14 Sep 2014
مقدمات تفسير سورة الماعون
من تفسير ابن كثير وتفسير السعدي وزبدة التفسير للأشقر
أسماء السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير السورة التي يذكر فيها الماعون). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (آخر تفسير سورة الماعون). [تفسير القرآن العظيم: 8/497]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (تفسيرُ سورةِ الماعونِ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (سُورَةُ الْمَاعُونِ). [زبدة التفسير: 602]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (وَيُقَالُ: سُورَةُ الدِّينِ). [زبدة التفسير: 602]
نزول السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهي مكّيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وهي مكية). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
المعنى الإجمالي للسورة
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وفي هذهِ السورةِ:
-الحثُّ على إكرامِ اليتيمِ، والمساكينِ، والتحضيضِ على ذلكَ، ومراعاةِ الصلاةِ، والمحافظةِ عليهَا، وعلى الإخلاصِ في جميعِ الأعمالِ.
- والحثُّ على بذلِ الأمورِ الخفيفةِ، كعاريةِ الإناءِ والدلو والكتابِ، ونحو ذلكَ، لأنَّ اللهَ ذمَّ منْ لمْ يفعلْ ذلكَ، واللهُ سبحانهُ وتعالى أعلمُ بالصوابِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
* للاستزادة ينظر: هنا
تفسير قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}
تفسير قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أرأيت} يا محمّد، {الّذي يكذّب بالدّين}: وهو المعاد والجزاء والثواب). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يقولُ تعالى ذامّاً لمنْ تركَ حقوقهُ وحقوقَ عبادهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أي: بالبعثِ والجزاءِ، فلا يؤمنُ بمَا جاءتْ بهِ الرسلُ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1- {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}؛ أَيْ: أَأَبْصَرْتَ المُكَذِّبَ بالحسابِ وَالْجَزَاءِ؟). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فذلك الّذي يدعّ اليتيم}. أي: هو الذي يقهر اليتيم، ويظلمه حقّه، ولا يطعمه، ولا يحسن إليه). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}أي: يدفعهُ بعنفٍ وشدةٍ، ولا يرحمهُ لقساوةِ قلبهِ، ولأنَّهُ لا يرجو ثواباً، ولا يخشى عقاباً). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}؛ أَيْ: فَإِنْ تَأَمَّلْتَهُ أَوْ طَلَبْتَهُ فَهُوَ ذَلِكَ الَّذِي يَدْفَعُ اليَتِيمَ عَنْ حَقِّهِ دَفْعاً شَدِيداً، وَقَدْ كَانَ عربُ الجاهِلِيَّةِ لا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ والصِّبْيَانَ). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا يحضّ على طعام المسكين}. كما قال تعالى: {كلاّ بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضّون على طعام المسكين}. يعني: الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَلا يَحُضُّ} غيرهُ {عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} ومن بابِ أولى أنَّهُ بنفسهِ لا يطعمُ المسكينَ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3-{وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}؛ أَيْ: لا يَحُضُّ نَفْسَهُ وَلا أَهْلَهُ وَلا غَيْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ بُخْلاً بِالْمَالِ). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثم قال: {فويلٌ للمصلّين * الّذين هم عن صلاتهم ساهون}. قال ابن عبّاسٍ وغيره: يعني المنافقين الذين يصلّون في العلانية، ولا يصلّون في السّرّ؛ ولهذا قال: {للمصلّين}. أي: الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها ثم هم عنها ساهون؛ إمّا عن فعلها بالكلّيّة كما قاله ابن عبّاسٍ، وإمّا عن فعلها في الوقت المقدّر لها شرعاً، فيخرجها عن وقتها بالكلّيّة، كما قاله مسروقٌ وأبو الضّحى). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} أي: الملتزمينَ لإقامةِ الصلاةِ، ولكنهمْ {عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4-{فَوَيْلٌ} يَوْمَئِذٍ {لِلْمُصَلِّينَ}). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثم قال: {فويلٌ للمصلّين * الّذين هم عن صلاتهم ساهون}. قال ابن عبّاسٍ وغيره: يعني المنافقين الذين يصلّون في العلانية، ولا يصلّون في السّرّ؛ ولهذا قال: {للمصلّين}. أي: الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها ثم هم عنها ساهون؛ إمّا عن فعلها بالكلّيّة كما قاله ابن عبّاسٍ، وإمّا عن فعلها في الوقت المقدّر لها شرعاً، فيخرجها عن وقتها بالكلّيّة، كما قاله مسروقٌ وأبو الضّحى). [تفسير القرآن العظيم: 8/493] (م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال عطاء بن دينارٍ: الحمد للّه الذي قال: {عن صلاتهم ساهون}. ولم يقل: في صلاتهم ساهون.
