23 Aug 2015
تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يا
أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح اللّه
لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا
العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ (11) }
يقول تعالى مؤدّبًا عباده المؤمنين، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعضٍ في المجالس: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس} وقرئ {في المجلس}{فافسحوا يفسح اللّه لكم}
وذلك أنّ الجزاء من جنس العمل، كما جاء في الحديث الصّحيح: "من بنى للّه
مسجدًا بنى اللّه له بيتًا في الجنّة" وفي الحديث الآخر: "ومن يسّر على
معسر يسّر اللّه عليه في الدّنيا والآخرة، [ومن ستر مسلمًا ستره اللّه في
الدّنيا والآخرة] واللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ولهذا
أشباهٌ كثيرةٌ؛ ولهذا قال: {فافسحوا يفسح اللّه لكم}.
قال قتادة: نزلت هذه
الآية في مجالس الذّكر، وذلك أنّهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلًا ضنّوا
بمجالسهم عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم اللّه أن يفسح
بعضهم لبعض.
وقال مقاتل ابن حيّان: أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم يومئذٍ في الصّفّة، وفي المكان ضيقٌ، وكان يكرم أهل بدرٍ
من المهاجرين والأنصار، فجاء ناسٌ من أهل بدرٍ وقد سبقوا إلى المجالس،
فقاموا حيال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: السّلام عليك أيّها
النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته. فردّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ
سلّموا على القوم بعد ذلك، فردّوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن
يوسّع لهم، فعرف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما يحملهم على القيام، فلم
يفسح لهم، فشقّ ذلك على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال لمن حوله من
المهاجرين والأنصار، من غير أهل بدرٍ: "قم يا فلان، وأنت يا فلان". فلم يزل
يقيمهم بعدّة النّفر الّذين هم قيامٌ بين يديه من المهاجرين والأنصار من
أهل بدرٍ، فشقّ ذلك على من أقيم من مجلسه، وعرف النّبيّ صلّى اللّه عليه
وسلّم الكراهة في وجوههم، فقال المنافقون: ألستم تزعمون أنّ صاحبكم هذا
يعدل بين النّاس؟ واللّه ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء، إنّ قومًا أخذوا
مجالسهم وأحبّوا القرب لنبيّهم، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه. فبلغنا أنّ
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "رحم اللّه رجلًا فسح لأخيه".
فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا، فتفسّح القوم لإخوانهم، ونزلت هذه الآية يوم
الجمعة. رواه بن أبي حاتمٍ.
وقد قال الإمام أحمد، والشّافعيّ: حدّثنا سفيان، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن
ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يقيم الرّجل
الرّجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا".
وأخرجاه في الصّحيحين من حديث نافعٍ، به
وقال الشّافعيّ: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريجٍ قال: قال سليمان بن موسى،
عن جابر بن عبد اللّه. أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا
يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة، ولكن ليقل: افسحوا". على شرط السّنن ولم
يخرّجوه
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا فليح، عن أيّوب عن
عبد الرّحمن بن [أبي] صعصعة، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أبي هريرة، عن
النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثمّ يجلس
فيه، ولكن افسحوا يفسح اللّه لكم"
ورواه أيضًا عن سريج بن يونس، ويونس بن محمّدٍ المؤدّب، عن فليح، به.
