الدروس
course cover
تفسير سورة البقرة [من الآية (174) إلى الآية (176) ]
17 Sep 2014
17 Sep 2014

4188

0

0

course cover
تفسير سورة البقرة

القسم الثاني عشر

تفسير سورة البقرة [من الآية (174) إلى الآية (176) ]
17 Sep 2014
17 Sep 2014

17 Sep 2014

4188

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) }




تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين يكتمون ما أنزل اللّه من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلّا النّار ولا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم}
يعني: علماء اليهود الذين كتموا أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله:{ويشترون به ثمناً قليلاً} ، أي: كتموه ؛ لأنهم أخذوا على كتمانه الرّشى.
{أولئك ما يأكلون في بطونهم إلّا النّار}: المعنى: أن الذين يأكلونه ، يعذبون به، فكأنهم: إنما أكلوا النار، وكذلك قوله عزّ وجلّ:ئ{الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ}
أي: يصيرهم أكله في الآخرة إلى مثل هذه الحالة.
و (الّذين) نصب ب (إنّ)، وخبر (إنّ) جملة الكلام ، وهي {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلّا النّار}، و (أولئك) رفع بالابتداء ، وخبر (أولئك}: {ما يأكلون في بطونهم إلّا الار}.
وقوله عزّ وجلّ:{ولا يكلمهم اللّه يوم القيامة}
فيه غير قول:
1-قال بعضهم معناه يغضب عليهم، كما تقول: فلان لا يكلم فلاناً، تريد هو غضبان عليه.
2- وقال بعضهم معنى {لا يكلمهم اللّه يوم القيامة}: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية،
3- وجائز إن يكون: {لا يكلمهم الله}: لا يسمعهم الله كلامه، ويكون الأبرار ، وأهل المنزلة الذين رضي اللّه عنهم يسمعون كلامه.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا يزكّيهم}
أي: لا يثنى عليهم، ومن لا يثني اللّه عليه ، فهو معذب.
وقوله عزّ وجلّ: {ولهم عذاب أليم}
معنى{أليم}: مؤلم ، ومعنى مؤلم : مبالغ في الوجع). [معاني القرآن: 1/245]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ الّذين يكتمون} الآية، قال ابن عباس وقتادة والربيع والسدي: «المراد أحبار اليهود الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، والكتاب: التوراة والإنجيل»، والضمير في به عائد على الكتاب، ويحتمل أن يعود على ما وهو جزء من الكتاب، فيه أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه وقع الكتم لا في جميع الكتاب، ويحتمل أن يعود على الكتمان، والثمن القليل: الدنيا والمكاسب، ووصف بالقلة لانقضائه ونفاده، وهذه الآية وإن كانت نزلت في الأحبار فإنها تتناول من علماء المسلمين من كتم الحق مختارا لذلك لسبب دنيا يصيبها.
وذكرت البطون في أكلهم المؤدي إلى النار دلالة على حقيقة الأكل، إذ قد يستعمل مجازا في مثل أكل فلان أرضي ونحوه، وفي ذكر البطن أيضا تنبيه على مذمتهم بأنهم باعوا آخرتهم بحظهم من المطعم الذي لا خطر له، وعلى هجنتهم بطاعة بطونهم، وقال الربيع وغيره:«سمي مأكولهم نارا لأنه يؤول بهم إلى النار»، وقيل: معنى الآية: أن الله تعالى يعاقبهم على كتمانهم بأكل النار في جهنم حقيقة، وقوله تعالى: {ولا يكلّمهم} قيل: هي عبارة عن الغضب عليهم وإزالة الرضى عنهم، إذ في غير موضع من القرآن ما ظاهره أن الله تعالى يكلم الكافرين، كقوله: {اخسؤا فيها}[المؤمنون: 108]، ونحوه، فتكون هذه الآية بمنزلة قولك: «فلان لا يكلمه السلطان ولا يلتفت إليه» وأنت إنما تعبر عن انحطاط منزلته لديه، وقال الطبري وغيره: «المعنى ولا يكلمهم بما يحبون»، وقيل: «المعنى لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية»، {ولا يزكّيهم}معناه: لا يطهرهم من موجبات العذاب، وقيل: المعنى لا يسميهم أزكياء، وأليمٌ اسم فاعل بمعنى مؤلم). [المحرر الوجيز: 1/ 415-416]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّ الّذين يكتمون ما أنزل اللّه من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النّار ولا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ (174) أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النّار (175) ذلك بأنّ اللّه نزل الكتاب بالحقّ وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيدٍ (176)}
يقول تعالى: {إنّ الّذين يكتمون} ممّا يشهد له بالرّسالة {ما أنزل اللّه من الكتاب} يعني اليهود الّذين كتموا صفة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في كتبهم التي بأيديهم، ممّا تشهد له بالرّسالة والنّبوّة، فكتموا ذلك لئلّا تذهب رياستهم وما كانوا يأخذونه من العرب من الهدايا والتّحف على تعظيمهم إيّاهم، فخشوا -لعنهم اللّه -إن أظهروا ذلك أن يتّبعه النّاس ويتركوهم، فكتموا ذلك إبقاءً على ما كان يحصل لهم من ذلك، وهو نزرٌ يسيرٌ، فباعوا أنفسهم بذلك، واعتاضوا عن الهدى واتّباع الحقّ وتصديق الرّسول والإيمان بما جاء عن اللّه بذلك النّزر اليسير، فخابوا وخسروا في الدّنيا والآخرة؛ أمّا في الدّنيا فإنّ اللّه أظهر لعباده صدق رسوله، بما نصبه وجعله معه من الآيات الظّاهرات والدّلائل القاطعات، فصدّقه الّذين كانوا يخافون أن يتّبعوه، وصاروا عونًا له على قتالهم، وباؤوا بغضبٍ على غضبٍ، وذمّهم اللّه في كتابه في غير موضعٍ. من ذلك هذه الآية الكريمة: {إنّ الّذين يكتمون ما أنزل اللّه من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلا} وهو عرض الحياة الدّنيا {أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النّار} أي: إنّما يأكلون ما يأكلونه في مقابلة كتمان الحقّ نارًا تأجّج في بطونهم يوم القيامة. كما قال تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}[النّساء: 10] وفي الحديث الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «الّذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضّة، إنّما يجرجر في بطنه نار جهنّم»
وقوله: {ولا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ} وذلك لأنّه غضبان عليهم، لأنّهم كتموا وقد علموا، فاستحقّوا الغضب، فلا ينظر إليهم ولا يزكّيهم، أي يثني عليهم ويمدحهم بل يعذّبهم عذابًا أليمًا.
وقد ذكر ابن أبي حاتمٍ وابن مردويه هاهنا الحديث الذي رواه مسلمٌ أيضًا من حديث الأعمش، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ثلاثةٌ لا يكلّمهم اللّه، ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذّابٌ، وعائلٌ مستكبرٌ»). [تفسير ابن كثير: 1/ 483-484]

