23 Oct 2014
المحاضرة:
- رابط تحميل المحاضرة: ( هنا )
التعريف بالمحاضر:
- هو فضيلة الشيخ الدكتور: إبراهيم بن صالح الحميضي الأستاذ المشارك في قسم القرآن وعلومه في جامعة القصيم.
- لفضيلة الشيخ عناية حسنة ببيان آداب تلاوة القرآن وتقريبها للمتعلّمين، وله في ذلك كتاب قيّم مطبوع بعنوان " جمال القراء" نوصي بقراءته وتلخيصه.
وله مؤلفات أخرى منها:
- منهج القرآن في محاربة الشرك ، رسالة الماجستير.
- اختيارات ابن تيمية في التفسير ، من أول سورة الكهف إلى آخر القرآن.
- العجلة في تعلم القرآن الكريم وأثرها في نقص الفهم والعمل.
- تعظيم القول في التفسير وأثره في دفع القراءات المنحرفة المعاصرة للقرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ محاضرة: آداب تلاوة القرآن وأحكامها
لفضيلة الشيخ الدكتور: إبراهيم بن صالح الحميضي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مرحبًا بالأخوة والأخوات في هذا اللقاء المبارك، في البداية أشكر فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل، والأخوة المشرفين والمشرفات على هذا المعهد المبارك، على تنسيق هذا اللقاء، وأسأل الله عزوجل أن يجعلنا جميعًا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
أيها الأخوة والأخوات اللقاء، وهذا المجلس حول آداب تلاوة القرآن الكريم، والحديث عن الآداب جميعًا، واستقصاء الكلام حولها يطول، وربما لا يكفي فيه مجلس واحد، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه، نحاول أن نعطي لمحة مختصرة عن أهم هذه الآداب، ومن أراد التوسّع فليرجع إلى كتب آداب حملة القرآن، وأيضًا كتب فضائل القرآن، وأحكام القرآن الكريم، وقد كتبت في ذلك كتابةً، أرجو أن تكون وافية بأهم موضوعات، ومحاور، ومباحث، ومسائل آداب تلاوة القرآن الكريم في كتابي (جمال القرّاء) وهو مطبوع.
الآداب أيها الأخوة، المقصود بآداب تلاوة القرآن الكريم: ما ينبغي للمسلم فعله واستصحابه عند تلاوة القرآن الكريم.
وهذه الآداب أيها الأخوة والأخوات منها ما هو مستحب؛ كالبسملة، والاستعاذة، ومنها ما هو واجب؛ كالطهارة لمس المصحف، وكتعظيم المصحف.
ومنها ما يكون قبل القراءة؛ كالاستعاذة مثلًا، والوضوء، ومنها ما يكون أثناء القراءة كالخشوع والترتيل، ومنها ما يكون بعدها كالعمل بالقرآن الكريم، وكذلك ختم القرآن ودعاء الختم.
ينبغي للمسلم حقيقة -والمسلمة- أن يحرص على القيام بهذه الآداب، وأن يستصحبها حال القراءة؛ لأن هذه الآداب أيها الأخوة والأخوات لها أثر كبير على القارئ؛ فهي تعين على الخشوع، وعلى التدبّر، وعلى الانتفاع بالقرآن الكريم.
أول هذه الآداب: الطهارة.
فيستحبّ للإنسان، أو يستحبّ للمسلم القارئ أن يتطهّر عند قراءة القرآن الكريم؛ لأنها عبادة من العبادات، وأيضًا هي تلاوة لكلام الله عزوجل، فينبغي أن يكون على أكمل الحالات، ينبغي أن يكون على طهارة ولو لم يمسّ المصحف.
أما عند مس المصحف فيجب وجوبًا أن يكون على طهارة، وهذا قول الأئمة الأربعة رحمهم الله أنه يجب الطهارة عند مسّ المصحف، هذا قول الأئمة الأربعة وجماهير أهل العلم، فللطهارة أثر كبير على تعظيم القرآن الكريم، وتهيئة البدن والقلب للانتفاع بالقرآن الكريم.
