علامة الحرف
قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَالحَرْفُ: مَا لا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاسمِ وَلا دَلِيلُ الفِعْلِ).
التحفة السنية للشيخ: محمد محيي الدين عبد الحميد
المتن:
قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَالحَرْفُ: مَا لا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاسمِ وَلا دَلِيلُ الفِعْلِ) (1).
الشرح:
قال الشيخ محمد محيي الدين
عبد الحميد (ت: 1392هـ): ( (1) الحرف: يتميَّزُ
الحرفُ عن أخويْهِ الاسْمِ والفِعْلِ بأنَّهُ لا يصحُّ دخولُ علامةٍ مِن
علاماتِ الأسماءِ المتقدِّمةِ ولا غَيرِهَا عَلَيْهِ.
كمَا
لا يصحُّ دخولُ علامةٍ مِن علاماتِ الأفعالِ التي سبقَ بيانُهَا ولا
غَيرِهَا عَلَيْهِ، ومثلُهُ (مِنْ) و(هَلْ) و(لَمْ) هذِهِ الكلماتُ
الثَّلاثُ حروفٌ، لأنَّهَا لا تقْبَلُ (أل) ولا التَّنوينَ، ولا يجوزُ
دخولُ حروفِ الخفضِ عليْهَا.
فلا يصحُّ أن تقُولَ: المِن، ولا أن تقُولَ: مِنٌ، ولا أن تقُولَ: إلَى مِنْ، وكذلكَ بقيَّةُ الحروفِ.
وأيضاً لا يصحُّ أن تدخُلَ عليْهَا السِّينُ، ولا (سَوفَ)ولا تاءُ التَّأنيثِ السَّاكنةُ، ولا (قَدْ)ولا غيرُها ممَّا هُوَ علاماتٌ عَلَى أنَّ الكلِمَةَ فعلٌ).
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم المتن: قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَالحَرْفُ: مَا لا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاسمِ وَلا دَلِيلُ الفِعْلِ)(1). الشرح: قال الشيخ عبد الرحمن بن
محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ): ( (1) أي: (و)القسمُ الثَّالثُ من أقسامِ الكلامِ: والحرفُ ما ليسَتْ له علامه = فقسْ على قولي تكنْ علاَّمَه).
(الحرفُ: وهو ما لا يصلحُ معه): أي: وهو كلمةٌ لا يصلحُ معها
(دليلُ الاسمِ): أي: علامةُ الاسمِ،
(ولا دليلُ الفعلِ): أي علامةُ الفعلِ.فعلامتُهُ:
عدمُ قبولِهِ شيئًا من علاماتِ الاسمِ، أو من علاماتِ الفعلِ، ولذلك قالَ بعضُهُم:
حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الله العشماوي الأزهري المتن: قال ابن آجُرُّوم: أبو
عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (وَالحَرْفُ: مَا لا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاسمِ وَلا دَلِيلُ الفِعْلِ)(1). الشرح: قال الشيخ عبد الله العشماوي الأزهري: ( (1) قوله: (والحرفُ):
معطوفٌ على قولِ المصنّفِ: (فالاسمُ...) إلخ. و(أل) فيه للعهدِ الذّكريِّ،
وإنَّما لم يقلِ الشّارحُ (المتقدّمُ) في التّقسيمِ كما قاله في قولِهِ:
(فالاسمُ المتقدّمُ) إلخ، لأنَّ ذلك من بابِ الحذفِ من الثَّاني لدلالةِ
الأوَّلِ عليه. قوله: (مالا يصلحُ معه): أي: كلمةٌ لا يصلحُ معها (دليلُ الاسمِ): أي: علامةُ الاسمِ.
قوله: (ولا دليلُ الفعلِ): أي: علامةُ الفعلِ، فعلامةُ الحرفِ عدميَّةٌ، وهي:كونُهُ لا يقبلُ شيئاً من علاماتِ الاسمِ، ولا شيئا من علاماتِ الفعلِ.