ولفظه: "لا يقوم الرجل للرّجل من مجلسه، ولكن افسحوا يفسح اللّه لكم" تفرّد
به أحمد
وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوالٍ: فمنهم من
رخّص في ذلك محتجًّا بحديث: "قوموا إلى سيّدكم" ومنهم من منع من ذلك
محتجًّا بحديث: "من أحبّ أن يتمثّل له الرّجال قيامًا فليتبوّأ مقعده من
النّار" ومنهم من فصّل فقال: يجوز عند القدوم من سفرٍ، وللحاكم في محلّ
ولايته، كما دلّ عليه قصّة سعد بن معاذٍ، فإنّه لما استقدمه النّبيّ صلّى
اللّه عليه وسلّم حاكمًا في بني قريظة فرآه مقبلًا قال للمسلمين: "قوموا
إلى سيّدكم". وما ذاك إلّا ليكون أنفذ لحكمه، واللّه أعلم. فأمّا اتّخاذه
ديدنًا فإنّه من شعار العجم. وقد جاء في السّنن أنّه لم يكن شخصٌ أحبّ
إليهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان إذا جاء لا يقومون له،
لما يعلمون من كراهته لذلك
وفي الحديث المرويّ في السّنن: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان
يجلس حيث انتهى به المجلس، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس، وكان
الصّحابة، رضي اللّه عنهم، يجلسون منه على مراتبهم، فالصّدّيق يجلسه عن
يمينه، وعمر عن يساره، وبين يديه غالبًا عثمان وعليٌّ؛ لأنّهما كانا ممّن
يكتب الوحي، وكان يأمرهما بذلك، كما رواه مسلمٌ من حديث الأعمش، عن عمارة
بن عميرٍ، عن أبي معمر، عن أبي مسعودٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم كان يقول: "ليليني منكم أولوا الأحلام والنّهى، ثمّ الّذين يلونهم،
ثمّ الّذين يلونهم" وما ذاك إلّا ليعقلوا عنه ما يقوله، صلوات اللّه وسلامه
عليه؛ ولهذا أمر أولئك النّفر بالقيام ليجلس الّذين وردوا من أهل بدرٍ،
إمّا لتقصير أولئك في حقّ البدريّين، أو ليأخذ البدريّون من العلم بنصيبهم،
كما أخذ أولئك قبلهم، أو تعليمًا بتقديم الأفاضل إلى الأمام.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرٍ التّيميّ عن
أبي معمرٍ، عن أبي مسعودٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يمسح
مناكبنا في الصّلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني منكم
أولو الأحلام والنّهى، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم". قال أبو
مسعودٍ فأنتم اليوم أشدّ اختلافًا.
وكذا رواه مسلمٌ وأهل السّنن، إلّا التّرمذيّ، من طرقٍ عن الأعمش، به
وإذا كان هذا أمره لهم في الصّلاة أن يليه العقلاء ثمّ العلماء، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصّلاة.
وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالحٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن كثير بن
مرّة، عن عبد اللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
"أقيموا الصّفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدّوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم،
ولا تذروا فرجاتٍ للشّيطان، ومن وصل صفًّا وصله اللّه، ومن قطع صفًّا قطعه
الله" ولهذا كان أبيّ بن كعبٍ -سيّد القرّاء-إذا انتهى إلى الصّفّ الأوّل
انتزع منه رجلًا يكون من أفناء النّاس، ويدخل هو في الصّفّ المقدّم، ويحتجّ
بهذا الحديث: "ليليني منكم أولو الأحلام والنّهى". وأمّا عبد اللّه بن عمر
فكان لا يجلس في المكان الّذي يقوم له صاحبه عنه، عملًا بمقتضى ما تقدّم
من روايته الحديث الّذي أوردناه. ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج
المتعلّق بهذه الآية، وإلّا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع، وفي الحديث
الصّحيح: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ، إذ أقبل ثلاثة
نفرٍ، فأمّا أحدهم فوجد فرجةً في الحلقة فدخل فيها، وأمّا الآخر فجلس وراء
النّاس، وأدبر الثّالث ذاهبًا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
"ألا أنبئكم بخبر الثّلاثة، أمّا الأوّل فآوى إلى اللّه فآواه اللّه، وأمّا
الثّاني فاستحيا فاستحيا اللّه منه، وأمّا الثّالث فأعرض فأعرض اللّه عنه"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عتّاب بن زيادٍ، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا أسامة
بن زيدٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو أنّ رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا يحلّ لرجلٍ أن يفرّق بين اثنين إلّا
بإذنهما".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث أسامة بن زيدٍ اللّيثيّ، به وحسّنه التّرمذيّ.
وقد روي عن بن عبّاسٍ، والحسن البصريّ وغيرهما أنّهم قالوا في قوله تعالى: {إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس فافسحوا} يعني: في مجالس الحرب، قالوا: ومعنى قوله: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي: انهضوا للقتال.
وقال قتادة: {وإذا قيل انشزوا فانشزوا} أي: إذا دعيتم إلى خيرٍ فأجيبوا.