تفسير قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النّار}
{فما أصبرهم على النّار}: وفيه غير وجه:
1- قال بعضهم: أيّ شيء أصبرهم على النار؟.
2- وقال بعضهم: فما أصبرهم على عمل يؤدي إلى النار ؛ لأن هؤلاء كانوا علماء بأن من عاند النبي صلى الله عليه وسلم صار إلى النار.
كما تقول: ما أصبر فلاناً على الحبس، أي: ما أبقاه فيه). [معاني القرآن: 1/245]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النّار (175) ذلك بأنّ اللّه نزّل الكتاب بالحقّ وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيدٍ (176) ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البرّ من آمن باللّه واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنّبيّين وآتى المال على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل والسّائلين وفي الرّقاب وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصّابرين في البأساء والضّرّاء وحين البأس أولئك الّذين صدقوا وأولئك هم المتّقون (177)}
لما تركوا الهدى وأعرضوا عنه ولازموا الضلالة وتكسبوها مع أن الهدى ممكن لهم ميسر كان ذلك كبيع وشراء، وقد تقدم إيعاب هذا المعنى، ولما كان العذاب تابعا للضلالة التي اشتروها وكانت المغفرة تابعة للهدى الذي اطرحوه أدخلا في تجوز الشراء.
وقوله تعالى: {فما أصبرهم على النّار}، قال جمهور المفسرين: «ما» تعجب، وهو في حيز المخاطبين، أي هم أهل أن تعجبوا منهم، ومما يطول مكثهم في النار، وفي التنزيل: {قتل الإنسان ما أكفره}[عبس: 17]،{وأسمع بهم وأبصر}[مريم: 38]، وبهذا المعنى صدر أبو علي، وقال قتادة والحسن وابن جبير والربيع: «أظهر التعجب من صبرهم على النار لما عملوا عمل من وطن نفسه عليها»، وتقديره: ما أجرأهم على النار إذ يعملون عملا يودي إليها، وقيل: «ما» استفهام معناه أي شيء أصبرهم على النار، ذهب إلى ذلك معمر بن المثنى، والأول أظهر، ومعنى أصبرهم في اللغة أمرهم بالصبر، ومعناه أيضا جعلهم ذوي صبر، وكلا المعنيين متجه في الآية على القول بالاستفهام، وذهب المبرد في باب التعجب من المقتضب إلى أن هذه الآية تقرير واستفهام لا تعجب، وأن لفظة «أصبر» بمعنى اضطر وحبس، كما تقول أصبرت زيدا على القتل، ومنه نهي النبي عليه السلام أن يصبر الروح، قال: ومثله قول الشاعر:
قلت لها أصبرها دائبا ....... أمثال بسطام بن قيس قليل
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «الضبط عند المبرد بضم الهمزة وكسر الباء»، ورد عليه في ذلك كله بأنه لا يعرف في اللغة أصبر بمعنى صبر وإنما البيت أصبرها بفتح الهمزة وضم الباء ماضيه صبر، ومنه المصبورة، وإنما يرد قول أبي العباس على معنى اجعلها ذات صبر). [المحرر الوجيز: 1/ 416-418]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مخبرًا عنهم: {أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى} أي: اعتاضوا عن الهدى، وهو نشر ما في كتبهم من صفة الرّسول وذكر مبعثه والبشارة به من كتب الأنبياء واتّباعه وتصديقه، استبدلوا عن ذلك واعتاضوا عنه بالضّلالة، وهو تكذيبه والكفر به وكتمان صفاته في كتبهم {والعذاب بالمغفرة} أي: اعتاضوا عن المغفرة بالعذاب وهو ما تعاطوه من أسبابه المذكورة.