فإن قلتَ: إنَّ علاماتِ الحرفِ عدميَّةٌ، والعدمُ لا يكونُ علامةً للوجودِ، والحرفُ وجوديٌّ.
أجيبَ: بأنَّ العدمَ قسمان:
-عدمٌ مطلقٌ.
-وعدمٌ مقيَّدٌ.
فالمطلقُ: لا يصحُّ جعلُه علامةً للوجوديِّ.
وأمَّا المقيَّدُ:فإنَّهُ
يصحّ جعلُهُ علامةً للوجوديِّ، وما هنا من هذا القبيلِ، أعني: من كونِهِ
عدمًا مقيّدًا بكونِ الحرفِ لا يقبلُ شيئًا من علاماتِ الاسمِ، ولا شيئاً
من علاماتِ الفعلِ.
وقد تقدَّمَ حكمةُ تأخيرِ الحرفِ عن الاسمِ والفعلِ من كونِهِ رتبته دنيّةً).
شرح الآجرومية للشيخ: حسن بن علي الكفراوي قال الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري الشافعي (ت: 1202هـ): ( (والحرفُ ما لا يَصْلُحُ معه): إلَى آخِرِه، وإعرابُه: الواوُ: حرْفُ عطْفٍ أو للاستئنافِ، كما تَقَدَّمَ في إعرابِه. يعنِي:أنَّ
الحرْفَ يَتَمَيَّزُ بعدَمِ قَبولِ عَلاماتِ الاسمِ والفعلِ السابقةِ،
نحوُ: هل وفي ولم؛ فإنها لا تَقْبَلُ شيئًا مِن علاماتِ الاسمِ، ولا شيئًا
مِن علاماتِ الفِعْلِ، فلا يُقالُ: (بِهَلْ)، ولا: (قد هل) إلَى آخِرِه،
فتَعَيَّنَ أن تكونَ حروفًا؛ فعَدَمُ قَبولِ الكلمةِ للعَلاماتِ السابقةِ
عَلامةٌ علَى حَرْفِيَّتِها؛ فلذلك قالَ بعضُهم: والحرْفُ ما ليستْ له عَلاَمَهْ = فقِسْ علَى قَوْلِي تَكُنْ عَلاَّمَهْ أي:الحرْفُ ما ليستْ له عَلاَمَةٌ مَوجودةٌ، بل عَلاَمَتُه عَدَمِيَّةٌ كما عَلِمْتَ، واللهُ أعلَمُ).
(والفعلُ يُعْرَفُ...) إلَى آخِرِه. والحرفُ: مُبْتَدأٌ مَرْفوعٌ بالابْتِداءِ وعَلامةُ رفعه الضمَّةُ الظاهِرَةُ.
ما:نَكِرَةٌ مَوصوفةٌ خَبَرُ المبتدأِ مَبْنِيٌّ علَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ؛ لأنه اسمٌ مَبْنِيٌّ لا يَظْهَرُ فيه إعرابٌ.
لا: نافية. ويَصْلُحُ: فعلٌ مضارِعٌ مَرفوعٌ.ومعه: مع: ظَرْفُ مَكانٍ مَنصوبٌ علَى الظرفيَّةِ،
مع: مُضافٌ، والهاءُ: مُضافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ علَى الضمِّ في مَحَلِّ جَرٍّ؛
لأنه اسمٌ مَبْنِيٌّ لا يَظْهَرُ فيه إعرابٌ.
دليلُ: فاعلُ يَصْلُحُ وهو مرفوعٌ، وعَلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ الظاهِرَةُ، وجُملةُ الفعلِ والفاعلِ في مَحَلِّ رَفْعٍ نعتٌ لِـ(مَا)،
ودَليلُ: مضافٌ.
والاسمِ: مُضافٌ إليهِ وهو مَجْرورٌ وعَلامةُ جَرِّهِ كسْرةٌ ظاهِرَةٌ في آخِرِه.
