16 Nov 2008
العقد الأول
ما يرجع إلى النزول زمانا ومكانا وهو اثنا عشر نوعا
الأول والثاني : المكى والمدنى
مَكَِّيُّهُ مَا قَبْلَ هِجْرَةٍ نَزَلْ = وَالْمَدَنِيُّ مَا بَعْدَهَا وَإِنْ تَسَلْ
فَالْمَدَنيُّ أُولَتَا الْقُرْآنِ مَعْ = أَخِيرَتَيْهِ وَكَذَا الْحَجُّ تَبَعْ
مَائِدَةٌ مَعْ مَا تَلَتْ أَنْفَالُ = بَرَاءَةٌ وَالرَّعْدُ وَالْقِتَالُ
وَتَالِيَاهَا وَالْحَدِيدُ وَالنَّصْرُ = قِيَامَةٌ زَلْزَلَةٌ وَالْقَدْرُ
وَالنُّورُ وَالْأَحَزَابُ وَالْمُجَادَلَهْ = وَسِرْ إِلَى التَّحْرِيِم وَهْيَ دَاخِلَهْ
وَمَا عَدَا هذَا هُوَ الْمَكَِّيُّ = عَلَى الَّذي صَحَّ بِهِ الْمَرْوِيُّ
إتمام الدراية لقراء النقاية لجلال الدين السيوطي
الأَنْوَاعُ:
مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إِلَى النُّزُولِ، وهو اثنا عَشَرَ نَوْعًا.
الأوَّلُ والثَّانِي:
المَكِّيُّ والمَدَنِيُّ، الأَصَحُّ أَنَّ مَا نَزَلَ قَبْلَ الهِجْرَةِ
مَكِّيٌّ، وما نَزَلَ بَعْدَهَا مَدَنِيٌّ، وهو البَقَرَةُ وثَلاثٌ
تَلِيهَا، والأنفالُ، وبَرَاءةٌ، والرَّعْدُ، والحَجُّ، والنُّورُ،
والأحزابُ، والقِتالُ، وتَاليَاهَا، والحديدُ، والتحريمُ، وما بَيْنَهُمَا،
والقِيَامَةُ، والقَدْرُ، والزَّلْزَلَةُ، والنصرُ، والمُعَوِّذَتانِ،
قِيلَ: والرَّحْمَنُ، والإنسانُ، والإخلاصُ، والفاتحةُ، مِنَ المَدَنِيِّ.
وثَالِثُها:
نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ، وقِيلَ: النِّسَاءُ، والرعْدُ، والحَجُّ، والحديدُ،
والصفُّ، والتغابُنُ، والقِيَامَةُ، والمُعَوِّذَتَانِ مَكِّيَّاتٌ.
الأنواع منها ما يرجع إلى النزول مكاناً وزماناً ونحوهما وهو اثنا عشر نوعا وأنواعه في التحبير عشرون:
الأول والثاني: المكي والمدني
الأصح أن ما نزل قبل الهجرة مكي وما نزل بعدها مدني سواء نزل بالمدينة أم بمكة أم غيرهما من الأسفار.
وقيل: المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة.
وعلى
هذا تثبيت الواسطة(؟؟) وهو أن المدني فيما قاله البلقيني وعشرون سورة
البقرة وثلاث تليها آخرها المائدة والأنفال وبراءة والرعد والحج والنور
والأحزاب والقتال وتالياها أي الفتح والحجرات والحديد والتحريم وما بينهما
من السور والقيامة والقدر والزلزلة والنصر والمعوذتان بكسر الواو قيل
والرحمن والانسان والاخلاص والفاتحة من المدني والأصح أنها من المكي دليله
في الرحمن ما روى الترمذي والحاكم عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا
فقال: لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانو أحسن مردودا منكم... الحديث
وقراءته {صلى الله عليه وسلم} على الجن بمكة قبل الهجرة بدهر.
بقى
دليله في الإنسان، وفي الإخلاص ما رواه الترمذي عن أبيٍّ أن المشركين قالوا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك فأنزل الله تعالى {قل هو الله أحد}... الحديث.
وفي الفاتحة أن الحجر مكية باتفاق وقد قال تعالى فيها {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}
وهي الفاتحة كما في حديث الصحيحين ويبعد أن يمتن بها عليه قبل نزولها.
واستدل من قال بأنها مدنية بما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال أنزلت فاتحة الكتاب بالمدينة وقد بينت علته في التحبير
وثالثها أي الأقوال في الفاتحة: نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة عملاً بالدليلين.
وفيها قول رابع حكيناه في التحبير أنها نزلت نصفين نصفا بمكة ونصفا بالمدينة.