وقال مقاتل [بن حيّان] إذا دعيتم إلى الصّلاة فارتفعوا إليها.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: كانوا إذا كانوا عند النّبيّ صلّى اللّه
عليه وسلّم في بيته فأرادوا الانصراف أحبّ كلٌّ منهم أن يكون هو آخرهم
خروجًا من عنده، فربّما يشقّ ذلك عليه-عليه السّلام-وقد تكون له الحاجة،
فأمروا أنّهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا، كقوله: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} [النّور: 28]
وقوله: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ}
أي: لا تعتقدوا أنّه إذا فسح أحدٌ منكم لأخيه إذا أقبل، أو إذا أمر
بالخروج فخرج، أن يكون ذلك نقصًا في حقّه، بل هو رفعةٌ ومزيّةٌ عند اللّه،
واللّه تعالى لا يضيّع ذلك له، بل يجزيه بها في الدّنيا والآخرة، فإنّ من
تواضع لأمر اللّه رفع اللّه قدره، ونشر ذكره؛ ولهذا قال: {يرفع اللّه الّذين آمنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجاتٍ واللّه بما تعملون خبيرٌ} أي: خبيرٌ بمن يستحقّ ذلك وبمن لا يستحقّه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو كاملٍ، حدّثنا إبراهيم، حدّثنا ابن شهابٍ، عن
أبي الطّفيل عامر بن واثلة، أنّ نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطّاب
بعسفان، وكان عمر استعمله على مكّة، فقال له عمر: من استخلفت على أهل
الوادي؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزى. قال: وما ابن أبزى؟ فقال: رجلٌ من
موالينا. فقال عمر [بن الخطّاب] استخلفت عليهم مولًى؟. فقال: يا أمير
المؤمنين، إنّه قارئٌ لكتاب اللّه، عالمٌ بالفرائض، قاضٍ. فقال عمر، رضي
اللّه عنه: أما إنّ نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم قد قال: "إنّ اللّه يرفع
بهذا الكتاب قومًا ويضع به آخرين"
وهكذا رواه مسلمٌ من غير وجهٍ، عن الزّهريّ، به وقد ذكرت فضل العلم وأهله
وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاةً في شرح "كتاب العلم" من صحيح
البخاريّ، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/45-49] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (11- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} : أمَرَهم اللهُ سُبحانَه بحُسْنِ الأدَبِ بعضَهم مع بعضٍ بالتَّوْسِعَةِ في الْمَجْلِسِ وعدَمِ التضايُقِ فيه.
قالَ قَتادةُ ومُجاهِدٌ: كانوا يَتنافسونَ في مَجْلِسِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأُمِرُوا أنْ يُفْسِحَ بعضُهم لبعضٍ.
{فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ}
أيْ: فوَسِّعُوا يُوَسِّعِ اللهُ لكم في الجنَّةِ، وهي عامَّةٌ في كُلِّ
مَجلِسٍ اجتمَعَ فيه المسلمونَ للخيرِ والأجْرِ، سواءٌ كان مَجْلِسًا
اجتَمَعَ فيه المسلمونَ للخيرِ والأَجْرِ؛ سواءٌ كانَ مَجْلِسَ حَرْبٍ، أو
ذِكْرٍ، أو يومَ الْجُمُعَةِ، وكلُّ واحدٍ أحَقُّ بِمَكانِه الذي يَسْبِقُ
إليه، ولكنْ يُوَسِّعُ لأَخِيهِ. عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنه
قالَ: ((لاَ يُقِمِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسْ فِيهِ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا)).
{وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا}
أيْ: إذا طُلِبَ مِن بعضِ الجالسينَ في المجلِسِ أنْ يَنهَضُوا مِن
أَماكنِهم ليَجْلِسَ فيها أهْلُ الفَضْلِ في الدِّينِ، وأهْلُ العلْمِ
باللهِ فلْيَقُومُوا.
