الدروس
course cover
تفسير سورة آل عمران[من الآية (31) إلى الآية (32) ]
22 Jan 2015
22 Jan 2015

4757

0

0

course cover
تفسير سورة آل عمران

القسم الثالث

تفسير سورة آل عمران[من الآية (31) إلى الآية (32) ]
22 Jan 2015
22 Jan 2015

22 Jan 2015

4757

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:{قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور رحيم}
القراءة بضم التاء، ويجوز في اللغة: {تحبّون}, ولكن الأكثر {تحبّون}؛ لأن حببت قليلة في اللغة , وزعم الكسائي أنها لغة قد ماتت فيما يحسب.
ومعنى {تحبّون اللّه}أي: تقصدون طاعته, وترضون بشرائعه, والمحبة على ضروب، فالمحبة من جهة الملاذ في المطعم, والمشرب, والنساء.
والمحبة من اللّه؛ لخلقه عفوه عنهم, وإنعامه عليهم برحمته, ومغفرته , وحسن الثناء عليهم، ومحبة الإنسان للّه ولرسوله طاعته لهما , ورضاه بما أمر اللّه به، وأتى به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله جلّ وعزّ: {يغفر لكم ذنوبكم}
القراءة بإظهار الراء مع اللام، وزعم بعض النحويين: أن الراء تدغم مع اللام فيجوز, ويغفر لكم, وهذا خطأ فاحش, ولا أعلم أحدا قرأ به غير أبي عمرو بن العلاء، وأحسب الذين رووا, عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام غالطين.
وهو خطأ في العربية ؛ لأن اللام تدغم في الراء، والنون تدغم في الراء نحو: (قولك) هل رأيت، ومن رأيت, ولا تدغم الراء في اللام إذا قلت: مر لي بشيء؛ لأن الراء حرف مكرر , فلو أدغمت في اللام ذهب التكرير.
وهذا إجماع النحويين الموثوق بعلمهم). [معاني القرآن: 1/397-398]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (31) قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين (32)
اختلف المفسرون فيمن أمر محمدا عليه السلام أن يقول له هذه المقالة، فقال الحسن بن أبي الحسن وابن جريج: إن قوما قالوا للنبي عليه السلام: يا محمد إنا نحب ربنا، فنزلت هذه الآية في قولهم، جعل الله فيها اتّباع محمد علَما لحبه، وقال محمد بن جعفر بن الزبير: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول لنصارى نجران، أي إن كان قولكم في عيسى وغلوكم في أمره حبا لله، فاتّبعوني ويحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب اليهود والنصارى لأنهم كانوا يدعون أنهم يحبون الله ويحبهم، ألا ترى أن جميعهم قالوا نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه [المائدة: 18] ولفظ أحباؤه إنما يعطي أن الله يحبهم لكن يعلم أن مرادهم «ومحبوه» فيحسن أن يقال لهم قل إن كنتم تحبّون اللّه وقرأ الزهري «فاتبعوني» بتشديد النون، وقرأ أبو رجاء «يحببكم» بفتح الياء وضم الباء الأولى من «حب» وهي لغة، قال الزجاج: حببت قليلة في اللغة، وزعم الكسائي أنها لغة قد ماتت وعليها استعمل محبوب والمحبة إرادة يقترن بها إقبال من النفس وميل بالمعتقد، وقد تكون الإرادة المجردة فيما يكره المريد والله تعالى يريد وقوع الكفر ولا يحبه، ومحبة العبد لله تعالى يلزم عنها ولا بد أن يطيعه وتكون أعماله بحسب إقبال النفس، وقد تمثل بعض العلماء حين رأى الكعبة فأنشد: [الخفيف]
هذه داره وأنت محبّ = ما بقاء الدّموع في الآماق
ومحبة الله للعبد أمارتها للمتأمل أن يرى العبد مهديا مسددا ذا قبول في الأرض، فلطف الله بالعبد ورحمته إياه هي ثمرة محبته، وبهذا النظر يتفسر لفظ المحبة حيث وقعت من كتاب الله عز وجل، وذكر الزجاج: أن أبا عمرو قرأ «يغفر لكم» بإدغام الراء في اللام وخطأ القراء وغلط من رواها عن أبي عمرو فيما حسبت). [المحرر الوجيز: 2/196-197]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (31) قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين (32)}
هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كلّ من ادّعى محبّة اللّه، وليس هو على الطّريقة المحمّديّة فإنّه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر، حتّى يتّبع الشّرع المحمّديّ والدّين النّبويّ في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" ولهذا قال: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبّتكم إيّاه، وهو محبّته إيّاكم، وهو أعظم من الأوّل، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشّأن أن تحبّ، إنّما الشّأن أن تحبّ وقال الحسن البصريّ وغيره من السّلف: زعم قومٌ أنّهم يحبّون اللّه فابتلاهم اللّه بهذه الآية، فقال: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه}.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسي، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن عبد الأعلى بن أعين، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عروة، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "وهل الدّين إلّا الحبّ والبغض؟ قال اللّه تعالى: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه} قال أبو زرعة: عبد الأعلى هذا منكر الحديث.
ثمّ قال: {ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفورٌ رحيمٌ} أي: باتّباعكم للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم يحصل لكم هذا كلّه ببركة سفارته).
[تفسير القرآن العظيم: 2/32]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين} أي: أظهروا محبّتكم للّه إن كنتم تحبّونه بطاعته, واتباع رسوله,
ومعنى{فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين} أي: فإن اللّه لا يحبهم، لأن من تولى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد تولى عن الله.
ومعنى{لا يحب الكافرين}: لا يغفر لهم, ولا يثني عليهم خيراً). [معاني القرآن: 1/398]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وذهب الطبري إلى أن قوله: قل أطيعوا اللّه والرّسول خطاب لنصارى نجران وفي قوله: فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين وعيد، ويحتمل أن يكون بعد الصدع بالقتال). [المحرر الوجيز: 2/197]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال آمرًا لكلّ أحدٍ من خاصٍّ وعامٍّ: {قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا} أي: خالفوا عن أمره {فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين} فدلّ على أنّ مخالفته في الطّريقة كفرٌ، واللّه لا يحبّ من اتّصف بذلك، وإن ادّعى وزعم في نفسه أنّه يحبّ للّه ويتقرّب إليه، حتّى يتابع الرّسول النّبيّ الأمّيّ خاتم الرّسل، ورسول اللّه إلى جميع الثّقلين الجنّ والإنس الّذي لو كان الأنبياء -بل المرسلون، بل أولو العزم منهم-في زمانه لما وسعهم إلّا اتّباعه، والدّخول في طاعته، واتّباع شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله: {وإذ أخذ اللّه ميثاق النّبيّين} الآية [آل عمران: 31] [إن شاء الله تعالى] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/32]


* للاستزادة ينظر: هنا