31 Jul 2024
الدرس العاشر: تمييز أوجه التفسير
مما تقرّر أن القرآن حمّالٌ ذو وجوه، وأنّ معانيه كثيرة مباركة لا يُحاط بها، بل لا تبلغ التفاسير التي ألفها العلماء مجتمعة أن تحيط بمعاني القرآن، ومما يبيّن ذلك أنّ طالب العلم قد يستخلص المسائلَ في تفسير آيةٍ من تفاسير كثيرة ثم يقف على رسالة مفردة لأحد العلماء في تفسير تلك الآية فيجده يذكر فيها مسائل كثيرة لم يذكرها أولئك المفسرون.
وهذا راجع إلى أسباب من أهمّها سعة المعرفة بأوجه التفسير، والتمكن من أدوات الاستنباط واستخراج المعاني والأحكام والفوائد واللطائف، والذي يعتاد القراءة في الرسائل التفسيرية يتبيّن هذه الحقيقة تبيّنا لا لبس فيه.
فإذا عرفتَ ذلك فإنّ أقوال المفسرين في كلّ مسألة من مسائل التفسير قد تكون على وجهٍ واحد، وقد تكون على أوجه متعددة من معاني القرآن؛ فإذا كان الخلاف متوارداً على وجهٍ واحدٍ فتصنّف الأقوال المختلفة فيه على ما تقدّم بيانه من اختلاف التنوع واختلاف التضادّ.
وإذا كان للآية أكثر من وجه صحيح في المعنى؛ فلا نعارض بين الأوجه الصحيحة وننصب الخلاف بينها، بل نجمع بينها لصحة حمل الآية على أوجه متعددة بشرط صحّتها.
ويشترط لصحة الأوجه التفسيرية ما يشترط لصحة القول في التفسير:
الشرط الأول: أن يكون المعنى المستخرج بذلك الوجه صحيحاً.
والشرط الثاني: صحة الاستدلال على ذلك المعنى بوجه من وجوه الاستدلال الصحيح.
والشرط الثالث: ألا يخالف نصاً محكماً ولا إجماعاً.
والخلاف في أوجه التفسير الصحيحة كالخلاف في القراءات الصحيحة؛ يُجمع بينها ولا يعارض بعضها ببعض؛ فإذا وجدنا - على سبيل المثال - في مسألةٍ ما خمسة أقوال للمفسرين، وكان ثلاثة منها على وجه، واثنين منها على وجه آخر؛ فإننا نحرر القول في كلّ وجهٍ على حدة، وما تحرر وصحّ من الوجهين فإنا نجمع بينهما، ولا نعارض أحدهما بالآخر.
لكن مما ينبغي أن يتفطّن له أنّ استخراج الأوجه التفسيرية مما يدخله الاجتهاد؛ فقد يصيب المجتهد فيه، وقد يخطئ، وإذا جرى بين المفسرين خلاف في وجه من الوجوه فإنّ ذلك لا يقتضي بطلان الأوجه الأخر متى كان لصحّتها حجّة مقبولة.
والاختلاف في أوجه التفسير على أصناف:
قد نجد أقوالاً للمفسرين مختلفة لاختلاف القراءات؛ فيفسّر كلّ مفسّر غالباً على القراءة التي يقرأ بها، وإذا صحّ في الآية أكثر من قراءة؛ فلا يعدّ تفسير كلّ قراءة على معناها خلافاً، ولذلك لا يصحّ أن نعارض معنى قراءة بمعنى قراءة أخرى؛ بل يجب قبولهما جميعاً، لأنّ القرآن بجميع حروفه وحيٌ من الله تعالى، وما كان من عند الله فلا يختلف ولا يتعارض ولا يتناقض.
وإنما الاختلاف إذا تواردت الأقوال على قراءة واحدة، ووجه واحد، أما إذا فسّر أحد المفسّرين الآية على قراءة، وفسرها غيره على قراءة أخرى تختلف في معناها فلا يعدّ ذلك اختلافاً في التفسير؛ ولا يرجّح بين تلك الأقوال بل يُجمع بينها.
تفسير قول الله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصدُّونَ (57) }اختلف في معنى {يصدون}: - فقال ابن عباس ومجاهد « يضجّون ». رواه ابن جرير عنهما بأسانيد عدة. - وقال قتادة: « يجزعون ويضجّون ». رواه ابن جرير. - وقال يحيى بن وثاب: « يعرضون ». رواه سفيان الثوري. |
فقول ابن عباس ومجاهد وقول قتادة على قراءة {يصِدون} بكسر الصاد، وهي قراءة وابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة، من الضجيج يقال: صدَّ يصِدّ صدّاً.
وقريب منه التصدية، وهي من صدّى يُصَدِّي تصدية، إذا صفّق بيديه.
وهما قولان متقاربان؛ وقول قتادة يجزعون هو كالتبيين لنوع الضجيج؛ فهم يضجّون جزعاً واعتراضاً على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول يحيى بن وثاب على قراءة [ يَصُدّون ] بضمّ الصاد، وهي قراءة نافع وابن عامر والكسائي، من الصدود وهو الإعراض، يقال: صدّ يصُدّ صدّاً وصدوداً.
فلا يعارض بين قول يحيى بن وثاب وقول ابن عباس ومجاهد، ولا يُطلب الترجيح بينهما، بل يجمع بينهما لأنهما على وجهين صحيحين نزلت بهما الآية.
تفسير قول الله تعالى: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}- قال ابن عباس ومجاهد وعطاء الخراساني: عينٍ ذات حمأة، أي: طينة سوداء. - وقال معاوية بن أبي سفيان والحسن البصري: حارّة. |
وهذه الآية فيها قراءتان:
الأولى: {حَمِئة} بالهمز، وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو ورواية حفص عن عاصم، وعليها تفسير ابن عباس ومجاهد وعطاء الخراساني.
والثانية: [ حامية ] بالألف والياء من غير همز، وهي قراءة حمزة، والكسائي، وابن عامر، ورواية أبي بكر عن عاصم، وعليها تفسير معاوية والحسن.
فهذا الاختلاف راجع إلى اختلاف أوجه القراءات؛ فيُجمع بين القولين في التفسير ولا يعارض بينهما.