ولا:الواوُ:حرْفُ عطْفٍ،
لا: نافيةٌ. دليلُ: معطوفٌ علَى دليلُ الأَوَّلِ، والمَعْطُوفُ علَى المَرْفوعِ مَرْفُوعٌ،
ودليلُ: مضافٌ. والفعلِ: مُضافٌ إليهِ وهو مَجْرورٌ وعلامةُ جرِّه الكسرةُ الظاهرةُ.
شرح الآجرومية للدكتور: محمد بن خالد الفاضل (مفرغ)
قال الدكتور محمد بن خالد الفاضل: (النوع الثالث من أنواع الكلمة: هو: الحرف. (والحرف ما لا يصلح معه دليل الاسم ولا دليل الفعل) إذاً لو قيل لك ما علامة الحرف؟ قد يُدرِك المتأني بعض حاجته =وقـد يكونُ مع المستعجِل الزللُ
إدراك
المتأني لبعض حاجته كثير؛ لأن التأني لا يأتي إلا بخير، المستعجل الزللُ
يصاحبُه بكثرة وليس بقلة.فاستخدامها للتكثير وارد لكنه قليل، تقول: (قد
يجود البخيل) هذا قليل، وتقول: (قد يجود الكريم) وهذا كثير؛ لأنه هو
المتوقع منه، لكن استخدامها في التقليل أكثر من استخدامها في التكثير. والفعل المضارع -أيضاً- علامته ما ذكره المؤلف -هنا-، وهو: حروف التنفيس (السين، أو سوف)، وكذلك قبول (لم) وغيرها من حروف الجزم.
نحن عرفنا الآن أن للاسم أربع علامات أو أكثر، وعرفنا أن للفعل عدة علامات، لكل نوع من أنواعه علامة أو علامتان، الحرف ما علامته؟
الحرف علامته في الواقع علامة عدمية وليست وجودية، علامة الأسماء والأفعال أن يوجد فيها علامة.
أما
علامة الحرف أن تنعدم فيه العلامة، أي: أن تنعدم فيه علامات الأسماء
وعلامات الأفعال، فالكلمة التي لا تقبل شيئاً من علامات الأسماء ولا تقبل
شيئاً من علامات الأفعال هي النوع الثالث من أنواع الكلمة وهو الحرف؛ لأنه
لا رابع عندنا:
- إما اسم، وله علامات.
- أو فعل، وله علامات.
- أو حرف، وهو: ما لا يقبل شيئاً من هذه العلامات.
الحروف أنواع كثيرة:
- منها: الحروف الخاصة بالأسماء، وهي: حروف الجر (من، وإلى، وعن، وعلى) ونحو ذلك.
- ومنها: الحروف الخاصة بالأفعال، وهي: الجوازم والنواصب وما إليها.
-ومنها: الحروف المشتركة بين الأسماء والأفعال، مثل: (هل) الاستفهامية، وغيرها من الحروف غير العاملة.
- الحروف الخاصة بالأسماء: تعمل الجر في الأسماء.
- والحروف الخاصة بالأفعال: تعمل النصب في الأفعال أو الجزم فيها.
أما الحروف المشتركة فلأنها مشتركة فإنها -في الغالب- لا تعمل، سواء دخلت على الأفعال أو على الأسماء.
هذا ما يتعلق بأنواع الكلام الثلاثة، وتعريف وعلامة كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة.
النوع الثاني من أنواع الكلمة: هو الفعل.
الفعل في اللغة يراد به:الحدَث، فعَل فعلاً: أي: أنه أحدث حدثاً معيناً بهذا الشيء.
واصطلاحاً: هو: كل كلمة دلت على معنىً في نفسها، واقترنت بحدث وزمن.
إذا قلت: بحدثٍ وزمن وسكت، هذا التعريف يشمل أنواع الفعل الثلاثة المشهورة، التي هي: (الماضي، والمضارع، والأمر).
فإذا أردت أن تعرف كل نوع منها فإنك تحتاج إلى أن تضيف كلمة:
- (الزمن الماضي) إذا أردت الفعل الماضي.
- و(الزمن الحاضر أو المستقبل) إذا أردت الفعل المضارع.