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
أيْ: يَرفَعِ الذينَ أُوتوا العلْمَ مِنكم دَرجاتٍ عاليةً في الكَرامةِ في
الدنيا والثوابِ في الآخِرةِ، فمَن جَمَعَ الإيمانَ والعلْمَ رَفعَه اللهُ
بإيمانِه دَرجاتٍ، ثم رفَعَه بعِلْمِه دَرجاتٍ، ومِن جُملةِ ذلك رفْعُه في
الْمَجالِسِ). [زبدة التفسير: 543] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يا
أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك
خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (12) أأشفقتم أن
تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا
الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون (13) }
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم، أيّ: يسارّه فيما بينه وبينه، أن يقدّم بين يدي ذلك
صدقةً تطهّره وتزكّيه وتؤهّله لأن يصلح لهذا المقام؛ ولهذا قال: {ذلك خيرٌ لكم وأطهر}
ثمّ قال: {فإن لم تجدوا} أي: إلّا من عجز عن ذلك لفقده {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} فما أمر بها إلّا من قدر عليها). [تفسير القرآن العظيم: 8/49] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (12- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} المعنى: إذا أَرَدْتُمْ مُسارَرَةَ الرسولِ في أمْرٍ مِن أُمورِكم فقَدِّموا قبلَ مُسَارَرَتِكم له صَدقةً، تَصَدَّقُوا بها.
أَنْزَلَ اللهُ هذه الآيةَ فانْتَهَى أهلُ
الباطِلِ عن مُناجاةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنهم لم
يُقَدِّموا بينَ يَدَيْ نَجْوَاهم صَدقةً، وشَقَّ ذلك على أهْلِ الإيمانِ
وامْتَنَعوا عن النجوَى؛ لضَعْفِ كثيرٍ مِنهم عن الصدَقَةِ, ثم خَفَّفَ
اللهُ عنهم بالآيةِ التي بعدَ هذه, {ذَلِكَ}: تَقديمُ الصدَقَةِ بينَ يَدَيِ النَّجْوَى.
{خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ}؛ لِمَا فيه مِن طاعةِ اللهِ.
{فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يَعنِي: مَن كانَ مِنهم لا يَجِدُ تلك الصدَقَةَ فلا حَرَجَ عليه في النَّجْوَى بدُونِ صَدَقَةٍ). [زبدة التفسير: 544] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} أي: أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصّدقة قبل مناجاة الرّسول، {فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وأطيعوا اللّه ورسوله واللّه خبيرٌ بما تعملون} فنسخ وجوب ذلك عنهم.
وقد قيل: إنّه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه.
قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قال: نهوا عن مناجاة النّبيّ صلّى اللّه عليه
وسلّم حتّى يتصدّقوا، فلم يناجه إلّا عليّ بن أبي طالبٍ، قدّم دينارًا
صدقةً تصدّق به، ثمّ ناجى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فسأله عن عشر
خصالٍ، ثمّ أنزلت الرّخصة.
وقال ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ، قال عليٌّ، رضي اللّه عنه: آيةٌ في كتاب
اللّه، عزّ وجلّ لم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي، كان عندي
دينارٌ فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم تصدّقت بدرهمٍ، فنسخت ولم يعمل بها أحدٌ قبلي، ولا يعمل بها أحدٌ
بعدي، ثمّ تلا هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} الآية.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن
المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ [بن
أبي طالبٍ] -رضي اللّه عنه-قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما
ترى، دينار؟ ". قال: لا يطيقون. قال: "نصف دينارٍ؟ ". قال: لا يطيقون. قال:
"ما ترى؟ " قال: شعيرة، فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّك
زهيدٌ قال: قال عليٌّ: فبي خفّف اللّه عن هذه الأمّة، وقوله: {[يا أيّها الّذين آمنوا] إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} فنزلت: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ}
ورواه التّرمذيّ عن سفيان بن وكيع، عن يحيى بن آدم، عن عبيد اللّه
الأشجعيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن عثمان بن المغيرة الثّقفيّ، عن سالم بن
أبي الجعد، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: لمّا
نزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}
[إلى آخرها] قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما ترى، دينار؟ " قلت
لا يطيقونه. وذكره بتمامه، مثله، ثمّ قال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، إنّما
نعرفه من هذا الوجه". ثمّ قال: ومعنى قوله: "شعيرةٌ": يعني وزن شعيرةٍ من
ذهبٍ
ورواه أبو يعلى، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن آدم، به
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} كان المسلمون يقدّمون بين يدي النجوى صدقة، فلما نزلت الزّكاة نسخ هذا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}
وذلك أنّ المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
حتّى شقّوا عليه، فأراد اللّه أن يخفّف عن نبيّه، عليه السّلام. فلمّا قال
ذلك صبر كثيرٌ من النّاس وكفّوا عن المسألة، فأنزل اللّه بعد هذا: {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً فإذ لم تفعلوا وتاب اللّه عليكم فأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} فوسّع اللّه عليهم ولم يضيّق.
