14 Sep 2014
مقدمات تفسير سورة البلد
من تفسير ابن كثير وتفسير السعدي وزبدة التفسير للأشقر
أسماء السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة البلد). [تفسير القرآن العظيم: 8/402]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (آخر تفسير سورة البلد، ولله الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/409]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (تَفْسِيرُ سُورَةِ لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (سُورَةُ الْبَلَدِ). [زبدة التفسير: 594]
نزول السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهي مكّيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/402]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (مكية). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
* للاستزادة ينظر: هنا
تفسير قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) }
تفسير قوله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (هذا قسمٌ من الله عزّ وجلّ بمكّة أمّ القرى في حال كون الساكن فيها حلالاً؛ لينبّه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها.
قال خصيفٌ، عن مجاهدٍ: {لا أقسم بهذا البلد}: {لا} ردٌّ عليهم؛ أقسم بهذا البلد.
وقال شبيب بن بشرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {لا أقسم بهذا البلد} يعني: مكّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/402]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يقسمُ تعالى {بِهَذَا الْبَلَدِ} الأمينِ، الذي هوَ مكةُ المكرمةُ، أفضلُ البلدانِ على الإطلاقِ، خصوصاً وقتَ حلولِ الرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيهَا). [تيسير الكريم الرحمن: 924-925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1-{لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} الْمَعْنَى: أُقْسِمُ بالبلدِ الحرامِ، وَهُوَ مَكَّةُ؛ وَذَلِكَ لِيُنَبِّهَ عَلَى كَرَامَةِ أُمِّ القُرَى وَشَرَفِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَنَّ فِيهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ، وَهِيَ بلدُ إِسْمَاعِيلَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَبِهَا مَنَاسِكُ الْحَجِّ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنت حلٌّ بهذا البلد} قال: أنت يا محمد يحلّ لك أن تقاتل به.
وكذا روي عن سعيد بن جبيرٍ، وأبي صالحٍ، وعطيّة، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ.
وقال مجاهدٌ: ما أصبت فيه فهو حلالٌ لك.
وقال قتادة: {وأنت حلٌّ بهذا البلد} قال: أنت به من غير حرجٍ، ولا إثمٍ.
وقال الحسن البصريّ: أحلّها الله له ساعةً من نهارٍ. وهذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتّفق على صحّته: ((إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السّماوات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه، وإنّما أحلّت لي ساعةً من نهارٍ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فليبلّغ الشّاهد الغائب)).
وفي لفظٍ: ((فإن أحدٌ ترخّص بقتال رسول الله فقولوا: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/402]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يقسمُ تعالى {بِهَذَا الْبَلَدِ} الأمينِ، الذي هوَ مكةُ المكرمةُ، أفضلُ البلدانِ على الإطلاقِ، خصوصاً وقتَ حلولِ الرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيهَا). [تيسير الكريم الرحمن: 924-925] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}؛ أَي: اسْتَحَلَّ مِنْكَ مُشْرِكُو مَكَّةَ أَنْ يُؤْذُوكَ فِي البلَدِ الحرامِ يَا مُحَمَّدُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أُقْسِمُ بِهَذَا البلدِ الَّذِي أَنْتَ مُقِيمٌ بِهِ؛ تَشْرِيفاً لَكَ وَتَعْظِيماً لِقَدْرِكَ؛ لأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِإِقَامَتِكَ فِيهِ عَظِيماً شَرِيفاً). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ووالدٍ وما ولد} قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا ابن عطيّة، عن شريكٍ، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ووالدٍ وما ولد}: الوالد: الذي يلد، وما ولد: العاقر الذي لا يولد له.
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث شريكٍ - وهو ابن عبد الله القاضي- به، وقال عكرمة: الوالد: العاقر، وما ولد: الذي يلد. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال مجاهدٌ، وأبو صالحٍ، وقتادة، والضحّاك، وسفيان الثّوريّ، وسعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والحسن البصريّ، وخصيفٌ، وشرحبيل بن سعدٍ وغيرهم: يعني بالوالد آدم، وما ولد ولده.
