهيعة، من غير
مقابلة على الأصل، ومن المعلوم اختلاف النساخ في ضبط النسخ، والنسخة إذا
لم تقابل على أصلها دخلها الغلط، ومن النساخ من يدخل في نسخته أحاديث من
غير شيخه، فلذلك دخل خطأ كثير فيما يُروى عن ابن لهيعة بهذه الطريقة.
وهو صدوق في نفسه لا يتعمّد الكذب، لكن كان لكثرة حديثه ربما لم يميّز بعض ما يُقرأ عليه؛ فيظنّه من حديثه وهو ليس من حديثه.
وخلاصة القول فيه أنه
رجل صدوق في نفسه، ضعيف الحديث مطلقاً، قبل حادثة الاحتراق وبعدها، لكن
رواية العبادلة عنه ومن سمع منه قديماً أمثل من غيرها، وإن كانت لا ترتقي
إلى الصحّة، ولا يُترك حديثه، بل يُعتبر به، ولا يُحتجّ بما ينفرد به.
وهذه الخلاصة موافقة لما حكاه الحافظ أبو بكر البيهقي في معرفة السنن والآثار إذ قال: (قد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به).
له روايات كثيرة جداً في كتب التفسير المسندة، وهو من أشهر رواة تفسير عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير.
27: مسلم بن خالد الزنجي (ت: 179هـ)
فقيه
أهل مكة وقارئهم، وهو شيخ الشافعي وابن وهب، كان من أهل الفتوى
والقراءة، وأما في الحديث فضعّفه البخاري وأبو داود، وقال يحيى بن معين:
لا بأس به.
ولم يكن زنجيّا بل كان أبيض أشقر وإنما لقبته بذلك جاريته لحبّه التمر؛ فلصق به اللقب.
وله تفسير مطبوع من رواية
أبي جعفر الرملي عن أحمد بن محمد القواس عنه، وفيه نحو مائة وستين
أثراً، وهو غير مرتب على السور، وعامّته يرويه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد،
وفيه أثران عن عطاء، وأثر عن طاووس كلها من طريق ابن أبي نجيح.
وله مرويات في كتب التفسير المسندة من غير طريق القواس.
28: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي (ت: 179هـ)
الإمام المعروف، له الموطأ، ورسائل أخرى قصيرة.
- قال الذهبي: (له
جزء في التفسير يرويه خالد بن عبدالرحمن المخزومي، يرويه القاضي عياض عن
أبي جعفر أحمد ابن سعيد، عن أبي عبدالله محمَّد بن الحسن المقرئ، عن
محمَّد بن علي المصيصي، عن أبيه بإسناده).
وله أقوال في التفسير رواها عنه ابن وهب في تفسيره، وأخرج له ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما.
29: عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت:181هـ)
الإمام الحافظ المنفق المجاهد المعروف، له كتب كثيرة، طبع منها: المسند، والزهد، والرقائق، والبر والصلة، والجهاد.
وقد ذكر في مؤلفاته: كتاب في التفسير، ولم يطبع.
وله مرويات كثيرة في كتب التفسير المسندة.
- قال عبد الرزاق: (كان عبد الله بن المبارك يقرأ عليه - يعني على معمر – التفسير، ويقرأ معمر عليه). رواه الإمام أحمد في العلل.
30: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت: 182هـ)
مفسّر معروف من كبار
مفسري تابعي التابعين، كان عالماً بالتفسير والمغازي والأخبار، لكنه كان
ضعيف الحديث، يخطئ في الأسانيد، ويقلب الأخبار، ويروي بالمعنى على ما
يفهمه، وقد يقع في فهمه شيء من الخطأ؛ ويجزم به، وقد تركه أكثرُ أهلِ
الحديث لكثرة خطئه، والأقرب أنه لا يتعمد الكذب، وكان فيما يذكر عنه رجلاً
صالحاً في نفسه.
وله أقوال حسنة في
التفسير تدلّ على سعة علمه بمعاني القرآن، وله عناية بتفسير القرآن
بالقرآن، وأكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة من أقواله وأقوال
أبيه، لا من مروياته الأخرى.
- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (كان عبد الرحمن صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيراً في مجلد، وكتاباً في الناسخ والمنسوخ).
قلت: يُروى عن عبد الرحمن بن زيد نسختان كبيرتان في التفسير:
إحداهما:
نسخة يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد
أكثر منها ابن جرير في تفسيره، حتى أخرج منها نحو ألفي رواية أو تزيد،
وأخرج منها ابن أبي حاتم جملة من المرويات.
والأخرى:
نسخة أبي يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، عن أصبغ بن الفرج المصري عن عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم، وعليها أكثر اعتماد ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن
زيد.
وأصبغ بن الفرج(ت:225ه) كان وراقاً لابن وهب، وهو من خاصة أصحابه، والقراطيسي(ت:287هـ) إمام ثقة كان مسند مصر في زمانه.
وما رُوي عن ابن زيد من غير هذين الطريقين فقليل جداً في كتب التفسير المسندة.
وقد ذكر بعضهم أن هذه
النسخ إنما هي تفسير زيد بن أسلم رواه عنه، وهو قول فيه نظر، نعم قد يكون
استفاد بعضه أو أكثره من أبيه، لكن العبارة عبارته، والاختيار اختياره،
فنسبته إليه نسبة صحيحة إنشاء أو اختياراً، ونسبته إلى أبيه مشكوك فيها،
وإن كان استفاد أصله من أبيه؛ فتجعل عهدته عليه لا على أبيه، ما لم ينصّ
على أنّه من قول أبيه.
31: يزيد بن زريع بن يزيد العَيشي (ت: 182هـ)
أبو معاوية البصري، من أعلام الحفاظ بالبصرة وثقاتهم، كان غاية في التثبت والإتقان، زاهداً ورعاً،
- قال خليفة بن خياط: (أحد بني تيم اللات بن ثعلبة).
- وقال البخاري: (يقال: من بني عائش من بكر بن وائل).
والقولان لا يتعارضان؛ فالنسبة هي إلى عائش بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
والنسبة إليهم: عائشي، وعَيْشي، و"تيم اللات" يغيّره بعض النسابة إلى "تيم الله".
روى عن حميد الطويل،
وأيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وهشام بن عروة، وسعيد بن أبي عروبة، ومعمر
بن راشد، وخالد الحذاء، وداوود بن أبي هند، وسليمان التيمي، وعبد الله بن
عون، وأبي رجاء الحداني، وشعبة بن الحجاج، وحسين المعلّم، وغيرهم.
وروى عنه: عبد الله بن
المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان بن مسلم، وعلي بن المديني، ومحمد بن
المثنى المروزي، وبشر بن معاذ العقدي، وجامع بن حماد، ومسدد بن مسرهد،
وعباس بن الوليد النرسي، ومحمد بن المنهال، وعبيد الله بن عمر القواريري،
وغيرهم كثير.
- قال يحيى بن سعيد القطان: (لم يكن هاهنا أحدٌ أثبت من يزيد بن زريع). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو داود الطيالسي: قال شعبة: (أين كنتم عني وأنا خالٍ زمن كان يأتيني يزيد بن زريع). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال محمد بن المنهال: حدثنا يزيد قال:
(كنتُ آتي شعبة من قبل أن يخرج إبراهيم؛ فأجيء وهو نائم والذباب على
وجهه؛ فأقيمه فحدثني من غير أن يكون عندي أطراف يحدثني من عنده، فلما كان
بعد ذلك صرنا اثنين أنا وابن علية، ثم صرنا ثلاثة أنا وابن علية وأبو
عوانة، ثم صرنا أربعة بعد ذلك، عبيد الله بن الحسن، فكنا أربعة حتى أخذنا
ما عنده). رواه يعقوب بن سفيان.
قلت: قوله: (قبل أن يخرج إبراهيم) يريد به خروج إبراهيم بن عبد الله بن الحسن على أبي جعفر المنصور، وكان ذلك سنة 145 هـ.
- قال أبو عوانة اليشكري: (صحبتُ يزيد بن زريع أربعين سنة فهو يزداد في كل يوم خيراً). رواه ابن حبان.
- وقال روح بن عبد المؤمن: سمعت يزيد بن زريع بن يزيد بن التوأم يقول: (لأن أخرّ من السماء أحبّ إلي من أن أدلّس). رواه أحمد بن حنبل في العلل.
- وقال عمرو بن علي الفلاس: سمعت يزيد بن زريع يقول: (أنا لا أقدم ألفاً، ولا واواً، كان أيوب يختصر الحديثَ وأنا أكرهه). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو بكر الأسدي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (يزيد بن زريع إليه المنتهى في التثبت بالبصرة). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: (كان يزيد بن زريع ريحانة البصرة). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو طالب: سألتُ أحمد بن حنبل؛ قال: (كلّ شيء رواه يزيد بن زريع عن سعيد؛ فلا تبال أن لا تسمعه من أحد، سماعه من سعيد قديم، وكان يأخذ الحديث بنية).رواه ابن عدي في الكامل.
- وقال ابن حبان: (كان من أورعِ أهلِ زمانه، مات أبوه وكان والياً على الأَبُلّة، وخلّف خمسمائة ألف؛ فما أخذ منها حبة).
