الدروس
course cover
التعريف بأشهر الفرق الكلامية
30 Nov -0001
30 Nov -0001

28214

0

1

course cover
مسائل الاعتقاد في التفسير

القسم الأول

التعريف بأشهر الفرق الكلامية
30 Nov -0001
30 Nov -0001

30 Nov -0001

28214

0

1


0

0

0

1

0

[أشهر فرق المتكلمين]

وأشهر تلك الفرق: الجهمية، أتباع الجهم بن صفوان ، وهذا المذهب أشهر من فيه هو إمامه ، ولا يعلم لهذه الفرقة إلا هذا الرجل ، ولا شك أن له أتباع وأصحاب لكن إذا أطلق مذهب الجهم لا نستطيع أن نقيد إلا هذا الرجل ، لكن ينبغي أن نتنبه أن الجهمية لها اصطلاحان ؛ يعني مدلول لفظ الجهمية يطلق على أمرين ، الأمر الأول : الجهمية بالمعنى الخاص ، أو الجهمية عند أصحاب كتب المقالات كتب الفرق ، وهم أتباع الجهم بن صفوان ، هؤلاء إذا تناولنا اعتقادهم نأتي في باب الإيمان لهم معتقد ، نأتي في باب الأسماء والصفات لهم رأي ومعتقد ، نأتي في باب القدر لهم معتقد . هذا الاصطلاح الأول.

الاصطلاح الآخر هو مدلول لفظ الجهمية في كلام السلف ، السلف رحمهم الله يطلقون لفظ الجهمية على كل من كان منكرا للصفات ، كل من كان منكر للصفات هو عند السلف جهمي ، فهنا يكون المعنى أعم ، فيقال أن للجهمية لها مدلولان : مدلول عام ، ومدلول خاص , المدلول العام هو منكري الصفات فيدخل هنا المعتزلة أيضا ؛ لأن المعتزلة أيضا من منكري الصفات .

المعنى الخاص هم أتباع الجهم بن صفوان في مسائل الاعتقاد . -واضح الآن ؟- فعندنا هذا اللفظ.

على سبيل المثال بشر بن غياث رد عليه عثمان الدارمي و في نفس العنوان الجهمي ، و معلوم أن بشر بن غياث هو من أئمة الاعتزال ، عندنا الإمام أحمد -رحمه الله- أطلق على ابن أبي دؤاد جهمي ، و ابن أبي دؤاد من أئمة المعتزلة ، وكما ذكرت سابقا أنه في فرقة المعتزلة بالمعنى الخاص لا نعرف الآن إلا جهم بن صفوان ، لا شك أن الجهم له تلامذة و أصحاب ولكن النقل عنه في كتب المقالات قليل أو لا أصلحه أحد باسمه الآن ، مع هذا لفظ الجهمية أطلق على كثير من أئمة المعتزلة ، بل كل أئمة المعتزلة جهمية ؛ لأنهم منكري الصفات ، شيخ الاسلام ابن تيمية يطلق مسمى الجهمية تارة بهذا المعنى و تارة بهذا المعنى ، يعني تارة يطلق لفظ الجهمية على منكري الصفات و هذا كثير في كلامه و إذا جاء في بيان أقوال الناس في مسائل الاعتقاد فقال: قول الجهمية و هذا قول المعتزلة ، هنا يريد المعنى الخاص ، -واضح الآن؟-، يعني ابن تيمية و غيره من أئمة أهل العلم كثيراً ما يستخدمون المصطلح في معنَيَيَه ، فيطلقون الجهمية على المنكري الصفات ، و لكن عند تفصيل الأقوال سواء في مبحث القدر ، في مبحث الإيمان ، في مبحث الصفات يميّزون الآن ، وهنا في الحقيقة أحيانا هذا اللفظ يطلق حتى على الأشاعرة ، و الحقيقة الأشاعرة ليسوا جهمية ، الأشاعرة ليسوا جهمية ، لأن الأشاعرة و أبناء عمهم الماتريدية و مشايخهم الكلابية هم في الحقيقة في الجملة من مثبتي الصفات ، الشيراستاني ذكر في بداية كتابه (الملل و النحل) سمّاهم الصّفاتيّة ؛ لأنهم يقرون بجملة من الصفات، فكانوا في خندق أهل الإثبات ، لكن لما كان عندهم من تعطيل كثير من الصفات صار عندهم نوع من التّجهم ، هذا في باب الصفات.

