الدروس
course cover
تفسير سورة البينة [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]
14 Sep 2014
14 Sep 2014

6098

0

1

course cover
تفسير جزء عمّ

القسم السابع

تفسير سورة البينة [ من الآية (1) إلى الآية (5) ]
14 Sep 2014
14 Sep 2014

14 Sep 2014

6098

0

1


0

0

0

0

1

مقدمات تفسير سورة البينة
من تفسير ابن كثير وتفسير السعدي وزبدة التفسير للأشقر



أسماء السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة البيّنة). [تفسير القرآن العظيم: 8/454]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (آخر تفسير سورة البيّنة، ولله الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/458]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (تفسيرُ سورةِ لم يكنْ). [تيسير الكريم الرحمن: 931]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (سُورَةُ البَيِّنَةِ). [زبدة التفسير: 598]


نزول السورة

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهي مدنيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/454]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وهي مدنية). [تيسير الكريم الرحمن: 931]


فضائل السورة

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّادٌ - هو ابن سلمة - أخبرنا عليٌّ - هو ابن زيدٍ - عن عمّار بن أبي عمّارٍ، قال: سمعت أبا حبّة البدريّ - وهو مالك بن عمرو بن ثابتٍ الأنصاريّ - قال: لمّا نزلت: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب} إلى آخرها قال جبريل: يا رسول الله، إنّ ربّك يأمرك أن تقرئها أبيًّا. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأبيٍّ: ((إنّ جبريل أمرني أن أقرئك هذه السّورة)). قال أبيٌّ: وقد ذكرت ثمّ يا رسول الله؟ قال: ((نعم)). قال: فبكى أبيٌّ.

حديثٌ آخر:

وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة: سمعت قتادة يحدّث عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبيّ بن كعبٍ: ((إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك: {لم يكن الّذين كفروا})). قال: وسمّاني لك؟ قال: ((نعم)). فبكى. ورواه البخاريّ، ومسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من حديث شعبة به.

حديثٌ آخر:

قال الإمام أحمد: حدّثنا مؤمّلٌ، حدّثنا سفيان، حدّثنا أسلم المنقريّ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّي أمرت أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا)). قلت: يا رسول الله، وقد ذكرت هناك؟ قال: ((نعم)). فقلت له: يا أبا المنذر، فرحت بذلك؟ قال: وما يمنعني، والله يقول: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون}. قال مؤمّلٌ: قلت لسفيان: القراءة في الحديث؟ قال: نعم. تفرّد به من هذا الوجه.

طريقٌ أخرى:

قال أحمد: حدّثنا محمد بن جعفرٍ وحجّاجٌ قالا: حدّثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لي: ((إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن)). قال: فقرأ: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب}. قال: فقرأ فيها: ((ولو أنّ ابن آدم سأل وادياً من مالٍ فأعطيه لسأل ثانياً، ولو سأل ثانياً فأعطيه لسأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التّراب، ويتوب الله على من تاب، وإنّ ذلك الدّين عند الله الحنيفيّة غير المشركة، ولا اليهوديّة، ولا النّصرانيّة، ومن يفعل خيراً فلن يكفره)).

ورواه التّرمذيّ من حديث أبي داود الطّيالسيّ، عن شعبة به، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

طريقٌ أخرى:

قال الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا أحمد بن خليدٍ الحلبيّ، حدّثنا محمد بن عيسى = الطباع، حدّثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبيّ بن كعبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((يا أبا المنذر، إنّي أمرت أن أعرض عليك القرآن)). قال: بالله آمنت، وعلى يدك أسلمت، ومنك تعلّمت.

قال: فردّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم القول. فقال: يا رسول الله، أذكرت هناك؟ قال: ((نعم، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى)). قال: فاقرأ إذاً يا رسول الله.

هذا غريبٌ من هذا الوجه، والثابت ما تقدّم، وإنما قرأ عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه السورة تثبيتاً له، وزيادةً لإيمانه؛ فإنه كما رواه أحمد والنّسائيّ من طريق أنسٍ عنه، ورواه أحمد وأبو داود من حديث سليمان بن صرد عنه.

ورواه أحمد، عن عفّان، عن حمّادٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، عن عبادة بن الصّامت عنه.

ورواه أحمد ومسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ من حديث إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه، كان قد أنكر على إنسانٍ - وهو عبد الله بن مسعودٍ - قراءة شيءٍ من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاستقرأهما، وقال لكلٍّ منهما: ((أصبت)). قال أبيٌّ: فأخذني من الشّكّ، ولا إذ كنت في الجاهليّة، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صدره، قال أبيٌّ: ففضت عرقاً، وكأنّما أنظر إلى الله فرقاً.

وأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أن جبريل أتاه فقال: إنّ الله يأمرك أن تقرئ أمّتك القرآن على حرفٍ، فقلت: ((أسأل الله معافاته ومغفرته)). فقال: على حرفين. فلم يزل حتى قال: إنّ الله يأمرك أن تقرئ أمّتك القرآن على سبعة أحرفٍ، كما قدّمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أوّل التفسير، فلمّا نزلت هذه السورة الكريمة، وفيها {رسولٌ من الله يتلو صحفاً مطهّرةً فيها كتبٌ قيّمةٌ} قرأها عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قراءة إبلاغٍ وتثبيتٍ وإنذارٍ، لا قراءة تعلّمٍ واستذكارٍ. والله أعلم.

وهذا كما أنّ عمر بن الخطّاب لمّا سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية عن تلك الأسئلة، وكان فيما قال: أو لم تكن تخبرنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: ((بلى، أفأخبرتك أنّك تأتيه عامك هذا؟)) قال: لا. قال: ((فإنّك آتيه ومطوّفٌ به)).

فلمّا رجعوا من الحديبية وأنزل الله على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سورة الفتح دعا عمر بن الخطّاب فقرأها عليه، وفيها قوله: {لقد صدق الله رسوله الرّؤيا بالحقّ لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} الآية، كما تقدّم.

وروى الحافظ أبو نعيمٍ في كتابه (أسماء الصحابة) من طريق محمد بن إسماعيل الجعفريّ المدنيّ: حدّثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن ابن شهابٍ، عن إسماعيل بن أبي حكيمٍ المدنيّ، حدّثني فضيلٌ: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((إنّ الله ليسمع قراءة: {لم يكن الّذين كفروا} فيقول: أبشر عبدي، فوعزّتي لأمكّننّ لك في الجنّة حتّى ترضى)).

حديثٌ غريبٌ جدًّا، وقد رواه الحافظ أبو موسى المدينيّ، وابن الأثير من طريق الزّهريّ، عن إسماعيل بن أبي حكيمٍ، عن نظيرٍ المزنيّ أو المدنيّ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّ الله ليسمع قراءة: {لم يكن الّذين كفروا} ويقول: أبشر عبدي، فوعزّتي لا أنساك على حالٍ من أحوال الدّنيا والآخرة، ولأمكّننّ لك في الجنّة حتّى ترضى)). [تفسير القرآن العظيم: 8/454-456]




* للاستزادة ينظر: هنا

هيئة الإشراف

#2

14 Sep 2014

تفسير قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) }


تفسير قوله تعالى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (أمّا أهل الكتاب فهم اليهود والنصارى، والمشركون عبدة الأوثان والنّيران، من العرب ومن العجم، وقال مجاهدٌ: لم يكونوا {منفكّين} يعني: منتهين حتى يتبيّن لهم الحقّ. وكذا قال قتادة: {حتّى تأتيهم البيّنة} أي: هذا القرآن، ولهذا قال تعالى: {لم يكن الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكّين حتّى تأتيهم البيّنة}). [تفسير القرآن العظيم: 8/456]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يقولُ تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي: اليهودِ والنصارى {وَالْمُشْرِكِينَ} منْ سائرِ أصنافِ الأممِ {مُنْفَكِّينَ}عنْ كفرهمْ وضلالهمْ الذي همْ عليهِ أي: لا يزالونَ في غيهمْ وضلالهمْ، لا يزيدُهمْ مرورُ السنينِ إلا كفراً {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}الواضحةُ، والبرهانُ الساطعُ). [تيسير الكريم الرحمن: 931]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1-{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، {وَ} الْمُرَادُ بِـ {الْمُشْرِكِينَ} مُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَهُمْ عَبَدَةُ الأوثانِ.

{مُنْفَكِّينَ}: مُفَارِقِينَ لِكُفْرِهِمْ وَلا مُنْتَهِينَ عَنْهُ.

{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}. البَيِّنَةُ: كُلُّ مَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْقُرْآنُ أَوْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمَعْنَى الآيَةِ إِخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى عَن الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ لَنْ يَنْتَهُوا عَنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ وَاخْتِلافِهِمْ فِي الدِّينِ، إِلَى أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَا يُبَيِّنُ لَهُم الْحَقَّ من الباطِلِ فِي عَقَائِدِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا ضَلُّوا فِيهِ وَابْتَعَدُوا عَن الصَّوَابِ؛ لِطُولِ الزمانِ وَبُعْدِ العَهدِ بالأنبياءِ، وَتَحْرِيفِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ.

