الدروس
course cover
تفسير سورة آل عمران[من الآية (98) إلى الآية (101) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

3826

0

0

course cover
تفسير سورة آل عمران

القسم السابع

تفسير سورة آل عمران[من الآية (98) إلى الآية (101) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

21 Aug 2015

3826

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)}



تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللّه واللّه شهيدٌ على ما تعملون (98) قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل اللّه من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء وما اللّه بغافلٍ عمّا تعملون (99)

هذه الآيات توبيخ لليهود المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم والكتاب التوراة، وجعلهم أهله بحسب زعمهم ونسبهم، وإلا فأهله على الحقيقة هم المؤمنون، و «آيات الله» يحتمل أن يريد بها القرآن، ويحتمل أن يراد بالآيات العلامات الظاهرة على يدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: واللّه شهيدٌ على ما تعملون وعيد محض: أي يجازيكم به ويعاقبكم، قال الطبري: هاتان الآيتان قوله، قل يا أهل الكتاب لم تكفرون وما بعدهما، إلى قوله أولئك لهم عذابٌ عظيمٌ [آل عمران: 105]، نزلت بسبب رجل من يهود، حاول الإغواء بين الأوس والخزرج، قال ابن إسحاق: حدثني الثقة عن زيد بن أسلم، قال شاش ابن قيس اليهودي، وكان شيخا قد عسى في الجاهلية، عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين، والحسد لهم، على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، وهم في مجلس يتحدثون، فغاظه ما رأى من جماعتهم، وصلاح ذات بينهم، بعد ما كان بينهم من العداوة فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من يهود، فقال أمد إليهم، واجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله من أيام حربهم، وأنشدهم ما قالوه من الشعر في ذلك، ففعل الفتى، فتكلم القوم عند ذلك فتفاخروا وتنازعوا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، أوس بن قيظي، أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس، وجبار بن صخر من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعة، فغضب الفريقان: وقالوا: قد فعلنا السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، يريدون الحرة، فخرجوا إليها، وتحاوز الناس على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، فقال: يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، ووعظهم فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، فألقوا السلاح وبكوا وعانق الناس بعضهم بعضا من الأوس والخزرج، وانصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سامعين مطيعين فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع هذه الآيات، وقال الحسن وقتادة والسدي: إن هذه الآيات نزلت في أحبار اليهود الذين كانوا يصدون المسلمين عن الإسلام، بأن يقولوا لهم، إن محمدا ليس بالموصوف في كتابنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولا شك في وقوع هذين السببين وما شاكلهما من أفعال اليهود وأقوالهم، فنزلت الآيات في جميع ذلك). [المحرر الوجيز: 2/300-302]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللّه واللّه شهيدٌ على ما تعملون (98) قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل اللّه من آمن تبغونها عوجًا وأنتم شهداء وما اللّه بغافلٍ عمّا تعملون (99)}
هذا تعنيفٌ من اللّه تعالى لكفرة أهل الكتاب، على عنادهم للحقّ، وكفرهم بآيات اللّه، وصدّهم عن سبيله من أراده من أهل الإيمان بجهدهم وطاقتهم مع علمهم بأنّ ما جاء به الرّسول حقٌّ من اللّه، بما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين، والسّادة المرسلين، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، وما بشّروا به ونوّهوا، من ذكر النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] الأمّيّ الهاشميّ العربيّ المكّيّ، سيّد ولد آدم، وخاتم الأنبياء، ورسول ربّ الأرض والسّماء. وقد توعّدهم [اللّه] تعالى على ذلك بأنّه شهيدٌ على صنيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء، ومقاتلتهم الرّسول المبشر بالتّكذيب والجحود والعناد، وأخبر تعالى أنّه ليس بغافلٍ عمّا يعملون، أي: وسيجزيهم على ذلك يوم لا ينفعهم مالٌ ولا بنون).
[تفسير القرآن العظيم: 2/85]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل اللّه من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما اللّه بغافل عمّا تعملون}أي: تبغون لها العوج، يقال في الأمر والدين عوج وفي كل شيء مائل عوج، والعرب تقول: ابغني كذا وكذا، أي أطلبه لي، وتقول: أبغني كذا وكذا بفتح الألف تريد أعني على طلبه أي أطلبه معي كما تقول: أعكمني وأحلبني أي أعني على العكم والحلب.
ومعنى {وأنتم شهداء}أي: وأنتم تشهدون بما قد ثبت في نفوسكم أن أمر النبي حق واللّه غير غافل عن عملكم). [معاني القرآن: 1/447]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و «صد» معناه: أعرض عن الشيء وانصرف عنه، وهو فعل يقف ويتعدى بلفظ واحد، تقول: صددت عن كذا، وصددت غيري عنه، فالذي في هذه الآية هو الفعل المتعدي، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «تصدون» بضم التاء وكسر الصاد، وهذا هو الفعل الواقف، نقل بالهمزة فعدي، وسبيل اللّه في هذه الآية، هو الإسلام الذي هو طريق إلى رضى الله وجنته، ومن مفعولة ب تصدّون والضمير في تبغونها عائد على السبيل، ومعنى «تبغون» على ما فسر الزجّاج والطبري وغيرهما: تطلبون فالمعنى تطلبون لها العوج، أي الاعوجاج والانفساد، تقول العرب: أبغني كذا بألف موصولة، بمعنى اطلبه لي، فإذا أرادوا أعني على طلبه واطلبه معي، قطعوا الألف مفتوحة وقيل: إن تبغون هنا، من البغي الذي هو التعدي، أي تبغون عليها، ويكون، عوجاً على هذا التأويل نصبه على الحال من الضمير في «تبغون» أي «عوجا» منكم وعدم استقامة، والعوج بكسر العين: ما كان في الأمور والحجج غير الأجرام، والعوج بفتح العين، ما كان في الأجرام، كالجدار والعصا ونحو ذلك، قال ابن قتيبة: والأرض خاصة من الأجرام يقال فيها: عوج بكسر العين، ومنه قول الله تعالى: لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً [طه: 107] قال بعض اللغويين هما لغتان بمعنى واحد، وقوله تعالى: وأنتم شهداء، يريد جمع شاهد، على ما في التوراة من صفة محمد وصدقه، وباقي الآية وعيد). [المحرر الوجيز: 2/302]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات اللّه واللّه شهيدٌ على ما تعملون (98) قل يا أهل الكتاب لم تصدّون عن سبيل اللّه من آمن تبغونها عوجًا وأنتم شهداء وما اللّه بغافلٍ عمّا تعملون (99)}
هذا تعنيفٌ من اللّه تعالى لكفرة أهل الكتاب، على عنادهم للحقّ، وكفرهم بآيات اللّه، وصدّهم عن سبيله من أراده من أهل الإيمان بجهدهم وطاقتهم مع علمهم بأنّ ما جاء به الرّسول حقٌّ من اللّه، بما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين، والسّادة المرسلين، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، وما بشّروا به ونوّهوا، من ذكر النّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم] الأمّيّ الهاشميّ العربيّ المكّيّ، سيّد ولد آدم، وخاتم الأنبياء، ورسول ربّ الأرض والسّماء. وقد توعّدهم [اللّه] تعالى على ذلك بأنّه شهيدٌ على صنيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء، ومقاتلتهم الرّسول المبشر بالتّكذيب والجحود والعناد، وأخبر تعالى أنّه ليس بغافلٍ عمّا يعملون، أي: وسيجزيهم على ذلك يوم لا ينفعهم مالٌ ولا بنون).
[تفسير القرآن العظيم: 2/85] (م)