- وكلمة (الطلب وحدوث الفعل بعد زمن التكلم) إذا أردت فعل الأمر، يعني: يفرق بينهما من حيث المعنى نفسه.
ذكر المؤلف للفعل ثلاث علامات، وإن شئت أن تجعلها أربع، فقال:
(والفعل يعرف بـ:
قد، والسين، وسوف، وتاء التأنيث الساكنة): هذه أربع، وإن شئت أن تجعل
(السين، وسوف) علامةً واحدةً؛ لأنهما يصدق عليهما معاً كلمة (التنفيس)،
كلاهما من حروف التنفيس، والمراد بـ (التنفيس) هو: الاستقبال، أو الدلالة على الاستقبال، فالعلامات -إذاً- يمكن أن تكون ثلاثة:
(قد،
والسين أو سوف، وتاء التأنيث الساكنة).أي كلمة تقبل واحدة من هذه العلامات
تجزم بأنها فعل، ولكن هل هذه العلامات التي ذكرها المؤلف، كافية للدلالة
على الأفعال الثلاثة، أو أنها تنطبق على بعض الأفعال فقط دون بعضها؟
ننظر في هذه العلامات.
نأتي للحرف (قد): (قد) هذا هل هو علامة للماضي أو المضارع أو الأمر؟
(قد) علامة للفعل الماضي، و-أيضاً- للفعل المضارع، تقول: (قد قام محمد) وتقول: (قد ينجح المهمل).
ما معنى (قد) مع الفعل الماضي؟
إذا قلت: (قد جاء محمد)، معناها:
- التحقيق، وهو الغالب فيها، قال -تعالى-: {قد أفلح المؤمنون}؛ أي أنه أمر محقَّق لاشك فيه، الجزم بالفلاح للمؤمنين أمرٌ محقق لاشك فيه، وعد الله سبحانه وتعالى- به.
- ولكنها تأتي للتقريب -أيضاً- قليلاً أقل من التحقيق،كما
في قول المؤذن عند إقامة الصلاة: (قد قامت الصلاة)، يعني: قرب قيامها، أو
أن الناس هبوا للقيام لها لكنها لم تقم فعلاً بمعنى أن الإمام لم يشرع في
القراءة عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة)، وإنما قرب قيامها.فمعنى (قد) مع الفعل الماضي إما التحقيق وهو الكثير أو التقريب.ومعنى (قد) مع الفعل المضارع: تقول -مثلاً-: (قد ينجح المهمل) التقليل.(قد)
مع الفعل المضارع تدل على التقليل كثيراً، (قد يحصل كذا وكذا) لا تقول ذلك
إلا حينما يكون شيئاً محتملاً، لكنها مثل: (ربّ) قد تستخدم للتكثير-أيضاً-
فتقول -مثلاً- كما قال الشاعر:
إذاً: عرفنا أن (قد) تصلح علامة للفعل الماضي وللفعل المضارع.
(السين وسوف)، علامة للمضارع فقط، حروف التنفيس أو الاستقبال لا تدخل إلا مع الأفعال المضارعة.
علامة فعل الأمر هي مركبة من أمرين، وهما:
- الدلالة على الطلب الذي هو الأمر.
- مع قبول ياء المخاطبة أو نون التوكيد.
أيُّ كلمة تدل على الطلب أو الأمر، وتقبل ياء المخاطبة أو نون التوكيد؛ فإنها تكون فعل أمر.
الدلالة على الطلب مع ياء المخاطبة مثل: (اكتبي، اجلسي، اذهبي، {واركعي مع الراكعين}، وما إلى ذلك.
والدلالة
على الطلب مع نون التوكيد مثل: (اذهبنّ، واكتبنّ، أو اكتبنَ)، يعني: لك أن
تأتي بنون التوكيد الثقيلة وهي المشددة، ولك أن تأتي بنون التوكيد الخفيفة
وهي الساكنة، (اذهبنَّ يا محمد)، أو (اذهبنْ يا علي إلى المسجد).
