17 Sep 2014
تفسير قول الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
تفسير
قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا
حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار}
هؤلاء المؤمنون يسألون الحظ في الدنيا والآخرة.
والأصل في " قنا " او
قينا - ولكن الواو سقطت كما سقطت من يقي، لأن الأصل " يوقي " فسقطت الواو
لوقوعها بين ياء وكسرة، وسقطت ألف الوصل للاستغناء عنها لأنها اجتلبت لسكون
الواو، فإذا أسقطت الواو فلا حاجة بالمتكلم إليها، وسقطت الياء للوقف -
وللجزم في قول الكوفيين - والمعنى أجعلنا موقين من عذاب النار). [معاني القرآن: 1/274-275]
تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا واللّه سريع الحساب} أي: دعاؤهم
مستجاب لأن كسبهم ههنا الذي ذكر هو الدعاء وقد ضمن اللّه الإجابة لدعاء من
دعاه إذا كان مؤمنا، لأنه قد أعلمنا أنه يضل أعمال الكافرين، ويحبطها،
ودعاؤهم من أعمالهم.
وقوله عزّ وجلّ: {واللّه سريع الحساب}المعنى:
أنه قد علم ما للمحاسب وما عليه قبل توقيفه على حسابه، فالفائدة في الحساب
علم حقيقته - وقد قيل في بعض التفسير - إن حساب العبد أسرع من لمح البصر -
واللّه أعلم).[معاني القرآن: 1/275]
تفسير
قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ
تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا
إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ
إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {واذكروا
اللّه في أيّام معدودات فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا
إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه تحشرون}
قالوا: هي أيام التشريق، {معدودات}
يستعمل كثيرا في اللغة للشيء القليل - وكل عدد قل أو كثر فهو معدود، ولكن
معدودات أدل على القلة، لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء، نحو دريهمات
وجماعات.
وقد يجوز وهو حسن كثير أن تقع الألف والتاء للكثير، وقد ذكر أنه عيب على القائل:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فقيل له لم قلّلت الجفنات ولم تقل: الجفان.
وهذا الخبر - عندي - مصنوع لأن الألف والتاء قد تأتي للكثرة - قال اللّه عزّ وجلّ:
{إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات}.
وقال: {في جنات}، وقال {في الغرفات آمنون}،
فالمسلمون ليسوا في جنات قليلة، ولكن إذا خص القليل في الجمع بالألف
والتاء، فالألف والتاء أدل عليه، لأنه يلي التثنية، تقول: حمام، وحمامان
وحمامات، فتؤدى بتاء الواحد، فهذا أدل على القليل، وجائز حسن أن يراد به
الكثير، ويدل المعنى المشاهد على الإرادة، كما أن قولك جمع يدل على القليل
والكثير.
وقوله عزّ وجلّ: {فمن تعجّل في يومين}أي: من نفر في يومين.
{فلا إثم عليه لمن اتّقى} قيل: لمن اتقى قتل الصيد، وقالوا: لمن اتقى التفريط في كل حدود الحج.
فموسع عليه في التعجل في نفره). [معاني القرآن: 1/275-276]