وإمّا عن وقتها الأول، فيؤخّرونها إلى آخره دائماً أو غالباً، وإمّا عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به، وإمّا عن الخشوع فيها والتّدبّر لمعانيها، فاللّفظ يشمل هذا كلّه.
ولكلّ من اتّصف بشيءٍ من ذلك قسطٌ من هذه الآية، ومن اتّصف بجميع ذلك فقد تمّ نصيبه منها وكمل له النّفاق العمليّ، كما ثبت في الصحيحين أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب قرص الشّمس، حتّى إذا كانت بين قرني الشّيطان قام فنقر أربعاً، لا يذكر اللّه فيها إلاّ قليلاً)).
فهذه آخر صلاة العصر التي هي الوسطى، كما ثبت به النصّ إلى آخر وقتها، وهو وقت كراهةٍ، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئنّ، ولا خشع فيها أيضاً؛ ولهذا قال: ((لا يذكر اللّه فيها إلاّ قليلاً)).
ولعلّه إنّما حمله على القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه اللّه، فهو إذن لم يصلّ بالكلّيّة، قال تعالى: {إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراؤون النّاس ولا يذكرون اللّه إلاّ قليلاً}.
وقال ههنا: {الّذين هم يراؤون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/493]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد قال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني أبو كريبٍ، حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن شيبان النّحويّ، عن جابرٍ الجعفيّ، حدّثني رجلٌ، عن أبي برزة الأسلميّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نزلت هذه الآية {الّذين هم عن صلاتهم ساهون}: ((اللّه أكبر! هذا خيرٌ لكم من لو أعطي كلّ رجلٍ منكم مثل جميع الدّنيا، هو الّذي إن صلّى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربّه)). فيه جابرٌ الجعفيّ، وهو ضعيفٌ، وشيخه مبهمٌ لم يسمّ، واللّه أعلم.
وقال ابن جريرٍ أيضاً: حدّثني زكريّا بن أبانٍ المصريّ، حدّثنا عمرو بن طارقٍ، حدّثنا عكرمة بن إبراهيم، حدّثني عبد الملك بن عميرٍ، عن مصعب بن سعدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن: {الّذين هم عن صلاتهم ساهون}. قال: ((هم الّذين يؤخّرون الصّلاة عن وقتها)).
وتأخير الصلاة عن وقتها يحتمل تركها بالكلّيّة، أو صلاتها بعد وقتها شرعاً، أو تأخيرها عن أوّل الوقت، وكذا رواه الحافظ أبو يعلى عن شيبان بن فرّوخٍ، عن عكرمة بن إبراهيم به، ثمّ رواه عن أبي الرّبيع، عن حمّادٍ، عن عاصمٍ، عن مصعبٍ، عن أبيه موقوفاً: (سهوا عنها حتّى ضاع الوقت). وهذا أصحّ إسناداً، وقد ضعّف البيهقيّ رفعه، وصحّح وقفه، وكذلك الحاكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/495]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} أي: مضيعونَ لهَا، تاركونَ لوقتهَا، مفوتونَ لأركانهَا، وهذا لعدمِ اهتمامهم بأمرِ اللهِ حيث ضيَّعوا الصلاةَ، التي هي أهمُّ الطاعاتِ وأفضلُ القرباتِ، والسهوُ عنِ الصلاةِ هوَ الذي يستحقُّ صاحبهُ الذمَّ واللومَ، وأمَّا السهوُ في الصلاةِ، فهذا يقعُ منْ كلِّ أحد، حتى منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5- {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} سَاهُونَ؛ أَيْ: غَافِلُونَ عَنْهَا غَيْرُ مُبَالِينَ بِهَا، لا يَرْجُونَ بِصَلاَتِهِمْ ثَوَاباً إِنْ صَلَّوْا، وَلا يَخَافُونَ عَلَيْهَا عِقَاباً إِنْ تَرَكُوا.
فَهُمْ عَنْهَا غَافِلُونَ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، وَإِذَا كَانُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَّوْا رِيَاءً، وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا مَعَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (... ولعلّه إنّما حمله على القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه اللّه، فهو إذن لم يصلّ بالكلّيّة، قال تعالى: {إنّ المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصّلاة قاموا كسالى يراؤون النّاس ولا يذكرون اللّه إلاّ قليلاً}.
وقال ههنا: {الّذين هم يراؤون}
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن عبدويه البغداديّ، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن يونس، عن الحسن، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((إنّ في جهنّم لوادياً، تستعيذ جهنّم من ذلك الوادي في كلّ يومٍ أربعمائة مرّةٍ، أعدّ ذلك الوادي للمرائين من أمّة محمّدٍ؛ لحامل كتاب اللّه، وللمصّدّق في غير ذات اللّه، وللحاجّ إلى بيت اللّه، وللخارج في سبيل اللّه)).