لماذا
صارت علامة فعل الأمر -بالذات- مركبةً من شيئين، يعني: لو اكتفينا بواحد
منهما -مثلاً- هل تكون الكلمة فعل أمر أو تخرج إلى أي شيء آخر؟
مثلاً:
لو اكتفينا بالدلالة على الطلب، فقلنا: علامة فعل الأمر الدلالة على الطلب
فقط، هل تصدق على فعل الأمر أو ممكن أن تصدق على غيره؟
إذا قلت الدلالة على الطلب ووقفت عند ذلك دخل مع فعل الأمر اسم فعل الأمر، واسم فعل الأمر ليس فعلاً، وإنما هو في عداد الأسماء.
مثل: (صه) بمعنى اسكت، ومثل: (مه) بمعنى اكفف، ومثل: (نزالِ) ، و(دراك) بمعنى انزل وأدرك وما إلى ذلك.
فالدلالة على الطلب وحدها لا تكفي؛ لأنها تُدخِل معَنَا اسم فعل الأمر، ونحن نريد علامة جامعة مانعة لا يدخل معها شيء آخر.
لو اكتفينا بالشق الثاني من العلامة، وهو: دخول ياء المخاطبة أو نون التوكيد، هل تكفي أو تؤدي بنا إلى شيء آخر؟
لا
تكفي؛ لماذا؟ لأنها يشترك معه في ذلك الفعل المضارع، فالفعل المضارع يقبل
ياء المخاطبة، فتقول: (أنت تكتبين، وتذهبين) بياء المخاطبة، ويقبل نون
التوكيد كما في قوله -تعالى-: {ليسجننَّ وليكوناً من الصاغرين}، آية اجتمعت فيها نون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد الخفيفة.
فعلامة الأمر إذاً لابد لكي تصدق على فعل الأمر ولا يدخل معه فيه غيره، لابد من أن تكون مركبة من هذين الأمرين:
- الدلالة على الطلب.
- مع قبول ياء المخاطبة أو نون التوكيد.
هناك علامات أخرى -أيضاً-، لو أردت أن تضيفها.
فمثلاً: الفعل الماضي: ابنُ مالك-رحمه الله- كان دقيقاً حينما قال:
وماضيَ الأفعال بالتَّا مِزْ
حينما
قال بالتاء ولم يخصصها بتاء التأنيث، والغرض من ذلك: أن يدخل مع تاء
التأنيث -أيضاً- تاء الفاعل المتحركة؛ لأن تاء الفاعل المتحركة -أيضاً-
علامة من علامات الفعل الماضي فقط، سواء كانت:
- للمتكلم مثل: (قمتُ).
- أو للمخاطب مثل: (قمتَ).
- أو للمخاطبة مثل: (قمتِ).
فهي علامة من علامات الفعل الماضي.فالفعل الماضي إذاً علامته قبول إحدى التاءين، وهما: (تاء الفاعل المتحركة، وتاء التأنيث الساكنة).
(لم):الحرف الذي يدل على الجزم، هذه لا تدخل على أي نوع من أنواع الأفعال إلا على الفعل المضارع فقط.
انتقل -بعد ذلك- إلى القسم الثالث من أقسام الكلام ومن أقسام الكلمة
وهو: الحرف
الحرف في اللغة هو: (الطرف) الطرف من الشيء كما في قوله تعالى:{ومن الناس من يعبد الله على حرف}، أي: على طرف من الأمر.
وفي الاصطلاح هو: كل كلمة تدل على معنى في غيرها.