وقوله تعالى: {فما أصبرهم على النّار} يخبر تعالى أنّهم في عذابٍ شديدٍ عظيمٍ هائلٍ، يتعجّب من رآهم فيها من صبرهم على ذلك، مع شدّة ما هم فيه من العذاب، والنّكال، والأغلال عياذًا باللّه من ذلك.
وقيل معنى قوله: {فما أصبرهم على النّار} أي: ما أدومهم لعمل المعاصي التي تفضي بهم إلى النّار ). [تفسير ابن كثير: 1/ 484]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ذلك بأنّ اللّه نزّل الكتاب بالحقّ وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}
المعنى: الأمر ذلك، أو ذلك الأمر ، فذلك مرفوع بالابتداء، أو بخبر الابتداء.
وقوله عزّ وجلّ: {وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}
بتباعد بعضهم في مشاقّة بعض؛ لأن اليهود والنصارى هم الّذين اختلفوا في الكتاب، ومشاقتهم بعيدة). [معاني القرآن: 1/246]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه نزّل الكتاب بالحقّ} الآية، المعنى ذلك الأمر أو الأمر ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق فكفروا به، والإشارة على هذا إلى وجوب النار لهم، ويحتمل أن يقدر فعلنا ذلك، ويحتمل أن يقدر وجب ذلك، ويكون الكتاب جملة القرآن على هذه التقديرات: وقيل: إن الإشارة ب الكتاب إلى قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم}[البقرة: 6]، أي وجبت لهم النار بما قد نزله الله في الكتاب من الخبر به، والإشارة بذلك على هذا إلى اشترائهم الضلالة بالهدى، أي ذلك بما سبق لهم في علم الله وورود إخباره به، و «الحق» معناه بالواجب، ويحتمل أن يراد بالأخبار الحق: أي الصادقة.
{والّذين اختلفوا في الكتاب}، قال السدي: «هم اليهود والنصارى لأن هؤلاء في شق وهؤلاء في شق».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويظهر أن الشقاق سميت به المشارّة والمقاتلة ونحوه، لأن كل واحد يشق الوصل الذي بينه وبين مشاقّه».، وقيل: إن المراد ب الّذين اختلفوا كفار العرب لقول بعضهم هو سحر، وبعضهم هو أساطير، وبعضهم هو مفترى، إلى غير ذلك، وشقاق هذه الطوائف إنما هو مع الإسلام وأهله، وبعيدٍ هنا معناه من الحق والاستقامة). [المحرر الوجيز: 1/ 418-419]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ذلك بأنّ اللّه نزل الكتاب بالحقّ} أي: إنّما استحقّوا هذا العذاب الشّديد لأنّ اللّه تعالى أنزل على رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى الأنبياء قبله كتبه بتحقيق الحقّ وإبطال الباطل، وهؤلاء اتّخذوا آيات اللّه هزوًا، فكتابهم يأمرهم بإظهار العلم ونشره، فخالفوه وكذّبوه. وهذا الرّسول الخاتم يدعوهم إلى اللّه تعالى، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وهم يكذّبونه ويخالفونه ويجحدونه، ويكتمون صفته، فاستهزؤوا بآيات اللّه المنزّلة على رسله؛ فلهذا استحقّوا العذاب والنّكال؛ ولهذا قال: {ذلك بأنّ الله نزل الكتاب بالحقّ وإنّ الّذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيدٍ} ). [تفسير ابن كثير: 1/ 484]



* للاستزادة ينظر: هنا