يروي تفسير قتادة من طريق سعيد بن أبي عروبة، وقد أكثر ابن جرير من الرواية من طريقه جداً.
32: أبو معاوية هشيم بن بشير بن القاسم الواسطي (ت: 183هـ)
من الأئمة الحفاظ، كان يُفضّل في الحفظ على سفيان الثوري ووكيع، وله كتب مصنفة، منها كتاب في التفسير رواه عنه أبو هاشم زياد بن أيوب، ذكره أبو القاسم ابن منده في المستخرج والمستطرف، وهو من مصادر الثعلبي في تفسيره.
ويروي تفسير
سعيد بن جبير من طريق أبي بشر جعفر ابن أبي وحشية اليشكري، وداوود بن
الحصين، وعطاء بن السائب، وإسماعيل بن مسلم وغيرهم.
وله مرويات كثيرة في كتب التفسير المسندة.
33: يونس بن حبيب الضبي(ت:183هـ)
مولى بني ضبّة، وكان من أهل جبُّل، وهي بلدة بين واسط وكان من علماء العربية بالبصرة، صاحب سنة وفضل، وله مشاركات في الحديث.
قرأ على أبي عمرو بن العلاء، وأبان بن يزيد العطار، وقرأ عليه: ابنه حرمي بن يونس، وأبو عمر الجرمي، وغيرهما.
وروى عن: الحسن البصري، وزياد بن عثمان بن زياد بن أبي سفيان، وغيرهما.
وروى عنه: قريش بن أنس الأنصاري، وصهره خلاد بن يزيد الباهلي، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم الأسدي.
وكان
قليل الحديث، وأخذ العربية عن حماد بن سلمة، وأبي عمرو بن العلاء، وابن
أبي إسحاق، ورؤبة بن العجاج وكان شديد الاختصاص به، وأخذ عن غيرهم، وسمع من
العرب، وقد نقل عنه سيبويه في مواضع كثيرة من كتابه ما سمعه من العرب، وقد
برع يونس في العربية ورأس بها في البصرة حتى جلس في موضع الخليل بعد موته.
وأخذ
عنه: النضر بن شميل، وسيبويه، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، ومحمد بن
المستنير قطرب، والأصمعي، وخلف الأحمر، وأبو زيد الأنصاري، والكسائي،
والفراء، وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، ومحمد بن سلام الجمحي، وغيرهم.
- قال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: (كان
أهل البصرة أهل العربية، منهم أصحاب الأهواء إلا أربعة فإنهم كانوا أصحاب
سنة: أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، والأصمعي). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال ابن عائشة: قال يونس بن حبيب: (أول مَن تعلمتُ منه النحو: حماد بن سلمة). ذكره أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين.
- وقال محمد بن سلام الجمحي: قلت ليونس: هل سمعت من ابن أبى إسحاق شيئاً؟
قال: قلت له: هل يقول أحد الصويق يعنى السويق؟
قال: (نعم، عمرو بن تميم تقولها، وما تريد إلى هذا؟! عليك بباب من النحو يطرد وينقاس).
- وقال أبو حاتم السجستاني: سمعت أبا عبيدة يقول: (اختلفتُ إلى يونس أربعين سنة أملأ كلَّ يومٍ ألواحي من حفظه). رواه أبو الطيب اللغوي في مراتب النحويين.
- وقال ياقوت الحموي: (كان يونسُ عالماً بالشعر، نافذ البصر في تمييز جيّده من رديئه، عارفاً بطبقات شعراء العرب، حافظا لأشعارهم، يرجع إليه في ذلك كله).
- ذكر له ابن النديم في الفهرست كتابين في معاني القرآن صغير وكبير.
- وقال ياقوت الحموي في معجم الأدباء: (ومن تصانيفه: كتاب معاني القرآن الكبير، معاني القرآن الصغير، كتاب اللغات، كتاب النوادر، كتاب الأمثال).
- وقال أبو عبد الله الذهبي في سير أعلام النبلاء: (له تواليف في القرآن واللغات).
- وقال في تاريخ الإسلام: (وله مصنفات في العربية، وطال عمره، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة).
ونقل عن ثعلب أنه جاوز المائة، وما أراه يصحّ عن ثعلب.
وقد يشتبه اسمه في
الأسانيد بيونس بن حبيب الأصبهاني صاحب أبي داوود الطيالسي، وهو شيخ ابن
أبي حاتم أكثر من الرواية عنه في تفسيره، وكان ثقة.
34: سرور بن المغيرة بن زاذان الواسطي
ابن أخي منصور بن زاذان، أصله من البصرة، ثم سكن واسط.
- روى عن: عباد بن منصور، وعمّه منصور بن زاذان، وسليمان التيمي، وغيرهما.
وله تفسير يرويه عن عباد بن منصور عن الحسن البصري، وقد أخرج منه ابن أبي حاتم جملة من المرويات.
- قال ابن سعد: (كان يروي التفسير عن عباد بن منصور، عن الحسن، وكان معروفا).
- وقال ابن حبان: (كنيته أبو عامر مولده بالبصرة، وكان متقناً على قلة روايته).
لم أقف على تاريخ وفاته.
35: بشر بن عمارة الخثعمي(ت:185هـ)
له نسخة في التفسير رواها عن أبي روق عطية بن الحارث الهمداني، عن الضحاك بن مزاحم.
وروى عن الأحوص بن حكيم، وإدريس بن سنان اليماني.
ولم يكن قوياً في الحديث.
ضعّفه يحيى بن معين، والنسائي،
- قال البخاري: (تعرف وتنكر).
- وقال ابن حبان: (كان يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد).
وقال ابن عدي: (لم أر في أحاديثه حديثا منكرا، وهو عندي حديثه إلى الاستقامة أقرب).
- وقال أبو الحجاج المزي: (روى له ابن ماجة في التفسير).
- ونسخته في التفسير كبيرة، أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم روايات كثيرة جداً.
36: محمد بن مروان بن عبد الله المعروف بالسدّي الصغير (ت: 185هـ تقريبا)
راوي تفسير الكلبي، وهو متّهم بالكذب، وقد تجنّب الأئمة الرواية عنه، وإنما يروي عنه بعض المتأخرين كالثعلبي والواحدي.
37: أبو سعيد المسيّب بن شريك التميمي(ت:186هـ)
من
طبقة أصحاب الأعمش، لكنه كان متروك الحديث لسوء حفظه وكثرة غلطه، وتحديثه
بأحاديث منكرة عن الأعمش وغيره، ولم يكن ممن يتعمّد الكذب.
له مرويات
في تفسير ابن جرير وابن ابي حاتم، وذكر الثعلبي في مقدّمة تفسيره أنّ له
كتاباً في التفسير رواه عنه بإسناده، وجعله من مصادره في التفسير.
38: يحيى بن اليمان العجلي (ت: 188هـ)
من العلماء العبّاد، قرأ على حمزة، وروى عن هشام بن عروة وسفيان الثوري وإسماعيل بن أبي خالد وجماعة.
له جزء صغير مطبوع في التفسير رواه عنه يزيد بن موهب، وفيه نحو ثلاثين أثراً كلها من تفسير سعيد بن جبير رواها من طرق عنه.
وليحيى مرويات كثيرة في كتب التفسير المسندة.
39: رشدين بن سعد بن مفلح المصري (ت:188هـ)
رجل
صالح في ديانته، مضعّف في روايته، قال عنه الإمام أحمد: لا بأس به في
أحاديث الرقاق، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال
أبو حاتم: يحدث بالمناكير عن الثقات.
وقال ابن يونس: (كان رجلاً صالحاً لا يُشكّ في صلاحه وفضله، فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث).
وله نسخة في
التفسير يرويها يونس بن يزيد الأيلي عن عطاء الخراساني، وقد أخرج منها
أصحاب التفاسير المسندة، ورووا عنه مسائل أخرى رواها عن عمرو بن الحارث
وغيره.
40: علي بن حمزة الكسائي (ت: 189هـ)
كان
إماماً في القراءة والنحو والغريب والوقوف، وهو أحد القراء السبعة، قرأ
على حمزة ثمّ اختار لنفسه قراءة اشتهرت عنه، وكان ذا مكانة عند هارون
الرشيد؛ فهو مؤدّبه ومؤدّب ولده الأمين.
ذُكر
أنه طلب النحو على كِبَر لِلَحْن وقع فيه، وأُخذ عليه؛ فانتقل إلى البصرة
وأخذ عن الخليل ثم ارتحل إلى بوادي العرب، وأخذ من فصاحتهم وأدبهم، وكتب
كثيراً من أخبارهم وأشعارهم ولغاتهم، وأعمل القياس والنظر في مسائل النحو
حتى تبحّر فيه وتمكّن.
- قال علي بن عبد الله الخياط: حدثنا عبد الرحيم بن موسى، قال: قلت للكسائي: لم سميت الكسائي؟
قال: (لأني أحرمت في كساء). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال حرملة بن يحيى التجيبي: سمعت محمد بن إدريس الشافعي، يقول: (من أراد أن يتبحر في النحو، فهو عيال على الكسائي). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو منصور الأزهري:
(وللكسائي كتاب في "معاني القرآن" حسن، وهو دون كتاب الفراء في المعاني،
وكان أبو الفضل المنذري ناولني هذا الكتاب وقال فيه: أخبرت عن محمد بن
جابر، عن أبي عمر عن الكسائي.
