الدروس
course cover
تفسير سورة آل عمران[من الآية (105) إلى الآية (109) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

4090

0

0

course cover
تفسير سورة آل عمران

القسم السابع

تفسير سورة آل عمران[من الآية (105) إلى الآية (109) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

21 Aug 2015

4090

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}



تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ثناؤه: {ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم}أي: لا تكونوا كأهل الكتاب، يعني به اليهود والنصارى وكتابهم جميعا التوراة، وهم مختلفون، كل فرقة منهم - وإن اتفقت في باب النصرانية أو اليهودية - مختلفة أيضا، كالنصارى الذين هم نسطورية ويعقوبية وملكانية، فأمر اللّه بالاجتماع على كتابه، وأعلم أن التفرق فيه يخرج أهله إلى مثل ما خرج إليه أهل الكتاب في كفرهم، فأعلم الله أن لهم عذابا عظيما، فقال: {وأولئك لهم عذاب عظيم}.
ثم أخبر بوقت ذلك العذاب فقال: {يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}]). [معاني القرآن: 1/453]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم نهى الله تعالى هذه الأمة عن أن يكونوا كالمتفرقين من الأمم، واختلفت عبارة المفسرين في المشار إليهم، فقال ابن عباس: هي إشارة إلى كل من افترق في الأمم في الدين فأهلكهم الافتراق، وقال الحسن: هي إشارة إلى اليهود والنصارى، وقال الزجاج: يحتمل أن تكون الإشارة أيضا إلى فرق اليهود وفرق النصارى، ومجيء البيّنات هو ببعث الرسل، وإنزال الكتب، وأسند الفعل دون علامة إلى البيّنات، من حيث نزلت منزلة البيان، ومن حيث لا حقيقة لتأنيثها، وباقي الآية وعيد، وقوله: عذابٌ عظيمٌ يعني أنه أعظم من سواه، ويتفاضل هذان العرضان بأن أحدهما يتخلله فتور، وأما الجزء الفرد من هذا وذلك فسواء، هذا تحرير مذهب أصحابنا الأصوليين رحمهم الله). [المحرر الوجيز: 2/312]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات [وأولئك لهم عذابٌ عظيمٌ]} ينهى هذه الأمّة أن تكون كالأمم الماضية في تفرّقهم واختلافهم، وتركهم الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مع قيام الحجّة عليهم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا صفوان، حدّثني أزهر بن عبد اللّه الهوزني عن أبي عامرٍ عبد اللّه بن لحيٍّ قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلمّا قدمنا مكّة قام حين صلّى [صلاة] الظّهر فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملّةً، وإنّ هذه الأمّة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين ملّةً -يعني الأهواء-كلّها في النّار إلّا واحدةٌ، وهي الجماعة، وإنّه سيخرج في أمّتي أقوامٌ تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرقٌ ولا مفصلٌ إلّا دخله. والله -يا معشر العرب-لئن لم تقوموا بما جاء به نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم لغيركم من النّاس أحرى ألّا يقوم به".
وهكذا رواه أبو داود، عن أحمد بن حنبلٍ ومحمّد بن يحيى، كلاهما عن أبي المغيرة -واسمه عبد القدّوس بن الحجّاج الشّاميّ-به، وقد روي هذا الحديث من طرقٍ).
[تفسير القرآن العظيم: 2/91-92]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}أي: يثبت لهم العذاب ذلك اليوم، وابيضاضها إشراقها وإسفارها، قال الله عزّ وجلّ: (وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة} أسفرت واستبشرت لما تصير إليه من ثواب الله ورحمته، وتسود وجوه اسودادها لما تصير إليه من العذاب، قال اللّه: {ووجوه يومئذ عليها غبرة }
