18 Mar 2024
الدرس السادس: طبقات المفسرين
عناصر الدرس:
تمهيد
فوائد دراسة طبقات المفسرين
متى يوصف العالم بأنه مفسّر؟
تاريخ التأليف في طبقات المفسرين
تفصيل طبقات المفسرين
الطبقة الأولى: طبقة المفسّرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
الطبقة الثانية: طبقة المفسرين ورواة التفسير من التابعين رحمهم الله
الطبقة الثالثة: طبقة المفسرين من تابعي التابعين
الطبقة الرابعة: طبقة المفسّرين من تبع أتباع التابعين إلى نهاية القرن الرابع الهجري
الطبقة الخامسة: طبقة المفسرين في القرن الخامس الهجري
الطبقة السادسة: طبقة المفسرين في القرن السادس الهجري
الطبقة السابعة: طبقة المفسرين في القرن السابع الهجري
الطبقة الثامنة: طبقة المفسرين في القرن الثامن الهجري
الطبقة التاسعة: طبقة المفسرين في القرن التاسع الهجري
الطبقة العاشرة: طبقة المفسرين في القرن العاشر الهجري
الطبقة الحادية عشرة: طبقة المفسرين في القرن الحادي عشر الهجري
الطبقة الثانية عشرة: طبقة المفسرين في القرن الثاني عشر الهجري
الطبقة الثالثة عشرة: طبقة المفسرين في القرن الثالث عشر الهجري
الطبقة الرابعة عشرة: طبقة المفسرين في القرن الرابع عشر الهجري
تمهيد
معرفة طبقات المفسّرين من المعارف المهمّة لطالب علم التفسير يستفيد بها تصوراً حسناً لأطوار علم التفسير، وتنقّله في القرون حتى تأدَّى إلينا برجال تحمّلوا روايته وتفهّموا درايته، ودوّنوه في صحف وأجزاء، ثم جمعوا تلك الصحف والأجزاء المتفرّفة في كتب كبيرة، ثم ما عملوا في تحريرها وتصنيفها، ثم اختصارها وتلخيصها، ثمّ شرحها وتبيينها، ثم تنوّع التأليف في التفسير إلى أنواع كثيرة، وتعددت المسالك فيه.
فوائد دراسة طبقات المفسرين
لدراسة طبقات المفسرين فوائد جليلة:
منها: أن يتعرّف أسباب نبوغ أولئك الأئمة وتقدّمهم وبركة علومهم، وينتفع بأخبارهم ووصاياهم.
ومنها: أن يكون طالب العلم على بيّنة من مراتب أئمة ذلك العلم وتفاسيرهم وما امتازت به، وما أخذ على بعضها.
ومنها: أن هذه المعرفة تكشف لطالب العلم جوانب من تاريخ هذا العلم الشريف، والحياة السياسية والاجتماعية التي عاش فيها أولئك الأئمة، فلا يكاد يمرّ أحدنا بموقف إلا وجد من تعرّض لمثله أو أشدّ منه من الأئمة؛ فيسترشد بهديهم، ويعتبر بما وقع من أخطاء.
ومنها: أنّ أصول طبقات المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم عليها مدار أسانيد التفسير، فإذا درس طالب العلم طبقات المفسرين تيسّرت له معرفة جوانب مهمة من أحكام أسانيد التفسير.
ومن سلك سبيلاً لتحصيل علم من العلوم فإنّ من حاجته الماسّة أن يكون على معرفة حسنة بأئمة ذلك العلم، وأخبارهم وأحوالهم، وآثارهم في ذلك العلم تعلّماً وتعليماً ورعاية وتأليفاً، وصيانة وتجديداً.
متى يوصف العالم بأنه مفسّر؟
ومما ينبغي أن يُتفطَّن له أنه لا يشترط في وصف المفسّر أن يكون له كتاب تفسير، فالتفسير علمٌ ومَلَكَةٌ؛ فمن حصَّل العلم الذي يكون به مفسّراً، وكانت له ملكة حسنة في التفسير؛ وله اشتغال ببيان معانيه للناس؛ فهو من أهل التفسير، وأما التأليف في التفسير فكثير من الأئمة المفسّرين الثقات لم يؤلفوا في التفسير، وهم من أحسن الناس فهماً للقرآن، وقد نقلت عنهم آثار متفرفة في التفسير تدل على ما وراءها، كالإمام مالك والشافعي وأحمد والبخاري وابن خزيمة وبعدهم النووي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم لم يؤلّفوا تفاسير تامّة للقرآن وكلامهم في التفسير من أنفع الكلام وأحسنه، وقد ألّف في التفسير بعض الضعفاء فخلطوا، ودخل الضعف والخطأ في بعض التفاسير لأسباب عدة.