وقيل
النساء والرعد والحج والحديد والصف والتغابن والقيامة والمعوذتان مكيات
والأصح أنها مدينات وقد بسطنا الخلاف في المكي والمدني وأدلة ذلك في
التحبير
والأدلة على أن النساء مدنية لا تنحصر فإن غالب آياتها نزلت في وقائع مدنية وسفرية بإجماع.
ويدل للرعد ما رواه الطبراني في الأوسط أن قوله تعالى: {هو الذي يريكم البرق} إلى قوله تعالى {شديد المحال} نزلت في أربد بن قيس وعامر بن الطفيل لما قدما المدينة في وفد بني عامر.
وللحج ما رواه الترمذي وغيره عن عمران بن حصين قال: أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله تعالى: {ولكن عذاب الله شديد} وهو في سفر... الحديث.
وروى البخاري عن أبي ذر أن {هذان خصمان} إلى قوله تعالى: {الحميد} نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه لما تبارزوا يوم بدر.
وروى
الحاكم في المستدرك وغيره عن ابن عباس قال: لما أخرج أهل مكة النبي صلى
الله عليه وسلم قال أبو بكر: إنا إليه راجعون أخرجوا نبيهم ليهلكن فنزلت {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}.
وللصف ما رواه الحاكم وغيره عن عبد الله ابن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا؛ فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب
إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} حتى ختمها.
وللمعوذتين
ما رواه البيهقي في الدلائل بسند فيه ضعف عن عائشة أن النبي صلى الله عليه
وسلم سحره لبيد بن الأعصم في مشاطة من رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة
أسنان من مشطه ثم دسها في بئر ذروان...الحديث
وفيه:
فاستخرجه فإذا هو وتر معقود فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالإبر؛ فأنزل
الله تعالى المعوذتين فجعل كلما قرأ آيه انحلت عقدة...الحديث.
وقد بينت في التحبير الأدلة على أن الحديد مكية، وأن الكوثر مدنية،وهو الذي أراه.
شرح الشيخ عبدالكريم الخضير (مفرغ بتصرف يسير )
الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيّنا محمد وعلى آله وصحبهِ أجمعين. مَكِّيُّهُ ما قَبْلَ هِجْرَةٍ نَزَلْ ...................... فَالمَدَنِيْ أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ (أَخِيْرَتَيْهِ) : المعوذتين؛ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } [2] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } [3] فأولتاه وآخرتاه مدنيتان. .............أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ ......................... .........................
بعد
أن أنهى المؤلف الناظم_رحمه الله تعالى_ مُقدمتهُ شرع في بيان العُقود
الستة التي رتب عليها منظومته ، فذكر العقد الأوّل وفيه : ما يرجِعُ إلى
النزول، نزول القرآن زمانًا ومكانًا؛ فبدأ بالمكان ثمّ ثَنّى بالزمان، وما
يتعلق بالنزول اثنا عشر نوعًا من الخمسة والخمسين،
الأوّل والثاني: المكي والمدني،[المكي والمدني]،
واختُلف في المراد بالمكي والمدني فمنهم من يقول:
_ المكي ما نزل بمكة.
_ والمدني ما نزل بالمدينة.
وعلى هذا القول يثبُتُ من القرآن ما ليس بمكي ولا مدني، مما نزل خارج مكة والمدينة.
والقول الثاني:
_أن المكي ما نزل قبل الهجرة، ما نَزَل قبل الهجرة ولو نزل خارج مكة.
_والمدني ما نزل بعد الهجرة ولو نزل بمكة.
وهذا
هو المـُرجح عند أهل العلم؛ لأنّه هو الذي يُنظر إليه لأنّ العبرة بالزمان،
العبرة بالزمان زمان النزول، وما قبل الهجرة يُسمّى مكي، وما بعدها يسمّى
مدني.
لا
فائدة كبيرة من معرفة مكان النزول إنّما الفائدة في معرفة زمانه الذي
يَترتبُ عليه معرفةُ المـُتقدم من المـُتأخر وبه يُتوصلُ إلى القول بالنسخ
عند التعارض وعدم إمكان الجمع.
يقول_رحمه الله تعالى_:
(مَكِّيُّهُ): يعني مكي القرآن الكتاب المـُنزل، مَكِّيُّ كتابنا الذي تقدمت الإشارة إليه.
والمَدَنِيْ مَا بعدها ، ...........
يعني: بعد الهجرة ، واعتمد القول الراجح واضرب عن ذكرِ ما سواه.
(وإِنْ تَسَلْ): تسأل، تُسهلَ بحذف الهمز وجاءت النصوص من الكتاب والسنّة، ((سل عما بدا لك))، {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [1] .
.............. وإِنْ تَسَلْ
َفالمَدَنِيْ ................
.......................
(وإِنْ تَسَلْ): عن سور القرآن تفصيلاً:
-فالمدني: تسعٌ وعشرون سورة، تِسعٌ وعشرون سورة.
-والمكي: خمس وثمانون سورة.