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الّذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين} يعني: بالفريق الصنف، الذين كفروا، أي إن قلدتموهم ردوكم كافرين، أي: وإن كنتم على غير دينهم وكنتم في عقدكم ذلك كافرين فكذلك إن أطعتموهم أو اتبعتوهم فأنتم كافرون). [معاني القرآن: 1/448]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الّذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين (100) وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه وفيكم رسوله ومن يعتصم باللّه فقد هدي إلى صراطٍ مستقيمٍ (101)
الخطاب بقوله: يا أيّها الّذين آمنوا عام في المؤمنين، والإشارة بذلك- وقت نزوله- إلى الأوس والخزرج بسبب نائرة شاس بن قيس، و «الفريق» - الجماعة من الناس والمراد بها هنا الأحبار والرؤوس، ويردّوكم معناه: بالإضلال والتشكيك والمخادعة وإظهار الغش في معرض النصح). [المحرر الوجيز: 2/302-303]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الّذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين (100) وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه وفيكم رسوله ومن يعتصم باللّه فقد هدي إلى صراطٍ مستقيمٍ (101)}
يحذّر تعالى عباده المؤمنين عن أن يطيعوا طائفةً من الّذين أوتوا الكتاب، الّذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم اللّه من فضله، وما منحهم به من إرسال رسوله كما قال تعالى: {ودّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّارًا حسدًا من عند أنفسهم} [البقرة:109] وهكذا قال هاهنا: {إن تطيعوا فريقًا من الّذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين} ).
[تفسير القرآن العظيم: 2/86]


تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه وفيكم رسوله ومن يعتصم باللّه فقد هدي إلى صراط مستقيم} أي: على أي حال يقع منكم الكفر وآيات اللّه التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - دالة على توحيد اللّه ونبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - تتلى عليكم وفيكم رسوله يبين لكم هذه الآيات.
وجائز أن يقال: فيكم رسوله والنبي شاهد.
وجائز أن يقال لنا: الآن فيكم رسول اللّه لأن آثاره وعلاماته والقرآن الذي أتى به فينا وهو من الآيات العظام.

وقوله جلّ وعزّ: {ومن يعتصم باللّه}أي: من يمتنع باللّه، ويستمسك بحبل اللّه {فقد هدي إلى صراط مستقيم}.
و{يعتصم} جزم بمن. والجواب: {فقد هدي}، ومعنى: اعتصمت بكذا وكذا في اللغة: استمسكت وامتنعت به من غيره وكذلك {لا عاصم اليوم من أمر اللّه}ومعنى {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء}أي: يمنعني من الماء أي لاذا عصمة ولاذا امتناع من اللّه). [معاني القرآن: 1/448]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وقف تعالى المؤمنين على هذا الأمر المستبعد المستشنع الذي يريده بهم اليهود، فقال وكيف تكفرون وأنتم بهذه الأحوال الموصوفة؟ وكيف في موضع نصب على الحال، كما هي في قوله تعالى: كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتاً فأحياكم [البقرة: 28] والمعنى أجاحدين تكفرون؟
أجاهلين أمستخفين أمرتدين؟ ونحو هذا من التقدير والواو في قوله: وكيف تكفرون عاطفة جملة كلام على جملة كلام، ولا يجوز أن تكون كيف في هذه الآية كما هي في قولك، كيف تفعل كذا، وأنت تسأل عن شيء ثابت الوقوع متحصلة، لأنه كان يلزم أن يكون كفر المؤمنين مقررا مثبت الوقوع، وتأمل معنى كيف إذا وليها فعل، ومعناها إذا وليها اسم، وقرأ جمهور الناس «تتلى» بالتاء من فوق، وقرأ الحسن:
«يتلى» بالياء إذا الآيات هي القرآن، وقوله تعالى: وفيكم هي ظرفية الحضور والمشاهدة لشخصه عليه السلام، وهو في أمته إلى يوم القيامة، بأقواله وآثاره، ويعتصم معناه: يتمسك ويستذري، وعصم الشيء إذا منع وحمي، ومنه قوله يعصمني من الماء [هود: 43] والعصم الأسباب التي يمتّ بها، ويعتصم من الخيبة في الغرض المطلوب، وقال الأعشى: [المتقارب]
إلى المرء قيس أطيل السّرى = وآخذ من كلّ حيّ عصم
وتصرف اللفظة كثير جدا، وباقي الآية بيّن، والله المستعان). [المحرر الوجيز: 2/303-304]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال {وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات اللّه وفيكم رسوله} يعني: أنّ الكفر بعيدٌ منكم وحاشاكم منه؛ فإنّ آيات اللّه تنزل على رسوله ليلًا ونهارًا، وهو يتلوها عليكم ويبلّغها إليكم، وهذا كقوله تعالى: {وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربّكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين} [الحديد:8] والآية بعدها. وكما جاء في الحديث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال يومًا لأصحابه: "أيّ المؤمنين أعجب إليكم إيمانًا؟ " قالوا: الملائكة. قال: "وكيف لا يؤمنون وهم عند ربّهم؟! " وذكروا الأنبياء قال: "وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ " قالوا: فنحن. قال: "وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟! ". قالوا: فأيّ النّاس أعجب إيمانًا؟ قال: "قومٌ يجيؤون من بعدكم يجدون صحفًا يؤمنون بما فيها". وقد ذكرت سند هذا الحديث والكلام عليه في أوّل شرح البخاريّ، وللّه الحمد.
ثمّ قال تعالى: {ومن يعتصم باللّه فقد هدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} أي: ومع هذا فالاعتصام باللّه والتّوكّل عليه هو العمدة في الهداية، والعدّة في مباعدة الغواية، والوسيلة إلى الرّشاد، وطريق السّداد، وحصول المراد).
[تفسير القرآن العظيم: 2/86]



* للاستزادة ينظر: هنا