إذا انتقلنا إلى باب القدر مثلا نجد الإمام ابن تيمية يطلق عليهم الجهمية و يريد أنهم قد وافقوا الجهمية في مسألة الإرجاء أو في مسألة القدر في باب الجبر ؛ لأنهم قالوا بقولهم في الجملة و إن كان هناك فرق عند البيان و التفصيل ، هناك فرق بين قول فرقة الجهمية في مسألة القدر و قول الأشاعرة ، لكنهم لأنهم اشتركوا في أصل مقالة الجبر في باب القدر يُلحقهم الإمام ابن تيمية بهذا المسمّى أحيانا ، بل الإمام ابن تيمية -رحمه الله- فيما يتعلق في الكلام عن الأشاعرة أحيانا يطلق عليهم مسمّى (متكلمة أهل السّنة) ، فالمقام في الحقيقة يختلف من مكان إلى آخر بحسب طريقة العرض، و هذا يكون على جهة الإنصاف ؛ لأنك إذا عرفت الأشاعرة بالنسبة إلى غيرهم من الفرق تجدهم أقل انحرافا ، وإذا رأيت حقيقة هذا المذهب تجده في الحقيقه قد حوى باطل كثير ، و أهل العلم يختلفون في شدّتهم في كلامهم عن الأشاعرة ، بحسب مجموعة أمور، إمّا بحسب ما رأوه من عرض الأشاعرة ، أو بحسب انتشار هذا المذهب ، يعني في بداية الأمر كان السلف على موقفهم من الأشاعرة فبعضهم رأى أنهم هم خصوم المعتزلة فأثنى عليهم لعدم معرفته بحقيقة هذا المذهب ، كما أُثِرَ عن الدار قطني -رحمه الله - لما رأى الباقلاني أثنى عليه ، والباقلاني هو الإمام الثاني بعد أبي الحسن الأشعري -نستطيع أن نقول ذلك-، بينما غيره من المتقدمين شنّع عليهم غاية التشنيع ، كما رأينا عند السجزي و غيره من أئمة السنة لأنهم رآهم في الحقيقة أنهم يعني لهم وجهين -إن صح التعبير- ، فهم يدّعون نصر السّنة لكن مقالاتهم تحوي السمّ الزعاف، فهم يدّعون أنهم ينصرون قول أهل السنّة في أن القرآن غير مخلوق ، ومُؤَدّى مذهب الأشاعرة في القرآن هو مذهب المعتزلة ، وهذا كثير في الحقيقة ، كثير من المسائل التي يقول بها الأشاعرة فيما يدّعونه أنه موافق لأهل السنّة عند التحقيق يتبيّن أنه موافق لأقوال أهل البدع ، يعني من ناوَؤَهُم من أهل البدع فمسألة النظر مثلا ، النّظر إلى الله ، هم يثبتون ذلك ، وهم خصوم للمعتزلة في هذه المسألة و ردودهم جيدة في الجملة لكنها مبنية على قولهم: الرؤية من غير مقابلة من غير جهة لذا في الحقيقة يخالفهم عامة أهل الفرق ، من أهل السنة و من غير أهل السنّة ، يقال هذا القول لا يدل عليه النقل و لا حتى العقل ، ليس هذا في الحقيقة محل كلامنا على العموم ، أنا أردت فقط أبيّن أن أشهر الفرق الكلامية هم الجهمية؛ و الجهمية لها مصطلحين و المصطلح الأول عام: يشمل منكري الصفات فيدخل معهم المعتزلة ، و المصطلح الآخر الخاص: الذي يكثر تناوله في كتب المقالات وكتب الفرق وهم أتباع الجهم بن صفوان في سائر مسائل الاعتقاد ، وأما الأشاعرة فليسوا جهمية ، بهذا المعنى لأنهم من المثبتة في الجملة .

والأخت تسأل: عن قول الأشاعرة في القدر؟

الأشاعرة هم جبرية في باب القدر ، لكن قولهم في الجبر ليس كقول الجبرية الغلاة ، و ليس هذا مقام التفصيل.

طبعا الجهمية في مسائل الإيمان ذكرت أنهم مرجئة و في مسائل الصفات هم معطلة ، و في مسائل القدر هم جبرية ، طبعا الأمر لا يقف عند هذا بل من شر الفرق الكلامية هم الجهمية ، إذا تناولناه فيما يتعلق في مسائل اليوم الآخر ، نجد عندهم انحراف كثير ، و إنكار كثير مما دلت عليه النصوص الصحيحة ، كذلك فيما يتعلق بأقوالهم في أبواب النبوّات.

الفرقة الثانية: المعتزلة.