وقال عكرمة والحسن البصريّ في قوله: {فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} نسختها الآية الّتي بعدها {أأشفقتم أن تقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} إلى آخرها.
وقال سعيد [بن أبي عروبة] عن قتادة ومقاتل ابن حيّان: سأل النّاس رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، حتّى أحفوه بالمسألة، فقطعهم اللّه بهذه
الآية، فكان الرّجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم فلا يستطيع أن يقضيها حتّى يقدّم بين يديه صدقةً، فاشتدّ ذلك
عليهم، فأنزل اللّه الرّخصة بعد ذلك: {فإن لم تجدوا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وقال معمر، عن قتادة: {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً}
إنّها منسوخةٌ: ما كانت إلّا ساعةً من نهارٍ. وهكذا روى عبد الرّزّاق:
أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب، عن مجاهدٍ قال عليٌّ: ما عمل بها أحدٌ غيري حتّى
نسخت وأحسبه قال: وما كانت إلّا ساعةً). [تفسير القرآن العظيم: 8/49-51] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (13- {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} أيْ: أَخِفْتُمُ الفَقْرَ والعَيْلَةَ لأَنْ تُقَدِّمُوا ذلك؟ قالَ مُقاتِلٌ: إنما كانَ ذلك عَشْرَ ليالٍ ثم نُسِخَ.
{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا} ما أُمِرْتُمْ به مِن الصدَقَةِ بينَ يَدَيِ النَّجْوَى؛ لثِقَلِها عليكم.
{وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ} بأنْ رَخَّصَ لكُم في الترْكِ.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}
والمعنى: إذا وقَعَ مِنكم التثاقُلُ عن تَقديمِ الصدَقَةِ بينَ يَدَيِ
النَّجْوَى فاثْبُتُوا على إقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ وطاعةِ اللهِ
ورسولِه.
{وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فهو مُجازِيكُم). [زبدة التفسير: 544]
تفسير
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ
تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا
قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا
مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) )
(11) هذا أَدَبٌ مِن
اللَّهِ لعِبادِه المُؤْمنِينَ إذا اجْتَمَعُوا في مَجْلِسٍ مِن مَجالِسِ
مُجتمعاتِهم، واحتاجَ بعضُهم أو بعضُ القادمِينَ عليهم للتَّفَسُّحِ له في
الْمَجْلِسِ؛ فإنَّ مِن الأدَبِ أنْ يَفَسْحُوا له؛ تَحصيلاً لهذا
المقصودِ، وليسَ ذلك بضَارٍّ للفاسِحِ شيئاً، فيَحْصُلُ مَقْصودُ أخيهِ مِن
غيرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُه.
والجزاءُ مِن جِنْسِ العمَلِ؛ فإنَّ مَن فَسَحَ فَسَحَ اللَّهُ له، ومَن وَسَّعَ لأَخِيهِ وسَّعَ اللَّهُ عليه.
{وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا}؛ أي: ارْتَفِعُوا وتَنَحَّوْا عن مَجالِسِكم لحاجةٍ تَعْرِضُ {فَانْشُزُوا}؛
أيْ: فبَادِرُوا للقيامِ لتحصيلِ تلكَ الْمَصلحةِ؛ فإنَّ القيامَ بِمِثلِ
هذه الأمورِ مِن العلْمِ والإيمانِ، واللَّهُ تعالى يَرْفَعُ أهْلَ العلْمِ
والإيمانِ دَرجاتٍ بحَسَبِ ما خَصَّهُم اللَّهُ بهِ مِن العِلْمِ
والإيمانِ.
