الدروس
course cover
تفسير سورة آل عمران[من الآية (116) إلى الآية (117) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

3516

0

0

course cover
تفسير سورة آل عمران

القسم الثامن

تفسير سورة آل عمران[من الآية (116) إلى الآية (117) ]
21 Aug 2015
21 Aug 2015

21 Aug 2015

3516

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}



تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ):(قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} أي: لا تمنعهم أولادهم مما هو نازل بهم، لأنهم مالوا إلى الأموال في معاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الرياسة إنما قامت لهم - أعني - رؤساء اليهود - بمعاندتهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والدليل على أنهم كسبوا بذلك قوله جلّ وعزّ: {فويل للّذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثمّ يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم ممّا كتبت أيديهم وويل لهم ممّا يكسبون})
. [معاني القرآن: 1/460-461]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم عقب تعالى ذكر هذا الصنف الصالح بذكر حال الكفار، ليبين الفرق، وخص الله تعالى «الأموال والأولاد» بالذكر لوجوه. منها أنها زينة الحياة الدنيا، وعظم ما تجري إليه الآمال، ومنها أنها ألصق النصرة بالإنسان وأيسرها، ومنها أن الكفار يفخرون بالآخرة لا همة لهم إلا فيها هي عندهم غاية المرء وبها كانوا يفخرون على المؤمنين، فذكر الله أن هذين اللذين هما بهذه الأوصاف لا غناء فيهما من عقاب الله في الآخرة، فإذا لم تغن هذه فغيرها من الأمور البعيدة أحرى أن لا يغني وقوله تعالى: أصحابه إضافة تخصيص ما، تقتضي ثبوت ذلك لهم ودوامه). [المحرر الوجيز: 2/328]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مخبرًا عن الكفرة المشركين بأنّه {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئًا} أي لا يردّ عنهم بأس اللّه ولا عذابه إذا أراده بهم {وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/105]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ):(ثم أعلم اللّه عزّ وجلّ أن مثل ما ينفقونه في تظاهرهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الضرر لهم: {كمثل ريح فيها صرّ أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون} والصر: البرد الشديد.
{أصابت حرث قوم} أي: زرع قوم ظلموا أنفسهم.
فعاقبهم اللّه بإذهاب زرعهم - فأهلكته.
فأعلم أن ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الريح في هذا الزرع وقيل إنّه يعني به أهل مكة حين تعاونوا وأنفقوا الأموال على التظاهر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم: {مثل ما ينفقون} أي: مثل أعمالهم في شركهم كمثل هذه الريح.
وجعل فيها صر، أي: صوت، وهذا يخرج في اللغة.
وإنما جعل فيها صوتا لأنه جعل فيها نارا كأنّها نار أحرقت الزرع – فالصر على هذا القول صوت لهيب النار، وهذا كله غير ممتنع.
وجملته أن ما أنفق في التظاهر على عداوة الدّين مضر مهلك أهله في العاجل والأجل).
[معاني القرآن: 1/461]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا الآية، معناه: المثال القائم في النفوس من إنفاقهم الذي يعدونه قربة وحسبة وتحنثا ومن حبطه يوم القيامة وكونه هباء منثورا، وذهابه كالمثال القائم في النفوس من زرع قوم نبت واخضرّ وقوي الأمل فيه فهبت عليه ريحٍ فيها صرٌّ محرق فأهلكته، فوقع التشبيه بين شيئين وشيئين، ذكر الله عز وجل أحد الشيئين المشبهين وترك ذكر الآخر ثم ذكر أحد الشيئين المشبه بهما وليس الذي يوازي المذكور الأول، وترك ذكر الآخر، ودل المذكور أن على المتروكين، وهذه غاية البلاغة والإيجاز، ومثل ذلك قوله تعالى: ومثل الّذين كفروا كمثل الّذي ينعق بما لا يسمع [البقرة: 171].