-أنا ذكرت لكم أن العنوان كبير إذا قيل في مسائل الاعتقاد وسأشير بإيجاز إلى مدلول هذا اللفظ ماذا يعني؟ لكني سأتكلم عن أهم المسائل أو أشهر المسائل التي ظهر فيها الخلاف -

المعتزلة في باب الإيمان قولهم قريب من قول الخوارج و إن كان بينهم فرق ، و قولهم في الصفات معلوم أنهم منكري للصفات إنما يثبتون الأسماء دون الصفات ، و الأسماء يجعلونها كالأعلام المحضة التي لا تدل و لا تتضمن معاني و أما في باب القدر فهم نفاة ، و إذا قيل القدرية فهم نفاة القدر ، و أشهر من قال بنفي القدر هم المعتزلة ، انتهينا من الفرقة الثانية.

الفرقة الثالثة: الأشاعرة.

الأشاعرة في الحقيقة في باب الإيمان مرجئِة، وفي باب الصفات يُعدّون من جملة المثبتة في الجملة لكن عند التفصيل نحتاج أيضًا أن نفصل فيما يتعلق بالأشاعرة، لأن الأشاعرة هناك متقدّمي الأشاعرة ومتأخري الأشاعرة.

الأشاعرة في الحقيقة مرّوا نستطيع أن نقول بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: متقدّمو الأشاعرة.

المرحلة الثانية: يؤرخها بعضهم بعد أبي المعالي الجويني -رحمه الله وغفر له-.

المرحلة الثالثة: بعد الفخر الرازي.

فالمرحلة الأولى هم يُثبتون الصفات الخبريّة والصِفات الذاتيّة؛ وهي التي يسمّونها صفات المعاني، وإنما وقع انحراف عندهم في صفات الأفعال، هذا عند متقدّمي الأشاعرة.

كذلك هناك فرق بين الأشاعرة الخرسانيين وغيرهم، لكن هذا تفصيل لا نحتاجه.

أما المرحلة الثانية التي كانت بعد أبي المعالي الجويني في الحقيقة هم -صار المذهب اقترب لمذهب المعتزلة أكثر- فصاروا يعطّلون الصفات الخبريّة وصفات الأفعال، وإنما يثبتون صفات المعاني فقط. وصفات المعاني يثبتون منها فقط السبع.

المرحلة الثالثة "بعد الفخر الرازي": اقترب المذهب دخل على المذهب أقوال الفلاسفة ، ثم متأخّري الأشاعرة دخلهم أيضًا التصوّف والقبوريات ، يمكن هذه نجعلها مرحلة رابعة في الحقيقة.

هذا بما يتعلّق بالأشاعرة على وجه الإيجاز.

شيوخ ماقبل الجويني لا شكّ أنهم أقرب إلى السنة ممّن جاء بعدهم، يعني من المشاهير متقدّمي الأشاعرة الذين أقرب لأهل السنة: الحافظ البيهقي رحمه الله صاحب السنن الكبرى، وله كتاب الاعتقاد وكتاب الأسماء والصفات بناءً على مذهب متقدّمي الأشاعرة.

وقد تأثّر بالأشاعرة جملةً ، كما ذكرت أنهم في بداية أمرهم ظهروا على أنهم هم المدافعون عن قول أهل السنة بالأدلّة الكلاميّة، فكان أهل الحديث يُحذّرون من الكلام الذي جاء به المعتزلة والجهمية عمومًا ويكتفون بذلك مع تأييد أو نصر مسائل الاعتقاد بما جاء في الكتاب والسنة ، لكن استفحل أمر المعتزلة خاصة لما تبناه بعض الخلفاء ، فلما ظهر بعض أئمة الكلابية وأبطلوا كلام المعتزلة بالأدلة العقلية فرح بهذا جملة من الناس وظنوا أن ذلك يوقف باطل هؤلاء ولم يعلم أن هؤلاء الذين اعتمدوا على العقل قد تضمن كلامهم باطل آخر ، فمثلا: من اطلع على كلام الدارمي رحمه الله، والدارمي في القرن الثالث أو توفي في بداية الثالث، يجد أنه كثير مما حكاه عن بشر بن غياث المريسي من تأويل الصفات يقول به الأشاعرة ، هذا فيما يتعلق بمذهب الأشاعرة ، ليس هذا أيضا موضوعنا لكن هذا سنحتاجه عند الكلام على التفسير أو المفسرون.

طبعاً الفرق بين الفلسفة الكلامية هذا ليس مهم ، من الأمور التي نحتاج نتناولها على وجه الإيجاز مسائل الاعتقاد ، طبعا كتب العقائد تتناول مسائل الاعتقاد بمناهج مختلفة ، أهل السنة تناولهم لمسائل الاعتقاد على ضوء ما جاء في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام ، الإيمان بالأصول الستة : الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره، هذا طبعاً واضح عند متأخري الكتب ، متأخري أهل السنة.