16 Nov 2008
النوع الثالث والرابع والخامس : الإيجاز والإطناب والمساواة
وَلَكُمُ الْحَيَاةُ فِي الْقِصَاصِ قُلْ = مِثَالَ الِايجَازِ وَلَا تَخْفَى المُثُلْ
لِمَا بَقِي كَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ = وَلَكَ فِي إكْمَالِ هذِي أَجْرُ
نَحْوُ أَلَمْ أقُلْ لَكَ الْإطْنَابُ = وَهْيَ لَهَا لَدَى الْمَعَانِي بَابُ
إتمام الدراية لقراء النقاية لجلال الدين السيوطي
الإيجازُ والإطنابُ والمساواةُ، مثالُ الأولِ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}، والثانِي: {قَالَ أَلَمْ أقُلْ لَكَ}، والثالِثُ: {وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ}.
الثالث والرابع والخامس الايجاز والإطناب المساواة تأتي في المعاني مثال الأول {ولكم في القصاص حياة} فإن
معناه كثير ولفظه يسير لأنه قائم مقام قولنا الإنسان إذا علم أنه إذا قتل
يقتص منه كأن ذلك داعيا قويا مانعا له من القتل فارتفع بالقتل الذي هو قصاص
كثير من قتل الناس بعضهم لبعض فكان ارتفاع القتل حياة لهم ومثال الثاني قال ألم أقل لك أطنب بزيادة لك توكيد لتكرره ومثال الثالث {ولا يحق المكر السيء إلا بأهله} فإن معناه مطابق للفظه.
شرح الشيخ عبدالكريم الخضير
بعد هذا ذكر المؤلف رحمه الله تعالى "ثلاثة أنواع متعلقة بالألفاظ وهي الإيجاز والإطناب والمساواة"
تتنوع الأساليب بالنسبة للمتكلم حسب نوعية السامع فمن السامعين :
1- من يفهم بسرعة ومثل هذا يناسبه الإيجاز .
2- ومنهم من هو متوسط الذي يفهم بسرعة لو أطنب له مل الكلام وانصرف عنه
3-
وضده الذي لا يفهم مثل هذا يطنب له ويبسط الكلام إذ لو أوجز له لاحتاج إلى
إعادة وتكرار كثير حتى يفهم وبينهما المتوسط الذي يحتاج إلى المساواة .
فالإيجاز في قلة الألفاظ
مع كثرة المعاني يقابله الإطناب العكس كثرة الألفاظ مع قلة المعاني
ويتوسطهما المساواة بمعنى أن تكون الألفاظ بقدر المعاني ،ثم ذكر على
الأنواع الثلاثة أمثلة :
{ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب} قل هي مثال الإيجاز لن معناها كثير ولفظها قليل لفظها يسير ولكم في القصاص حياة كم كلمة ؟أربع كلمات لكن تتضمن معنى عظيماً لكم في القصاص حياة ،قد يقول قائل القصاص موت القصاص الذي هو قتل الجاني موت فكيف يكون لنا حياة؟؟
نتصور الإنسان الحكم
المترتبة على إقامة الحدود من ردع للجاني واعتبار لغيره به أدرك مثل هذا
،فإذا قتل القاتل الجاني قتل غيره وترك ما قتل ما الذي يترتب على هذا ؟؟
يترتب عليه أنه قد يقتل مرة ثانية وثالثة ورابعة إذا لم يجد من يردعه وقد يترتب عليه أن أهل المجني عليه يأتون ليقتلوه وقد يستنجد بقومه فيقتل منهم ويقتل من الطرف الثاني ثم يؤخذ بالثأر ثم تقوم الحروب التي هي ضد الحياة ،فإذا قتل الجاني وحده واحد
فقط انتهى الإشكال بينما إذا ترك بدون قصاص وبدون قتل لترتب عليه ما سمعنا
من الثأر الانتصار للنفس والقريب هذا غريزي لن يترك قاتل ولدك قاتل أخيك
قاتل أبيك هذا لن يترك لا بد أن تتسبب في قتله وهذا جرى ويجري ،إذا ترك
تهاونوا في أمره لا شك أن المجني عليهم أولياء المجني عليه يأخذون بثأره
فيجهدون في قتله ثم بدوره ينتصر بقومه وهؤلاء أيضاً ينتصرون بقومهم فتقوم
الحروب ويحصل القتل الذر يع بدل أن يقتل واحد ،والقصاص قتل موت للجاني .
العرب يقولون القتل أنفع
للقتل والآية أبلغ منها من وجوه متعددة ذكرها أهل العلم في كتب البلاغة
،ولكم الحياة في القصاص يعني في آية القصاص هي مثال الإيجاز ولا تخفى المثل
جمع مثال الأمثلة على هذا كثيرة ، والنبي عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع
الكلم واختصر له الكلام اختصاراً .
ويلاحظ على كثير من الناس
ومن كانوا من المؤلفين كتبهم مختصرة جداً وعلمهم كثير ومبارك ومنهم من يأتي
بالكلام الكثير جداً في بحث مسألة ممكن اختصارها في صفحة هذا إطناب في
الغالب كلام مكرر لا داعي له .
الخطباء أحيانا يأتي
الخطيب بكلام يردده على مدى ساعة لو أختصره بخمس دقائق لأمكن ،والإطناب قد
يمدح إذا احتيج إليه لكن إذا كان مسار للملالة والسآمة من السامع أو لنسيان
بعضه بسبب طوله بعضه ينسخ بعضاً مثل هذا مذموم فالإيجاز هو المحمود .