وكذلك ليس من شرط المفسّر اليوم أن يكون له كتاب تفسير؛ بل من أحسن معرفة أصول التفسير واشتغل بالتفسير تعلماً وتعليماً ودعوةً فهو مفسِّر.
تاريخ التأليف في طبقات المفسرين
تأخّر التأليف المفرد في طبقات المفسرين، ولعل من أسباب ذلك أن الأئمة المفسرين في القرون الأولى مذكورون في كثير من كتب التراجم المتقدمة للقراء والمحدثين والفقهاء.
وقد كان لبعض العلماء المتقدمين كلام متفرّق في ذكر أئمة المفسرين من الصحابة والتابعين وذكر مراتب أصحابهم
- وقد عرض ابن جرير الطبري(ت:310هـ) في مقدمة تفسيره للكلام على بعض المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وما قيل في بعضهم من ثناء حسن ونقد.
- ثم كتب ابن عطية (ت:542هـ) في مقدمة تفسيره باباً في مراتب المفسرين حبّر فيه كلام ابن جرير وزاد عليه إلى القرن الرابع الهجري، وإن لم يتقصّ ولم يفصّل في تراجمهم.
- وعرض شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728هـ) في مقدّمة تفسيره لذكر أصحاب ابن مسعود وابن عباس ومفسري الأمصار بكلام موجز نافع.
- ثم كتب ابن جُزيء الكلبي(ت:741هـ) مبحثاً في طبقات المفسرين في مقدمة تفسيره جوّد فيه كلام ابن عطية وزاد عليه زيادات حسنة.
- ثم كتب بدر الدرين الزركشي(ت:794هـ) باباً في معرفة التفسير في كتابه "البرهان في علوم القرآن" ذكر فيه أسماء عدد من مفسري التابعين وتابعيهم والمصنفين في التفسير إلى عصر ابن عطية.
- ثمّ ذكر ابن قاضي شهبة الدمشقي(ت:851هـ) في كتابه "تراجم طبقات النحاة واللغويين والمفسرين والفقهاء" أسماء عدد من المفسرين مع من ذكر من الفقهاء والنحويين واللغويين، وترجم لهم، ورتّب الأسماء على حروف المعجم، واشتمل كتابه على نحو ألف ترجمة.
- ثم كتب جلال الدين السيوطي(ت:911هـ) باباً في طبقات المفسرين في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" ذكر فيه المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعددا من أصحاب التفاسير المصنفة على اختلاف مذاهبهم إلى قريب من عصره، وله في التحبير كلام موجز عن المفسرين رتبهم على الطبقات.
فهذا بعض ما ذُكر في طبقات المفسرين مضمَّنا في كتب أهل العلم إلى عصر جلال الدين السيوطي الذي كان هو أوّل من عرف عنه التأليف المفرد في طبقات المفسرين، وقد قال في مقدمته: (هذا المجموع فيه طبقات المفسرين إذْ لم أجد من اعتنى بإفرادهم كما اعتُنيَ بإفراد المحدثين والفقهاء والنحاة وغيرهم).
وسأعرف بالكتب المؤلفة في طبقات المفسرين خاصة مبتدئاً بكتابه.
1: طبقـات المفسرين، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي (ت: 911هـ)، وهو كتاب مختصر اشتمل على 136 ترجمة، رتبها على حروف المعجم، ولم يكمله.
2: طبقات المفسرين، لشمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي (ت: 945هـ) ، وهو تلميذ السيوطي، وعدد التراجم فيه: 704 ترجمة، جمع مادّة كتابه من نحو عشرين كتاباً في السير والتراجم والطبقات.
4: طبقات المفسرين، لأبي سعيد بن صنع الله الكوزه كرانى (ت:980هـ)، قيل: اسمه كنيته، وكوزه كراني قرية من قرى تبريز، ذكره في كشف الظنون، ولم يطبع فيما أعلم.
5: طبقات المفسرين،لأحمد بن محمد الأدرنوي (ت: بعد 1095هـ)، نسبة إلى أدرنه بتركيا وكتابه مطبوع، وعدد التراجم فيه 638 ترجمة، مرتبة على الطبقات، وقد وقع في أخطاء في تواريخ الوفيات، وتراجمه مختصرة جداً.