- قال ابن جرير: (والصوابُ من القول في ذلك عندى أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قَرَأَةِ الأمصارِ، ولكلِّ واحدةٍ منهما وجهٌ صحيحٌ ومعنًى مفهومٌ، وكلا وجهَيْه غيرُ مُفْسِدٍ أحدُهما صاحبَه؛ وذلك أنَّه جائزٌ أن تكونَ الشمسُ تغرُبُ في عينٍ حارَّةٍ ذاتِ حَمْأَةٍ وطينٍ، فيكونُ القارى: [ في عَيْنٍ حَامِيَةٍ ] واصفَها بصفَتِها التي هي لها، وهى الحرارةُ؛ ويكونُ القارئُ: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} وَاصِفَها بصفتها التي هي بها، وهى أنها ذاتُ حَمْأَةٍ وطينٍ).
- وقال أبو جعفر الطحاوي: (والاختلاف في هاتين القراءتين في هذا الحرف من أيسر الاختلاف؛ لأنا إذا صححنا ما روي في العين التي تغرب فيها الشمس استحق بذلك الحمأ والحرارة جميعا فكانتا من صفاتها، وكان من قرأ [حامية] وصفها بإحدى صفاتها، ومن قرأ {حمئة} وصفها بصفتها الأخرى، وذلك واسع غير ضيق على أحد ممن روى قراءة من هاتين القراءتين).
تفسير قول الله تعالى: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}ذهب جمهور المفسرين إلى تفسير النَِّعم بما يدلّ على كثرتها وتنوّعها. - فروي عن ابن عباس أنه قال: « الإسلام ». رواه ابن جرير. - وقال مجاهد: « لا إله إلا الله ». رواه ابن جرير. |
وذلك أنّ {نعمه} فيها قراءتان:
الأولى: {نِعَمَه} بالجمع، وهي قراءة نافع، وأبي عمرو، وحفص عن عاصم.
والثانية: [ نِعْمَةً ] بالإفراد، وهي قراءة ابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، ورواية أبي بكر بن عياش عن عاصم.
فعلى قراءة الجمع؛ فالمراد عموم نِعَم الله عزّ وجلّ، لكن اختلف في المراد بالنِعَم الظاهرة، والنعم الباطنة على أقوال.
وعلى قراءة الإفراد يُحمل قول ابن عباس ومجاهد، والاختلاف فيهما اختلاف تنوّع؛ لأنّ القولين متلازمان؛ فشهادة التوحيد هي أصل الإسلام، وبقيّة شعائر الإسلام من آثار كلمة التوحيد، ولا يصحّ الإسلام إلا بالتوحيد.
ولنعمة التوحيد آثار ظاهرة وباطنة باعتبار الفرد المسلم، وباعتبار جماعة المسلمين.
وروي عن ابن عباس ويحيى بن عمارة قراءة أخرى وهي [ أصبغ ] بالصاد، وفيها وجهان:
أحدهما: أنها لغة في [ أسبغ ] وكانت بعض قبائل العرب تفخّم السين حتى تكون صاداً في بعض المفردات التي تكون فيها حروف الغين والخاء والقاف.
والآخر: أنها بمعنى الصبغ، ويؤيّد هذا الوجه قول الله تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة}.
وبناء على ذلك فتفسير {ظاهرة وباطنة} يختلف باختلاف الإفراد والجمع في القراءتين، وباختلاف السين والصاد في {أسبغ}؛ فانظر كيف تتسع المعاني بتعدد الوجوه، ولا يصحّ أن يستدلّ بقول قاله مفسّر على وجه من الوجوه الصحيحة على إبطال وجه صحيح آخر.
وذلك أنّ الوقوف قد يتغيّر بها المعنى؛ وقد يصحّ في الآية أكثر من وقف؛ فيكون لها أوجه في المعاني، وكلّ وجه صحيح في الوقف فتفسيره لا يُعارَض به ما تحصّل من المعاني بوقف صحيح آخر، والتناسب بين الوقوف والإعراب تناسب وثيق، فغالباً ما يتأثر الإعراب باختلاف الوقوف، ويختلف حكم الوقف باختلاف الإعراب، ولذلك أمثلة:
فمن وقف على {عليكم} ثمّ ابتدأ {اليوم يغفر الله لكم .. } كان المعنى خبرٌ من يوسف عليه السلام - وهو نبيّ يوحى إليه - بمغفرة الله تعالى لهم في ذلك اليوم، وذكر هذا الوقف جماعة من العلماء.
ومن وقف على {اليوم} كان الابتداء بما بعدها دعاءً من يوسف عليه السلام لإخوته.
- قال ابن جرير: (هذا دعاءٌ من يوسف لإخوته بأن يغفر اللّه لهم ذنبهم فيما أتوا إليه، وركبوا منه من الظّلم).
تفسير قول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}- قال ابن عباس: « أنا ممن يعلم تأويله ». رواه ابن جرير، وابن المنذر. - وقال عروة بن الزبير: « إنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون: {آمنا به كل من عند ربنا} ». رواه ابن جرير. - وقال مجاهد: « {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله، ويقولون:آمنا به ». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن جرير، وابن المنذر. |
فهذه الأقوال قد يُظنّ أنها مختلفة اختلاف تضاد، لكن لكلّ قول وجه صحيح؛ فهذه الآية فيها وقفان صحيحان يعتمد الوقف على كل واحد منهما على المراد بالمتشابهات:
الوقف الأول: الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} استئنافية، ويكون المراد بالمتشابهات ما لا يعلمه إلا الله من حقائق الغيبيات من كيفية صفات الله تعالى، وتفصيل ما يكون في اليوم الآخر، ونحو ذلك مما استأثر الله بعلمه واشتبه على الناس معرفة حقيقته.
والوقف الثاني: الوقف على {الراسخون في العلم}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} عاطفة؛ ويكون المراد بالمتشابهات ما يشتبه على كثير من الناس من مسائل العلم ويعلمه العلماء؛ لأنهم يعلمون تأويله بما أرشدهم الله إليه من ردّ المحكم إلى المتشابه، وإن وقع بينهم تفاضل في ذلك العلم.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (صنف أحمد كتابا في " الردّ على الزنادقة والجهمية " فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله، وفسّر تلك الآيات كلّها، وذمّهم على أنهم تأوّلوا ذلك المتشابه على غير تأويله، وعامّتها آيات معروفة قد تكلَّم العلماء في تفسيرها؛ مثل الآيات التي سأل عنها نافع بن الأزرق ابن عباس.