ثم إنّ الوضوء أيها الأخوة سبب لمحو الخطايا، وسمو النفس، ونظافة البدن، وإذا كان القارئ بهذه الحال، فإنّ انتفاعه بالقراءة سيكون أبلغ.
ذكرنا أيها الأخوة والأخوات الأدب الأول وهو الطهارة في قراءة القرآن الكريم، وأما القراءة عن ظهر قلب فهي مستحبة وغير واجبة، فيجوز للإنسان أن يقرأ على غير طهارة، وأمّا الحدث الأكبر بالنسبة للحائض والجنب، فهذا محلّ خلاف؛
فمنهم: من يجيز للحائض والجنب قراءة القرآن، بل ومسّ المصحف، وهذا قول الظاهرية.
ومنهم: من يمنعهما بالكليّة.
ومنهم: من يفرّق بين الحائض والجنب، فيجيز للحائض قراءة القرآن، ولاسيّما إن كانت محتاجة لذلك؛ كأن تكون معلمة وقارئة، بخلاف الجنب فإنه لا يجوز له، ولاسيّما أن وقته لا يطول.
هناك بعض المسائل تتعلّق بالأطفال ونحو ذلك، ومسّ كتب التفسير، هذه لا يتسع المجال للحديث عنها، وإذا كان هناك سؤال ربما نسمعه بعد اللقاء.
الأدب الثاني: السواك وتطييب الفم.
أي يستحب لمن قرأ، أو أراد قراءة القرآن الكريم أن ينظّف فاه بالسواك أو غيره؛ لأن الفم هو آلة القراءة، وفي كذلك تعظيم لكلام الله عزوجل، ثم أيضًا كان النبي صلى الله عليه وسلم يشوص فاه بالسواك حينما يقوم من صلاة الليل؛ وذلك أنه كان يقرأ فيها القرآن، وكان السلف يحرصون على تطييب الفم حتى قال بعضهم: ما أكلت الثوم والكراث منذ أن قرأت القرآن، وهذا من باب تعظيم القرآن الكريم، وتطهير الفم لقراءته، ويُقاس على الثوم والكرّاث جميع الروائح السيئة؛ ومنها: الدخان –أكرمكم الله-، فلا يليق بالمسلم ولا ينبغي له أن يقرأ أو يتلو كلام الله عزوجل ولسانه ذو رائحة كريهة، ولتطييب الفم بالسواك أثر في طيب النفس، وسرور القلب، ومن ثمّ الانتفاع بالقرآن كذلك.
ومن الآداب المستحبة كذلك:
وهو الثالث: أن يستقبل القبلة إذا تيسر له ذلك.
لأن تلاوة القرآن الكريم عبادة، والعبادة ينبغي أن تكون على أحسن الأحوال، أما أن القارئ أحيانًا يدعو الله عزوجل، فإذا دعا حينما يقرأ آية من آيات الوعد أو الوعيد فإنه يكون مستقبل القبلة.
بل بعضهم استحبّ أنّ الإنسان يلبس ثوبًا طيّبًا، وأن يتطيّب، وأن يعتمّ، وكلّ هذا من باب تعظيم كلام الله عزوجل.
وهذا الأمر كما أسلفت مستحب ومتيسّر، وإلا فإن الإنسان يقرأ القرآن على أي حال كان، سواء كان مستقبل القبلة أو مستدبرها، وسواءً كان مضطجعًا أو كان قائمًا، أو قاعدًا، لكن إذا تيسّر له استقبال القبلة؛ فلاشك أنّ هذا أولى وأكمل.
الأدب الرابع: الاستعاذة والبسملة.
فيستحبّ للمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم حينما يريد أن يقرأ القرآن، كما قال الله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} والراجح أن الأمر للاستحباب، فيستحب للمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
والصيغة المختارة عند أكثر القرّاء: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا ما ثبت في السنة أيضًا من حديث سليمان بن صرر رضي الله عنه.
والحكمة من الاستعاذة : هي طرد الشيطان حتى لا يوسوس للمسلم، فيمنعه أو يصرفه عن القراءة، أو عن تدبّرها، والعمل بها، وكذلك هي علامة على أنّ المتلوّ هو كلام الله عزوجل, فهي عنوان على هذا المتلو وهذا المقروء , أيضا لها فائدة بعد القراءة بحيث أن الإنسان يعان على العمل بالقرآن الكريم ويتخلص من وساوس الشيطان وتثبيطه عن طاعة الله عز وجل .