6: معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر، للأستاذ عادل نويهض، مطبوع، جمع فيه تراجم نحو ألفي مفسّر، واختصر الكلام في تراجمهم، ورتّبهم على حروف المعجم.
7: نيل السائرين في طبقات المفسرين، لمحمد طاهر الفنج فيري (ت: بعد 1386هـ) ، من أهل باكستان، ترجم فيه لنحو 688 مفسراً، ورتبهم على الطبقات، ووقع في أخطاء في الوفيات، وختم كتابه بالترجمة لنفسه، وهو من مظانّ الكشف عن مفسري بلاد الهند والسند وما جاورهما، وذكر في مقدمة كتابه أنه أفرده من كتاب له آخر سمّاه "مرشد الحيران إلى أصول القرآن".
8: الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة، لجماعة من الباحثين في ثلاث مجلدات كبار، وهو من إصدارات مجلة الحكمة.
9: التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا،للدكتور محمد بن رزق طرهوني، وهو رسالة دكتوراه.
10: التفسير في اليمن، للدكتور علي بن حسان بن علي حسان، رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1424هـ.
تفصيل طبقات المفسرين
الطبقة الأولى: طبقة المفسّرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
في العهد النبوي كان النبي صلى الله عليه وسلم هو إمام المسلمين في جميع العلوم، ومنها علم التفسير؛ فكان القرآن يتنزّل على النبيّ صلى الله عليه وسلم منجّما، وكان الله تعالى يبيّن لرسوله صلى الله عليه وسلم ما أنزل عليه، ويأمره ببيانه للناس؛ فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم للمفسّرين، وكان يفسّر القرآن لأصحابه ويعلّمهم معانيه وأحكامه وآدابه كما يعلّمهم حروفه وأداءه.
وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معلّمون يعلّمون القرآن في زمانه ويقرئونه ويفقّهون الناس في الدين، ومنهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وعبادة بن الصامت، وأبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم في زمان الخلفاء الراشدين وبعده كان أئمة المفسّرين من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرّائهم وعلمائهم، ومنهم: أبو بكر الصديق(ت:13هـ)، وعمر بن الخطاب(ت:23هـ)، وعثمان بن عفان(ت:35هـ)، وعلي بن أبي طالب(ت:40هـ)، ومعاذ بن جبل(18هـ)، وأبيّ بن كعب(ت:30هـ)، وعبد الله بن مسعود(ت:32هـ)، وأبو الدرداء(32هـ)، وعبادة بن الصامت(ت:34هـ)، وحذيفة بن اليمان(ت:35هـ)، وأبو موسى الأشعري(ت:44هـ)، وزيد بن ثابت(ت:45هـ)، وعائشة بنت أبي بكر(ت:57ه)، وعقبة بن عامر الجهني(ت:58هـ)، وأبو هريرة(ت:59هـ)، وعبد الله بن عمرو بن العاص(ت:65هـ)، وعبد الله بن السائب المخزومي(ت:65هـ)، وعبد الله بن عبّاس(ت:68هـ)، وعبد الله بن الزبير(ت:73هـ)، وعبد الله بن عمر(ت:74هـ)، وأبو سعيد الخدري(ت:74هـ)، وجابر بن عبد الله(ت:78هـ)، وأنس بن مالك(ت:92هـ)، وغيرهم.
الطبقة الثانية: طبقة المفسرين ورواة التفسير من التابعين رحمهم الله
وكان لأولئك الأئمة من الصحابة تابعون أخذوا عنهم العلم ونشروه، ومنهم من تصدّر في عهد الخلفاء الراشدين ومنهم بقي إلى القرن الثاني.
وكانوا على صنفين:
- صنف أهل فقه ونظر في العلوم يُفتون ويُعلّمون.
- وصنف أهل حفظ وضبط يحفظون المسائل ويروونها.
فنفع الله بالصنفين، وكانوا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: « مَثَلُ ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء؛ فنفع الله بها الناس؛ فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به». متفق عليه من حديث أبي أسامة الكوفي، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً.