وقرأ عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، «تنفقون» بالتاء على معنى قل لهم يا محمد، ومثل رفع بالابتداء وخبره في محذوف به تتعلق الكاف من قوله مثل، وما بمعنى الذي وجمهور المفسرين على أن نفقون يراد به الأموال التي كانوا ينفقونها في التحنث وفي عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك عندهم قربة، وقال السدي: نفقون
معناه من أقوالهم التي يبطنون ضدها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف، لأنه يقتضي أن الآية في منافقين والآية إنما هي في كفار يعلنون مثل ما يبطنون، وذهب بعض المفسرين إلى أن نفقون
يراد به أعمالهم من الكفر ونحوه، أي هي «كالريح التي فيها صر»، فتبطل كل ما لهم من صلة رحم وتحنث بعتق ونحوه، كما تبطل الريح الزرع، وهذا قول حسن لولا بعد الاستعارة في الإنفاق، و «الصر» البرد الشديد، المحرق لكل ما يهب عليه وهو معروف قال ابن عباس وجمهور المفسرين: «الصر» البرد، وتسميه العرب الضريب، وذهب الزجّاج وغيره:
إلى أن اللفظة من التصويت، من قولهم صر الشيء، ومنه الريح الصرصر، قال الزجاج: فالصر صوت النار التي في الريح.
قال القاضي: «الصر» هو نفس جهنم الذي في الزمهرير يحرق نحوا مما تحرق النار، و «الحرث» شامل للزرع والثمار، لأن الجميع مما يصدر عن إثارة الأرض، وهي حقيقة الحرث، ومنه الحديث لا زكاة إلا في عين أو حرث أو ماشية، وقال عز وجل: لموا أنفسهم
فما بال هذا التخصيص والمثل صحيح، وإن كان الحرث لمن لم يظلم نفسه؟ فالجواب أن ظلم النفس في هذه الآية تأوله جمهور المفسرين بأنه ظلم بمعاصي الله، فعلى هذا وقع التشبيه بحرث من هذه صفته، إذ عقوبته أوخى وأخذ الله له أشد والنقمة إليه أسرع وفيه أقوى، كما روي في جوف العير وغيره، وأيضا فمن أهل العلم من يرى أن كل مصائب الدنيا فإنما هي بمعاصي العبيد، وينتزع ذلك من غير ما آية في القرآن، فيستقيم على قوله: إن كل حرث تحرقه ريح فإنما هو لمن قد ظلم نفسه، وذهب بعض الناس ونحا إليه المهدوي: إلى أن قوله تعالى: حرث قومٍ ظلموا أنفسهم معناه زرعوا في غير أوان الزراعة.
قال أبو محمد: وينبغي أن يقال في هذا: لموا أنفسهم بأن وضعوا أفعال الفلاحة غير موضعها من وقت أو هيئة عمل، ويخص هؤلاء بالذكر لأن الحرق فيما جرى هذا المجرى أو عب وأشد تمكنا، وهذا المنزع يشبهه من جهة ما قول امرئ القيس: [المتقارب]
وسالفة كسحوق اللّيا = ن أضرم فيها الغويّ السعر
فخصص الغويّ لأنه يلقي النار في النخلة الخضراء الحسنة التي لا ينبغي أن تحرق، فتطفئ النار عن نفسها رطوبتها بعد أن تتشذب وتسود، فيجيء الشبه حسنا، والرشيد لا يضرم النار إلا فيما يبس واستحق فهو يذهب ولا يبقى منه ما يشبه به، والضمير في لمهم
للكفار الذين تقدم ضميرهم في نفقون وليس هو للقوم ذوي الحرث لأنهم لم يذكروا ليرد عليهم، ولا ليبين ظلمهم وأيضا فقوله: لكن أنفسهم يظلمون، يدل على فعل الحال في حاضرين). [المحرر الوجيز: 2/328-330]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ضرب مثلًا لما ينفقه الكفّار في هذه الدّار، قاله مجاهدٌ والحسن، والسّدّي، فقال تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدّنيا كمثل ريحٍ فيها صرٌّ} أي: برد شديدٌ، قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير وقتادة والحسن، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم. وقال عطاءٌ: برد وجليد. وعن ابن عبّاسٍ أيضًا ومجاهدٍ {فيها صرٌّ} أي: نارٌ. وهو يرجع إلى الأوّل، فإنّ البرد الشّديد -سيّما الجليد -يحرق الزّروع والثّمار، كما يحرق الشّيء بالنّار {أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم فأهلكته} أي: أحرقته، يعني بذلك السّفعة إذا نزلت على حرث قد آن جداده أو حصاده فدمّرته وأعدمت ما فيه من ثمرٍ أو زرعٍ، فذهبت به وأفسدته، فعدمه صاحبه أحوج ما كان إليه. فكذلك الكفّار يمحق اللّه ثواب أعمالهم في هذه الدّنيا وثمرتها كما أذهب ثمرة هذا الحرث بذنوب صاحبه. وكذلك هؤلاء بنوها على غير أصل وعلى غير أساسٍ {وما ظلمهم اللّه ولكن أنفسهم يظلمون} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/105-106]


* للاستزادة ينظر: هنا