وهذا الذي ذهب إليه مجاهدٌ وأصحابه حسنٌ قويٌّ؛ لأنه تعالى لمّا أقسم بأمّ القرى، وهي المساكن، أقسم بعده بالساكن، وهو آدم أبو البشر وولده.
وقال أبو عمران الجونيّ: هو إبراهيم وذرّيته. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، واختار ابن جريرٍ أنه عامٌّ في كلّ والدٍ وولده. وهو محتملٌ أيضاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/402-403]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} أي: آدمَ وذريتهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3-{وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} يُقْسِمُ تَعَالَى بالوَالِدِ وَأَولادِهِ، كآدَمَ وَمَا تَنَاسَلَ منْ وَلَدِهِ وَبِكُلِّ وَالِدٍ وَمَوْلُودٍ مِنْ جَمِيعِ الحيواناتِ؛ تَنْبِيهاً عَلَى عِظَمِ آيَةِ التَّنَاسُلِ وَالتَّوَالُدِ، وَدَلالَتِهَا عَلَى قُدْرةِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} روي عن ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وعكرمة، ومجاهدٍ، وإبراهيم النّخعيّ، وخيثمة، والضّحّاك، وغيرهم: يعني: منتصباً. زاد ابن عبّاسٍ في روايةٍ عنه: منتصباً في بطن أمّه.
والكبد: الاستواء والاستقامة، ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويًّا مستقيماً، كقوله: {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم الّذي خلقك فسوّاك فعدلك}، وكقوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ}.
وقال ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ: {في كبدٍ} قال: في شدّة خلقٍ، ألم تر إليه... وذكر مولده ونبات أسنانه.
وقال مجاهدٌ: {في كبدٍ}: نطفةً، ثمّ علقةً، ثمّ مضغةً، يتكبّد في الخلق.
قال مجاهدٌ: وهو كقوله: {حملته أمّه كرهاً ووضعته كرهاً}. وأرضعته كرهاً، ومعيشته كرهٌ، فهو يكابد ذلك.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} في شدّةٍ وطلب معيشةٍ.
وقال عكرمة: في شدّةٍ وطولٍ.
وقال قتادة: في مشقّةٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ، حدّثنا أبو عاصمٍ، أخبرنا عبد الحميد بن جعفرٍ، سمعت محمد بن عليٍّ أبا جعفرٍ الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال: في قيامه واعتداله، فلم ينكر عليه أبو جعفرٍ.
وروى من طريق أبي مودودٍ: سمعت الحسن قرأ هذه الآية: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا، وأمراً من أمر الآخرة. وفي روايةٍ: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.
وقال ابن زيدٍ: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} قال: آدم خلق في السماء، فسمّي ذلك الكبد.
واختار ابن جريرٍ أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقّها). [تفسير القرآن العظيم: 8/403-404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (والمقسمُ عليهِ قولهُ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}
يحتملُ أنَّ المرادَ بذلكَ:
ما يكابدهُ ويقاسيهِ منَ الشدائدِ في الدنيا، وفي البرزخِ، ويومَ يقومُ الأشهادُ، وأنَّهُ ينبغي لهُ أنْ يسعى في عملٍ يريحهُ منْ هذهِ الشدائدِ، ويوجبُ لهُ الفرحَ والسرورَ الدائمَ.
وإنْ لمْ يفعلْ، فإنَّهُ لا يزالُ يكابِدُ العذابَ الشديدَ أبد الآبادِ.