وتلكَ البَيِّنَةُ هِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ من الْكِتَابِ، فَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ ضَلالَتَهُمْ وَجَهَالَتَهُمْ،وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِيمَانِ). [زبدة التفسير: 598]


تفسير قوله تعالى: (رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ فسّر البيّنة بقوله: {رسولٌ من الله يتلو صحفاً مطهّرةً} يعني: محمداً صلّى الله عليه وسلّم، وما يتلوه من القرآن العظيم، الذي هو مكتتبٌ في الملأ الأعلى في صحفٍ مطهّرةٍ، كقوله: {في صحفٍ مكرّمةٍ مرفوعةٍ مطهّرةٍ بأيدي سفرةٍ كرامٍ بررةٍ}). [تفسير القرآن العظيم: 8/456]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال قتادة: {رسولٌ من الله يتلو صحفاً مطهّرةً} يذكر القرآن بأحسن الذّكر، ويثني عليه بأحسن الثّناء). [تفسير القرآن العظيم: 8/456]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثم فسَّرَ تلكَ البينةَ فقالَ:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} أي: أرسلهُ اللهُ، يدعو الناسَ إلى الحقِّ، وأنزلَ عليهِ كتاباً يتلوهُ، ليعلمَ الناسَ الحكمةَ ويزكيهمْ، ويخرجهم منَ الظلماتِ إلى النورِ، ولهذا قالَ: {يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً} أي: محفوظةً عنْ قربانِ الشياطينِ، لا يمسها إلاَّ المطهرونَ، لأنَّهَا في أعلى مَا يكونُ منَ الكلامِ.

ولهذا قالَ عنهَا: {فِيهَا} أي: في تلكَ الصحفِ {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}). [تيسير الكريم الرحمن: 931]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ}: وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

{يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً}؛ يَعْنِي: أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُمْ مُرْسَلاً منْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ مَا تَضَمَّنَتْهُ الصُّحُفُ من المكتوبِ فِيهَا، وَهُوَ الْقُرْآنُ، كَانَ يَتْلُوهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، لا عَنْ كِتَابٍ، وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ من الكَذِبِ وَالشُّبُهَاتِ وَالْكُفْرِ، بَلْ فِيهَا الْحَقُّ الصريحُ الَّذِي يُبَيِّنُ لأَهْلِ الْكِتَابِ والمُشْرِكِينَ كُلَّ مَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ منْ أُمُورِ الدِّينِ، فَلَيْسَ فِي تِلْكَ الصُّحُفِ تَحْرِيفٌ وَلا لَبْسٌ، بَلْ هِيَ كَلامُ اللَّهِ حَقًّا). [زبدة التفسير: 598]


تفسير قوله تعالى: (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فيها كتبٌ قيّمةٌ} قال ابن جريرٍ: أي: في الصحف المطهّرة كتبٌ من الله قيّمةٌ: عادلةٌ مستقيمةٌ، ليس فيها خطأٌ؛ لأنها من عند الله عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/456]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال ابن زيدٍ: {فيها كتبٌ قيّمةٌ} مستقيمةٌ معتدلةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/456]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({فِيهَا} أي: في تلكَ الصحفِ {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} أي: أخبارٌ صادقةٌ، وأوامرُ عادلةٌ تهدي إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مستقيمٍ، فإذا جاءتهمْ هذه البينةُ، فحينئذٍ يتبينُ طالبُ الحقِّ ممن ليسَ له مقصدٌ في طلبهِ، فيهلكُ مَنْ هلكَ عن بينةٍ، ويحيا مَنْ حيَّ عنْ بينةٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 931]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3- {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}؛ الْمُرَادُ: الآيَاتُ والأَحْكَامُ المكتوبةُ فِيهَا.

وَالقَيِّمَةُ: المُسْتَقِيمَةُ المُسْتَوِيَةُ المُحْكَمَةُ، لَيْسَ فِيهَا زَيْغٌ عَن الْحَقِّ، بَلْ كُلُّ مَا فِيهَا صَلاحٌ وَرَشَادٌ وَهُدًى وَحِكْمَةٌ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ...} وَمَنِ اتَّبَعَهَا كَانَ عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ المُسْتَقِيمِ). [زبدة التفسير: 598]


تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما تفرّق الّذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءتهم البيّنة} كقوله: {ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذابٌ عظيمٌ} يعني بذلك أهل الكتب المنزّلة على الأمم قبلنا، بعدما أقام الله عليهم الحجج والبيّنات تفرّقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم، واختلفوا اختلافاً كثيراً.