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة قال: كنّا جلوساً عند أبي عبيدة، فذكروا الرّياء؛ فقال رجلٌ يكنّى بأبي يزيد: سمعت عبد اللّه بن عمرٍو يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((من سمّع النّاس بعمله سمّع اللّه به سامع خلقه وحقّره وصغّره)).
ورواه أيضاً عن غندرٍ ويحيى القطّان، عن شعبة بن عمرو بن مرّة، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكره.
وممّا يتعلّق بقوله تعالى: {الّذين هم يراؤون}. أنّ من عمل عملاً للّه فأطلع عليه الناس فأعجبه ذلك أنّ هذا لا يعدّ رياءً، والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصليّ في مسنده:
حدّثنا هارون بن معروفٍ، حدّثنا مخلد بن يزيد، حدّثنا سعيد بن بشيرٍ، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: كنت أصلّي، فدخل عليّ رجلٌ فأعجبني ذلك، فذكرت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فقال: ((كتب لك أجران: أجر السّرّ، وأجر العلانية)).
قال أبو عليٍّ هارون بن معروفٍ: بلغني أنّ ابن المبارك قال: نعم الحديث للمرائين. وهذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، وسعيد بن بشيرٍ متوسّطٌ، وروايته عن الأعمش عزيزةٌ، وقد رواه غيره عنه.
قال أبو يعلى أيضاً: حدّثنا محمد بن المثنّى بن موسى، حدّثنا أبو داود، حدّثنا أبو سنانٍ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رجلٌ: يا رسول اللّه، الرّجل يعمل العمل يسرّه فإذا اطّلع عليه أعجبه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((له أجران: أجر السّرّ، وأجر العلانية)).
وقد رواه التّرمذيّ عن محمد بن المثنّى، وابن ماجه عن بندارٍ، كلاهما عن أبي داود الطّيالسيّ، عن أبي سنانٍ الشّيبانيّ، واسمه ضرار بن مرّة، ثم قال التّرمذيّ: غريبٌ. وقد رواه الأعمش وغيره عن حبيبٍ مرسلاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/494-495]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ولهذا وصفَ اللهُ هؤلاءِ بالرياءِ والقسوةِ وعدمِ الرحمةِ فقالَ: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} أي: يعملونَ الأعمالَ لأجلِ رئاءِ الناسِ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (6-{الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ}؛ أَيْ: يُرَاؤُونَ النَّاسَ بِصَلاتِهِمْ إِنْ صَلَّوْا أَوْ يُرَاؤُونَ النَّاسَ بِكُلِّ مَا عَمِلُوهُ منْ أَعْمَالِ الْبِرِّ لِيُثْنُوا عَلَيْهِمْ). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويمنعون الماعون}. أي: لا أحسنوا عبادة ربّهم، ولا أحسنوا إلى خلقه حتّى ولا بإعارة ما ينتفع به ويستعان به مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى.
وقد قال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: على الماعون الزّكاة. وكذا رواه السّدّيّ عن أبي صالحٍ، عن عليٍّ. وكذا روي من غير وجهٍ عن ابن عمر، وبه يقول محمّد ابن الحنفيّة وسعيد بن جبيرٍ وعكرمة ومجاهدٌ وعطاءٌ وعطيّة العوفيّ والزّهريّ والحسن وقتادة والضّحّاك وابن زيدٍ.
وقال الحسن البصريّ: إن صلّى راءى، وإن فاتته لم يأس عليها، ويمنع زكاة ماله، وفي لفظٍ: صدقة ماله.
وقال زيد بن أسلم: هم المنافقون ظهرت الصلاة فصلّوها، وخفيت الزّكاة فمنعوها.
وقال الأعمش وشعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزّار: أنّ أبا العبيدين سأل عبد اللّه بن مسعودٍ عن الماعون فقال: هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر.
وقال المسعوديّ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن أبي العبيدين: أنّه سأل ابن مسعودٍ عن الماعون فقال: هو ما يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والقدر والدّلو وأشباه ذلك.
وقال ابن جريرٍ، حدّثني محمد بن عبيدٍ المحاربيّ، حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي العبيدين، وسعد بن عياضٍ عن عبد اللّه قال: كنّا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نتحدّث أنّ الماعون: الدّلو والفأس والقدر، لا يستغنى عنهنّ.
وحدّثنا خلاّد بن أسلم، أخبرنا النّضر بن شميلٍ، أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت سعد بن عياضٍ يحدّث عن أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله.