فمن الأئمة المفسّرين من التابعين الذين نُقلت أقوالهم في التفسير:
الربيع بن خثيم الثوري(ت:61هـ)، ومسروق بن الأجدع الهمْداني(ت:62هـ)، وعلقمة بن قيس النخعي(ت:62هـ)، وعبيدة بن عمرو السلماني(ت:72هـ)، وعبيد بن عمير الليثي(74هـ)، والأسود بن يزيد النخعي(ت:75هـ)، ومرة بن شراحيل الهمداني(ت:76هـ)، وأبو أمية شريح بن الحارث القاضي(ت:78هـ)، وزرّ بن حبيش الأسدي(ت:82هـ)، وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي البصري(ت:82هـ)، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي(ت:83هـ)، وأبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي(ت:85هـ)، وأبو الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي(ت:93هـ)، وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي(ت:93هـ)، وسعيد بن المسيب المخزومي(ت:94هـ)، وسعيد بن جبير (ت:95هـ)، وأبو مالك غزوان الغفاري(ت:95هـ)، وإبراهيم بن يزيد النخعي(ت:96هـ)، وأبو الضحى مسلم بن صبيح (ت:100هـ)، وعمر بن عبد العزيز(ت:101هـ)، ومجاهد بن جبر(ت:102هـ)، وعامر بن شراحيل الشعبي(ت:104هـ)، وأبو قلابة عبد الله بن يزيد الجرمي(ت:104هـ)، وعكرمة مولى ابن عباس(ت:105هـ)، والضحاك بن مزاحم الهلالي(ت:105هـ)، وطاووس بن كيسان اليماني(ت:106هـ)، ومحمد بن كعب القرظي(ت:108هـ)، والحسن بن يسار البصري(ت:110هـ)، ومحمد بن سيرين البصري(ت:110هـ)، ومكحول بن أبي مسلم الشامي(ت:112هـ)، وعطاء بن أبي رباح المكي(ت:114هـ)، وقتادة بن دعامة السدوسي(ت:117هـ)، والسدّي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة(ت:127هـ)، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني(ت:135هـ)، وزيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ).
وممن يغلب عليهم الحفظ والرواية وقد نُقل عن بعضهم أقوال قليلة في التفسير: أبو تميمة طريف بن مجالد الهجيمي(ت:95هـ)، وقيس بن أبي حازم البجلي(ت:98هـ)، وسالم بن أبي الجعد الأشجعي(ت:100هـ)، وأربدة التميمي(ت:102هـ)، وأبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي(ت:105هـ)، وعزرة بن عبد الرحمن الخزاعي(ت:105هـ)، وأبو نضرة المنذر بن مالك العبدي(ت:108هـ)، وعطية بن سعد العوفي(ت:111هـ)، وأبو صالح مولى أمّ هانئ(ت:115هـ)، والحكم بن عتيبة الكندي(ت:115هـ)، ونافع مولى ابن عمر(ت:117هـ)، وابن شهاب الزهري(ت:124هـ)، والقاسم بن أبي بزة المكي(ت:124هـ)، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية اليشكري(ت125هـ)، وعمرو بن دينار المكي(ت:126هـ)، وعطاء بن دينار المصري(ت:126هـ)، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي(ت:127هـ)، وعمرو بن مالك النُّكري(ت:129هـ)، ويحيى بن أبي كثير اليمامي(ت:129هـ)، وأيوب بن أبي تميمة السختياني(ت:131هـ)، وأبو رجاء محمد بن سيف الحداني(ت:135هـ)، وحصين بن عبد الرحمن السلمي(ت:136هـ)، والربيع بن أنس البكري(ت:137هـ)، ويونس بن عبيد البصري(ت:139هـ)، ويحيى بن سعيد الأنصاري(ت:143هـ) وأبو روق عطية بن الحارث الهمْداني(ت:145هـ)، وإسماعيل بن أبي خالد البجلي(ت:146هـ)، وعبيد بن سليمان الباهلي، وهشام بن عروة بن الزبير(ت:146هـ)، وسليمان بن مهران الأعمش(ت:148هـ)، ومحمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ)، وشبل بن عباد المكي(ت:160هـ تقريباً).
الطبقة الثالثة: طبقة المفسرين من تابعي التابعين
من المفسّرين: مقاتل بن حيان النبطي(ت:150هـ)، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج(ت:151هـ)، وسفيان بن سعيد الثوري(ت:161هـ)، وأبو عمرو بن العلاء، ونافع بن أبي نعيم المدني(ت:169هـ)، ومالك بن أنس الأصبحي(ت:179هـ)، ومسلم بن خالد الزنجي(ت:179هـ)، وعبد الله بن المبارك المروزي(ت:181هـ)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم(ت:182هـ)، وعلي بن حمزة الكسائي(ت:189هـ)، وعبد الله بن وهب المصري(ت:197هـ)، وسفيان بن عيينة الهلالي(ت:198هـ)، ووكيع بن الجراح الرؤاسي(ت:197هـ)، ويحيى بن سلام البصري(ت:200هـ)، وأبو عبيدة معمر بن المثنى(209هـ)، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني(ت:211هـ)، وغيرهم.