قال الحسن البصري: « ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيم أنزلت، وماذا عني بها"».
ومن قال من السلف: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله؛ فقد أصاب أيضاً، ومراده بالتأويل ما استأثر الله بعلمه، مثل وقت الساعة، ومجيء أشراطها، ومثل كيفية نفسه، وما أعدَّه في الجنة لأوليائه)ا.هـ.
وابن عباس قد اشتهر عنه القول بالوقف الثاني، وروي عنه ما يوافق القول الأول، بل رويت عنه قراءة صحيحة أخرجها عبد الرزاق في مصنفه [وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به]، وهذه القراءة ليس فيها إلا الوقف الثاني.
فصحة القولين عن ابن عباس دليل على أنه يذهب إلى تعدد الوجوه في التفسير.
في هذه الآية وقفان جائزان:
الأول: الوقف على {الذين كفروا}
والثاني: الوقف على {أدبارهم}
- فإذا وقفت على {الذين كفروا} ففاعل {يتوفى} ضمير مستتر يعود على الله جلّ وعلا، أي: يتوفى الله الذين كفروا، ثم يستأنف الكلام {الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم}، ويؤيّد هذا المعنى رجوع الضمير إلى أقرب مذكور وهو الله جلّ وعلا في الآية التي قبلها: {ومن يتوكل على الله فإنّ الله عزيز حكيم}، ومناسبة الآية لما قبلها بأنّ من يتوكل على الله فإنّ الله حسبه وكافيه ومن ذلك نصر الله لعباده المؤمنين على حالة يشفي بها صدورهم من أعدائهم الذين قاتلوهم.
- وإذا وقفت على {أدبارهم} ففاعل {يتوفى} هو {الملائكة}، ويؤيّد هذا الوجه قراءة ابن عامر [ تتوفى ] بالتاء، أي: الملائكة، وكذلك قول الله تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27)}.
وجواب {لو} محذوف على الوجهين للتهويل.
- قال ابن القيم رحمه الله: (ومثل هذا حذفه من أحسن الكلام؛ لأنَّ المراد أنك لو رأيت ذلك لرأيت هولاً عظيماً؛ فليس في ذكر الجواب زيادة على ما دلَّ عليه الشرط، وهذه عادة الناس في كلامهم إذا رأوا أمورا عجيبة وأرادوا أن يخبروا بها الغائب عنها يقول أحدهم: لو رأيت ما جرى يوم كذا بموضع كذا).
وقد اعترض ابن عطية على الوجه الأوّل بقوله: (ويضعف هذا التأويل سقوط واو الحال؛ فإنها في الأغلب تلزم مثل هذا).
وردّ أبو حيّان الأندلسي هذا الاعتراض بقوله: (ولا يضعفه إذ جاء بغير واو في كتاب الله وفي كثير من كلام العرب).
- قال الفراء وابن قتيبة وثعلب وأبو منصور الأزهري وغيرهم: الباء للابتداء
- وقال أبو حيان الأندلسي: الباء للاستعانة.
- وقال ابن عاشور: الباء للمصاحبة والملابسة.
- وقيل: الباء للتبرك، وهذا وهذا القول مستخرج من قول بعض السلف في سبب كتابة البسملة في المصاحف، وأنها كتبت للتبرّك، وهذا المعنى ذكره جماعة من المفسرين.
فهذه الأوجه لمعنى الباء كلها صحيحة؛ قد استوفت شروط القبول، ولا تعارض بينها، ومن دلائل ذلك أن القارئ قد يستحضرها جميعاً من غير تعارض.
تفسير قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}- قال مجاهد: « أصحاب القبور الّذين في القبور قد يئسوا من الآخرة ». رواه ابن جرير. - وقال شعبة، عن سماكٍ عن عكرمة قال: « الكفّار إذا دخلوا القبور فعاينوا ما أعدّ اللّه لهم من الخزي يئسوا من رحمة الله ». رواه ابن أبي شيبة. - وقال الحسن البصري: « الكفّار الأحياء قد يئسوا من الأموات ». رواه ابن جرير. - وقال الضحاك بن مزاحم: « من مات من الّذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللّه ». رواه ابن جرير. - وقال قتادة: « اليهود قد يئسوا أن يبعثوا كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا ». رواه عبد الرزاق. |
هذه الآثار المروية عن السلف ترجع إلى قولين قائمين على وجهين صحيحين في معنى {من} في قوله تعالى: {من أصحاب القبور}
أحدهما: {من} بيانية، والمعنى: كما يئس الكفار الذين هم من أصحاب القبور من أسباب النجاة في الآخرة لما عاينوا العذاب، وهذا اليأس سببه موتهم على الكفر، وعلى هذا قول مجاهد وعكرمة.
والوجه الآخر: {من} للتعدية، والمعنى: كما يئس الكفار الأحياء من لقاء إخوانهم من الكفار المقبورين، لكفر الأحياء منهم بالبعث والنشور، وعلى هذا قول الحسن البصري، والضحاك، وقتادة.
فهذان القولان كلّ قول منهما على وجهٍ صحيح ؛ فيجمع بينهما من غير تعارض، ولا نرجّح أحدهما على الآخر.
تفسير قول الله تعالى: {إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء}في معنى {ما} أقوال: القول الأول: موصولة، أي: أن الله يعلم كلَّ ما يُدعى من دونه من صنم أو وثن أو غيرهما، وهذا قول ابن جرير وجماعة من المفسرين. القول الثاني: نافية، أي: أن الآلهة التي تُدعى من دون الله تعالى ليست بشيء، ولا تملك شيئاً، ولا تملك لعابديها نفعاً ولا ضراً، وهذا قول ذكره أبو البقاء العكبري وأبو حيان الأندلسي وابن عاشور. القول الثالث: "ما" استفهامية، والاستفهام إنكاري، و"يعلم" معلّقة، والمعنى: أيّ شيء تدعون من دون الله؟! وهذا قول ذكره سيبويه عن الخليل بن أحمد، وقال به أبو علي الفارسي والراغب الأصبهاني وأبو البقاء العكبري وجماعة. القول الرابع: "ما" مصدرية، أي إن الله يُعلم كلّ دعوة دُعي بها غيره، ويكون قوله: {من شيء} عائداً إلى كلّ ما يُدعى من دون الله. |
فهذه الأقوال كلّ قول منها على وجه صحيح من أوجه المعاني؛ فيُجمع بينها.