الاسم
والفعل تدل على معنىً في نفسها، أما الحرف فإنه لا يدل على معنىً في نفسه،
بمعنى أنك لو أفردته لم يعطك أيَّ معنىً،-مثلاً-(مِن) إذا جئت بها وحدها
كذا، لا تعطيك معنىً، لكن كلمة (محمد) إذا جئت بها وحدها أعطتك معنى، وهو:
أنها اسم لهذا الشخص.كلمة (قام، وأكل) إذا جئت بها وحدها أعطتك معنىً
-أيضاً-، وهو: القيام والأكل، لكن كلمة (من، وفي، وعن، وعلى) هذه لا تحصل
منها على أي معنىً ما دامت مفردة، فهي لا تدل على معنىً في نفسها، وإنما
تدل على معنىً في غيرها، أو على معنىً مع غيرها إن اشتركت مع غيرها.إذا
قلت: (خرجتُ من البيت)، (من) -هنا- دلَّت على ابتداء الغاية التي هي غاية
الخروج، فهي دلت على معنىً في غيرها، وهو أن الخروج ابتدأ من البيت حددت
بداية الخروج، فالمعنى الذي دلت عليه ليس في نفسها، وإنما هو في غيرها وهو
الخروج.كذلك: (خرجت من البيت إلى المسجد)، (إلى) لم تدل على معنىً في
نفسها، وإنما دلت على معنىً في غيرها وهو انتهاء الغاية إلى المسجد.ما
علامة الحرف؟
الحرف
-في الواقع- علامته هي: أن تستعرض علامات الاسم وتجدها لا تصلح، ثم تستعرض
علامات الفعل وتجدها لا تصلح، فحينئذٍ لم يبق أمامك إلا أن تكون الكلمة
حرفاً، فإذا جاء معي كلمة مثل كلمة: (مهما)، وكلمة: (ليت)، أو(لكنَّ) لكنّ
مكونة من خمسة أحرف: اللام، والمدة، والكاف، والنون المشددة، ومع ذلك..
الحروف الخمسة هل هي حرف أو اسم؟
لو
جرَّبت عليها علامات الاسم الخمس، أو الست، أو السبع؛ وجدتها لا تصلح، ولو
جربت عليها علامات الفعل بأنواعه وجدت -أيضاً- أنها لا تصلح، فإذا لم يصلح
هذا ولا هذا؛ لم يبق أمامك إلا أن تكون حرفاً؛ لأنه لا يوجد نوع رابع
أصلاً، أي: أنه لا يخلو من هذه الأنواع الثلاثة.
فعلامة الحرف إذاً -كما يقولون- علامة عدمية، وعلامة الاسم والفعل علامة وجودية.
ما معنى عدمية ووجودية؟
وجودية أي: أنه لا بد أن يوجد في الاسم واحدة من هذه العلامات، وعلامة الفعل وجودية أي: لابد أن يوجد فيه واحدة من هذه العلامات.
أما علامة الحرف فهي عدمية أي: أنه لابد أن تنعدم فيه كل العلامات المتقدمة لكي يكون حرفاً.
س:
ذكرتم بأن الفعل: كلمة تدل على معنى في نفسها مقترن بحدث وزمن، وأن الاسم:
كلمة تدل على معنى في نفسها غير مقترن بحدث أو زمن، يقول:فهل يصح أن نقول:
إن الاسم كلمة تدل على معنىً في نفسها غير مقترن بحدث وزمن؟
ج:
لا يصلح؛ لأن الاسم فيه حدث، وخاصةً منه المصدر، إذا قلت -مثلاً-: (قيام،
أو جلوس)، القيام فيه حدث وهو القيام، والجلوس فيه حدث وهو الجلوس، لكنه لم
يتحول إلى فعل؛ لأنه ينقصه الزمن، إذا اجتمع الزمن والحدث صار فعلاً، فإذا
وجد الحدث وحده فإنه لا يكون فعلاً وإنما يكون اسماً وهو المصدر.
س: يقول ما الفرق بين الاسم والمصدر؟
ج:
المصدر هو نوع من أنواع الأسماء، الاسم عام يشمل الأسماء الجامدة، ويشمل
الأسماء المشتقة، يشمل المصادر، ويشمل اسم الفعل، واسم المفعول، والصفة
المشبهة وغير ذلك، فالاسم بابه واسع، وربمايأتي مناسبة للحديث عن المصدر
المشتق والجامد منه، و-حينئذٍ- سيتبين شيء من أنواعه.