وقال الأعمش، عن إبراهيم، عن الحارث بن سويدٍ، عن عبد اللّه، أنّه سئل عن الماعون فقال: ما يتعاوره الناس بينهم؛ الفأس والدّلو وشبهه.
وقال ابن جريرٍ، حدّثنا عمرو بن عليٍّ الفلاّس، حدّثنا أبو داود-هو الطّيالسيّ- حدّثنا أبو عوانة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه قال: كنّا مع نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن نقول: الماعون: منع الدّلو وأشباه ذلك.
وقد رواه أبو داود والنّسائيّ، عن قتيبة، عن أبي عوانة بإسناده نحوه، ولفظ النّسائيّ: عن عبد اللّه قال: كلّ معروفٍ صدقةٌ، كنّا نعدّ الماعون على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عاريّة الدّلو والقدر.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه قال: الماعون: العواريّ؛ القدر والميزان والدّلو.
وقال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ويمنعون الماعون}. يعني: متاع البيت، وكذا قال مجاهدٌ وإبراهيم النّخعيّ وسعيد بن جبيرٍ وأبو مالكٍ وغير واحدٍ: أنّها العاريّة للأمتعة.
وقال ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ويمنعون الماعون}. قال: لم يجئ أهلها بعد.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ويمنعون الماعون}. قال: اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قال: يمنعون الزكاة. ومنهم من قال: يمنعون الطاعة. ومنهم من قال: يمنعون العاريّة. رواه ابن جريرٍ، ثم روى عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن عليّة، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ: الماعون: منع النّاس الفأس والقدر والدّلو.
وقال عكرمة: رأس الماعون زكاة المال، وأدناه المنخل والدّلو والإبرة، رواه ابن أبي حاتمٍ.
وهذا الذي قاله عكرمة حسنٌ؛ فإنّه يشمل الأقوال كلّها، ويرجع كلّها إلى شيءٍ واحدٍ وهو ترك المعاونة بمالٍ أو منفعةٍ، ولهذا قال محمد بن كعبٍ: {ويمنعون الماعون}. قال: المعروف؛ ولهذا جاء في الحديث: ((كلّ معروفٍ صدقةٌ)).
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيعٌ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ: {ويمنعون الماعون}. قال: بلسان قريشٍ: المال.
وروى ههنا حديثاً غريباً في إسناده ومتنه؛ فقال: حدّثنا أبي، وأبو زرعة، قالا: حدّثنا قيس بن حفصٍ الدّارميّ، حدّثنا دلهم بن دهثمٍ العجليّ، حدّثنا عائذ بن ربيعة النّميريّ، حدّثني قرّة بن دعموصٍ النّميريّ، أنّهم وفدوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا رسول اللّه، ما تعهد إلينا؟ قال: ((لا تمنعوا الماعون)). قالوا: يا رسول اللّه، وما الماعون؟ قال: ((في الحجر وفي الحديدة وفي الماء)). قالوا: فأيّ الحديدة؟ قال: ((قدوركم النّحاس، وحديد الفأس الّذي تمتهنون به)). قالوا: ما الحجر؟ قال: ((قدوركم الحجارة)).
غريبٌ جدًّا، ورفعه منكرٌ، وفي إسناده من لا يعرف، واللّه أعلم.
وقد ذكر ابن الأثير في الصحابة ترجمة عليٍّ النّميريّ فقال: روى ابن قانعٍ بسنده إلى عائذ بن ربيعة بن قيسٍ النّميريّ، عن عليّ بن فلانٍ النّميريّ سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((المسلم أخو المسلم، إذا لقيه حيّاه بالسّلام، ويردّ عليه ماهو خيرٌ منه، لا يمنع الماعون)). قلت: يا رسول اللّه، ما الماعون؟ قال: ((الحجر والحديد وأشباه ذلك)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/495-497]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} أي: يمنعونَ إعطاءَ الشيءِ، الذي لا يضرُّ إعطاؤهُ على وجهِ العاريةِ،أو الهبةِ، كالإناءِ، والدلوِ، والفأسِ، ونحو ذلكَ، مما جرت العادةُ ببذلهَا والسماحةِ بهِ.
فهؤلاءِ - لشدّةِ حرصهمْ - يمنعونَ الماعونَ، فكيفَ بمَا هوَ أكثرُ منهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 935]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (7-{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} المَاعُونُ: اسْمٌ لِمَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ مِنَ الدَّلْوِ والفَأْسِ وَالْقِدْرِ، وَمَا لا يُمْنَعُ كالماءِ والمِلْحِ، وَقِيلَ: الْمَاعُونُ هُوَ الزَّكَاةُ؛أَيْ: يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ). [زبدة التفسير: 602]
* للاستزادة ينظر: هنا