من الأقوال التي تكون مختلفة ظاهر الأمر الأقوال التي تخرّج على أوجه متعددة من الإعراب؛ فإذا كان للمفردة أو الجملة وجهان صحيحان في الإعراب أو أكثر؛ فيجمع بين المعاني المتحصّلة من تلك الوجوه الإعرابية، ولا يرجح بينها.
المثال الأول: تفسير قول الله تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله}
تفسير قول الله تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله}- قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: « {خلاف رسول الله} أي بعده، قال الحارث بن خالد: عقب الربيع خلافهم فكأنما... بسط الشواطب بينهن حصيرا ». - وقال أبو جعفر النحاس: « الخلاف المخالفة والمعنى من أجل مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقول: جئتك ابتغاء العلم ». |
فهذا القولان وإن دلا على معنيين مختلفين فكلّ معنى مخرّج على وجه صحيح من الإعراب؛ فيجمع بينهما، وبيان ذلك:
أنّ {خلاف} لها وجهان في الإعراب في هذا الموضع:
الوجه الأول: ظرف مكان بمعنى بعد، قعدوا خلافه أي: بعده، وتخلّفوا عن الغزو معه، وعلى هذا الوجه قول أبي عبيدة معمر بن المثنى.
والوجه الثاني: مفعول لأجله؛ أي: قعدوا عن الغزو خلافاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعصياناً لأمره، ومشاقّةً له، وعلى هذا الوجه قول أبي جعفر النحاس، وما اختاره ابن جرير الطبري.
والوجهان صحيحان لأنّ أولئك المنافقين تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدوا خلفَه مخالفة له، ومفردة {خلاف} تصلح للمعنيين بهذين الوجهين من الإعراب.
وقد قرئ في غير العشر [ خَلْف ] بفتح الخاء وسكون اللام، وقرئ [ خُلْفَ ] بضم الخاء وسكون اللام؛ فقراءة [ خَلْف ] بمعنى بعد على الوجه الأول، وقراءة [ خُلْف ] بمعنى مخالفة على الوجه الثاني، وقراءة {خلاف} جامعة للمعنيين، وصالحة للوجهين من الإعراب.
في هذه الآية ثلاثة أوجه من المعاني تعتمد على الوجوه الإعرابية في كلمة {حلالاً}
الوجه الأول: {حلالاً} حال، والمعنى: كلوا مما في الأرضِ حال كونه حلالاً طيباً، وهو قول أكثر المعربين.
والوجه الثاني: {حلالاً} مفعول به، والمعنى: كلوا طعاماً حلالاً طيباً، لكن حُذفت كلمة "طعام"، وأقيمت الصفة مقامه، ويصح أن يطلق على المطعوم الحلال أنه حلال فيُستغنى عن القول بالبدل؛ فالمعنى على هذا الوجه: كلوا الحلال الطيّب مما في الأرض، واجتنبوا الحرام الخبيث، وعلى هذا الوجه يخرّج قول مكي بن أبي طالب في تفسيرها.
والوجه الثالث: {حلالاً} صفة لمصدر مؤكَّد، والمعنى: كلوا أكلاً حلالاً طيباً، وهذا فيه إرشاد لآداب الأكل، أي: كلوا أكلاً حلالاً طيباً، ومن آداب الأكل الحلال أن يكون المطعوم حلالاً، وأن يؤكل على الهدى الذي أرشد الله إليه.
فهذه الآية بهذه الأوجه الثلاثة شملت معاني واسعة، وهدايات عظيمة في شأن المأكولات.
تفسير قول الله تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}- قال قتادة: « محرّمةٌ عليهم أبدًا، يتيهون في الأرض أربعين سنةً ». رواه ابن جرير. - وقال الربيع بن أنس البكري ما حاصله أنّ التحريم أربعين سنة. |
والقولان على وجهين صحيحين في الإعراب:
الوجه الأول: أن تعرب {أربعين} ظرف زمان لـ{محرمة} فيكون التحريم مؤقتاً بأربعين سنة، ويكون الوقف الأحسن على هذا الوجه على {أربعين سنة}، ثم يستأنف {يتيهون في الأرض}.
والوجه الثاني: أن تعرب {أربعين} ظرف زمان لفعل {يتيهون}، ويكون الوقف على {عليهم}.
- قال ابن الأنباري: « وقوله: {أربعين سنة} يُنصب من وجهين:
إن شئت نصبتها بـ {محرمة عليهم} فلا يتم الوقف على {عليهم}.
وإن شئت نصبتها بـ {يتيهون في الأرض}؛ فعلى هذا المذهب يتمّ الوقف على {عليهم} »ا. هـ.
والجمع بين الوجهين: أنّ مرجع الضمير في {عليهم} إذا كان لأعيان أولئك الذين قالوا {اذهب أنت وربك فقاتلا..} فهو على التأبيد عقوبة لهم، وتيههم أربعون سنة يفنى فيه ذلك الجيل، ويخرج من أصلابهم من لا يحمل ذنبهم.
وإذا كان مرجع الضمير إلى عموم بني إسرائيل فإنّ التحريم موقت بأربعين سنة، وليس على التأبيد؛ لأنهم دخلوا الأرض المقدسة بعد هذه المدة.
وتركيب الآية على هذا النسق من بدائع التعبير القرآني لصحة الجمع فيه بين الوجهين، وكون كلّ وجه معتبراً بمقصده، وأنّ المعصية لها أثر على الأعيان وعلى الأمّة.
تفسير قول الله تعالى: { وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)}- قال السدي: « ضلّوا وأضلّوا أتباعهم ». رواه ابن جرير. - وقال ابن جرير: « وأضلّ هؤلاء اليهود كثيرًا من النّاس، فحادوا بهم عن طريق الحقّ وحملوهم على الكفر باللّه والتّكذيب بالمسيح ». |
{كثيراً} يصح فيها وجهان من الإعراب يتعدد بهما المعنى:
أحدهما: مفعول به، أي أضلوا كثيراً من الناس، وعلى هذا قول السدي وابن جرير.
والآخر: نائب عن المفعول المطلق، أي: أضلوا إضلالاً كثيراً.