ويحتملُ أنَّ المعنى:
لقدْ خلقْنَا الإنسانَ في أحسنِ تقويمٍ، وأقومِ خلقةٍ، مقدرٍ على التصرفِ والأعمالِ الشديدةِ، ومعَ ذلكَ، لم يشكرِ اللهَ على هذهِ النعمةِ ، بلْ بطرَ بالعافيةِ وتجبّرَ على خالقهِ، فحسبَ بجهلهِ وظلمهِ أنَّ هذهِ الحالَ ستدومُ لهُ، وأنَّ سلطانَ تصرفهِ لا ينعزلُ، ولهذا قالَ تعالى: {أَيَحْسَبُ أَن لَن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4- {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}: لا يَزَالُ فِي مُكَابَدَةِ الدُّنْيَا وَمُقَاسَاةِ شَدَائِدِهَا حَتَّى يَمُوتَ، فَإِذَا مَاتَ كَابَدَ شَدَائِدَ الْقَبْرِ وَالبَرْزَخِ وَأَهْوَالَهُمَا، ثُمَّ أَمَامَهَ شَدَائِدُ الآخِرَةِ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال الحسن البصريّ: يعني: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} يأخذ ماله.
وقال قتادة: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال: ابن آدم يظنّ أن لن يسأل عن هذا المال؛ من أين اكتسبه؟ وأين أنفقه؟.
وقال السّدّيّ: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} قال: الله عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({أَيَحْسَبُ أَن لَن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} ويطغى ويفتخرُ بمَا أنفقَ منَ الأموالِ على شهواتِ نفسهِ، فـ{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً}). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5-{أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}؛ أَيْ: أَيَظُنُّ ابْنُ آدَمَ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ وَلا يَنْتَقِمَ مِنْهُ أَحَدٌ مَهْمَا اقْتَرَفَ مِنَ السَّـيِّئَاتِ، حَتَّى وَلا رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يقول أهلكت مالاً لبداً} أي: يقول ابن آدم: أنفقت مالاً لبداً، أي: كثيراً. قاله مجاهدٌ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ وغيرهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً}أي: كثيراً، بعضهُ فوقَ بعضٍ.
وسمّى اللهُ تعالى الإنفاقَ في الشهواتِ والمعاصي إهلاكاً، لأنَّهُ لا ينتفعُ المنفقُ بمَا أنفقَ، ولا يعودُ عليهِ منْ إنفاقِهِ إلا الندمُ والخسارُ والتعبُ والقلةُ، لا كمنْ أنفقَ في مرضاةِ اللهِ في سبيلِ الخيرِ، فإنَّ هذا قدْ تاجرَ معَ اللهِ، وربحَ أضعافَ أضعافِ ما أنفقَ). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (6- {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً}؛ أَيْ: كَثِيراً مُجْتَمِعاً بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، لا يُخَافُ فَنَاؤُهُ مِنْ كَثْرَتِهِ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أيحسب أن لم يره أحدٌ} قال مجاهدٌ: أيحسب أن لم يره الله عزّ وجلّ، وكذا قال غيره من السلف). [تفسير القرآن العظيم: 8/404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (قالَ الله متوعداً هذا الذي يفتخرُ بمَا أنفقَ في الشهواتِ: {أَيَحْسَبُ أَن لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} أي: أيحسبُ في فعلهِ هذا، أنَّ اللهَ لا يراهُ ويحاسبهُ على الصغيرِ والكبيرِ؟
بلْ قدْ رآهُ اللهُ، وحفظَ عليهِ أعمالهُ، ووكلَ بهِ الكرامَ الكاتبينَ، لكلِّ ما عملهُ منْ خيرٍ وشرٍّ). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (7- {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ}: أَيَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَرَهُ، وَلا يَسْأْلُهُ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ؟ وَأَيْنَ أَنْفَقَهُ؟). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {ألم نجعل له عينين} أي: يبصر بهما). [تفسير القرآن العظيم: 8/404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثمَّ قررهُ بنعمهِ، فقالَ: {أَلَمْ نَجْعَل لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} للجمالِ والبصرِ والنطقِ، وغيرِ ذلكَ منَ المنافعِ الضروريةِ فيهَا، فهذهِ نعمُ الدنيا). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (8-{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ} يُبْصِرُ بِهِمَا). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولساناً} أي: ينطق به فيعبّر عمّا في ضميره، {وشفتين} يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الرّبيع الدّمشقيّ، عن مكحولٍ، قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((يقول الله تعالى: يا بن آدم، قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها، ولا تطيق شكرها، وإنّ ممّا أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاءً، فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، وإن رأيت ما حرّمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما. وجعلت لك لساناً، وجعلت له غلافاً، فانطق بما أمرتك وأحللت لك، فإن عرض عليك ما حرّمت عليك فأغلق عليك لسانك.
وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً، فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض عليك ما حرّمت عليك فأرخ عليك سترك. يا بن آدم، إنّك لا تحمل سخطي، ولا تطيق انتقامي)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/404]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثمَّ قررهُ بنعمهِ، فقالَ: {أَلَمْ نَجْعَل لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} للجمالِ والبصرِ والنطقِ، وغيرِ ذلكَ منَ المنافعِ الضروريةِ فيهَا، فهذهِ نعمُ الدنيا). [تيسير الكريم الرحمن: 925] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (9-{وَلِسَاناً} يَنْطِقُ بِهِ، {وَشَفَتَيْنِ} يَسْتُرُ بِهِمَا ثَغْرَهُ). [زبدة التفسير: 594]
تفسير قوله تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهديناه النّجدين} الطريقين. قال سفيان الثّوريّ: عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد الله - هو ابن مسعودٍ-: {وهديناه النّجدين} قال: الخير والشرّ. وكذا روي عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وأبي وائلٍ، وأبي صالحٍ، ومحمد بن كعبٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ في آخرين.
وقال عبد الله بن وهبٍ: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن سنان بن سعدٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((هما نجدان، فما جعل نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير؟)).
تفرّد به سنان بن سعدٍ، ويقال: سعد بن سنانٍ، وقد وثّقه ابن معينٍ، وقال الإمام أحمد والنّسائيّ والجوزجانيّ: منكر الحديث.
وقال أحمد: تركت حديثه لاضطرابه، وروى خمسة عشر حديثاً منكرةً كلّها، ما أعرف منها حديثاً واحداً، يشبه حديثه حديث الحسن - يعني: البصريّ - لا يشبه حديث أنسٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن يقول: {وهديناه النّجدين} قال: ذكر لنا أنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: ((يا أيّها النّاس إنّهما النّجدان؛ نجد الخير، ونجد الشّرّ، فما جعل نجد الشّرّ أحبّ إليكم من نجد الخير؟)).
وكذا رواه حبيب بن الشّهيد، ويونس بن عبيدٍ، وأبو وهبٍ، عن الحسن مرسلاً، وهكذا أرسله قتادة. وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، حدّثنا عيسى بن عقالٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وهديناه النّجدين} قال: الثّديين.
وروي عن الرّبيع بن خثيمٍ، وقتادة، وأبي حازمٍ مثل ذلك، ورواه ابن جريرٍ، عن أبي كريبٍ، عن وكيعٍ، عن عيسى بن عقالٍ به، ثمّ قال: والصواب القول الأوّل.
ونظير هذه الآية قوله: {إنّا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاجٍ نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/404-405]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثمَّ قالَ في نعمِ الدين: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} أي: طريقي الخيرِ والشرِّ، بيَّنَّا لهُ الهدى منَ الضلالِ، والرّشدَ منَ الغيِّ.
فهذهِ المننُ الجزيلةُ، تقتضي مِنَ العبدِ أنْ يقومَ بحقوقِ اللهِ،ويشكرَ اللهَ على نعمهِ، وأنْ لا يستعينَ بهَا على معاصيهِ، ولكنَّ هذا الإنسانَ لمْ يفعلْ ذلكَ). [تيسير الكريم الرحمن: 925]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (10-{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} الْمَعْنَى: أَلَمْ نُعَرِّفْهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ، مُبَيَّنَتَيْنِ كَتَبَيُّنِ الطَّرِيقَيْنِ العَالِيَتَيْنِ). [زبدة التفسير: 594]
* للاستزادة ينظر: هنا