وله كتاب في "قراءات القرآن"، قرأته على أحمد بن علي بن رزين وقلت له: حدثكم عبد الرحيم بن حبيب عن الكسائي؛ فأقرَّ به إلى آخره.
وله كتاب في "النوادر"، رواه لنا المنذري عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء عن الكسائي).
قلت: طبع له كتاب "متشابه القرآن" ، وكتاب "ما تلحن فيه العامة"، وله كتب لم تطبع منها: "معاني القرآن"، و"الآثار في القراءات"، و"النوادر"، ورويت عنه مسائل في القراءة والعربية في كتب التفسير المسندة.
وجمع
الدكتور عيسى شحاتة أقوال الكسائي في التفسير من مصادر متعددة وأخرجها في
كتاب باسم "معاني القرآن لعلي بن حمزة الكسائي"، وهو غير كتابه المفقود.
41: موسى بن عبد الرحمن الثقفي الصنعاني (ت: نحو 190 هـ)
- قال ابن عدي: (يعرف بأبي محمد المفسّر، منكر الحديث).
- وقال ابن حبان: (شيخ
دجال يضع الحديث روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي، وضع على ابن جريج عن
عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير جمعه من كلام الكلبي ومقاتل بن سليمان
وألزقه بابن جريج عن عطاء عن بن عباس ولم يحدث به بن عباس ولا عطاء سمعه
ولا بن جريج سمع من عطاء وإنما سمع بن جريج من عطاء الخراساني عن بن عباس
في التفسير أحرفا شبيها بجزء وعطاء الخراساني لم يسمع من بن عباس شيئا ولا
رواه، لا تحل الرواية عن هذا الشيخ ولا النظر في كتابه إلا على سبيل
الاعتبار).
وقد تجنّب الأئمة الرواية عنه في كتب التفسير المسندة، وإنما روى عنه بعض المتأخرين كالثعلبي والواحدي.
42: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المعروف بابن عُليَّة (ت: 193هـ)
الإمام الحافظ المحدث الفقيه، أحد أوعية العلم، نسب إلى أمّه وكانت امرأة نبيلة عاقلة معروفة لدى أهل العلم ووجوه أهل البصرة.
بصري أصله من الكوفة، مولده يوم مات الحسن البصري،
قال الإمام أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.
نسب إليه كتاب في التفسير، وله مرويات كثيرة جدا في كتب التفسير المسندة، وله نسخة مشهورة رواها عن أبي رجاء محمد بن سيف عن الحسن.
43: أبو العباس الوليد بن مسلم الدمشقي(ت:195هـ)
مولى بني أمية، وأحد
أوعية العلماء الكبار بالشام، ولد سنة 119هـ، وأدرك حريز بن عثمان، وحسان
بن عطية، وصفوان بن عمرو، من التابعين وروى عنهم، واعتنى بعلم الأوزاعي
وتبحّر فيه حتى ذكر أبو زرعة الدمشقي أنه دوّن عنه أربعة آلاف مسألة، وأخذ
عن جماعة من كبار الحفاظ كسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وسفيان الثوري، وابن
جريج، والليث بن سعد، وثور بن يزيد الرحبي، وغيرهم كثير، حتى حوى علماً
غزيراً مباركاً
ثمّ صنّف كتباً كثيرة، ذكر ابن زبر الربعي أنه صنّف سبعين كتاباً.
- وقال ابن جوصا: (لم نزل نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد بن مسلم صلح أن يلي القضاء). ذكر ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال القاضي ابن شجرة البغدادي: (وله أصناف كثيرة، وفِقهٌ حَسَن). ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وكان موصوفاً بالصدق
والحفظ، والفضل والعقل، لكنه كان يدلّس تدليس التسوية، فيسقط الضعفاء من
شيوخ مشايخه، ويعنعن بين شيخه ومن فوقه، وهو شرّ أنواع التدليس، وسمّي
بالتسوية لأنه بذلك يسوّي الإسناد بإسقاط الضعفاء فيًظنّ أنه صحيح.
وكان ذلك رأياً له رآه لم يوفّق فيه، وقد سئل عن ذلك؛ فذكر أنه أراد أن ينزّه شيوخه عن الرواية عن الضعفاء.
ولذلك يُحتاج في الحكم
على مروياته النظر في صيغة التحديث في جميع طبقات الإسناد؛ فإذا عنعن لم
يُقبل، وإذا صرّح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد فهو صدوق غير متّهم.
- وقال الحافظ صالح جزرة: سمعت الهيثم بن خارجة يقول: قلت للوليد بن مسلم: قد أفسدت حديث الأوزاعي!
قال: كيف؟
قلت: تروي عن الأوزاعي
عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري، وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، وغيرك
يُدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الزهري
إبراهيم بن مرة وقرة وغيرهما، فما يحملك على هذا؟!!
قال: أنبل الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء!
قلت: فإذا روى الأوزاعي
عن هؤلاء، وهؤلاء ضعفاء، أحاديثهم مناكير؛ فأسقطتهم أنت، وصيرتها من رواية
الأوزاعي عن الثقات، ضَعُف الأوزاعي).
قال: (فلم يلتفت إلى قولي). رواه ابن عساكر.
وقد روى عنه جماعة من
الأئمة منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وقتيبة بن
سعيد البلخي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وضمرة بن ربيعة الرملي، وعبد الله بن
الزبير الحميدي، وغيرهم.
- قال يعقوب بن سفيان: كنت أسمع أصحابنا يقولون: (علم الشام عند إسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم).
قال: (فأما
الوليد فمضى على سنته محموداً عند أهل العلم، متقناً صحيحاً، صحيح العلم،
وتكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه
دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين).
له روايات كثيرة في كتب التفسير المسندة، وكان قد حصّل نسخاً كثيرة في التفسير منها:
- فأخذ عن سعيد بن بشير الأزدي تفسير قتادة.
- وعن بكير بن معروف تفسير مقاتل بن حيان.
- وأخذ تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد من طرق عدة.
- وأخذ مسائل في التفسير من طرق عن عطاء الخراساني، ومكحول الدمشقي، وتبيع الحميري، وغيرهم.
مع ما سمعه من الأوزاعي، وابن جريج، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر من مسائل كثيرة في التفسير.
- وقال أحمد بن أنس بن
مالك الدمشقي: حدثنا الوليد بن عتبة والعباس بن الوليد قالا: لما أخذ
الوليد بن مسلم في التصنيف أتاه شيخٌ من شيوخ المسجد؛ فقال: (يا فتى! جدَّ فيما أنت فيه؛ فإني رأيت كأن قناديل مسجد الجامع قد طفئت فجئت أنت فأسرجتها). رواه ابن عساكر.
- قال أبو زرعة الدمشقي: (مات منصرفه من الحج في المحرم سنة خمس وتسعين ومائة).
44: أبو فيد مؤرج بن عمرو بن الحارث السدوسي (ت: 195هـ)
من بني سدوس بن شيبان بن ذهل، من بكر بن وائل.
روى عن: أبي نعامة العدوي، وشعبة بن الحجاج، وأبي عمرو بن العلاء، وسعيد بن سماك بن حرب، وغيرهم.
وأخذ العربية عن أبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وأبي زيد الأنصاري، وغيرهم. وأخذ عنه: محمد بن سلام الجمحي، وخليل بن أسد، وأحمد بن خالد الذهلي.
نشأ
بالبصرة، وكان من نجباء أصحاب الخليل، وتعلّم القياس في حلقة أبي زيد
الأنصاري، وأخذ عن جماعة من علماء البصرة، ثم خرج إلى خراسان وكتب عن جماعة
من علمائها، ثم اتصل بالمأمون فكان معه، وقدم معه بغداد.
- قال أحمد بن محمد المروزي: قال لنا مؤرج بن عمرو السدوسي: (اسمي
وكنيتي عربيان اسمي مؤرّج، والعرب تقول: أرّجت بين القوم وأرّشت إذا حرشت،
وأنا أبو الفيد، والفيد: ورد الزعفران، ويقال: فاد الرجل يفيد فيداً إذا
مات). رواه الخطيب البغدادي.
- قال الخطيب البغدادي:
(كان بخراسان وقدم بغداد مع المأمون، وله كتاب في غريب القرآن رواه عنه
أهل مرو، وهو من أصحاب الخليل بن أحمد، وقد أسند الحديث عن: شعبة بن
الحجاج، وأبي عمرو بن العلاء، وغيرهما).
- قال نصر بن علي الجهضمي: (برز من أصحاب الخليل أربعة، عمرو بن عثمان أبو بشر المعروف بسيبويه، والنضر بن شميل، وعلي بن نصر، ومؤرج السدوسي). رواه الخطيب البغدادي.
وذكر له ياقوت الحموي وغيره كتباً لم تطبع منها: غريب القرآن، والمعاني، والأنواء، وجماهير القبائل.
45: وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي (ت: 197هـ)
نسبة إلى رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من هوازن.
روى عن الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن جريج، وابن عون، والأوزاعي، وشعبة، والثوري، وغيرهم.