كما جاء في الحديث المرويّ من طرقٍ: ((إنّ اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقةً، وإنّ النّصارى اختلفوا على ثنتين وسبعين فرقةً، وستفترق هذه الأمّة على ثلاثٍ وسبعين فرقةً، كلّها في النّار إلاّ واحدةً)). قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/456-457]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وإذا لمْ يؤمنْ أهلُ الكتابِ لهذا الرسولِ وينقادوا لهُ، فليسَ ذلكَ ببدعٍ منْ ضلالهمْ وعنادهمْ، فإنَّهمْ ما تفرَّقوا واختلفوا وصاروا أحزاباً{إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} التي توجبُ لأهلهَا الاجتماعَ والاتفاقَ، ولكنَّهمْ لرداءتهمْ ونذالتهمْ، لم يزدهمْ الهدى إلا ضلالاً، ولا البصيرةُ إلا عمىً، معَ أنَّ الكتبَ كلَّهَا جاءتْ بأصلٍ واحدٍ ودينٍ واحدٍ، فمَا أمروا في سائرِ الشرائعِ إلاَّ أنْ يعبدوا {اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 931]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4-{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}؛ أَيْ: إِنَّ تَفَرُّقَهُمْ وَاخْتِلافَهُمْ لَمْ يَكُنْ لاشْتِبَاهِ الأَمْرِ، بَلْ كَانَ بَعْدَ وُضُوحِ الْحَقِّ وظهورِ الصَّوَابِ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِهِ وَاخْتَلَفُوا، فَآمَنَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَكَفَرَ آخَرُونَ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا عَلَى طريقةٍ وَاحِدَةٍ، مِنَ اتِّبَاعِ دِينِ اللَّهِ، وَمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَهُمْ منْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ). [زبدة التفسير: 598-599]


تفسير قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين} كقوله: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلاّ نوحي إليه أنّه لا إله إلاّ أنا فاعبدون}، ولهذا قال: {حنفاء} أي: متحنّفين عن الشّرك إلى التوحيد، كقوله: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت}. وقد تقدّم تقرير الحنيف في سورة الأنعام بما أغنى عن إعادته ههنا.

{ويقيموا الصّلاة} وهي أشرف عبادات البدن {ويؤتوا الزّكاة} وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج {وذلك دين القيّمة} أي: الملّة القائمة العادلة، أو الأمّة المستقيمة المعتدلة.

وقد استدلّ كثيرٌ من الأئمّة كالزّهريّ والشافعيّ بهذه الآية الكريمة على أنّ الأعمال داخلةٌ في الإيمان.

ولهذا قال: {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين حنفاء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة وذلك دين القيّمة}). [تفسير القرآن العظيم: 8/457]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: قاصدينَ بجميعِ عباداتهمُ الظاهرةِ والباطنةِ وجهَ اللهِ، وطلبَ الزلفى لديهِ، {حُنَفَاءَ} أي: معرضينَ عنْ سائرِ الأديانِ المخالفةِ لدينِ التوحيدِ.

وخصَّ الصلاةَ والزكاةَ، معَ أنهما داخلانِ في قولهِ:

{لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتينِ اللتينِ مَنْ قامَ بهما قامَ بجميعِ شرائعِ الدينِ.

{وَذَلِكَ} أي: التوحيدُ والإخلاصُ في الدينِ، هوَ {دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: الدينُ المستقيمُ، الموصلُ إلى جناتِ النعيمِ، وما سواهُ فطرقٌ موصلةٌ إلى الجحيمِ). [تيسير الكريم الرحمن: 932]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5- {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}؛ أَيْ: إِنَّمَا جَاءَهُم الْقُرْآنُ منْ عِنْدِ اللَّهِ؛ لِيَلْتَزِمُوا بعبادةِ اللَّهِ، وَتَكُونَ عِبَادَتُهُمْ خَالِصَةً، لا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً، وَلِيَجْعَلُوا أَنْفُسَهُمْ خالصةً لَهُ فِي الدِّينِ، {حُنَفَاءَ}: مَائِلِينَ عَن الأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَى دِينِ الإِسْلامِ.

{وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}؛ أَيْ: يَفْعَلُوا الصَّلَوَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ اللَّهُ فِي أَوْقَاتِهَا، وَيُعْطُوا الزَّكَاةَ عِنْدَ مَحَلِّهَا؛ أَيْ: وَهَذَا الَّذِي أُمِرُوا بِهِ يَقْتَضِي التَّوَحُّدَ والاتِّفاقَ، لا الشِّقَاقَ والافْتِرَاقَ؛ فَإِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ الرُّسُلُ منْ ذَلِكَ، {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}؛ أَيْ: إِنَّ ذَلِكَ الدِّينَ وَهُوَ إخلاصُ العبادةِ لِلَّهِ، وَتَرْكُ كُلِّ مَا يُعْبَدُ منْ دُونِهِ، وَأَدَاءُ الصَّلَوَاتِ لِلَّهِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَبَذْلُ الزَّكَاةِ للمُحْتَاجِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، هَذَا هُوَ دِينُ المِلَّةِ المُسْتَقِيمَةِ). [زبدة التفسير: 599]




* للاستزادة ينظر: هنا