والمساواة بينهما لما بقي من النوعين الآخرين مثال:
{ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله }هذه
معناها مطابق للفظها من حيث طول الكلام وقصره وكثرة المعاني وقلتها
متساوية ،كلا يحق المكر يعني المكر السيئ إلى بأهله بقدر المعنى ،لكن من
يحدد أن هذه الآية بحروفه المعدودة بقدر المعنى ؟
لماذا لا يقول قائل أن دلالة {لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}على ما تحتمله من معاني مثل{ لكم في القصاص حياة }تحتاج
إلى الثقة وتحتاج إلى فهم لمعناها من جميع الوجوه وتحتاج إلى قراءة ما
قاله أهل العلم في معانيها وما تحتمله ،لننظر ما تحتها من علوم وفوائد أمور
قد لا يتم حصرها بسهولة .
ولك في أكمل هذي اجر :كلا يحيق المكر
إن وقفت عليها يعني في نظمه تأجر بقدر ما قرأت من حروف لكن أكملت الآية لك
الأجر في كل حرف عشر حسنات وهذا تكملة للبيت وإلا فهو من المعلوم.
نحو ألم أقل لك الإطناب :{ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبر}في
الكهف وهذه الآية جاءت مرة دون لك وأخرى بلك ،ما دام جاءت بدون الجر
والمجرور واستقام معناها فوجود الجر والمجرور زائد ما دام المعنى يستقيم
بدون الحرف أو الحرفين المذكورين فهو زائد فوجوده إطناب .
لكن ما معنى زائد ،هل يعني
خلا من الفائدة ؟إذا لم يخلو من الفائدة فليس بزائد لأنهم ينظرون إلى هذه
الفائدة إنها من المعاني التي تحتملها الكلمة فإذا كان لها معنى في موضعها
وأنها لو حذفت وإن تؤدى المعنى في الموضع السابق فإنه لن يتأدى المعنى
المطلوب في المعنى اللاحق الذي ذكرت فيه .
على كل حال هم نظروا إليها باعتبار أنها وجدت الآية بدونها ووجدت بها واستقام الكلام بدونها في الآية الأولى فليستقم الكلام بدونها في الآية الثانية ويكون هذا من باب القدر الزائد في الكلام على المعنى الذي يحتمله هذا الكلام فيسمونه إطناب .
ولا شك أن الزيادة الجر والمجرور لتأكيد الكلام لتكرر القول الصادر بين الطرفين يعني في الأمر الأول
قد لا يحتاج إليها لأن الكلام لم يتكرر فإذا إحتيج إلى التأكيد لتكرر
الكلام عندها وقع من ابنك مخالفة فتبين له بأسلوب مناسب وكلام مختصر .
لكن إذا وقعت منه مخالفة
ثانية تحتاج أن تزيد في الكلام من أجل أن يرتدع ،وقل مثل هذا في مخاطبة
خالي الذهن يرقى إليه الكلام من دون تأكيد ثم إن تردد بعد ذلك يؤكد له
الكلام ثم إن تردد بعد ذلك يزاد في التأكيدات .
نحو ألم أقل لك الإطناب وهي لها :أي هذه الثلاثة لدى المعاني باب يعني لدي فن المعاني باب مستقل وباب ما ذكر من الإيجاز والإطناب والمساواة .
وكل في مناسبته أبلغ من
غيره فقد يكون الإيجاز أبلغ من الإطناب وقد يكون الإطناب في بعض المناسبات
وبعض الظروف أبلغ من الإيجاز والمساواة هي الأصل لا يزاد في الكلام ولا
ينقص منه .
تم التهذيب بواسطة زمزم
نهج التيسير للشيخ: محسن علي المساوي
النوع الثالث والرابع والخامس: الإيجاز والإطناب والمساواة
أما الإيجاز فهو كون اللفظ
أقل من المراد، بدون إخلال، وله أقسام كثيرة، محلها فن المعاني، وأما
الإطناب فهو تأدية المعنى بلفظ أزيد منه لفائدة، فهو عكس الإيجاز، وأما
المساواة فهي كون اللفظ بقدر المعنى المراد. وقد اكتفى الناظم عن تعريفها
بالمثل، فقال: (ولكم الحياة في) آية (القصاص) أي في قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}، (قل) هي (مثال الإيجاز)
فإن معناه كثير، ولفظه يسير، لأنه قائم مقام قولنا إذا علم الإنسان أنه
إذا قتل يقتص منه، كان ذلك داعياً قوياً مانعاً له من القتل فارتفع بالقتل
الذي هو قصاص، كثير من قتل الناس بعضهم بعضاً، فكان ارتفاع القتل هو حياة
لهم (ولا تخفى المثل) جمع مثال (لما بقي) من الإطناب والمساواة، فمثال المساواة (كـ) قوله تعالى: { (لا يحيق المكر) السيء إلا بأهله}، فإن معناه مطابق للفظه، قوله (ولك في إكمال هذي) أي هذه الآية (أجر) تكملة، ثم قال: (نحو ألم أقل لك) خبر مقدم لقوله (الإطناب) يعني أن الإطناب، أي مثاله قوله تعالى: {ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً}، ونحوه من كل معنى أدي بلفظ أزيد منه لفائدة، والزيادة، في الآية لفظ لك توكيداً لتكرر القول الصادر من الخضر وموسى (وهي) أي هذه الثلاثة (لها لدى) فن (المعاني باب) مستقل، والله أعلم.