يذكر الأقل؛ لأن حصرهُ أيسر، ثمّ يُحيلُ بالباقي على النوع الثاني؛ فالمدني وعدّةُ سورهِ تسعٌ وعشرون.
(أَوَّلَتا القُرْآنِ):السورتان الواقعتان في أوّل القرآن، ومُقتضى الأوّلية المـُطلقة أن يكون المـُراد الفاتحة والبقرة، لكن هل هذا هو المقصود ؟
لا،
يَقصدُ بذلك البقرة وآل عمران، فهذه أوّليةٌ نسبية وليست مُطلقة، الأوّليةُ
المـُطلقة للفاتحة وقل مثل هذا في تقسيمهم وتحزيبهم للقرآن، وتقسيمه على
الأيّام السبعة، يقرؤن القرآن في سبع؛ كانوا يحزبون القرآن ثلاث، ثم خمس،
ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة ، ثم الثلاث عشرة، ثم حزب المفصل.
فالمراد بالثلاث الأول: البقرة وآل عمران والنساء. وليس المراد بها: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران.
(وكذا الحَجُّ تَبَعْ): البقرة وآل عمران والمعوذتان؛ هذه أربع، والحج الخامسة تبع.
(مائِدَةٌ): هذه السادسة؛ يعني سورة المائدة.
(مَعْ مَا تَلَتْ): يعني النساء؛ مع السورة التي تلتها المائدة. والسورة التي تلتها المائدة النساء.
لو قال المؤلف: الأربع السور: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة؛ ألا يكون أخصر؟
يكون أخصر والآن فَرّقها:
أَخِيْرَتَيْهِ ، وكذا الحَجُّ تَبَعْ
مائِدَةٌ ، مَعْ مَا تَلَتْ .......
المائدة والنساء هنا فيه تشويش في الترتيب.
(مَعْ مَا تَلَتْ ، أَنْفَالُ): معطوفة. الأنفال مع حذف حرف العطف. وحذف حرف العطف مع نية العطف معروف في اللغة، وجاء به الحديث: ( تصدق أحدكم بدينارهِ، بدرهمهِ، بصاعهِ، بمدهِ) نعم ، هذا مرادٌ به العطف مع حذف الحرف ، والأنفال السورة الثامنة من التسع والعشرين.
(براءَةٌ): معطوف أيضاً مع حذف حرف العطف.
(والرَّعْدُ ، والقِتَالُ): البراءة التاسعة، والرعد العاشرة، والقتال التي هي سورة محمد-صلى الله عليه وسلم-الحادية عشرة.
(وتَالِيَاها):تاليا القتال: الفتح والحجرات؛ الثانية عشرة والثالثة عشرة.
(والحَدِيْدُ ، النَّصْرُ): الحديد الرابعة عشرة، والنصر الخامسة عشرة.
(قِيامَةٌ): السادسة عشرة. (قيامة)كذا في النظم تبع لأصله والصواب: (قيّمة) وليست قيامة؛ لماذا؟
لأن القيامة مكية بالإجماع والقيّمة مدنية عند الجمهور. {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا } [4] : هذه مدنية عند الجمهور. أما سورة القيامة {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ } [5] : هذه مكية. السادسة عشرة والسابعة عشرة:
(زَلْزَلَةٌ): {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ }[6] الزلزلة.
(والقَدْرُ): الثامنة عشرة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [7] .
(والنُّورُ):هي التاسعة عشرة.
(والأَحْزَابُ): العشرون.
(والمُجَادِلَةْ):الحادية والعشرون.
(وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ):
سر من المجادلة إلى التحريم؛ والمعنى أن الجزء الثامن والعشرين كله مدني ،
وفيه الحشر، والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون والتغابن والطلاق
والتحريم إلى التاسع والعشرون هي الأخيرة؛ هذا كله مدني
(وَسِرْ إلى التَّحْرِيْمِ وَهْيَ داخِلَةْ): قال: هي داخلة
للخلاف في دخول الغاية ؛ لئلا يقول: أن التحريم ليست داخلة في المُـغيا، ولذلك نص عليها وهي داخلة في المـُغيا وهي التاسعة والعشرون.
ولا
تخلو هذه السور من خلاف، لكن هذا هو المرجح وهو قول الجمهور؛ على أن في
السور المكية آيات مدنية. وفي السور المدنية بعض الآيات المكية.
ويقول
أهل العلم: أن الذي لا يعرف المكي من المدني، ولا يعرف الآيات المكية في
السور المدنية، والعكس لا يجوز له أن يتعرض لتفسير القرآن. وهذا من الشرائط
التي يشترطها أهل العلم فيمن يتصدى للتفسير.
.............وهْيَ داخِلَة
وما عَـدا هَذا هُو المكي
.......................
فعدد السور المكية خمس وثمانون سورة.