والمعنى المتحصّل من وجههي الإعراب أنّ هؤلاء اليهود قد أضلوا إضلالاً كثيراً، وهذا يدلّ على كثرة أعمالهم المضلّة وسعيهم الحثيث لإضلال الناس، وأضلوا كثيراً من الناس، وهذا يدلّ على كثرة من ضلّوا بسببهم.
ومرجع الضمير في قوله: {وضلوا} يصلح للفريقين، واليهود المضلّين، والذين ضلوا بسببهم.
تفسير قول الله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) }فيه قولان: القول الأوّل: لا يتغيّر ولا يتبدل، ولا يدرس ولا يبلى، ذكره ابن جرير وغيره. والقول الثاني: مكتوب فيه كلّ ما ذكر الله من أمر الخلق وما تنقص الأرض منهم كتابة مضبوطة ضبطًاً محكماً، ذكره ابن كثير وغيره. |
والقولان صحيحان يُجمع بينهما، لأنّ كل قول قائم على وجه صحيح من وجهي تصريف هذه المفردة {حفيظ}.
الوجه الأول: حفيظ بمعنى محفوظ، ولذلك لا يتغيّر ولا يتبدّل.
والوجه الثاني: حفيظ بمعنى حافظ، أي: ضابط لكل ما أودع فيه.
- قال ابن كثير: ({قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} أي: ما تأكل من أجسادهم في البلى، نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرّقت الأبدان؟ وأين ذهبت؟ وإلى أين صارت؟ {وعندنا كتابٌ حفيظٌ} أي: حافظٌ لذلك، فالعلم شاملٌ، والكتاب أيضًا فيه كلّ الأشياء مضبوطةٌ).
تفسير قول الله تعالى: {غير ناظرين إناه}في معنى {إناه} قولان: أحدهما: نضجه، وهو قول مجاهد فيما رواه ابن جرير عنه قال: « متحيّنين نضجه ». والآخر: وقتَه، وهو قول قتادة فيما رواه عبد الرزاق عنه، قال: « غير متحيّنين طعاماً ». أي: وقت طعام. |
ولكل قول من هذين القولين وجه صحيح في التصريف، وذلك أنَّ كلمة {إناه} أصلها "إنى" بالقصر مضافة إلى ضمير الهاء، وهذا التركيب يحتمل معنيين، قال مجاهد بأحدهما، وقال قتادة بالمعنى الآخر، وكلاهما تشمله دلالة الآية.
المعنى الأول: الإدراك وبلوغ الغاية، وهو في الطعام بمعنى النضج، يقال: أنى الطعام يأني أنيا إذا نضج
قال عبدة بن الطبيب:
لما نزلنا نصــبنا ظــــــلَّ أردية .. وفار للقـــوم باللحــم المراجـــيلُ
وَرْدٌ وأشقرُ ما يؤنيه طابخه .. ما غيَّر الغَليُ منه فهو مأكولُ
(ما يؤنيه) أي ما يُنضجه.
ويفسّر "الإِنَى" الذي بمعنى الإدراك وبلوغ الغاية في كلّ موضع بما يناسبه.
{حميم آن} و{عين آنية} أي بلغت الغاية فيما أريد لها من شدّة الإيقاد والحرارة.
ويقال: أنى يوم فلان أي أدركه يومه، كما قال الحارث الغساني:
تمخضت المنون له بيوم .. أَنَى ولكلّ حاملة تمام
والمعنى الثاني: الوقت والحين، فالإنَى واحد الآناء، يقال: آناء الليل وآناء النهار، على الجمع، والمفرد "إِنَى" بالقصر، مثل "إلى" واحد الآلاء.
فيكون معنى غير ناظرين إناه: أي غير متحيّنين وقته
و"الإنى" و"الأوان" متقاربان في المعنى ويفرّق بينهما بالتصريف:
يقال: أَنَى يَأْنِي أَنْياً، وهذا إناه.
ويقال: آن يئين أيناً، وهذا أوانه.
لكن اختيار "الإنى" على "الأوان" في الآية أبلغ؛ لأنه التعبير بالأوان يقصر المعنى على الوقت والحين، و"الإنى" يشمل المعنيين: النضج والوقت.
قال أبو زكريا الفراء في كتاب المقصور: (الإِنَى على وجهين: الإِنَى الواحد من آناء الليل والساعات، وبلوغ الشيء إلى منتهاه).
وذكر المعنيين الخليل بن أحمد كما في العين، وغير واحد من علماء اللغة.
وقوله تعالى: {غير ناظرين} يشمل معنيين يجمعهما هذا اللفظ جمعاً بديعاً.
الأوّل: غير منتظرين ومتحيّنين.
والآخر: غير متطلّعين ومتشوّفين.
تفسير قول الله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ }- قال مجاهد: « من المسحورين ». رواه ابن جرير. - وقال قتادة: « من الساحرين ». رواه عبد الرزاق. |
أما قول مجاهد فمبني على أنّ المسحَّر هو الذي يُسحر مرّة بعد مرّة؛ فلكثرة ما يُسحر سمّي مسحَّراً؛ كالمغلَّب الذي يُغلب مرة بعد مرة.
قال عمرو بن كلثوم:
فإن نَغْلِب فغلابون قِدْماً .. وإن نُغلَب فغير مغلّبينا
وأما قول قتادة؛ فله وجهان:
أحدهما: أنّ المسحَّر هو الذي علّم السحر حتى صار ساحراً، فهو وإن كان اسم مفعول إلا أنّه يؤول إلى معنى اسم الفاعل؛ كالمخلَّد يؤول معناه إلى الخالد، والمسلَّم يؤول معناه إلى السالم.
والآخر: أنَّ المسحَّر هو المتّهم بالسّحر؛ كالمكذَّب المتّهم بالكذب، والمبخَّل المتّهم بالبخل.
وجائز أن يكون في قوم صالح من يقول: إنه ساحر، ومن يقول: إنه مسحور، كما قيل ذلك لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه المفردة العجيبة جامعة للقولين جمعاً بديعاً.
ويقال في تفسير الآية التي شأن قوم شعيب مثل هذا القول.
الأساليب في العربية متعددة، ومنها أسلوب الاستفهام، والشرط، والأمر، والنهي، والتوكيد، والنفي، والحصر، والقسم، والتعجب، والتحذير، والإغراء، وغيرها.