ومن كبار رواة التفسير: عبد الله بن أبي نجيح المكي(ت:131هـ)، ومنصور بن المعتمر السلمي(ت:132هـ)،وسالم بن عجلان الأفطس(ت:132هـ)، وعبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني(ت:132هـ)، ومغيرة بن مقسم الضبي(ت:133هـ)، ويزيد بن أبي سعيد النحوي(ت:132هـ)، وعلي بن أبي طلحة الوالبي(ت:143هـ)، وعبد الله بن عون المزني(ت:151هـ)، وعباد بن منصور الناجي(ت:152هـ)، ويونس بن يزيد الأيلي(ت:152هـ)، ومعمر بن راشد الأزدي(ت:153هـ)، وهشام بن سَنبر الدستوائي(ت:153هـ)، وموسى بن عبيدة الربذي(ت:153هـ)، وقرة بن خالد السدوسي(ت:154هـ)، والحكم بن أبان العدني(ت:154هـ)، وعيسى بن ميمون الجرشي(ت:155هـ)، وسعيد بن أبي عروبة البصري(ت156هـ)، والحسين بن واقد المروزي(ت:159هـ)، وأبو جعفر الرازي(ت:160هـ)، وبكير بن معروف الدامغاني(ت:163هـ)، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي(ت:164هـ)، وسعيد بن بشير الأزدي(ت:169هـ)، وورقاء بن عمر اليشكري(ت:170هـ تقريبا)، وأسباط بن نصر الهمداني(ت:170هـ تقريباً)، وأبو معشر المدني(ت:170هـ)، ويزيد بن زريع العيشي(ت:182هـ)، وهشيم بن بشير الواسطي(ت:183هـ)، ويحيى بن اليمان العجلي(ت:188هـ)، ورشدين بن سعد المصري(ت:188هـ)، وعبد الله بن إدريس الأودي(ت:192هـ)، وإسماعيل بن إبراهيم الأسدي(ت:193هـ) المعروف بابن علية، وأبو بكر بن عياش الأسدي(ت:193هـ)، ويحيى بن آدم الكوفي(ت:203هـ)، وروح بن عبادة القيسي(ت:205هـ)، وشبابة بن سوار الفزاري(ت:206هـ)، وحجاج بن محمد المصيصي(ت:206هـ)، ومحمد بن يوسف بن واقد الفريابي(ت:212هـ)، وقبيصة بن عقبة السوائي(ت:213هـ)، وعمرو بن عون السلمي(ت:225هـ)، وغيرهم.
الطبقة الرابعة: طبقة المفسّرين من تبع أتباع التابعين إلى نهاية القرن الرابع الهجري
وهؤلاء طبقة بعد تابعي التابعين ومنهم من هو أسنّ من بعض تابعي التابعين لكن لا أعرف لهم رواية عن أحد من التابعين،
وقد تقدّم التعريف بأكثر أعلام مفسري هذه الطبقة عند الحديث عن تدوين التفسير، وهم على أصناف:
الصنف الأول: مفسّرون من أهل الحديث والأثر
عنوا بجمع الأحاديث والآثار في التفسير؛ فمنهم من كان يقتصر على الرواية، ومنهم كان من يحرر وينقد، ومنهم من له مع ذلك عناية بكلام أهل اللغة، ومنهم من فُقد تفسيره ولم نقف على وصف منهجه فيه.
- فممن يقتصر على الرواية: آدم بن أبي إياس العسقلاني(ت:220هـ)، وسعيد بن منصور الخراساني(ت:227هـ)، وعبد بن حميد(ت:249هـ)، ومحمد بن إسماعيل البخاري(ت:256هـ)، ومسلم بن الحجاج(ت:261هـ)، ومحمد بن عيسى الترمذي(ت:279هـ)، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت: 303هـ)، وأبو محمد إسحاق بن إبراهيم البُسْتيّ(ت:307هـ).
- وممن يحرر وينقد أو يصنف الأقوال: أبو عبيد القاسم بن سلام(ت:224هـ)، والحسين بن الفضل البجلي(ت:282هـ)، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ)، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت: 318هـ)، وابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (ت: 327هـ)، ومحمد بن علي الكرجي القصاب (ت: 360هـ) وإن كان محدثاً إلا أنه لم يكن يروي الأقوال في تفسيره وإنما عني بمسائل الاعتقاد والردّ على أهل الأهواء.