وكان آية في الحفظ، وسرد الحديث، وهو الذي خلف سفيان الثوري في مكانه، وكان يفتي بقول أبي حنيفة.
وكان إماماً فقيهاً حافظاً، يضرب بحفظه المثل، وكان مع ذلك عابداً زاهداً كثير التلاوة والصيام، استقدمه هارون الرشيد إلى بغداد وألحّ عليه أن يلي القضاء؛ فامتنع.
وجرت له محنة بمكة بسبب حديث منكرٍ حدّث به والعهدة على
من حدَّثه؛ فرُفع أمره إلى والي مكة، وأفتاه أحد العلماء من جلسائه بقتله؛
فحُبس وكيع، ونصبت له خشبة في الحرم ليصلب عليها، فسعى في أمره سفيان بن
عيينة وكلّم الوالي واجتهد في إطلاق سراحه حتى تمّ له ذلك بعد لأي.
- قال أحمد بن حنبل: (ما رأيت أحداً أوعى للعلم من وكيع بن الجراح، ولا أشبه بأهل النسك منه). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال علي ابن المديني: (نظرت
فإذا الإسناد يدور على ستة، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر ثم انتهى
علم هؤلاء الاثني عشر إلى ستة: إلى يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي،
ووكيع بن الجراح، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعبد الله بن المبارك ويحيى
بن آدم). رواه ابن أبي حاتم.
- قال إسحاق ابن راهويه: (حفظي وحفظ ابن المبارك تكلّف، وحفظ وكيع أصلي، قام وكيع يوماً قائماً، ووضع يده على الحائط وحدّث سبعمائة حديثٍ حفظاً). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال ابن سعد: (حج سنة ست
وتسعين ومائة ثم انصرف من الحج فمات بفيد في المحرم سنة سبع وتسعين ومائة
في خلافة محمد بن هارون، وكان ثقة مأموناً، عالماً رفيعاً، كثير الحديث
حجة).
وله مصنفات، طبع منها كتابه في الزهد، ونسخة حديثه عن الأعمش، وله كتاب في التفسير مفقود، رواه عنه محمد بن إسماعيل الحساني، ذكره أبو القاسم ابن منده في المستخرج والمستطرف.
وله مرويات كثيرة في كتب التفسير المسندة.
- قال إبراهيم الحربي: لما قرأ وكيع التفسير قال للناس: (خذوه! فليس فيه عن الكلبي ولا ورقاء شيء). رواه الخطيب البغدادي.
46: عبد الله بن وهب بن مسلم المصري (ت: 197هـ)
الإمام الحافظ،مولى
قريش، ولد سنة 125هـ، ورأى عبيد الله بن عمر العمري، وهشام بن عروة، وهما
من صغار التابعين، وأخذ عن يونس بن يزيد الأيلي، وابن جريج، وعمرو بن
الحارث، وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، ومالك بن أنس، وغيرهم كثير، حتى جمع
علماً غزيراً مباركاً، وتفقه بمالك والليث، وبرع في الفقه والفتيا، حتى
عدّه الإمام مالك مفتي مصر.
وكان أحد أوعية العلم الكبار، كثير الكتب والتصنيف، ورعاً زاهداً، صاحب خوف وخشية،
وطلب ليولَّى القضاء؛ فهرب وتغيَّب، ولحقه أذى بسبب ذلك، وكان موسراً يصل العلماء وينفق ويتصدق.
- قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: سمعت أبا زرعة يقول: (نظرت في نحو ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر؛ فلا أعلم أني رأيت حديثاً له لا أصل له، وهو ثقة).
وفي بعض نسخ الجرح والتعديل: (ثلاثين ألف).
- وقال علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت أحمد بن صالح يقول: (حدَّث ابن وهب بمائة ألف حديثٍ!! ما رأيتُ حجازياً ولا شامياً ولا مصرياً أكثر حديثا من ابن وهب، وقع عندنا عنه سبعون ألف حديث). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: (عبد الله بن وهب صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، ما أصحَّ حديثه وأثبته).
قيل له: أليس كان يسئ الاخذ؟
قال: (قد كان يسئ الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه، وما روى عن مشايخه وجدته صحيحاً).
له كتب كثيرة، طبع منها: الجامع في الحديث، والمسند، والموطأ الصغير، والقدر.
وله كتب أخرى طبع بعضها منها:
- الجامع، وقد طبع منه تفسير القرآن.
- والموطأ الكبير، طبع منه كتاب المحاربة، وكتاب القضاء في البيوع.
وله كتب أخرى لم تطبع فيما أعلم منها: البيعة، والمناسك، والمغازي، والردة، وتفسير غريب الموطأ، والأهوال، وغيرها.
- قال أبو زيد بن أبي الغمر: سمعت ابن وهب يقول: (حججت أربعاً وعشرين حجة ألقى فيها مالكاً).
- قال أبو زيد: (وكنا نسمي ابن وهب ديوان العلم). ذكرهما القاضي عياض في ترتيب المدارك.
- وقال حرملة: رأيت كتاب مالك: (إلى ابن وهب مفتي مصر). ذكره القاضي عياض في المدارك.
- قال سحنون: (كان ابن وهب قد قسّم دهره أثلاثاً: ثلثاً في الرباط، وثلثاً يعلم الناس بمصر، وثلثاً في الحج). ذكرهما القاضي عياض في ترتيب المدارك.
- وقال أحمد بن سعيد الهمداني: (دخل ابن وهب الحمام، فسمع قارئا يقرأ: {وإذ يتحاجون في النار} فغشي عليه). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال ابن حبان: (كان ممن
جمع وصنَّف، وهو الذي حفظ على أهل الحجاز ومصر حديثهم، وعُنيَ بجمع ما رووا
من الأسانيد والمقاطيع، وكان من العبّاد قرئ عليه كتاب الأهوال من تصنيفه
فمات منه).
- وقال خالد بن خداش: (قرئ على عبد الله بن وهب ما كتبه في أهوال يوم القيامة فخرَّ مغشياً عليه؛ فلم يتكلم بكلمة حتى مات). رواه أبو نعيم في الحلية، وأبو العباس السرّاج في تاريخه كما في الانتقاء لابن عبد البر.
- قال أبو الطاهر بن عمرو: جاء نعيُ ابن وهب ونحن في مجلس سفيان؛ فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب المسلمون به عامة، وأصبتُ به خاصة).
- قال أبو عبد الله الذهبي: (قد كان ابن وهب له دنيا وثروة، فكان يصل سفيان ويبرّه، فلهذا يقول: أصبت به خاصة).
له كتاب في التفسير ضمن جامعه، وهو مطبوع، وقد تقدّم ذكره.
47: سفيان بن عيينة الهلالي المكي (ت: 198هـ)
الإمام
المعروف، له كتاب في التفسير يرويه أبو عبيد الله المخزومي، وكان معروفاً
متداولاً لدى أهل العلم ومنهم من يروي بعض ما فيه بالإسناد كأبي القاسم
الأصبهاني وغيره، ويعزو إليه ابن حجر والسيوطي وغيرهما، لكنه لم يطبع فيما
أعلم.
- وقال ابن طهمان عن يحيى بن معين قال: (تفسير ابن عيينة إنما أخذه عن مقاتل وكتاب ابن جريج أخذه من حرب؛ فأخذ التفسير منهما).
- وقال نعيم بن حمّاد: رأيت عند ابن عيينة كتابا لمقاتل؛ فقلت: يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير؟
قال: (لا، ولكن أستدلّ به وأستعين).رواه الخطيب البغدادي في تاريخه وابن عساكر.
- وقال عبد الله بن وهب: (لا أعلم أحداً أعلم بتفسير القرآن من سفيان بن عيينة). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
48: شبيب بن عبد الملك البصري(ت: قبل 200هـ)
اختلف في ضبط نسبه؛ فقيل: (التيمي) وقيل: (التميمي).
روى كتاب التفسير عن مقاتل بن حيان، وروى عن خارجة بن مصعب الخراساني، روى عنه معتمر بن سليمان.
- قال أبو حاتم الرازي: (هو شيخ بصري وقع إلى خراسان فسمع التفسير من مقاتل بن حيان، ليس به بأس، صالح الحديث لا أعلم روى عنه أحد غير معتمر).
- وقال أبو زرعة الرازي: صدوق
- قال معتمر بن سليمان: حدثنا شبيب بن عبد الملك عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى: {أقم الصلواة طرفي النهار وزلفا من الليل} قال: (هي مواقيت الصلوات الخمس). رواه ابن حبان في الثقات.
- قال ابن حجر في التقريب: (مات قديما قبل المئتين).
49: يحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت:200هـ)
مولى
بني تميم، من قراء البصرة ومفسّريهم، ولد سنة 124هـ، ونشأ بالبصرة، وأخذ
عن علمائها، وأدرك جماعة من التابعين، ثم انتقل إلى أفريقية، ولذلك ربما
قيل: الإفريقي، وربما قيل: المغربي، وربما قيل: البصري.
روى
عن: سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وأبي الأشهب
العطاردي، وفطر بن خليفة، وشعبة، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، ومالك بن
أنس، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وابن لهيعة، وغيرهم.