ويميّز كلّ أسلوب بالسياق وبأدواته التي يُعرف بها، ويقع مع ذلك اشتراك في بعض الأساليب للاشتراك في الأدوات واحتمال السياق أن يراد بالجملة أكثر من أسلوب، وإذا صحّ في الجملة أسلوبان واستوفيا شروط القبول جمعنا بينهما، لصحة حمل الآية عليهما، وإذا ورد قولان للمفسرين ووجدنا كلّ قول على أسلوب صحيح فإننا لا نعد الاختلاف في ذلك اختلاف تضادّ، بل هو اختلاف تنوع، ولذلك أمثلة:
تفسير قول الله تعالى: {فما أصبرهم على النار}- وقال مجاهد: « ما أعملهم بأعمال أهل النار؟ ». رواه سعيد بن منصور، وابن جرير. - وقال الحسن البصري: « واللّه ما لهم عليها من صبرٍ، ولكن ما أجرأهم على النّار!!». رواه ابن جرير. - وقال قتادة في قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} قال: « ما أجرأهم عليها!!». رواه عبد الرزاق. - وقال السّدّيّ: «{فما أصبرهم على النّار} هذا على وجه الاستفهام، يقول: ما الّذي أصبرهم على النّار». رواه ابن جرير. - وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: « هذا استفهامٌ يقول: ما هذا الّذي صبّرهم على النّار حتّى جرّأهم فعملوا بهذا؟ ». رواه ابن جرير. |
هذه الآثار عن المفسرين ترجع إلى قولين:
القول الأول: الأسلوب أسلوب استفهام؛ أي: ما الذي حملهم على أن يصبروا على عذاب النار؟ وهو قول مجاهد في رواية عنه، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وفائدة هذا الاستفهام تقريع الكفار وقت الخطاب عن العمل بالأعمال الموجبة لدخول النار، وإثارة أذهانهم للتفكر في الأسباب التي توجب دخول النار.
والقول الثاني: الأسلوب أسلوب تعجّب، أي: ما أجرأهم على ارتكاب الذنوب العظيمة التي عوقبوا بسببها بعذاب النار.
تفسير قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)}- قال السّدّيّ: «لو كان له ولدٌ كنت أوّل من عبده بأنّ له ولدًا، ولكن لا ولد له ». رواه ابن جرير. - وقال مجاهد: « يقول: إن كان لله ولد في قولكم فأنا أوَّل من عبد الله ووحَّده وكذَّبكم بما تقولون ». رواه عبد الرزاق وابن جرير. - وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قول الله تعالى: {قل إن كان للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل العابدين} يقول: « لم يكن للرّحمن ولدٌ فأنا أوّل الشّاهدين ». رواه ابن جرير. - وقال عبد الرحمن بن زيدٍ بن أسلم: « هذا الإنكاف، ما كان للرّحمن ولدٌ، نكف اللّه أن يكون له ولدٌ، و"إنْ" مثلُ "ما"، إنّما هي: ما كان للرّحمن ولدٌ، ليس للرّحمن ولدٌ … {فأنا أوّل العابدين} أوّل من تعبّد اللّه بالإيمان والتّصديق أنّه ليس للرّحمن ولدٌ على هذا أعبد اللّه ». رواه ابن جرير. - وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: « {إن} في موضع "ما" في قول بعضهم: ما كان للرحمن ولد، الفاء مجازها مجاز الواو: ما كان للرحمن ولد، وأنا أول العابدين، قال الفرزدق: أولئك قوم إن هجوني هجوتهم وأعـبَـد أن أهـجـو عبـيـداً بـــدارم ». أعْبَد: أي آنَف وأنكِر، ومضارعه يعْبَد، واسم الفاعل: عابِد وعَبِد مثل آنِف وأنِف، وحاذِر وحذِر. قال المرقّش الأصغر: أفاطــــــــــــــــم لو أنَّ النساءَ ببلـــــــدة ... وأنتِ بأخـــــرى لاتَّبَعْـــــــــتُك هائـــــمـــــــــاً متى ما يشأ ذو الودّ يصرم خليله ... ويَعْبَــــــــــــــــدْ علــيه لا محـــالــة ظـــــــــــــــــــالما يعبَد بفتح الباء: أي يستنكف ويأنَف. - وقال البخاري في صحيحه: « {أول العابدين}: أي ما كان، فأنا أول الآنفين، وهما لغتان رجل عابد وعَبِد ». |
فهذه الآثار قد تبدو للناظر مختلفة اختلاف تضادّ، لكن كلّ قول منها قد بني على وجه صحيح في العربية وأصول التفسير، وذلك أنّ الأسلوب في الآية يحتمل أن يكون أسلوب شرط، ويحتمل أن يكون أسلوب نفي.
فأما أسلوب الشرط فيُحمل عليه قول السدي ومجاهد؛ لأن مبناهما على أنّ الأسلوب في الآية أسلوب شرط جيء به لتوكيد النفي وذلك بتعليق الجزاء بشرط معدوم.
واشتراطُ الممتنع والمعدوم أسلوب معروف عند العرب يؤتى به لأغراض بيانية، كما قال تعالى: {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني}، وقال تعالى: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً} وقال تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} وقال تعالى: {فإن كنت في شكّ مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك}.
وإنما الخلاف بين قول السدي وقول مجاهد في تحرير معنى جواب الشرط:
- فالمعنى على قول السدي: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين إن كان للرحمن ولدٌ – كما تزعمون أيّها الكاذبون – فأنا أوَّل مَن ينبغي أن يعبده، ولا ينبغي لكم العلم بذلك قبل رُسُلِ الله فإنَّه لا سبيل لكم إلى معرفة ذلك إلا عن طريق الرسل.
- وعلى قول مجاهد يكون تقريب المعنى: إن كنتم تزعمون أن للرحمن ولد فأنا بريء منكم ومما تزعمون من الاعتقاد الفاسد، مشتغل بإمامة العابدين الموحدين لله تعالى ممن يطيعني ويتّبعني على ما أمرني الله به.
والوجهان صحيحان يحتملها تركيب الآية.
وأما أسلوب النفي فهو ما بُني عليه القول المروي عن ابن عباس وقول عبد الرحمن بن زيد وأبي عبيدة وما ذكره البخاري في صحيحه، وتقرير ذلك أنَّ "إنْ" نافية بمعنى "ما" النافية كما في قول الله تعالى: {إن عندكم من سلطان بهذا} وقوله تعالى: {إن الكافرون إلا في غرور}.