- وممن تفاسيرهم مفقودة، ولم نقف على وصف منهجهم فيها: أبو بكر ابن أبي شيبة(ت:235هـ)، ومحمد بن حاتم بن ميمون الرازي(ت:235هـ)، وإسحاق بن راهويه(ت:238هـ)، وأحمد بن حنبل(ت:241هـ)، وأبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج(ت:257هـ)، والحسين بن داوود المصيصي المعروف بسنيد(ت:266هـ)، وابن ماجه القزويني(ت:273هـ)، وبقيّ بن مخلد الأندلسي(ت:276هـ)، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الأنماطي النيسابوري(ت:303هـ)، وأبو بكر عبد الله بن أبي داوود سليمان بن الأشعث السجستاني(ت:316هـ)، وأبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني(ت: 369هـ)، وأبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ابن شاهين البغدادي (ت: 385هـ)، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس النيسابوري(ت:396هـ).
والصنف الثاني: مفسّرون فقهاء عنوا بأحكام القرآن
ومنهم: محمد بن إدريس الشافعي(ت:204هـ) جمع له البيهقي كتاب "أحكام القرآن"، وإسماعيل بن إسحاق الجهضمي(ت:282هـ)، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي (ت: 321هـ)، وأبو الفضل بكر بن محمد بن العلاء القشيري (ت:344هـ)، وأبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي(ت:365هـ) المعروف بالقفال الكبير، وأبو بكر أحمد بن علي الجصاص (ت: 370هـ)، وأبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي (ت: 375هـ)، ومحمد بن علي بن إسحاق ابن خويز منداد المالكي(ت:390هـ)،
والصنف الثالث: مفسرون من أهل اللغة والمعرفة بالعربية
ومنهم: محمد بن المستنير المعروف بقطرب، وأبو زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت:207هـ)، والأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة(ت: بعد 211هـ)، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري(ت:276هـ)، وأبو إسحاق إبراهيم بن السَرِيّ الزجاج (ت: 311هـ)، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت:321هـ) وأبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي(ت:323هـ) المعروف بنفطويه، وأبو بكر محمد بن عزير العزيري السجستاني(ت: 330هـ تقريباً)، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس (ت: 338هـ)، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن أشته الأصبهاني(ت:360هـ)، وأبو منصورٍ محمد بن أحمد الأزهَرِي (ت: 370هـ)، وأبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ)،
وأبو بكر محمد بن علي الأدفوي (ت 388 هـ)، ومحمد بن عبد الله ابن أبي زَمَنِين (ت: 399هـ) وهو من أئمة أهل السنة إلا أنّ تفسيره اختصار لتفسير يحيى بن سلام البصري وهو من التفاسير اللغوية.
والصنف الرابع: مفسّرون عنوا بالسلوك والتصوف
ومنهم: سهل بن عبد الله التستري(ت:283هـ) وتفسيره المطبوع مجموع من أقواله وليس من تأليفه.
والصنف الخامس: مفسّرون مجروحون
ومنهم:
1: هود بن محكّم الهواري(ت:290هـ)، خارجي إباضي.
2: وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري (ت: 308هـ)، اتهمه الدارقطني بوضع الحديث، وتفسيره مختصر جداً اعتمد فيه كثيراً على تلخيص تفسير الكلبي من رواية السدي الصغير.
3: أبو بكر محمد بن الحسن النقّاش (ت:351هـ).
- قال أبو عبد الله الذهبي: (الذي وضح لي أنَّ هذا الرجل مع جلالته ونبله متروك ليس بثقة).
وقال: (لو تثبت في النقل لصار شيخ الإسلام).
الطبقة الخامسة: طبقة المفسرين في القرن الخامس الهجري
وفي القرن الخامس الهجري ظهرت تفاسير مهمّة عُني أكثر أصحابها بتلخيص الأقوال في التفسير، وتصنيفها، وحذف الأسانيد، وكان لبعضها أثر ظاهر في التفاسير التي تلتها.
ومن أشهر المفسّرين في هذا القرن:
1: أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الربعي الباغائي(ت:401هـ)، وله كتاب "أحكام القرآن"، مطبوع.
2: أبو جعفر أحمد بن نصر الداوودي التلمساني المالكي(ت:402هـ)، فقيه مالكي من أهل أطرابلس المغرب، ثم انتقل إلى تلمسان ومات بها، له شرح على الموطأ، وعلى صحيح البخاري، وكان عالماً متفنناً موصوفاً بالفصاحة وإجادة الجدل، جُمعت أقواله في التفسير وطبعت في كتاب.