روى عنه: ابنه محمد، وعبد الله بن وهب، ومحمد بن عبد الله بن الحكم، وبحر بن نصر الخولاني، وأحمد بن موسى العطار، وغيرهم.
- قال أبو عمرو الداني: (روى
الحروف عن أصحاب الحسن وغيره، وله اختيار في القراءة من طريق الآثار، سكن
إفريقية دهرا، وسمعوا منه كتابه في " تفسير القرآن "، وليس لأحد من
المتقدمين مثله، وكتابه " الجامع ". وكان ثقة ثبتا عالما بالكتاب والسنة،
وله معرفة باللغة والعربية، ولد سنة أربع وعشرين ومائة). ذكره أبو عبد الله الذهبي في تاريخ الإسلام.
- ذكره ابن عدي في الضعفاء وقال: (وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه).
- وضعّفه الدارقطني.
- قال أبو زرعة الرازي: (لا بأس به، ربما وهم).
- وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: (ربما أخطأ).
- وقال الذهبي: (نزل إفريقية ونشر بها العلم).
له كتاب في التفسير طبع بعضه،
وقد
جمع فيه بين التفسير اللغوي والتفسير بالآثار مما بلغه من تفاسير الصحابة
والتابعين، وقد اختصره هود بن محكّم الهواري، وابن أبي زمنين؛ فما اتفقا
عليه فالظن أنه هو عبارة يحيى بن سلام.
وله كتاب "التصاريف مما شتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه".
50: محمد بن إدريس الشافعي (ت:204هـ)
الإمام الجليل، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع وإليه نسبة الشافعي وهو من بني المطلب بن عبد مناف؛ فهو قرشي مُطَّلِبي.
- قال تلميذه الربيع بن سليمان المرادي: (ولد
الشافعي يوم مات أبو حنيفة رحمهما الله تعالى)، وكان ذلك سنة 150 هـ، وطلب
العلم وهو صبي، روى عنه تلميذه المزني أنه قال: (حفظت القرآن وأنا ابن سبع
سنين، وحفظت " الموطأ " وأنا ابن عشر)، وكان يقول: جعلت لذتي في العلم.
وكان وافر
العقل، حادّ الذكاء، سريع الحفظ، جليل القدْر، صاحب فراسة وكياسة، وكان
جميل الخِلقة؛ حتى قال المزني: لم أر أحسن وجهاً من الشافعي.
وهو
وإن لم يفرد كتاباً في التفسير؛ إلا أنّ له أثراً كبيراً على العلماء في
تناول مسائل التفسير؛ فأحيا علم الحِجَاج، وقعّد قواعد الاستدلال، وبيّن ما
يمكن أن يسمّى بأدوات المفسّر، وأودع في كتبه - ولا سيما ما في الرسالة-
من ذلك ما لو جُمع وأفرد وبيّن بأمثلته لكان من أنفع ما يدرسه طالب علم
التفسير.
- قال جعفر بن أحمد الساماني: سمعت جعفر ابن أخي أبي ثور يقول: سمعت عمي يقول: (كتب
عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شابٌّ أن يضع له كتاباً فيه معاني
القرآن، ويجمع قبول الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من
القرآن والسنة؛ فوضع كتاب الرسالة).
قال عبد الرحمن بن مهدي: (ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها). رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار والخطيب البغدادي في كتاب "الاحتجاج بالشافعي".
- قال الإمام أحمد: (كان الفقهاء أطباء، والمحدثون صيادلة، فجاء محمد بن إدريس طبيباً صيدلانياً).
فشبهه بالصيدلاني الذي يعرف أنواع الأدوية ودرجاتها، والطبيب الذي يعرف علة المريض وما يصلحه من الدواء.
وقد جمع له البيهقي كتاباً في أحكام القرآن، جمع فيه ما رواه عن الشافعي من مسائل متصلة بأحكام القرآن
توفي رحمه الله سنة 204 هـ، وقد عدّه الإمام أحمد المجددَ الثاني بعد عمر بن عبد العزيز.
51: أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي (ت:204هـ)
بصريّ، من شيوخ الإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه، وابن المديني، وقد وثقه الإمام أحمد
له نسخة في التفسير يرويها عن عباد بن منصور عن الحسن البصري، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم.
52: النضر بن شميل بن خرشة المازني التميمي(ت: 204هـ)
أبو
الحسن، من بني مازن بن عمرو بن تميم، ولد سنة 122ه تقريباً بمرو الرَّوذ،
ثم انتقل به أبوه إلى البصرة وهو ابن خمس أو ستّ سنين؛ فنشأ بها، وأخذ عن
بعض التابعين وتابعي التابعين، وبرز في علوم العربية، وسمع من بعض الأعراب.
روى
عن: حميد الطويل، وعبد الله بن عون، وهشام بن عروة، وهشام بن حسان،
وإسماعيل بن أبي خالد، وإسرائيل بن يونس، وعوف الأعرابي، والخليل بن أحمد،
وسعيد بن أبي عروبة، وسليمان بن المغيرة، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج، وعبد
الرحمن المسعودي، وغيرهم.
وروى
عنه: إسحاق بن راهويه، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد بن رافع،
ومحمود بن غيلان، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي، وعلي بن المديني، ويحيى بن
معين، ونصر بن زياد النيسابوري، وغيرهم.
- قال ابن حبان:
(مولده بمرو الرَّوذ، خرج به أبوه زمن الفتنة هارباً من مرو الرَّوذ إلى
البصرة سنة ثمان وعشرين ومائة وهو ابن ست سنين؛ فكتب بالبصرة عن ابن عون
وعوف الأعرابي والبصريين، ثم رجع إلى مرو الرَّوذ وسكنها، روى عنه إسحاق بن
إبراهيم الحنظلي وأهل خراسان، مات بمرو وبها قبره سنة أربع ومائتين، وكان
من فصحاء الناس وعلمائهم بالأدب وآداب الناس).
- وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت النضر بن شميل يقول: (خرج بي أبي من مرو الرَّوذ إلى البصرة سنة ثمان وعشرين، ومئة، وأنا ابن خمس أو ست سنين، هرب من مرو الروذ حين كانت الفتنة).
قال: (وسمعت النضر قبل موته بقليل يقول: (أنا ابن ثمانين، وكان مرضه نحواً من ستة أشهر، ومات في أول سنة أربع ومئتين). ذكرهما أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال، والظنّ أنهما من كتاب "تاريخ نيسابور" لأبي عبد الله الحاكم، وهو مفقود.
- وقال محمد بن يزيد المبرّد: (كان سيبويه وحماد بن سلمة أكثر في النحو من النضر بن شميل والأخفش، وكان النضر أعلم الأربعة باللغة والحديث). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال محمد بن خاقان: سُئل عبد الله بن المبارك عن النضر بن شميل؟
فقال: (درّة بين مروين ضائعة، كورة مرو ومرو روذ). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال العباس بن مصعب المروزي: (كان
النضر بن شميل إماماً في العربية والحديث، وهو أوّل من أظهر السنة بمرو
وجميع خراسان، وكان أروى الناس عن شعبة، وأخرج كتباً كثيرة لم يسبقه إليها
أحد، وكان ولي قضاء مرو). ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- وقال العباس بن مصعب:
سئل النضر بن شميل عن الكتاب الذي ينسب إلى الخليل بن أحمد، ويقال له
كتاب" العين"، فأنكره، فقيل له: لعله ألفه بعدك؟
فقال: (أوَخرجت من البصرة حتى دفنت الخليل بن أحمد؟!). ذكره أبو عبد الله الحاكم في كتابه "تاريخ نيسابور" كما في معجم الأدباء لياقوت الحموي.
- وقال داود بن مخراق: سمعت النضر بن شميل، يقول: (من أراد أن يشرف في الدنيا والآخرة فليتعلم العلم)
قال وسمعته يقول: (لا يجد الرجل لذة العلم حتى يجوع فينسى جوعه). رواهما أبو عبد الله ابن منده في أماليه.
- وقال ابن سعد: (وكان
ثقة إن شاء الله، صاحب حديث ورواية للشعر ومعرفة بالنحو وبأيام الناس،
وتوفي بخراسان سنة ثلاث ومائتين في خلافة المأمون، وذلك قبل خروج المأمون
من خراسان).
وثّقه علي بن المديني، ويحيى بن معين، والنسائي.
وقال أبو حاتم الرازي: (ثقة، صاحب سنة).
- قال أبو عبد الله الحاكم: (أوّل من صنّف الغريب في الإسلام النضر بن شميل، له فيه كتاب هو عندنا بلا سماع، ثم صنف فيه أبو عبيد القاسم بن سلام كتابه الكبير).
قلت: يقصد غريب الحديث.
وللنضر بن شميل مشاركات حسنة في القراءات والحديث، وكتب كتباً كثيرة أكثرها مفقود، وقد طبع منها رسالته في الحروف العربية.
ومما
ذكر من كتبه ولم أقف عليه مطبوعاً: كتاب غريب الحديث، وكتاب الصفات،
والمعاني، والسلاح، والأنواء، وخلق الفرس، ولعل بعضها أجزاء من كتابه في
الصفات فإنه كبير مصنّف على أسماء الأشياء..
وذكر له ابن النديم كتاباً في معاني القرآن.