والكلام. تسود وتبيض بفتح التاء - الأصل " تسودد " و " تبيضض إلا أن الحرفين إذا اجتمعا وتحركا أدغم الأول في الثاني.
وكثير من العرب تكسر هذه التاء من تسود وتبيض والقراءة بالفتح والكسر قليل إلا أن كئيرا من العرب يكسر هذه التاء ليبيّن أنها من قولك أبيض وأسود فكأن الكسرة دليل على أنه كذلك في الماضي.
وقرأ بعضهم " تسواد وتبياض " وهو جيّد في العربية إلا أن المصحف ليست فيه ألف فأنا أكرهها لخلافه على أنه قد تحذف ألفات في القرآن نحو ألف إبراهيم وإسماعيل ونحو ألف الرحمن؛ ولكن الإجماع على إثبات هذه الألفات المحذوفة في الكتاب في اللفظ، وتبيض وتسود إجماع بغير ألف فلا ينبغي أن يقرأ بإثبات الألف.
وقوله جل وعلا: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم} تدل على: أن القراءة تسود، ومن قرأ بالألف تسواد وتبياض وجب أن يقرأ: فأما الذين اسوادت وجوههم.
وجواب أما محذوف مع القول.
المعنى فيقال لهم: {أكفرتم بعد إيمانكم}.
وحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه وهذا كثير في القرآن، كقوله عزّ وجلّ: (والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب * سلام عليكم}المعنى: يقولون {سلام عليكم}.
وكذلك قوله: {وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا}المعنى: يقولان ربّنا تقبّل منّا - هذه الألف لفظها لفظ الاستفهام ومعناها التقرير والتوبيخ.
وإنّما قيل لهم {أكفرتم بعد إيمانكم} لأنهم كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كانوا به مؤمنين قبل مبعثه.
وهذا خطاب لأهل الكتاب). [معاني القرآن: 1/453-455]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (106) وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمت اللّه هم فيها خالدون (107)
والعامل في قوله يوم الفعل الذي تتعلق به اللام، في قوله ولهم عذابٌ عظيمٌ [آل عمران: 105] قال الزجاج: تقديره ويثبت لهم عذاب عظيم.
قال القاضي: وذلك ضعيف من جهة المعنى، لأنه يقتضي أن عظم العذاب في ذلك اليوم، ولا يجوز أن يكون العامل قوله عذاب، لأنه مصدر قد وصف، «وبياض الوجوه»: عبارة عن إشراقها واستنارتها وبشرها برحمة الله، قال الزجّاج- وغيره-: ويحتمل عندي أن يكون ذلك من آثار الوضوء كما قال النبي عليه السلام، أنتم الغر المحجلون من آثار الوضوء، وأما «سواد الوجوه»، فقال المفسرون هي عبارة عن اربدادها وإظلامها بغمم العذاب، ويحتمل أن يكون ذلك تسويدا ينزله الله بهم على جهة التشويه والتمثيل بهم، على نحو حشرهم زرقا وهذه أقبح طلعة، ومن ذلك قول بشار: [البسيط]
وللبخيل على أمواله علل = زرق العيون عليها أوجه سود
وقرأ يحيى بن وثاب، «تبيض وتسود» بكسر التاء، وقرأ الزهري، «تبياض» وجوه، و «تسواد» وجوه بألف، وهي لغة، ولما كان صدر هذه الآية، إخبارا عن حال لا تخص أحدا معينا، بدئ بذكر البياض لشرفه، وأنه الحالة المثلى، فلما فهم المعنى، وتعين له «الكفار والمؤمنون»، بدئ بذكر الذين اسودت وجوههم للاهتمام بالتحذير من حالهم، وقوله تعالى: أكفرتم تقرير وتوبيخ، متعلق بمحذوف، تقديره، فيقال لهم: أكفرتم؟ وفي هذا المحذوف هو جواب «أما»، وهذا هو فحوى الخطاب، وهو أن يكون في الكلام شيء مقدر لا يستغني المعنى عنه، كقوله تعالى: فمن كان منكم مريضاً أو على سفرٍ فعدّةٌ [البقرة: 184] المعنى فأفطر فعدة وقوله تعالى: بعد إيمانكم يقتضي أن لهؤلاء الموقنين إيمانا متقدما، فاختلف أهل التأويل في تعيينهم، فقال أبي بن كعب: الموقفون جميع الكفار، والإيمان الذي قيل لهم بسببه بعد إيمانكم هو الإيمان الذي أقروا به يوم قيل لهم- ألست بربكم؟ قالوا بلى- وقال أكثر المتأولين: إنما عني بالتوقيف في هذه الآية أهل القبلة من هذه الأمة، ثم اختلفوا، فقال الحسن: الآية في المنافقين، يؤمنون بألسنتهم ويكفرون بقلوبهم، فيقال لهم: أكفرتم بعد إيمانكم؟ أي ذلك الإيمان بألسنتهم، وقال السدي: هي فيمن كفر من أهل القبلة حين اقتتلوا، وقال أبو أمامة: الآية في الخوارج وقال قتادة: الآية في أهل الردة، ومنه الحديث: ليردن عليّ الحوض رجال من أصحابي حتى إذا رفعوا إليّ اختلجوا فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: فسحقا فسحقا، وفي بعض طرقه: فأناديهم: ألا هلم، ألا هلم، وذكر النحاس قولا: إن الآية في اليهود، وذلك أنهم آمنوا بصفة محمد واستفتحوا به، فلما جاءهم من غيرهم كفروا، فهذا كفر بعد إيمان، وروي عن مالك أنه قال: الآية في أهل الأهواء.
قال القاضي: إن كان هذا ففي المجلحين منهم القائلين ما هو كفر، وروي حديث: أن الآية في القدرية وقال أبو أمامة: سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها في الحرورية، وقد تقدم عنه أنها في الخوارج وهو قول واحد، وما في قوله بما كنتم مصدرية). [المحرر الوجيز: 2/312-314]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ} يعني: يوم القيامة، حين تبيضّ وجوه أهل السّنّة والجماعة، وتسودّ وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما.
{فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} قال الحسن البصريّ: وهم المنافقون: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} وهذا الوصف يعمّ كلّ كافرٍ).
[تفسير القرآن العظيم: 2/92]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعلا: {وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون}
{ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون}أي: في الثواب - الذي أصارهم اللّه إليه برحمة - خالدون.
أعلم أنّه إنما يدخل الجنة برحمته وإن اجتهد المجتهد في طاعة اللّه لأن نعم اللّه عزّ وجلّ دون الجنة لا يكافئها اجتهاد الآدميين.
وقال {ففي رحمة اللّه} وهو يريد ثواب رحمة اللّه كما فال: {واسأل القرية} المعنى: أهل القرية، كما تقول العرب بنو فلان يطؤهم الطريق، المعنى: يطؤهم مارة الطريق.
وذكر {فيها} ثانية على جهة التوكيد). [معاني القرآن: 1/455]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ففي رحمت اللّه أي في النعيم الذي هو موجب رحمة الله وقوله بعد ذلك هم فيها تأكيد بجملتين، إذ كان الكلام يقوم دونها). [المحرر الوجيز: 2/314]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون} يعني: الجنّة، ماكثون فيها أبدًا لا يبغون عنها حولا. وقد قال أبو عيسى التّرمذيّ عند تفسير هذه الآية: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا وكيع، عن ربيع -وهو ابن صبيح -وحمّاد بن سلمة، عن أبي غالبٍ قال: رأى أبو أمامة رءوسًا منصوبةً على درج دمشق، فقال أبو أمامة: كلاب النّار، شرّ قتلى تحت أديم السّماء، خير قتلى من قتلوه، ثمّ قرأ: {يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ} إلى آخر الآية. قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: لو لم أسمعه إلّا مرّةً أو مرّتين أو ثلاثًا أو أربعًا -حتّى عدّ سبعًا-ما حدّثتكموه.
ثمّ قال: هذا حديثٌ حسنٌ: وقد رواه ابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة عن أبي غالبٍ، وأخرجه أحمد في مسنده، عن عبد الرّزّاق، عن معمر، عن أبي غالبٍ، بنحوه. وقد روى ابن مردويه عند تفسير هذه الآية، عن أبي ذرٍّ، حديثًا مطوّلًا غريبًا عجيبًا جدًّا).