لكنهم اختلفوا في جواب النفي على قولين:
القول الأول: ما كان للرحمن ولد قطّ، و{أوّل العابدين} أوّل المؤمنين الموحّدين الشاهدين لله تعالى بالوحدانية، وأنه لا شريك له، ولا ولد، فجملة: {فأنا أوّل العابدين} جملة مترتّبة على جملة النفي قائمة مقام الدليل على النفي، وتفسير العابدين في هذا الموضع بالشاهدين لملاحظة قصد الاستشهاد، وكلّ موحد شاهد لله بالوحدانية، وهذا تقرير القول المروي عن ابن عباس.
والقول الثاني: "إن" نافية، و {أوّل العابدين} أوّل الآنفين المنكرين لأنْ يكون لله ولد، وذلك أنّ العابِد مشترك لفظي يطلق على فاعل العبادة، وعلى الآنِف المنكِر، وذكر الخليل بن أحمد أنه قد قُرئ: [ فأنا أوّل العَبِدين ] ، وهذا القول اختاره أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو علي الفارسي، وذكره الكسائي، والبخاري، وغيرهما.
لكن مما أشكل على بعض علماء اللغة معنى "الفاء" على هذا القول واختلفت أقوالهم في توجيهها، والراجح أنّها ليست متعلقة بجواب النفي، وإنما متعلقة بجواب الأمر في {قل} فيكون مرجع الضمير في {أنا} إلى الله جلَّ وعلا، أي: أن الله هو أوّل الآنفين المنكرين نسبة الولد إليه تعالى الله عمّا يقولون.
ولا ريب أنه لا يتقدّم اللهَ أحدٌ في إنكار هذه الدعوى الباطلة؛ فيكون المعنى: قل لهم يا محمد: ما كان للرحمن ولد، فأنا أوّل المنكرين الآنفين، ثم الملائكة بعدُ منكرون، والأنبياء والصالحون، حتى السموات والأرض والجبال كما قال الله تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً . لقد جئتم شيئاً إدا . تكاد السموات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدا . أن دعوا للرحمن ولداً}.
وذِكْرُ تقدّم الله عزّ وجلّ وتصديق من يشاء من خلقه وشهادتهم على ما شهد الله به واتباعهم ما أحبَّ الله قد تكرر في القرآن، ومنه قول الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}.
وقوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)}.
والمقصود أنّ هذه الأقوال مبنية على أوجه صحيحة تتسع لها دلالة الآية، ويمكن الجمع بينها من غير تعارض.
من أسباب اختلاف أقوال المفسرين وتعدّد الأوجه في التفسير الاشتراك اللفظي في الدلالة الوضعية؛ والقاعدة فيها أننا نأخذ من تلك المعاني ما يناسب السياق، وتتوافر فيه شروط قبول الوجه التفسيري.
ولذلك أمثلة:
تفسير قول الله تعالى: {والعصر}- قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فِي قولِهِ تعالى: {وَالْعَصْرِ} قالَ: « العصرُ: ساعةٌ من ساعاتِ النهارِ ». رواه ابن جرير. وبنحوه قال قتادة والحسن البصري. - وقال زيد بن أسلم والفراء: العصر: الدهر. |
ولكل قول وجه في التفسير ومناسبة في المعنى؛ فالعصر مشترك لفظي يطلق على الدهر، وعلى الساعة المعروفة من ساعات النهار بعد الزوال بوقت، وفيها وقت صلاة العصر.
تفسير قول الله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)}- قال مجاهد والسدي: « نعمةٌ من ربّكم عظيمةٌ ». رواه ابن جرير عنهما. - وقال مكي بن أبي طالب: « {بَلاءٌ}: نقمة » - وقال ابن عطية: « {بلاءٌ} معناه امتحان واختبار ». - وقال البخاري في صحيحه: « {بلاء من ربكم}: ما ابتليتم به من شدة». |
لفظ البلاء مشترك يحتمل ثلاثة معانٍ:
المعنى الأول: الاختبار والفتنة، ومنه قول الله تعالى: {ونبلوكم بالشّرّ والخير فتنةً}، وقوله تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات}.
والمعنى الثاني: النعمة والمنّة التي تستوجب الشكر، ومنه قول الله تعالى: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}.
والمعنى الثالث: العذاب والشدة، ومنه حديث: « إنَّ أمَّتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكرونها ». رواه مسلم.
فإذا كان مرجع اسم الإشارة {ذلكم} إلى المصدر المستفاد من فعل {نجيناكم} فهو بلاء نعمة ومنّة.
وإذا كان مرجعه إلى {يسومونكم} فهو بلاء شدّة وعذاب.
وإذا كان مرجعه إلى مجموع ما ذكر في أوّل الآية فهو بلاء فتنة واختبار.
تفسير قول الله تعالى: {حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) }- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكانوا قومًا بورًا} يقول: « هلكى». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. - قال شهر بن حوشب: {وكانوا قومًا بورًا} قال: « معناه فسدتم ». رواه ابن أبي حاتم. - وقال قتادة: في قوله تعالى: {وكنتم قومًا بورًا} قال: « وكانوا قومًا بورًا والبور: الفاسد وإنّه واللّه ما نسي قومٌ قطّ ذكر اللّه إلا باروا وفسدوا ». رواه ابن أبي حاتم. - وقال مجاهدٍ: « {وكانوا قومًا بورًا} يقول: هلكى ». رواه ابن جرير. - وقال معمر عن الحسن البصري: « هم الّذين لا خير فيهم ». رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم. - وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: « البور الّذي ليس فيه من الخير شيءٌ ». رواه ابن جرير. |
هذه المفردة {بورا} جمعت خمسة معانٍ جمعاً بديعاً من غير تعارض، ونبهت على صفة أولئك القوم، وحالهم، وسبب هلاكهم، وبينت عاقبة أمرهم في بيان بديع يأخذ بالألباب، وهو من دلائل إعجاز القرآن، وبركة ألفاظه، وسعة معانيه.
المعنى الأول: {قوماً بورا} أي لا خير فيهم، وهو قول الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
ومنه يقال للأرض التي لا نبت فيها أرض بور. وكذلك حال أولئك الكفار فهم قوم لا خير فيهم، ولا عمل صالح لهم ينفعهم؛ وقلوبهم خالية من الإيمان خلو الأرض البور من النبات النافع.