{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}؛ فيُجازِي كُلَّ عامِلٍ بعَمَلِه؛ إنْ خيراً فخيرٌ، وإنْ شَرًّا فشَرٌّ.
وفي هذهِ الآيةِ فَضيلةُ العِلْمِ، وأنَّ زِينَتَه وثَمَرَتَه التأدَّبُ بآدابِه والعمَلُ بِمُقْتَضاهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 846]
تفسير
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ
الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ
لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(12) )
(12) يَأمُرُ تعالى المُؤْمنِينَ بالصدَقَةِ
أمامَ مُناجاةِ رسولِه محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ؛ تَأديباً لهم
وتَعليماً وتَعظيماً للرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ؛ فإنَّ هذا
التعظيمَ خيرٌ للمُؤمنِينَ وأَطْهَرُ؛ أيْ: بذلكَ يَكثُرُ خَيْرُكم
وأَجْرُكم، وَتَحْصُلُ لكم الطَّهارةُ مِن الأَدْناسِ، التي مِن جُملَتِها
تَرْكُ احترامِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ والأدَبِ معَه
بكَثْرةِ الْمُناجاةِ التي لا ثَمَرَةَ تَحْتَها.
فإنَّه إذا أَمَرَ بالصدَقَةِ بينَ يَدَيْ
مُناجاتِه؛ صارَ هذا مِيزَاناً لِمَن كانَ حَريصاً على العلْمِ والْخَيْرِ؛
فلا يُبالِي بالصدَقَةِ، ومَن لَمْ يَكُنْ له حرْصٌ ولا رَغْبةٌ في
الخيْرِ، وإِنَّما مَقصودُه مُجَرَّدُ كثرةِ الكلامِ، فيَنْكَفُّ بذلكَ عن
الذي يَشُقُّ على الرسولِ، هذا في الواجِدِ للصدَقَةِ، وأمَّا الذي لا
يَجِدُ الصدَقَةَ؛ فإنَّ اللَّهَ لم يُضَيِّقْ عليهِ الأمْرَ، بل عَفَا عنه
وسامَحَه وأَباحَ له الْمُناجاةَ بدُونِ تقديمِ صَدَقَةٍ لا يَقْدِرُ
عليها). [تيسير الكريم الرحمن: 847]
تفسير
قوله تعالى: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ
صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13) )
وأمَرَهم تعالى أنْ يَقُومُوا بالمَأْموراتِ الكِبارِ المَقْصودةِ بنَفْسِها، فقالَ: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا}؛ أيْ: لَمْ يَهُنْ عليكم تَقديمُ الصدَقَةِ ولا يَكْفِي هذا، فإِنَّه ليسَ مِن شَرْطِ الأمرِ أنْ يكونَ هَيِّناً على العبْدِ.
ولهذا قَيَّدَه بقولِه: {وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}؛ أيْ: عَفَا لكم عن ذلكَ.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} بأَرْكَانِها وشُروطِها وجَميعِ حُدودِها ولَوَازِمها.
{وَآتُوا الزَّكَاةَ} الْمَفروضةَ في أموالِكم إلى مُسْتَحِقِّيها.
وهاتانِ العِبادتانِ هُمَا أُمُّ العِباداتِ
البَدَنِيَّةِ والْمَاليَّةِ؛ فمَن قامَ بهما على الوَجْهِ الشرعيِّ فقَدْ
قامَ بحُقوقِ اللَّهِ وحُقوقِ عِبادِه.
ولهذا قالَ بعدَه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
وهذا أَشْمَلُ ما يَكُونُ مِن الأوامِرِ، فيَدْخُلُ في ذلكَ طاعةُ اللَّهِ
وطاعةُ رسولِه بامتثالِ أوامرِهما واجتنابِ نَواهِيهِما وتَصديقِ ما
أَخْبَرَا به، والوقوفِ عندَ حُدودِ الشرْعِ.
والعِبرةُ في ذلكَ على الإخلاصِ والإحسانِ؛ فلهذا قالَ: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. فيَعلَمُ تعالى أعمالَهم، وعلى أيِّ وجْهٍ صَدَرَتْ، فيُجازِيهِم على حسَبِ عِلْمِه بما في صُدُورِهم). [تيسير الكريم الرحمن: 847]
* للاستزادة ينظر: هنا