[تفسير القرآن العظيم: 2/92]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وما اللّه يريد ظلما للعالمين} أي: تلك التي قد جرى ذكرها حجج اللّه وعلاماته {نتلوها عليك}أي: نعرفك إياها {وما اللّه يريد ظلما للعالمين}أي: من أعلم اللّه أنه يعذبه فباستحقاق يعذبه). [معاني القرآن: 1/455]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وما اللّه يريد ظلماً للعالمين (108) وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور (109) كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون (110)
الإشارة بتلك إلى هذه الآيات المتقدمة المتضمنة تعذيب الكفار وتنعيم المؤمنين، ولما كان فيها ذكر التعذيب، أخبر تعالى: أنه لا يريد أن يقع منه ظلم لأحد من العباد، وإذا لم يرد ذلك فلا يوجد البتة، لأنه لا يقع من شيء إلا ما يريد تعالى، وقوله تعالى: بالحقّ معناه: بالإخبار الحق، ويحتمل أن يكون المعنى: نتلوها عليك مضمنة الأفاعيل التي هي «حق» في أنفسها، من كرامة قوم، وتعذيب آخرين، وقرأ أبو نهيك: «يتلوها» بالياء، وجاء الإعلام بأنه تعالى لا يريد ظلما في حكمه، فإذا لا يوجد). [المحرر الوجيز: 2/315]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال [تعالى] {تلك آيات اللّه} أي: هذه آيات اللّه وحججه وبيّناته {نتلوها عليك} يا محمّد {بالحقّ} أي: نكشف ما الأمر عليه في الدّنيا والآخرة.
{وما اللّه يريد ظلمًا للعالمين} أي: ليس بظالمٍ لهم بل هو الحكم العدل الّذي لا يجور؛ لأنّه القادر على كلّ شيءٍ، العالم بكلّ شيءٍ، فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدًا من خلقه؛ ولهذا قال: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض} ).
[تفسير القرآن العظيم: 2/92-93]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور}
{وإلى اللّه ترجع الأمور}.
ولو كانت " وإليه ترجع الأمور " لكان حسنا ولكن إعادة اسم الله أفخم وأوكد، والعرب إذا جرى ذكر شيء مفخم أعادوا لفظه مظهرا غير مضمر، أنشد النحويون قول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأعادوا ذكر الموت لفخامة في نفوسهم). [معاني القرآن: 1/455-456]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولما كان للذهن أن يقف هنا في الوجه الذي به خص الله قوما بعمل يرحمهم من أجله، وآخرين بعمل يعذبهم عليه، ذكر تعالى الحجة القاطعة في ملكه جميع المخلوقات، وأن «الحق» لا يعترض عليه، وذلك في قوله، وللّه ما في السّماوات وما في الأرض الآية، وقال: ما ولم يقل «من» من حيث هي جمل وأجناس، وذكر الطبري: أن بعض البصريين نظر قوله تعالى: وإلى اللّه فأظهر الاسم، ولم يقل إليه بقول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء = نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
وما جرى مجراه، وقاله الزجّاج، وحكي أن العرب تفعل ذلك إرادة تفخيم الكلام والتنبيه على عظم المعنى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والآية تشبه البيت في قصد فخامة النظم، وتفارقه من حيث الآية جملتان مفترقتان في المعنى، فلو تكررت جمل كثيرة على هذا الحد لحسن فيها كلها إظهار الاسم، وليس التعرض بالضمير في ذلك بعرف، وأما البيت وما أشبهه فالضمير فيه هو العرف، إذ الكلام في معنى واحد، ولا يجوز إظهار الاسم إلا في المعاني الفخمة في النفوس من التي يؤمن فيها اللبس على السامع، وقرأ بعض السبعة، «ترجع الأمور» بفتح التاء على بناء الفعل للفاعل، وقد تقدم ذكر ذلك). [المحرر الوجيز: 2/315-316]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض} أي: الجميع ملك له وعبيدٌ له. {وإلى اللّه ترجع الأمور} أي: هو المتصرّف في الدّنيا والآخرة، الحاكم في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/93]



* للاستزادة ينظر: هنا