الدروس
course cover
تفسير سورة آل عمران[من الآية (113) إلى الآية (115) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

6258

0

0

course cover
تفسير سورة آل عمران

القسم الثامن

تفسير سورة آل عمران[من الآية (113) إلى الآية (115) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

21 Aug 2015

6258

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}



تفسير قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}
{ليسوا سواء}
وهذا وقف التمام، أي: ليس الذين ذكرنا من أهل الكتاب سواء.
قال أبو عبيدة: {ليسوا سواء} جمع ليس، وهو متقدم كما قال القائل: أكلوني البراغيث وكما قال: عموا وصمّوا كثير منهم.
وهذا ليس كما قال لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى، فأخبر اللّه أنهم غير متساوين فقال {ليسوا سواء}.
ثم أنبأ بافتراقهم فقال: {من أهل الكتاب أمّة قائمة}.
قال أهل اللغة: معنى قائمة: مستقيمة، ولم يبينوا حقيقة هذا وذكر الأخفش المعنى أمة قائمة، أي: ذو أمة قائمة والأمة الطريقة من أممت الشيء إذا قصدته.
فالمعنى واللّه أعلم: من أهل الكتاب أمّة قائمة، أي: ذوو طريقة قائمة.
قال النابغة الذبياني:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة... وهل يأتمن ذو أمة وهو طائع
أي: هل يأتمن ذو طريقة من طرائق الدين وهو طائع.
فإنما المعنى إنّه لا يستوي الذين قتلوا الأنبياء بغير حق والذين يتلون آيات اللّه آناء الليل وهم ذوو طريقة مستقيمة.
ومعنى{آناء الليل}: ساعات الليل، قال أهل اللغة واحد آناء الليل إني وآناء مثل، نحى وأنحاء وأنشد أهل اللغة في ذلك قول الشاعر:
حلو ومرّ كطعم القدح مرته... بكل إني حداه الليل ينتعل
قالوا واحدها إني مثل معي وأمعاء، وحكى الأخفش (إنو).
وقوله عزّ وجلّ: {وهم يسجدون}معناه: وهم يصلون لأن التلاوة ليست في السجود، وإنما ذكرت الصلاة بالسجود لأن السجود نهاية ما فيها من التواضع والخشوع والتضرع.
ومعنى{يتلون}في اللغة: يتبعون بعض الشيء بعضا، وقد استتلاك الشيء إذا جعلك تتبعه قال الشاعر:
قد جعلت دلوى تستليني... ولا أحب تبع القرين
إن لم يرد سماحتي وليني
وقال بعض أهل اللغة: المعنى منهم أمة قائمة وامة على غير ذلك، وأنشد في ذلك قول الشاعر:
عصائي إليها القلب أني لأمره... سميع فيما أدري أرشد طلابها
ولم يقل أم هو في غي لأن في الكلام دليلا عليه، قال: والعرب تضمر هذا إذا عرفت مثل هذا - عرفت المعنى.
وهذا الذي قال خطأ فاحش في مثل هذا المكان، لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون الأنبياء بغير حق، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن منهم المؤمنين الذين هم أمّة قائمة، فما الحاجة إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوء به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مباينا هؤلاء وذكر في التفسير أن هذا يعني به عبد اللّه بن سلام وأصحابه:
{يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين}). [معاني القرآن: 1/458-460]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون (113) يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين (114)
لما مضت الضمائر في الكفر والقتل والعصيان والاعتداء عامة في جميع أهل الكتاب، عقب ذلك بتخصيص الذين هم على خير وإيمان، وذلك أن أهل الكتاب لم يزل فيهم من هو على استقامة، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويعترض هذا النظر أن جميع اليهود على عوج من وقت عيسى، وتجيء الآية إشارة إلى من أسلم فقط، أو يكون اليهود في معنى الأمة القائمة إلى وقت عيسى، ثم ينتقل الحكم في النصارى، ولفظ أهل الكتاب يعم الجميع، والضمير في ليسوا لمن تقدم ذكره في قوله منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون [آل عمران: 110] وما قال أبو عبيدة من أن الآية نظيرة قول العرب أكلوني البراغيث خطأ مردود، وكذلك أيضا ما حكي عن الفراء أن أمّةٌ مرتفعة ب سواءً على أنها فاعلة كأنه قال: لا تستوي أمة كذا وإن في آخر الكلام محذوفا معادلا تقديره وأمة كافرة، فأغنى القسم الأول عن ذكرها ودل عليه كما قال أبو ذؤيب:
عصيت إليها القلب إنّي لأمرها = سميع فما أدري أرشد طلابها؟
المعنى أم غيّ، فاقتصر لدلالة ما ذكر عليه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وإنما الوجه أن الضمير في ليسوا يراد به من تقدم ذكره، وسواءً خبر ليس، ومن أهل الكتاب مجرور فيه خبر مقدم، وأمّةٌ رفع بالابتداء قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود، معهم، قال الكفار من أحبار اليهود ما آمن بمحمد إلا شرارنا ولو كانوا خيارا ما تركوا دين آبائهم، فأنزل الله تعالى في ذلك ليسوا سواءً الآية، وقال مثله قتادة وابن جريج.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهو أصح التأويلات، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: معنى الآية:
ليس اليهود وأمة محمد سواء، وقاله السدي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فمن حيث تقدم ذكر هذه الأمة في قوله كنتم خير أمّةٍ [آل عمران: 110] وذكر أيضا اليهود قال الله لنبيه ليسوا سواءً والكتاب على هذا جنس كتب الله وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط، والمعنى: من أهل الكتاب وهم أهل القرآن أمة قائمة، واختلف عبارة المفسرين في قوله قائمةٌ فقال مجاهد: معناه عادلة، وقال قتادة والربيع وابن عباس: معناه قائمة على كتاب الله وحدوده مهتدية، وقال السدي: القائمة القانتة المطيعة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله يرجع إلى معنى واحد من الاعتدال على أمر الله، ومنه قيل للدنانير أو الدراهم الوازنة قائمة وهذه الآية تحتمل هذا المعنى وأن لا تنظر اللفظة إلى هيئة الأشخاص وقت تلاوة آيات الله، ويحتمل أن يراد ب قائمةٌ وصف حال التالين في آناء اللّيل، ومن كانت هذه حاله فلا محالة أنه معتدل على أمر الله، وهذه الآية في هذين الاحتمالين مثل ما تقدم في قوله إلّا ما دمت عليه قائماً [آل عمران: 75] ويتلون معناه: يسردون، وآيات اللّه في هذه الآية هي كتبه، و «الآناء»:
الساعات واحدها «إني» بكسر الهمزة وسكون النون، ويقال فيه «أني» بفتح الهمزة، ويقال «إنى» بكسر الهمزة وفتح النون والقصر، ويقال فيه «أنى» بفتح الهمزة ويقال «إنو» بكسر الهمزة وسكون النون وبواو مضمومة ومنه قول الهذيلي: [البسيط]
حلو ومرّ كعطف القدح مرّته = في كلّ إني قضاه الليل ينتعل
وحكم هذه الآية لا يتفق في شخص بأن يكون كل واحد يصلي جميع ساعات الليل وإنما يقوم هذا الحكم من جماعة الأمة، إذ بعض الناس يقوم أول الليل، وبعضهم آخره، وبعضهم بعد هجعة ثم يعود إلى نومه، فيأتي من مجموع ذلك في المدن والجماعات عبارة آناء اللّيل بالقيام، وهكذا كان صدر هذه الأمة، وعرف الناس القيام في أول الثلث الآخر من الليل أو قبله بشيء، وحينئذ كان يقوم الأكثر، والقيام طول الليل قليل وقد كان في الصالحين من يلتزمه، وقد ذكر الله تعالى القصد من ذلك في سورة المزمل، وقيام الليل لقراءة العلم المبتغى به وجه الله داخل في هذه الآية، وهو أفضل من التنفل لمن يرجى انتفاع المسلمين بعلمه، وأما عبارة المفسرين في آناء اللّيل، فقال الربيع وقتادة وغيرهما: آناء اللّيل ساعات الليل، وقال عبد الله بن كثير: سمعنا العرب تقول آناء اللّيل ساعات الليل، وقال السدي: آناء اللّيل جوف الليل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قلق، أما ان جوف الليل جزء من الآناء، وقال ابن مسعود: نزلت هذه الآية بسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم احتبس عنا ليلة عن صلاة العشاء وكان عند بعض نسائه فلم يأت حتى مضى ليل، فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع، فقال: أبشروا فإنه ليس أحد من أهل الكتاب يصلي هذه الصلاة، فأنزل الله تعالى: ليسوا سواءً الآية، فالمراد بقوله: يتلون آيات اللّه آناء اللّيل صلاة العشاء، وروى سفيان الثوري عن منصور أنه قال: بلغني أن هذه الآية نزلت في المصلين بين العشاءين وقوله تعالى: وهم يسجدون ذهب بعض الناس إلى أن السجود هنا عبارة عن الصلاة، سماها بجزء شريف منها كما تسمى في كثير من المواضع ركوعا، فهي على هذا جملة في موضع الحال، كأنه قال: يتلون آيات الله آناء الليل مصلين، وذهب الطبري وغيره إلى أنها جملة مقطوعة من الكلام الأول، أخبر عنهم أنهم أيضا أهل سجود.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويحسن هذا من جهة أن التلاوة آناء الليل قد يعتقد السامع أن ذلك في غير الصلاة، وأيضا فالقيام في قراءة العلم يخرج من الآية على التأويل الأول، ويثبت فيها على هذا الثاني ف هم يسجدون على هذا نعت عدد بواو العطف، كما تقول: جاءني زيد الكريم والعاقل). [المحرر الوجيز: 2/322-326]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون (113) يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين (114) وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه واللّه عليمٌ بالمتّقين (115) إنّ الّذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (116) مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون (117)}
قال ابن أبي نجيح: زعم الحسن بن يزيد العجليّ، عن ابن مسعودٍ في قوله تعالى: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال لا يستوي أهل الكتاب وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهكذا قال السّدّي، ويؤيّد هذا القول الحديث الّذي رواه الإمام أحمد بن حنبلٍ في مسنده.
حدّثنا أبو النّضر وحسن بن موسى قالا حدّثنا شيبان، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ قال: أخّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة العشاء، ثمّ خرج إلى المسجد، فإذا النّاس ينتظرون الصّلاة: فقال: "أما إنّه ليس من أهل هذه الأديان أحدٌ يذكر الله هذه السّاعة غيركم". قال: وأنزلت هذه الآيات: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب [أمّةٌ قائمةٌ]} إلى قوله {واللّه عليمٌ بالمتّقين}.
والمشهور عن كثيرٍ من المفسّرين -كما ذكره محمّد بن إسحاق وغيره، ورواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ-أنّ هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب، كعبد اللّه بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم، أي: لا يستوي من تقدّم ذكرهم بالذّمّ من أهل الكتاب [وهؤلاء الّذين أسلموا، ولهذا قال تعالى: {ليسوا سواءً} أي: ليسوا كلّهم على حدّ سواءٍ، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم، ولهذا قال تعالى: {من أهل الكتاب] أمّةٌ قائمةٌ} أي: قائمةٌ بأمر اللّه، مطيعةٌ لشرعه متّبعة نبيّ اللّه، [فهي] {قائمةٌ} يعني مستقيمةً {يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون} أي: يقومون اللّيل، ويكثرون التّهجّد، ويتلون القرآن في صلواتهم).
[تفسير القرآن العظيم: 2/104-105]