والمعنى الثاني: أي هلكى، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو قول مجاهد، وأبي عبيدة معمر بن المثنى واختيار البخاري.
أي ضلّ سعيهم، وخاب رجاؤهم، وكُتب لهم الشقاء الأبدي.
ومنه قول أمية بن أبي الصلت: كل دين يوم القيامة عند ... الله إلا دين الحنيفة بور
والمعنى الثالث: بوراً أي فاسدون، وهو قول قتادة وشهر بن حوشب ويحيى بن سلام البصري.
ومنه قولهم: بارت السلعة إذا فسدت. وهذا كالتنبيه على سبب هلاكهم.
والمعنى الرابع: الخسار والكساد، وهو قول الخليل بن أحمد، ومنه قول الله تعالى: {يرجون تجارة لن تبور} أي لن تكسد ولن يخسر صاحبها.
قال الكسائي: ومنه الحديث: « أنه كان يتعوذ من بوار الأيم»، وذلك أن تكسد فلا تجد زوجاً، ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة.
والمعنى الخامس: {قوماً بوراً} أي: لا رادع لهم عن غيّهم، ولا وازع يزعهم عن تقحّم الموبقات، ومنه الأرض البور التي ليس عليها قيّم يصلحها. ومنه قول ابن الزبعرى:
يا رسول المليك إن لساني ... راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
إذ أتبع الشيطان في سنن الغيّ ... ومن مال ميله مثبور
وقد جمع أبو إسحاق الزجاج أربعة أوجه فقال: (وقوله تعالى: {وكانوا قوما بورا} قيل في التفسير " هلكى، والبائر في اللغة الفاسد، والذي لا خير فيه، وكذلك أرض بائرة متروكة من أن يزرع فيها).
مما ينبغي التنبّه له أنّ بعض المسائل قد تجتمع فيها نوعان أو أكثر من الأنواع المتقدّم ذكرها، ولذلك فإنّ الباحث الذي يريد تحرير التفسير في تلك المسائل ينبغي له أن ينظر فيما تحتمله من تلك الوجوه؛ فينظر في قراءات الآية ونزولها ووقوفها ومقاصدها ومعاني مفرداتها وأساليبها وحروفها، وما تحتمله من أوجه الإعراب، والصيغ الصرفية حتى يتّسع نظره في دراسة المسألة ويكون أقرب إلى التحقيق فيها، وسأضرب مثالاً لمسألة اجتمعت فيها أنواع من الأوجه المتقدم ذكرها.
هذه الآية بديعة عجيبة، وهي من دلائل إحكام القرآن، وحسن بيانه، وبركة ألفاظه ومعانيه
{لا يصدعون} قُرئت على أحرف تحتمل معاني متعددة، ولذلك اختلف المفسرون فيها على أقوال:
القول الأول: {لا يُصَدَّعون}: أي لا يصيبهم الصداع بسببها، وهو قول سعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة.
والصداع من الخمر يأتي بسبب شربها، وبسبب انقطاعها، وقد نُفي عنهم الأمران، وعن هنا تفيد السببية كما في قول الله: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة}.
القول الثاني: {لا يُصَدَّعون} من التصديع، وهو التفريق، أي لا يُفرّقون عنها كما يُفرَّق أهل الخمر في الدنيا، وعن هنا تفيد المجاوزة.
والقول الأول والثاني تحتملهما القراءة المشهورة {لا يُصَدَّعون عنها} وهي قراءة الجمهور.
القول الثالث: المعنى: لا يتفرّقون عنها، وهذا القول موافق لقراءة مروية عن مجاهد: [لا يَصَّدعون] بفتح الياء، وأصلها يتصدّعون أي يتفرقون؛ فلا يتفرقون عنها من شدة لذتها ومن تآلفهم عليها، ووفرتها، فهي ليست كخمر الدنيا التي يحصل التفرّق عنها بفنائها وبآفاتها وباختصام شاربيها وتنازعهم.
القول الرابع: لا يُفرِّقون غيرَهم عنها، وهو معنى موافق لقراءة من قرأ [لا يُصَدِّعون عنها] بضم الياء وكسر الدال مشددة؛ فهم من كَرَمهم ووفرتها لا يُفرّقون غيرهم عنها، ولا يشحّون بها كما يشح أهل الخمر في الدنيا بخمورهم.
و"عن" في هذا القول والذي قبله للمجاوزة أيضاً.
وقوله تعالى: {ولا يُنزفون} قرئ بفتح الزاي وكسرها، ولذلك اختلف المفسرون فيها على قولين:
القول الأول: لا يُنزَفون، أي لا تذهب عقولهم وتُنزف من الخمر فيسكرون كما يسكر أهل الدنيا بخمرهم، وهو قول سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وقتادة.
- قال أبو إسحاق الزجاج: (والنزيف السكران، وإنما قيل له نزيف ومنزوف لأنه نزف عقله).
واستشهد أبو عبيدة على هذا المعنى بقول الأبيرد الرياحي:
لعمري لئن أنزفتموا أو صحوتم ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
والقول الثاني: لا يُنزِفون، أي لا ينفد شرابهم ولا يفنى عن كثرة الشرب فهم في أمان من سُكرها وفنائها كما قال الله تعالى: {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون}. وقد قرئ بالقراءتين في هذا الموضع أيضاً، وفيهما المعنيان المذكوران.
فمن نظر في هذه المعاني وتنوعها واتّساقها علم أنه لا يقوم مقام حرف "عن" حرف آخر من الحروف تتّسع دلالته لهذه المعاني كلها، وتبيّن تصديق القرآن بعضه لبعض، وتوافق القراءات، وتنوّع معاني الحروف بتعدّد ما تحتمله المفردات من المعاني. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التطبيق الأول: تفسير قول الله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا}
التطبيق الثالث: تفسير قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}
التطبيق الرابع: تفسير قوله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}
التطبيق الخامس: فاعل {يعلم} في قول الله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
التطبيق السادس: معنى الرجيم في قول الله تعالى: {فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}
التطبيق السابع: تفسير قول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
التطبيق الثامن: تفسير قول الله تعالى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}
التطبيق التاسع: تفسير قول الله تعالى: { وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}
التطبيق العاشر: تفسير قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)}