3: أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله ابن حمدويه النيسابوري(ت: 405هـ) المعروف بابن البيّع، الإمام القارئ المحدّث والفقيه المفسّر، من تلاميذ ابن حبان والدارقطني، ولد سنة 321هـ، وكان كثير الشيوخ حتى ذكر أنه روى عن ألفي شيخ، وجمع حديثاً كثيراً، وصنّف كتباً كثيرة ذكر الذهبي أنهّا نحو ألف جزء، اتّهم بالرفض ولا يصحّ عنه، بل كان فيه ميل إلى التشيّع، مع تقديم الشيخين.
وله كتاب "المستدرك على الصحيحين" وفيه كتاب كبير في التفسير، أكثر من ثلاثمائة صفحة اشتمل على 1119 حديثاً، وهو على طريقة المحدثين.
4: أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني(ت:406هـ)، من رؤوس الأشاعرة في زمانه، أخذ طريقة أبي الحسن الأشعري من أبي الحسن الباهلي وغيره، ومن تلاميذه: أبو إسحاق الثعلبي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر البيهقي، وله كتاب في التفسير طبع حديثاً، وقد حقق من قبل في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى.
5: أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصبهاني (ت:410هـ) محدث مفسّر مؤرّخ، ولد سنة 323هـ، وسمع حديثاً كثيراً من شيوخ أصبهان والعراق، وله مصنفات كثيرة، ومنها تفسير كبير، نقل عنه السيوطي في الدر المنثور أكثر من ألفي رواية، وكذلك نقل عنه ابن كثير فأكثر، وكان مفقوداً إلى وقت قريب، ثم عثر على قطعة منه أثناء سورة ق إلى سورة الناس، وهي مطبوعة، وقد جُمعت مروياته في التفسير في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية بإشراف د.حكمت بشير ياسين.
6: الراغب أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني (ت: 412هـ تقريباً) تاريخ وفاته مشكل على الباحثين، وفيه اختلاف كثير، ولعل أقرب الأقوال أنه توفي سنة 412هـ.
- قال الذهبي: (كان من أذكياء المتكلمين لم أظفر له بوفاة ولا بترجمة).
له كتاب في التفسير اسمه "جامع التفاسير" طبع منه إلى تفسير سورة المائدة في رسائل علمية متفرّقة، وله كتاب "مفردات القرآن" من أجود الكتب في بابه.
7: الحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي(ت:418هـ)، أديب لغوي مفسّر، نُسب إلى التشيّع ولا يثبت عنه، وهو فارسيّ الأصل، من ذرية فيروز بن يزدجرد، يتصل نسبه ببني بويه، وإنما لقب بالمغربي لأنّ أحد أجداده كان والياً على الجانب الغربي من بغداد، فَسَرَتِ النسبة إليه، انتقل والده إلى حلب ثم إلى مصر ومعه ابنه الحسين فقتل الحاكم العبيدي أهله ولم يبق منهم سوى الحسين ففرّ إلى العراق، واتّصل ببني بويه، وتوثقت صلته بهم إلى أن تولى الوزارة، له كتب منها "المصابيح في تفسير القرآن العظيم" مطبوع، وهو من التفاسير اللغوية المختصرة، يجري مجرى كتب معاني القرآن، ومؤلفه غير محقق في العقيدة.
8: أبو يحيي محمد بن أحمد ابن صمادح التجيبي(ت:419هـ)، كان والياً على مدينة "وشقة" زمن ملوك الطوائف بالأندلس، ثم تنازل عنها لابن عمّه المنذر بن يحيى بعد فتن واضطرابات، ولأبي يحيى علم وفضل، قال الذهبي: (له مختصر في غريب القرآن يدّل عَلَى فضله ومعرفته).
وقد طبع كتابه هذا باسم "مختصر تفسير الطبري"، وهو لم يقصد فيه اختصار تفسير الطبري، وإنما لخّص منه غريب القرآن.