س: أرجو إعطاء مثال على الدلالة على الطلب مع نون التوكيد، على أن يكون الفعل مؤنثاً؟
ج:
الدلالة على الطلب مع الفعل المؤنث، إذا أردت أن تأمر بالكتابة ماذا تقول
للمؤنثة؟ (اكتبي)، فإذا أردت أن تدخل عليه نون التوكيد فتقول: (اكتبِنَّ
الدرس يا هند).
س: هل تعريف الفعل في الاصطلاح هو: كلمة دلت على معنىً في غيرها ولم تقترن بزمان كما هو في حاشية الآجرّوميّة؟
ج: يبدو لي أن في حاشية الآجرومية للشيخ ابن القاسم خطأ؛ حيث إنه أعاد تعريف الحرف مرتين، ذكره مع الفعل، وذكره مع الحرف.
فتعريف الفعل هو: كل كلمة تدل على معنىً في نفسها.
وتعريف الحرف هو: كل كلمة تدل على معنىً في غيرها.
فالموجود إذا كان (كل معنى في غيرها) مع الفعل والحرف؛ فهو مع الفعل إنما هو خطأ وسهو من الطباعة -ربما-.
س: ذكرت أن الكلمة لا تخرج عن كونها اسماً، أو فعلاً أو حرفاً، فهل اسم الفعل يدخل في أحد هذه الأقسام؟
ج:
لاشك بأن أسماء الأفعال هي من الأسماء؛ ولذلك سميت أسماء، وابن هشام، وابن
مالك في الحديث عن علامات الأسماء، وفي الحديث عن التنوين وتفصيلاته
إلى:(تنوين التمكين، والتنكير، والعوض، والمقابلة)، ذكر أن تنوين التنكير
هو الذي يدل به على اسمية أسماء الأفعال، فـ (صه) تقول فيه: (صهٍ)
بالتنوين، و(سيبويه) تقول فيه: (مررت بسيبويه) هذا معرفة، و(سيبويهٍ آخر)
هذا نكرة، فدخول التنوين على أسماء الأفعال، وعلى بعض المركبات يدل على
اسميتها، فأسماء الأفعال -في الواقع أنها- من الأسماء وليست من الأفعال.
س:
ما هو الشعر الذي يستدل به في النحو، ولماذا يقتصر عليه فقط؟ وهل معنى ذلك
أن الشعر بعد ذلك لا يرتقي إلى اللغة العربية السليمة من اللحن؟
ج:
الشعر الذي يستدل به يحتج به على اللغة العربية، هو: الشعر الجاهلي،
والشعر الإسلامي، والعلماء حددوا مدة تقريبية وهي: سنة (مئة وخمسين) هجرية،
قالوا: إنه بعد هذا العام لا يحسن الاحتجاج بشيء من الشعر على اللغة
العربية.
وليس
معنى ذلك أن الشعراء الذين جاؤوا بعد ذلك يلحنون، لا.. فهُم يقولون شعراً
فصيحاً وصحيحاً، لكن اختلطت اللغة العربية بغيرها، ودخلت بعض الكلمات،
وتمازج الناس وتصاهروا؛ فأصبح مظنَّة أن تدخل بعض الكلمات الأعجمية، ومظنة
للخطأ واللحن، وقد سُجِّل وعرف شيء من ذلك.
أما
الشعر الذي يحتج به هو الشعر الذي أصحابه عرب لم يختلطوا بغيرهم، وحتى لو
حاول منهم أحد -كما يقولون- أن يلحن لا يستطيع؛ لأنه لا يعرف إلا هذه
اللغة، يعني: لا مجال للحن؛ لأنه ليس عنده إلا هذا الكلام الذي ولد وعاش
وتربى عليه.
يقول س: ما الفرق بين كلمة اللغة والاصطلاح؟
ج: التعريفات في اللغة وفي الاصطلاح هي أمور ليست خاصة بعلم النحو، وإنما في كل العلوم هناك تعريف لغوي، وهناك تعريف اصطلاحي.
والفرق بينهما: أن التعريف اللغوي هو: دلالة الكلمة هذه في اللغة بصفة عامة.
وأما التعريف الاصطلاحي فهو: يراد بها بالنسبة لهذا الموضوع المتحدث فيه بالذات. أو ما تعريفها في اصطلاح أهل هذا العلم بالذات.