- قال الحسن بن محمد بن مصعب: سمعت محمد بن عبد الله بن قهزاد يقول: (مات النضر بن شميل سنة ثلاث ومائتين في آخر يوم من ذي الحجة، ودفن أوّل يوم من المحرم). رواه ابن حبان في الثقات.
53: روح بن عبادة بن العلاء القيسي (ت:205هـ)
من
بني قيس بن ثعلبة، بطن من بكر بن وائل، وكان من أعيان أهل البصرة
ووجهائها، ممن يتحمّل الحمالات ويقوم في المهمات، وكان من أوعية العلم
الكبار، اجتمع له من الشيوخ ما لا نعرف أنه اجتمع لغيره من أقرانه، وكتب
حديثاً كثيراً جداً، حتى أنكر عليه بعض أقرانه وشيوخه كثرة حديثه؛ فلما
امتُحنَ وحُقّق في الأمر تبيّن صدقُه.
وكان
ربما أخطأ في بعض حديثه، وقد تكلّم فيه عبد الرحمن بن مهدي ثمّ استحلّه
لمّا تبيّن له صدقه، وضعّفه النسائي، وأثنى عليه شعبة بن الحجاج ويحيى بن
سعيد القطان في لزوم مجالس الحديث وكثرة كتابته، ووثقه أحمد وعلي بن
المديني ويحيى بن معين وغيرهم.
روى
عن: عبد الله بن عون، وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي،
وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وابن جريج،
والأوزاعي، وابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد،
وسفيان بن عيينة، وغيرهم
وروى
عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني،
ويعقوب بن شيبة، وأبو خيثمة زهير بن حرب، والحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم
بن سعيد الجوهري، والحسن بن علي الحلواني، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي،
ومحمد بن معمر البحراني، وغيرهم.
- قال أبو زيد سعيد بن الربيع الهروي: كنا عند شعبة، فقال له رجل: يا أبا بسطام ألا تحدثني؟
قال: (لو لزمتني كما لزمني هذا الفتى القيسي، وأشار إلى روح بن عبادة، لسمعت كما سمع). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال محمد بن يونس: سمعت علي ابن المديني، يقول: (نظرت لروح بن عبادة في أكثر من مائة ألف حديث، كتبت منها عشرة آلاف). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال علي ابن المديني: قلت لأبي عاصم النبيل: رأيتَ روح بن عبادة عند ابن جريج؟
فقال: (أنا رأيت روح بن عبادة عند ابن جريج، ابن جريج صيّر لروح بن عبادة كلَّ يوم شيئاً من الحديث يخصّه به). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال عبد الله بن الإمام
أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال: قلت لروح بن عبادة: متى سمعت التفسير
من سعيد؟ قبل الهزيمة؟ قال: (إي والله).
قلت: سعيد هو ابن أبي عروبة راوي تفسير قتادة، وكان قد
اختلط بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن في زمن أبي جعفر المنصور؛
فلذلك كان سماع من سمع منه قبل الهزيمة صحيحاً، ومن سمع منه بعد الهزيمة
فحديثه عنه ضعيف.
- وقال الخطيب البغدادي: (كان
من أهل البصرة فقدم بغداد، وحدث بها مدة طويلة، ثم انصرف إلى البصرة فمات
بها، وكان كثير الحديث، وصنف الكتب في السنن والأحكام، وجمع التفسير).
- وقال أبو الحسن الدارقطني الحافظ: «
أوَّل من صنَّف من البصريين سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة، وصنّف ابن
جريج ومالك بن أنس، وكان ابن أبي ذئب صنّف موطأً فلم يخرج، والأوزاعي
والثوري وابن عيينة، ولم يرو عن جميعهم إلا روح بن عبادة».
- وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني في المؤتلف والمختلف في ترجمة محمد بن معمر القيسي: (كان بالبصرة، هو الذي يروي التفسير عن روح بن عبادة).
ومحمد بن معمر ثقة من رجال الصحيحين.
54: شبابة بن سوار الفزاري المدائني (ت: 205هـ)
مولى بني فزارة، وكان أصله من خراسان، ثم نزل المدائن.
روى عن: حريز بن عثمان، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وابن أبي ذئب، وشعبة، وورقاء، والليث بن سعد، وغيرهم.
وروى عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة، وعلي بن المديني، وغيرهم.
ومروياته في التفسير كثيرة جداً، وأكثرها مما رواه من تفسير ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وقد روى عنه تفسير ورقاء: الحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن رافع النيسابوري، وحجاج بن حمزة الخشابي، ومحمد بن عبد الله المخرمي، وغيرهم.
وشبابة ثقة صدوق، لكنه اتُّهم بالإرجاء، ثم قيل: إنه رجع عنه.
- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال: سمعت أبي يقول: (كان شعبة يتفقد أصحاب الحديث؛ فقال يوماً: ما فعل ذاك الغلام الجميل؟ يعني: شبابة). رواه الخطيب البغدادي.
- قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: قلت ليحيى بن معين: تفسير ورقاء عمن حملته؟
قال: (كتبته عن شبابة، وعن علي بن حفص، وكان شبابة أجرأ عليها، وجميعاً ثقتان). رواه الخطيب البغدادي.
وثقه يحيى بن معين، وتكلّم فيه أحمد بن حنبل لأجل قوله بالإرجاء.
- وقال أبو حاتم الرازي: (صدوق، يكتب حديثه، ولا يحتج به).
قال سعيد بن عمرو: قيل لأبي زرعة - وأنا شاهد-: كان أبو معاوية يرى الإرجاء؟
قال: نعم، ويدعو إليه، قيل: فشبابة أيضًا؟
قال: (نعم، ورجع عنه وقال: الإيمان قول وعمل). ذكره أبو عبد الله الذهبي في تذهيب الكمال.
- قال ابن قتيبة في "المعارف":
(هو مولى لفزارة، ويكنى أبا عمرو، وكان مرجئاً، وهو من أهل بغداد، من
أبناء خراسان؛ فتحوّل إلى "المدائن"؛ فنزل بها، واعتزل، ثم خرج إلى مكة؛
فأقام بها حتى مات.
وكان شديداً على "الرافضة" كثير اللهج بذكرهم).
55: حجاج بن محمد المصيصي الأعور(ت:206هـ)
من أوعية العلم الكبار، أصله من ترمذ، وسكن بغداد، ثم
انتقل إلى المصيصة ونسب إليها، ثمّ رجع إلى بغداد في آخر حياته، والمَصيصة،
بفتح الميم وتشديد الصاد الأولى مكسورة، وكانت في أقصى شمال الشام، قريب
من أضنة حالياً، كانت تعدّ من الثغور، وقد رابط بها جماعة من الصالحين، ثمّ
اندثرت.
وحجاج بن محمد ثقة ثبت، من تابعي التابعين، رأى يحيى بن
سعيد الأنصاري، وحريز بن عثمان، ويونس بن أبي إسحاق، وهم من التابعين، وروى
عن جماعة من كبار أتباع التابعين، وهو أثبت الرواة في ابن جريج، كتب عنه
التفسير وغيره، وله روايات كثيرة جداً في كتب التفسير المسندة، ويروي أيضاً
عن غير ابن جريج؛ كشعبة وحمزة الزيات وأبي جعفر الرازي.
وروى عنه: الحسين بن داوود المصيصي المعروف بسنيد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وغيرهم.
- قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: (ما كان أضبطه وأصحَّ حديثه!! وأشد تعاهده للحروف!!).
قال أبو بكر: ورفع أمره جداً، فقلت له: كان صاحب عربية؟
قال: (نعم).
- وقال أبو مسلم المستملي: خرج حجاج الأعور من بغداد إلى
الثغر في سنة تسعين ومائة، وسألته في درب الحجارة وهو في السفينة، فقلت:
يا أبا محمد هذا التفسير سمعته من ابن جريج؟ فرأيت عينه قد انقلبت، فقال:
سمعت التفسير من ابن جريج، وهذه الأحاديث الطوال، وكلَّ شيء قلت: (حدثنا ابن جريج؛ فقد سمعته). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو بكر الأثرم: قال أبو عبد الله: (الكتب كلها قرأها على ابن جريج إلا كتاب"التفسير"، فإنه سمعه إملاء من ابن جريج، ولم يكن مع ابن جريج كتاب التفسير فأملى عليه).
- وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: (سمع حجاج الأعور التفسير من ابن جريج بالهاشمية، وهي التي دون الكوفة، سماعاً، سمع التفسيرين جميعاً).
وكان حجاج كثير الحديث جداً، قال أبو داوود: وقال أبوداود: (خرج أحمد ويحيى إلى الحجاج الأعور، وبلغني أن يحيى كتب عنه نحواً من خمسين ألف حديث).
56: يزيد بن هارون بن زاذي السلمي(ت:206هـ)
مولى بني سليم، وشيخ الإسلام في زمانه، ولد سنة 118هـ، وأخذ العلم عن جماعة من الأئمة منهم: عاصم الأحول، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسليمان التيمي، وداوود بن أبي هند، وابن عون، وشعبة، وغيرهم.
وروى عنه: احمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، وابن راهويه، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وغيرهم.
- قال علي ابن المديني: (ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون).