تفسير قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين}
ومعنى{ويأمرون بالمعروف} ههنا أي: يأمرون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -
{وينهون عن المنكر}: عن الإقامة على مشاقته - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 1/460]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويؤمنون معناه: يصدقون، وفي الإيمان باليوم الآخر إيمان بالأنبياء، لأنه من جائزات العقل التي أثبتها السمع من الأنبياء، وقوله تعالى: ويسارعون في الخيرات وصف بأنهم متى دعوا إلى خير من نصر مظلوم وإغاثة مكروب وجبر مهيض وعبادة الله أجابوا، ومنه فعل مالك رضي الله عنه في ركعتي المسجد، وقال: دعوتني إلى خير فأجبت إليه، ومما يدخل في ضمن قوله تعالى: ويسارعون في الخيرات أن يكون المرء مغتنما للخمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل مماتك، وغناك قبل فقرك، فيكون متى أراد أن يصنع خيرا بادر إليه ولم يسوف نفسه بالأمل، فهذه أيضا مسارعة في الخيرات، وذكر بعض الناس قال: دخلت مع بعض الصالحين في مركب فقلت له: ما تقول أصلحك الله في الصوم في السفر؟ فقال لي: إنها المبادرة يا ابن أخي، قال المحدث: فجاءني والله بجواب ليس من أجوبة الفقهاء، ثم وصف الله تعالى من تحصلت له هذه الصفات، بأنه من جملة الصالحين، ومن يحسن أن تكون للتبعيض، ويحسن أن تكون لبيان الجنس). [المحرر الوجيز: 2/326-327]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين} وهؤلاء هم المذكورون في آخر السّورة: {وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن باللّه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين للّه [لا يشترون بآيات اللّه ثمنًا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربّهم إنّ اللّه سريع الحساب]} [الآية199] وهكذا قال هاهنا: {وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/105]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه واللّه عليم بالمتّقين}
قرئت بالياء والتاء وكلاهما صواب - كما قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} - فالخطاب لسائر الخلق ومن قال {فلن تكفروه} فهو لهؤلاء المذكورين وسائر الخلق داخل معهم في ذلك.
وموضع {يفعلوا} جزم بالشرط، وهو {ما} والجواب {فلن يكفروه} ). [معاني القرآن: 1/460]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه واللّه عليمٌ بالمتّقين (115) إنّ الّذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئاً وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (116) مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون (117)
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر «تفعلوا وتكفروه» بالتاء على مخاطبة هذه الأمة، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالياء فيهما، على مشابهة ما تقدم من «يتلون ويؤمنون» وما بعدهما، وكان أبو عمرو يقرأ بالوجهين، وتكفروه معناه: يعطى دونكم فلا تثابون عليه، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: من أزلت إليه نعمة فليذكرها فإن ذكرها فقد شكرها، فإن لم يفعل فقد كفرها، ومنه قول الشاعر: [الكامل]:
... ... ... ... = (والكفر مخبثة لنفس المنعم)
وفي قوله تعالى: واللّه عليمٌ بالمتّقين وعد ووعيد). [المحرر الوجيز: 2/327-328]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه} أي: لا يضيع عند اللّه بل يجزيكم به أوفر الجزاء. {واللّه عليمٌ بالمتّقين} أي: لا يخفى عليه عمل عاملٍ، ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/105]


* للاستزادة ينظر: هنا