فـ (مثلاً): الإعرابتعريفه اللغوي: الإبانة، تقول: أعرب فلان عما في نفسه، أي: أبان وأفصح عما في نفسه.
لكنّ معناه في اصطلاح النحويين، الإعراب هو: هذا التغيير الذي يلحق أواخر الكلمات بسبب تغير العوامل الداخلة عليه.
فالتعريف الاصطلاحي له اتصال إلى حد ما بالتعريف اللغوي، وتارة يبعد عنه.
فاللغوي إذاً هو:مدلول هذه الكلمة في اللغة بصفة عامة.
أما التعريف الاصطلاحي فهو: مدلولها عند أهل العلم هذا وأهل هذا الفن بصفة خاصة).
العناصر
علامة (الحرف): عدم قبول علامات الاسم والفعل.
شكال: علامة الحرف عدمية، والحرف وجودي، فكيف يكون العدم علامة للوجود ؟
الجواب: أن العدم في الحرف مقيد بما ذكر، والعدم المقيد يصح علامة للوجود، بخلاف العدم المطلق.
أقسام الحروف باعتبار اختصاصها بالاسم أو الفعل:
القسم الأول: ما يختص بالأسماء، وهي حروف الجر.
القسم الثاني: ما يختص بالأفعال، وهي: الجوازم والنواصب ونحوها.
القسم الثالث: مشترك بين الأسماء والأفعال، كـ(هل) الاستفهامية ونحوها من الحروف غير العاملة.
فائدة: الحروف العاملة هي الحروف المختصة إما بالأسماء أو بالأفعال، وغير العاملة هي: الحروف المشتركة.
فوائد:
الفرق بين الاسم والمصدر: أن الاسم أعم من المصدر، فهو يشمل المصدر وغيره.
من علامات الاسم: النسب، نحو: مكيّ.
اسم الفعل نحو: (صه) يدخل تحت (الاسم) من أنواع الكلام.إطلاق (القول) على الإشارة في نحو: (قال بيده كذا) مجاز.
الأسْئِلةٌ
س1: مَا هِيَ علاماتُ الفِعْلِ؟
س2: إلَى كمْ قِسْمٍ تنقسِمُ علاماتُ الفِعْلِ؟
س3: مَا هِيَ العلاماتُ التي تَختَصُّ بالفِعْلِ الماضِي؟
س4: كمْ علامةً تَخْتصُّ بالفِعْلِ المضَارِعِ؟
س5: مَا هِيَ العلامةُ التي تَشترِكُ بيْنَ المَاضِي والمضَارِعِ؟
س6: مَا هِيَ المعَانِي التي تدلُّ عليْهَا (قدْ)؟
س7: عَلَى أيِّ شيءٍ تدلُّ تاءُ التّأنيثِ السَّاكنةُ؟
س8: مَا هُوَ المعْنَى الذي تدلُّ عَلَيْهِ السِّينُ وسَوْفَ؟ ومَا الفرقُ بينهمَا؟
س9: هلْ تعْرِفُ علامةً تُميِّزُ فعْلَ الأمرِ؟
س10: مثِّلْ بمثاليْنِ لـ (قَدْ) الدَّالةِ عَلَى التَّحقيقِ.
س11: مثِّلْ بمثاليْنِ تكونُ فيهمَا (قدْ) دالَّةً عَلَى التَّقريبِ.
س12: مثِّلْ بمثالٍ واحدٍ تحتمِلُ فيهِ (قَدْ) أن تكُونَ دالَّةً عَلَى التَّقليلِ والتَّكثيرِ.
س13:
مثِّلْ لـ (قَدْ) بمثالٍ واحدٍ تحتملُ فيهِ أن تكُونَ دالَّةً عَلَى
التَّقريبِ أو التَّحقيقِ، وبيِّنْ فِي هذَا المثالِ متَى تكونُ دالَّةً
عَلَى التَّحقيقِ، ومتَى تكونُ دالَّةً عَلَى التَّقريبِ.