وهناك مسألة مهمة في هذه القضية , وهي: متى تؤدي الاستعاذة غرضها , لأنه عامة الناس, بل نستطيع أن نقول كل الناس يستعيذون حينما يريدون قراءة القرآن الكريم, لكن هل كل الناس يتأثرون بهذه الاستعاذة وينصرف عنهم الشيطان ويعصمون منه؟
الجواب: لا , الناس يستعيذون عند قراءة القرآن في الصلاة وخارجها لكنهم يتسلط عليهم الشيطان , ما هو السبب يا ترى ؟
السبب: أنهم يستعيذون بقلب غافل بحيث أصبحت الاستعاذة عادة من العادات, يستعيذ الانسان وهو لا يدري ولا يعرف معناها ولا يدري ما مدلولها وما فائدتها, ولذلك إذا أردت أن يكون للاستعاذة أثر عليك وعلى قراءتك, إذا أردت أن يبتعد عنك الشيطان وأن تسلم من وساوس الشيطان وأن تعصم من الشيطان الذي يجتهد غاية الاجتهاد في صرفك عن القرآن وعن تلاوة القرآن وعن الانتفاع بالقرآن, فاقرأ الاستعاذة بقلب حاضر مستشعرا معناها موقنا بأثرها , فلذلك لابد من معرفة معنى الاستعاذة , وتفصيل معنى الاستعاذة يطول حقيقة , والوقت قصير جدا وقد ذهب أوله , فأنا أنصح الإخوة بقراءة تفسير الاستعاذة سواء من خلال كتب التفسير في بداية سورة الفاتحة أو في سورة النحل في قوله تعالى : {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}, أو في كتب آداب حملة القرآن.
ومعنى الاستعاذة إجمالا: أستجير وألتجئ بجناب الله عز وجل من الشيطان الرجيم؛ الذي هو كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب أن يضلني أو يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه.
الشيطان: هو كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب , ومعنى أعوذ : ألتجئ وأعتصم , والرجيم : هو المرجوم والمطرود عن رحمة الله عز وجل .
كذلك من الآداب البسملة : أن يبسمل الانسان فيقول : بسم الله الرحمن الرحيم
والبسملة مشروعة عند بداية السورة , إلا سورة واحدة وهي براءة كما لا يخفى على الجميع , فإنها لم تنزل معها البسملة ولا يوجد بسملة في المصحف , أما من قرأ من وسط السورة أو من آخرها أو من أثنائها , فإنه لا يبسمل وإنما يستعيذ فقط , على هذا عامة القراء .
والبسملة أيضا لها أثر على القراءة , فهي سبب لحلول البركة في القراءة، ولطرد الشيطان , وهي أيضا علامة على أن الانسان سيبدأ بسورة جديدة , ويقال فيها ما قيل في الاستعاذة , أنها لا تؤدي غرضها إلا بعد أن يقولها الانسان بقلب حاضر وأن يستشعر المعنى , ولذلك لا بد من معرفة المعنى , ما معنى بسم الله , وما معنى الرحمن , وما معنى الرحيم ؟
نعود ونقول معناها إجمالا : أبتدئ باسم الله تعالى مستعينا به , لأن الباء للاستعانة , والله هو المألوه المعبود , الرحمن ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء , والرحيم بعباده المؤمنين . فهي استعانة بالله عز وجل المعبود المألوه الرحمن الرحيم .
فأنت تستعين بالله عز وجل على تلاوة القرآن الكريم حتى يوفقك الله ويعينك على قراءة القرآن الكريم , ويطرد عنك وساوس الشيطان .
وفائدتها ما تقدم من أنها تبرك باسم الله، وتعظيم لله، وحصن من الشيطان الرجيم .
إذن أيها الإخوة والأخوات لابد حينما نستعيذ أو نبسمل أن نقرأها بقلب حاضر وأن نستشعر المعنى وأن نتذلل لله فيها.