- وقال أحمد بن سنان القطان: (ما رأينا عالما قط أحسن صلاة من يزيد بن هارون. لم يكن يفتر من صلاة الليل والنهار).
- وقال ابن عرعرة: حدثني ابن أكثم، قال: قال لنا المأمون: (لولا مكان يزيد بن هارون لأظهرت القرآن مخلوق).
فقال بعض جلسائه: يا أمير المؤمنين ومن يزيد حتى يكون يتقى؟
قال: فقال ويحك، إني لا أتقيه لأن له سلطانا أو سلطنة، ولكن أخاف إن أظهرته فيرد علي، فيختلف الناس وتكون فتنة، وأنا أكره الفتنة.
قال: فقال له الرجل: فأنا أخبر لك ذلك منه.
قال: فقال له: نعم، فخرج إلى واسط فجاء إلى يزيد فدخل
عليه المسجد، وجلس إليه، فقال له: يا أبا خالد إن أمير المؤمنين يقرئك
السلام، ويقول لك: إني أريد أن أظهر القرآن مخلوق.
قال: فقال كذبت على أمير المؤمنين، أمير المؤمنين لا
يحمل الناس على ما لا يعرفونه، فإن كنت صادقا فاقعد إلى المجلس، فإذا اجتمع
الناس فقل.
قال: فلما أن كان من الغد اجتمع الناس فقام، فقال: يا
أبا خالد، رضي الله عنك، إن أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول لك: إني
أردت أن أظهر القرآن مخلوق فما عندك في ذلك؟
قال: "كذبت على أمير المؤمنين، أمير المؤمنين لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه، وما لم يقل به أحد".
قال: فقدم، فقال: (يا أمير المؤمنين كنتَ أنت أعلم.
قال: كان من القصة كيت وكيت، قال: فقال له: ويحك يلعب بك). رواه الخطيب البغدادي.
أراد أن يزيد أراد أن يشهد الناس عامة على إنكار هذا القول حتى يشتهر فيهم إنكاره.
له روايات كثيرة في كتب التفسير المسندة، وكان قد حصّل نسخاً في التفسير منها:
- نسخة أصبغ بن زيد الجهني، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير.
- ونسخة سفيان بن حسين الواسطي، عن أبي بشر اليشكري عن سعيد بن جبير.
- وتفسير ورقاء عن ابن أبي نجيح.
- ونسخة جويبر عن الضحاك.
وغيرها.
57: أبو عبيدة معمر بن المثنىّ التيمي البصري(ت:209هـ تقريباً)
مولى بني تيم بن مرة، وكان عالماً بالعربية وأخبار العرب.
روى عن: هشام بن عروة، وأبي عمرو بن العلاء، ورؤبة بن العجاج، وغيرهم.
وروى عنه: علي بن المديني، وأبو حاتم السجستاني، وعمر بن شبة، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عثمان المازني، وغيرهم.
له
كتب كثيرة، طبع منها: مجاز القرآن، وتسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
وأولاده، والديباج، وأيام العرب، والخيل، وشرح نقائض جرير والفرزدق.
اختلف في سنة وفاته؛ فقيل: 208، وقيل: 209، وقيل: 210هـ، وقيل غير ذلك.
وكتابه "مجاز القرآن" هو في معاني القرآن.
58: عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميريّ الصنعاني (ت: 211هـ)
محدّث اليمن، الإمام المسند الكبير، ولد سنة 126هـ، روى
عن: عبيد الله بن عمر، وعكرمة بن عمار، وهما من التابعين، وعن معمر بن
راشد، وعبد الله بن طاووس بن كيسان، وابن جريج، والأوزاعي، وسفيان الثوري،
ومالك بن أنس، وهشيم بن بشير، وسفيان بن عيينة، وغيرهم كثير.
وروى عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن
راهويه، وعلي بن المديني، وأحمد بن صالح المصري، ومحمد بن يحيى الذهلي،
وعبد بن حميد، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني،
وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وغيرهم كثير.
- قال محمد بن أبان البلخي: حدثنا عبد الرزاق قال: (جالسنا معمراً تمام سبع سنين أو ثمان). رواه ابن أبي حاتم.
-
قال أبو زرعة الدمشقي: حدثني محمود بن سُميع أنه سمع أحمد بن صالح
[المصري]: يقول: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحسن حديثاً منه – يعني عبد
الرزاق- ؟
قال: (لا). رواه ابن عساكر.
وكان
عبد الرزاق إماماً من الأئمة الأعلام، لكن بدرت منه كلمة في شأن عمر بن
الخطاب، وأخرى في شأن معاوية، أنكرهما عليه أهل العلم، واستشنعوها منه،
واتّهمه بعضهم بالتشيّع، وقد صحّ عنه أنه لم يكن يفضّل عليّاً على أبي بكر
وعمر، لكن كان يتوقف في تفضيل عثمان على عليّ.
وأما
في الصدق فصدوق، وما كان يحدّث به من كتابه فهو أجود مما يحدّث به من
حفظه، وقد ذهب بصره بعد المائتين، فكان يُلقّن، ووقع في بعض حديثه بعد ذلك
ما يستنكر.
- قال ابن عدي: (لعبد
الرزاق بن همام أصناف وحديث كثير وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم
وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأساً إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى
أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات؛ فهذا أعظم ما رموه
به من روايته لهذه الأحاديث، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في
كتابي هذا، وأما في باب الصدق؛ فأرجو أنه لا بأس به إلا أنه قد سبق منه
أحاديث في فضائل أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير).
- وقال أبو عبد الله الذهبي:
(عبد الرزاق راوية الإسلام، وهو صدوق في نفسه، وحديثه محتج به في الصحاح،
ولكن ما هو ممن إذا تفرد بشيء عدّ صحيحاً غريباً، بل إذا تفرّد بشيء عدّ
منكراً.
وكان من مذهبه أن يقول: أخبرنا، ولا يقول: حدثنا، وهي عادة جماعة من أقرانه، وممن قبله كحماد بن سلمة، وهشيم)
لعبد الرزاق كتبٌ طبع منها: المصنف، والأمالي في آثار الصحابة، والتفسير، وهو من التفاسير المسندة القيّمة.
59: محمد بن يوسف بن واقد الفِرْيابي(ت:212هـ)
الإمام المحدّث، من لِداتِ عبد الرزاق، وُلد
سنة 126هـ، ونشأ بالكوفة، وأدرك الأعمشَ، فروى عنه، وعن سفيان الثوري وهو
من طبقة صغار أصحابه، وأكثر من الرواية عنه، وروى عن الأوزاعي وسفيان بن
عيينة، وأبي بكر بن عياش، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وجرير بن حازم،
وغيرهم.
وروى عنه أحمد والبخاري، وأثنيا عليه، وروى عنه خلق غيرهما.
كتب
عنه الإمام أحمد بمكّة، ثم أراد الرحلة إليه، وكان قد انتقل إلى قيسارية
بالشام؛ فبلغه نعيُه وهو في الطريق، وأدرك البخاريُّ الرحلة إليه.
- قال البخاري: (استقبلنا أحمد بن حنبل، وهو يريد حِمصَ، ونحن خارجون من حمص، وَفَاتَه محمدُ بن يوسف).
وكان عابداً ورعاً صدوقاً في الحديث، لكنّه لم يكن مقدّماً في أصحاب سفيان لصغر سنّه؛ فإذا خالفه كبار أصحاب سفيان فالقول قولهم
له كتاب في التفسير مفقود.
60: أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ)
وهو سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد ثابت بن زيد بن قيس الخزرجي الأنصاري، وأبو زيد جدّ جدّه كان من الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان سعيد قارئاً للقرآن، ثقة ثبتاً في الحديث، عالماً بالعربية.
ولد بعد سنة 120هـ، وقرأ على أبي عمرو بن العلاء، والمفضل الضبي، وأبي السمال العدوي، وغيرهم.
روى
عن: ابن عون، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي، وأبي عمر بن العلاء،
وإسماعيل بن مسلم العبدي، وسعيد بن أبي عروبة، وإسرائيل، وشعبة، ورؤبة بن
العجاج، وغيرهم.
وروى
عنه: عبد الملك الأصمعي، وخلف الأحمر، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ويحيى بن
المبارك اليزيدي، وأبو حاتم السجستاني، وأبو عثمان المازني، وابن سعد،
وعمر بن شبة، وصالح الجرمي، وأبو حاتم الرازي، وخلف البزار وقرأ عليه
القرآن، وغيرهم.
- قال أبو منصور الأزهري: (سمع
من أبي عمرو بن العلاء القراءات وجمعها، ورواها عنه أبو حاتم [السجزي]
وغيره، وهو كثير الرواية عن الأعراب، وقرأ دواوين الشعراء على المفضل بن
محمد الضبي، وجالس أبا الدقيش الأعرابي، ويونس النحوي، وأبا خيرة العدوي).
-
وقال محمد بن يونس الكديمي: حدثنا روح بن عبادة قال: كنا عند شعبة فضجر من
الحديث، فرمى بطرفه فرأى أبا زيد سعيد بن أوس في أخريات الناس، فقال يا
أبا زيد:
استعجمت دار مي ما تكلمنا ... والدار لو كلمتنا ذات أخبار
- وثقه صالح جزرة.
