الدروس
course cover
الدرس الحادي عشر: إحسان الصياغة العلمية
13 Jul 2024
13 Jul 2024

79

3

2

course cover
المهارات الأساسية في التفسير

القسم الثالث

الدرس الحادي عشر: إحسان الصياغة العلمية
13 Jul 2024
13 Jul 2024

13 Jul 2024

79

3

2


0

0

0

0

2

الدرس الحادي عشر: إحسان الصياغة العلمية

 

من المهارات المهمّة التي ينبغي لطالب العلم التمرّن عليها حتى يحسنها: الصياغة العلمية الصحيحة لما يكتب ويلخّص؛ فلها أثر كبير على طالب العلم في مسيرته العلمية، ومن رُزق ملكة حسنة في الصياغة تمكّن من الإبانة عما يريد، وإفهام ما يقصد، وكان لكتابته أثر عليه وعلى من يقرأ له.

وكم من إنسان حصّل علماً كثيراً لم يحسن الإبانة عنه فضاع علمه ولم ينقل عنه.

 

ومن أراد أن تكون صياغته صياغة علمية حسنة فعليه أن يعتاد القراءة للمحققين من أهل العلم ممن عرفوا بالتحقيق في العلم والفصاحة وحسن البيان، وأن يقرأها قراءة ينطق بها لسانُه، وتسمعها أذنه حتى يألفها ويحسن محاكاتها.

 

وللصياغة العلمية الصحيحة والحسنة أمور تعرف بها، ومنها:

 

الأمر الأول: سلامة النصّ من الأخطاء العلمية القادحة

ومن تلك الأخطاء:

1: الخطأ في نقل قول أو اختصاره أو حكايته.

2: الخطأ في نسبة الأقوال.

3: الخطأ في استخلاص المسائل والعبارة عنها.

4: الخطأ في تصنيف الأقوال؛ كأن يجمع قولين متباينين في قول واحد، أو يفرّق بين قولين متماثلين.

5: الخطأ في الاحتجاج للأقوال.

6: الكلام المرسل الذي لا يقوم على حجّة صحيحة، وليس له وجه استدلال صحيح، وأقبحه أن يعبّر بقولٍ يُفهم منه نقل الإجماع في مسألة لم يطلع على الأقوال فيها ولم يدرسها، أو نسبة قول إلى جمهور العلماء أو بعضهم قبل التحقق والتثبت.

7: الطعن في بعض أقوال السلف وأئمة اللغة دون بيان وجه الطعن وأثره، وقد يُتسمّح في الطعن في أقوال أهل الأهواء التي يُعرف بعدها وبطلانها بداهة من السياق.  

 

الأمر الثاني: سلامة النص من الأخطاء الإملائية

ولذلك فإنّ من المهمّ جداً أن يُعنى الطالب بضبط قواعد الإملاء، وقد يُتسمّح في الأخطاء اليسيرة، وما تختلف فيه مذاهب أهل الإملاء كنقط الياء المتطرّفة وترك نقطها، وجعل التنوين على الألف التي في آخر الكلمة المنوّنة أو على الحرف الذي قبلها، وكتابة "مائة" أو "مئة"، وكتابة "يقرأون، أو يقرءون، أو يقرؤون".

ولكن يستحسن إذا اختار مذهباً من مذاهب الإملاء أن تكون كتابته متسقة عليه.

 

الأمر الثالث: سلامة النصّ من السقط ومن الأخطاء الكتابية

ولذلك ينبغي أن يراجع طالب العلم ما يكتبه في أصوله، ويصوّب ما يلحظه من أخطاء؛ حتى لا يغترّ بها فيما بعد أو تسبب له أو لغيره إشكالاً.

فقد يقع في الكتابة تصحيف أو تحريف أو سقط يتبيّن له بأدنى مراجعة إذا راجعه في وقت قريب، وإذا تركه حتى يطول به الأمد، ويبعد العهد عن البحث ربما نسي واستشكل.

 

الأمر الرابع: سلامة النص من الأخطاء الأسلوبية وركاكة العبارات.

فيجتنب التكرار والحشو، والتعقيد اللفظي والمعنوي.

ومما يعين على اجتناب كثير من الأخطاء قراءة كتب منتقاة في التصحيح اللغوي؛ فقد عُني أصحابها بالتنبيه على ما يشيع من الأخطاء في هذا الباب.

 

الأمر الخامس: تحلية النصّ بعلامات الترقيم

وعلامات الترقيم مفيدة جداً في تبيين مفاصل الجُمل، ومعينة على إحسان القراءة، والانطلاق فيها، وفهم المقصود، وإغفالها قد يوقع في إشكالات وتصحيف وتحريف يعود على المعنى بالتشويش والأغلاط.

 

الأمر السادس: استعمال لغة أهل العلم في العبارة عن المسائل العلمية، ومحاكاة أساليبهم.

فللمسائل العلمية مفرداتها وأساليبها المشتهرة عند أهل العلم في العبارة عنها والإفاضة في تفاصيلها، ومحاكاة أساليب أهل العلم أقرب إلى فهم المسائل العلمية والتعبير عنها على مقاصدهم، وتعريف الناشئة والقراء بهذه اللغة العلمية المتينة في تناول مسائل العلم.

ولا يليق بطالب العلم أن يبتذل الكلام العلمي فيكتب المسائل العلمية بأسلوب عامي مبتذل أو صحفي ممجوج ينحرف بالذائقة العلمية  وأقبح منه أن يخلط الكلام العربي بالأعجمي من غير حاجة مقتضية.


الأمر السابع: عرض النص على من يحسن تقويمه

وهذا أمر مهمّ للكاتب ولا سيما في المراحل الأولى وفي المسائل المشكلة؛ فيعرض ما يكتب على عالمٍ يحسن الكتابة أو طالب علم متمكن في ذلك يقوّم ويرشده إلى تصحيح ما أخطأ فيه، وتحسين ما يمكن تحسينه.

وكم من خطأ في عبارة ما يتكرر في كتابات الكاتب حتى يوفّق لمن ينبّهه على خطئه.


فهذه أمور من أخذ بها أرجو أن تتحسّن صياغته العلمية كثيراً حتى تكون الكتابة الفصيحة الحسنة سهلة ميسورة عليه لا يتكلّفها، ولا يطيق الخروج عنها.