على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ
(على الَّذي صَحَّ بهِ المَرْوِيُّ): وهناك خلاف في بعض السور التي ذكرت في المدني، عند بعض أهل العلم أنها مكية.
ومن أهل العلم من يقول: النساء، والرعد، والحديد، والحج، والصف، والتغابن، والقيامة-على حد قوله-والمعوذتان مكيات.
القيامة
صوبنا أنها القيّمة، والأصح والأرجح أنها مدنيات. وبالمقابل من الخمس
والثمانين المرجح أنها مكيات قِيلَ: في الرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة
من المدني.
والخلاف في الفاتحة معروف عند أهل العلم :
- لكن المـُرجح أنها مكية؛ لأنه جاءت الإشارة إليها في سورة الحجر وهي مكية: { آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } [8] وهي سورة الفاتحة.
- ومنهم من يقول: مدنية.
- ومنهم من يقول: نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة.
- ومنهم من يقول: نصفها مكي، ونصفها الثاني مدني.
لكن المـُرجح عند أهل العلم أنها مكية.
والموضوعات التي تتعلق بالنزول: هي مُجرد تعداد ما فيها شيء يحتاج إلى تحليل أو تحرير.
[1] سورة (البقرة:211)
[2] سورة (الفلق :1)
[3] سورة (الناس:1)
[4] سورة (البينة:1)
[5] سورة (القيامة:1)
[6] سورة (الزلزلة:1)
[7] سورة (القدر:1)
[8] سورة (الحجر:87)
تم تصحيحه وتهذيبه من قبل: طابة
العقد الأول
ما يرجع إلى النزول زماناً ومكاناً، وهو اثنا عشر نوعا
الأول والثاني: المكي والمدني
(مكية) أي القرآن (ما) أي سورة أو أكثرها (قبل هجرة) متعلق بقوله (نزل) أي وإن نزل بغير مكة. (والمدني) بسكون الياء للوزن (ما) أي سورة أو أكثرها (بعدها)
أي بعد الهجرة نزل، أي وإن نزل بغير المدينة، هذا هو الأصح في تعريفهما،
وقيل: المكي ما نزل بمكة، ولو بعد الهجرة، والمدني: ما نزل بالمدينة.
فلعل هذا يكون هناك واسطة، فتكون لا مكية ولا مدنية، بأن نزلت في السفر.
(وإن تسل) عن عدد كل منهما، (فـ) أقول لك (المدني) تسع وعشرون سورة، وهي (أولتا القرآن) وهما البقرة وآل عمران، كما في النقاية، لا الفاتحة والبقرة، كما هو ظاهر النظم (مع أخيرتيه) وهما المعوذتان، بكسر الواو المشددة (وكذا) سورة (الحج تبع) في كونها مدنية (مائدة) بالرفع عطفاً على قوله أولتا (مع ما) أي السورة التي (تلت) ها المائدة، وهي سورة النساء، و (أنفال) و (براءة) بالرفع هي وما بعدها إلى المجادلة معطوفات على ما قبلها بحذف العاطف (والرعد والقتال وتالياها) أي القتال، وهما الفتح والحجرات (والحديد) و(النصر) و( قيامة) و (زلزلة والقدر) بسكون الدال (والنور والأحزاب والمجادلة وسر) بصيغة الأمر في تعداد السور (إلى التحريم) وذلك سبع سور: الحشر والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون والتغابن والطلاق، (وهي) أي التحريم (داخلة) في العدد، فجملة السور المدنية، تسع وعشرون، وإنما نص على دخولها لأن الغالب عدم دخول المغيا مع إلى، بخلافه مع حتى (وما عدا هذا) الذي ذكر من السور وهو خمس وثمانون سورة، إذ سور القرآن كلها مائة وأربع عشرة (هو المكي على) القول (الذي صح به المروي) من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل:
الرحمن والإنسان والإخلاص والفاتحة من المدني، والأصح كما في شرح النقاية:
أنها مكية، وقيل: إن الفاتحة نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة، عملا
بالدليلين، وقيل إنها نزلت نصفين: نصفاً بمكة ونصفاً بالمدينة. وقيل:
النساء والرعد والحديد والحج والصف والتغابن والقيامة والمعوذتان: مكيات،
والأصح: أنها مدنيات، والأدلة على ذلك كله، بعضها في شرح النقاية، وبعضها
في التحبير "فائدة": جميع سور القرآن تنقسم
إلى أربعة أقسام: قسم فيه الناسخ والمنسوخ، وهو خمس وعشرون سورة، وقسم فيه
المنسوخ فقط، وهو أربعون سورة، وقسم فيه الناسخ فقط، وهو ست سور، وقسم لا
ناسخ فيه ولا منسوخ، وهو ثلاث وأربعون سورة، أغلبها من الربع الأخير، كما
أفاده الصاوي، والله أعلم.