- وقال ابن أبي حاتم الرازي: (سمعت أبي يجمل القول فيه ويرفع شأنه ويقول: هو صدوق).
- وقال ابن حبان:
(يروي عن ابن عون ما ليس من حديثه، روى عنه البصريون، لا يجوز الاحتجاج
بما انفرد به من الأخبار ولا الاعتبار إلا بما وافق الثقات في الآثار).
- وقال أبو العيناء محمد بن القاسم: سمعت أبا زيد سعيد بن أوس يقول: (خذوا العلم عن أفواه الرجال، فإن الرجل يكتب أحسن ما يسمع، ويختار أحسن ما يكتب، ويحفظ أحسن ما يختار، ويروي أحسن ما يحفظ).
- وقال أبو منصور الأزهري:
(الغالب عليه النوادر والغريب؛ وله فضل معرفة بمقاييس النحو، وعلم القرآن
وإعرابه، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام ووثقه، وروى عنه أبو حاتم
السجزي، وقدّمه، واعتدّ بروايته عنه، وروى عنه أبو عبد الرحمن عبد الله بن
محمد بن هانيء النيسابوري النوادر والشعر، وربما جمع بينه وبين أبي مالك
عمرو بن كركرة فيما يروى عنهما من الأمثال والغريب والألفاظ.
ولأبي زيد من الكتب المؤلفة كتاب "النوادر
الكبير"، وهو كتاب جامع للغرائب الكثيرة، والألفاظ النادرة، والأمثال
السائرة، والفوائد الجمة، وله كتاب في النحو كبير، وله كتاب في الهمز،
وكتاب في معاني القرآن، وكتاب في الصفات).
قلت: طبع من كتبه: كتاب النوادر، والهمز، والمطر، والشجر والكلأ، واللبأ واللبن.
وطبع المختار من كتاب الأمثال له.
وذُكر من كتبه كتاب قراءة أبي عمرو، وكتاب "لغات القرآن" ولعله هو كتابه في معاني القرآن الذي ذكره أبو منصور الأزهري.
61: آدم بن أبي إياس العسقلاني (ت:220هـ)
اختلف في اسم أبيه؛ فقال البخاري: عبد الرحمن، وقال الخطيب البغدادي: اسم أبي إياس ناهية.
روى
عن: حريز بن عثمان وهو من التابعين، وابن أبي ذئب، وشعبة بن الحجاج، وحماد
بن سلمة، وشيبان النحوي، وأبي جعفر الرازي، وأبي معشر المدني، والليث بن
سعد، وعبد الله بن المبارك، وورقاء بن عمر اليشكري، وبقية بن الوليد،
وإسرائيل بن يونس، وغيرهم.
وروى
عنه: ابنه عبيد، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبو محمد الدارمي، وأبو عيسى
الترمذي، وأبو حاتم الرازي، ويعقوب بن سفيان، وأبو زرعة الدمشقي، وغيرهم
كثير.
- قال الخطيب البغدادي:
(أصله من خراسان، ومنشؤه بغداد، وبها طلب العلم، وكتب عن شيوخها، ثم رحل
إلى الكوفة والبصرة والحجاز والشام، ولقي الشيوخ وسمع منهم، واستوطن عسقلان
فعرف بالعسقلاني).
- وقال ابن سعد: (آدم
بن أبي إياس، يكنى أبا الحسن، وكان من أبناء أهل خراسان، من أهل مرو
الروذ، طلب الحديث ببغداد، وسمع من شعبة سماعاً كثيراً صحيحاً، ثم انتقل
فنزل عسقلان، فلم يزل هناك حتى مات بها في خلافة أبي إسحاق بن هارون في
جمادى الآخرة سنة عشرين ومائتين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة).
- وقال أبو داوود السجستاني: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: (زعموا أن آدم كان مكيناً عند شعبة).
وقد طبع تفسيره باسم تفسير مجاهد بن جبر باعتبار أنّ أكثر مروياته عن مجاهد، وفيه مرويات عن غيره كالحسن البصري والزهري.
وهو من رواية عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني (ت:356 هـ) - وهو مضعَّف- عن الحافظ إبراهيم بن الحسين ابن ديزيل (ت: 281 هـ) وجادة.
- قال الذهبي في السير في ترجمة عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني:
(قال صالح بن أحمد الحافظ: ضعيف، ادعى الرواية عن ابن ديزيل، فذهب علمه،
وكتبت عنه أيام السلامة أحاديث، ولم يدّع عن إبراهيم، ثم ادعى، وروى أحاديث
معروفة، كان إبراهيم يسأل عنها ويستغرب، فجوزنا أن أباه سمعه تلك، فأنكر
عليه ابن عمه أبو جعفر، والقاسم بن أبي صالح، فسكت حتى ماتوا، ثم ادعى
المصنفات والتفاسير مما بلغنا أن إبراهيم قرأه قبل سنة سبعين، وهو فقال لي:
إن مولده سنة سبعين.
وسمعت القاسم يكذبه، هذا مع دخوله في أعمال الظلمة)ا.هـ
62: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت: 220هـ)
مولده سنة 128هـ تقريباً، وروى عن عكرمة بن عمار
اليمامي، وشبل بن عباد المكي، وهما من التابعين، وروى عن سفيان الثوري،
وإبراهيم بن طهمان، وبهلول بن عمرو الكوفي، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، وأحمد بن يونس، وأبو خيثمة زهير بن
حرب، وعبد بن حميد، ويعقوب بن شيبة، ويعقوب بن سفيان، وأبو حاتم الرازي،
وغيرهم.
وهو راوي تفسير سفيان الثوري، وله مرويات في كتب التفسير المسندة عن شبل بن عباد وغيره.
وهو رجل صدوق، معروف بملازمة سفيان الثوري، لكنّه لم يكن
من حذّاق أهل الحديث، روى عن سفيان الثوري فأكثر وصحّف ووهم؛ فدخل في
رواياته عنه خطأ كثير عن غير تعمّد.
- قال الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (كأنَّ سفيان الذي يحدّث عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي هو يحدّث عنه الناس). رواه العقيلي.
- وقال المرّوذي في سؤالاته: قال أبو عبد الله [أحمد بن حنبل]: (كان أبو حذيفة الذي بالبصرة من أكثر الناس خطأ).
- وقال ابن أبي حاتم: سألت أبى عن أبى حذيفة؛ فقال: (صدوق،
معروف بالثوري، كان الثوري نزل بالبصرة على رجل، وكان أبو حذيفة معهم،
فكان سفيان يوجّه أبا حذيفة في حوائجه، ولكن كان يصحّف، وروى أبو حذيفة عن
سفيان بضعة عشر ألف حديث، وفى بعضها شيء).
- وقال الدارقطني: (كثير الوهم).
وقد أخرج له البخاري في صحيحه أحاديث انتقاها، ووثقه ابن سعد والعجلي.
- قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أبو حذيفة أليس هو من أهل الصدق؟
قال: (نعم، أما من أهل الصدق؛ فنعم).
- قال الذهبي: (قال ابن حبان: قيل: إن الثوري تزوج أمه لما أتى البصرة).
63: أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي(ت:245هـ)
القاضي الفقيه، والحافظ المحدث، والمفسّر والمؤرّخ، المعروف بدُحيم، مولى آل عثمان بن عفان.
ولد سنة 170هـ، وسمع معروف بن عبد الله الخياط وهو من
آخر التابعين موتاً بالشام، وتفقّه على أصحاب الأوزاعي، وولي القضاء
بالأردن وفلسطين، ثم في آخر حياته كتب إليه الخليفة المتوكل يأمره بتولّي
قضاء الديار المصرية؛ لكن وافاه الأجل قبل أن يرتحل، وذلك في السابع عشر من
رمضان سنة 245هـ.
روى عن: وعن الوليد بن مسلم، وسفيان بن عيينة، وضمرة بن
ربيعة الرملي، وأبي مسهر الغساني، وعليّ بن عيّاش الحمصي، ومروان بن معاوية
الفزاري، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعفان بن مسلم، ويحيى بن عبد الله بن
بكير، وسعيد بن منصور، ومحمد بن شعيب بن شابور، وغيرهم.
وروى عنه: أبناؤه عمرو وإبراهيم وأنس، والبخاري، وأبو
محمد الدارمي، وأبو داود السجستاني، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة الرازي، وأبو
حاتم الرازي، ويعقوب بن سفيان، وأبو زرعة الدمشقي، وابن سُميع، وإسحاق بن
أبي حسان الأنماطي، وغيرهم كثير.
- قال أبو بكر المروذي: وسمعته، يعني أحمد بن حنبل، يثني على دحيم ويقول: (هو عاقل ركين).
- وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: (دُحيم حجة، لم يكن بدمشق في زمنه مثله).
- وقال أبو عبد الله الذهبي: (كان من الأئمة الأثبات، ولي قضاء الأردن وقضاء فلسطين).
- وقال أيضاً: (عُني بهذا الشأن، وفاق الأقران، وجمع، وصنف، وجرح وعدل، وصحح وعلّل).
له كتاب: طبقات الشاميين مفقود، وله كتاب في التفسير ذكره الكتاني في ذيل تاريخ مولد العلماء ووفياتهم، وعنه ابن عساكر في تاريخه.