9: أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري(ت: 427هـ)، وله كتاب " الكشف والبيان عن تفسير القرآن"، وهو من أهمّ تفاسير القرن الخامس الهجري، جمعه من مصادر كثيرة ذكرها في مقدمة كتابه بلغت أكثر من أربعين تفسيراً، مع كتب أخرى في علوم القرآن، ومنها تفاسير لم تصل إلينا، وذكر أسانيده إلى تلك الكتب في المقدمة ثم حذفها في أصل الكتاب ليختصر ذكر الأسانيد في كلّ مرة، لكنّ ذكر أسانيد الكتب لا يُغني عن أسانيد الآثار فوقع بسبب ذلك في أخطاء في نسبة بعض الأقوال إلى السلف، ثم أخطأ في إدراج روايات واهية لبعض كتب التفسير المنسوبة لبعض السلف؛ كتفسير الكلبي عن ابن عباس، وعلى ضعف الكلبي وترك جماعة من السلف تفسيره فقد حصّله الثعلبي عن الكلبي من طرق واهية جداً، فيها متّهمون بالكذب؛ ولذلك فكثير مما يكون في كتابه منسوباً إلى الكلبي عن ابن عباس لا يوثق بنسبته إلى الكلبي فضلاً عن نسبته إلى ابن عباس، واعتمد أيضاً تفسير العوفي عن ابن عباس وهو مسلسل بالضعفاء لكنّه أحسن حالاً من تفسير الكلبي عن ابن عباس.
وتفسير الحسن البصري رواه من طريق عمرو بن عبيد المعتزلي، واعتمد في تفسيره على تفاسير أخرى منسوبة لبعض السلف بأسانيد واهية كتفسير خارجة بن مصعب عن قتادة، وتفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي عن عطاء بن أبي رباح، وتفسير أبي حمزة الثمالي، وتفسير المسيّب بن شريك، وغيرها، وكتاب المبتدأ لوهب بن منبّه من رواية ابن ابن بنته عبد المنعم بن إدريس وهو متّهم بالكذب وضع على وهب بن منبّه أخباراً كثيرة مكذوبة، وقد تركه أهل الحديث، وكان الإمام أحمد يهجر من يروي عنه من أهل الحديث.
وكان هذا مما كثرت به الأخطاء في نسبة الأقوال إلى السلف في تفسيره.
ثمّ زاد على ذلك الاعتماد على تفاسير لجماعة من رؤوس المبتدعة، منها تفسير مقاتل بن سليمان وقد ترك جماعة من السلف تفسيره وحذروا منه، وتفسير أبي بكر الأصمّ وهو من رؤوس المعتزلة، وتفسير شيخه أبي بكر ابن فورك وهو من رؤوس الأشاعرة، وحقائق التفسير لشيخه أبي عبد الرحمن السلمي وهو من رؤوس الصوفية وفيه عبارات مستشنعة جداً.
فكان هذا مما شان به الثعلبي تفسيره؛ ولو أنّه توثّق في انتقاء مصادره، وصانه من تفاسير المبتدعة والضعفاء والمتروكين، واكتفى بالتفاسير الحسنة التي تحصّلت له وهي نحو ثلاثين تفسيراً، وتثبّت في الحكم على الأسانيد إذ حذفها لكان تفسيره من أنفس التفاسير.
وعلى كلّ حال فقد جمع في تفسيره علماً كثيراً نافعاً، لكنه اشتمل على أخطاء كثيرة في نسبة الأقوال وسرد الروايات وإدخال بعضها في بعض، وفيه كثير من الإسرائيليات الباطلة.
وللثعلبي كتب مفقودة، فقد قال تلميذه الواحدي في مقدمة تفسيره البسيط: (قرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، وتفسيره الكبير، وكتابه المعنون بـ"الكامل في علم القرآن" وغيرهما).
10: أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي(ت:430 هـ) وله كتاب "البرهان في علوم القرآن " وهو كتاب جامع في التفسير والقراءات وتوجيهها والإعراب والغريب والاشتقاق، وفيه عناية ظاهرة بالإعراب، وقد طبع بعضه في رسائل جامعية.
11: أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير(ت:430هـ)، وله كتاب " الكفاية في التفسير" وهو كتاب كبير، وقد حقّق في رسائل علمية وطبع.
12: مكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)، وله تفسير كبير سماه "الهداية إلى بلوغ النهاية"، وهو مطبوع، وهو من أنفس التفاسير، ذكر في مقدّمته أنه تقصّى فيه ما استطاع من مشهور تفسير الصحابة والتابعين دون الشاذّ، وجمع أكثر مادّة كتابه من كتاب شيخه أبي بكر الأدفوي المسمّى بالاستغناء، وذكر أنه في ثلاثمائة جزء، واعتمد أيضاً على تفاسير مشهورة كتفسير ابن جرير الطبري، ومعاني القرآن للفراء، ومعاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج، وتفسير يحيى بن سلام، وكتب أبي جعفر ابن النحاس، وغيرها، وذكر أنّه رجع في كتب أخرى في علوم القرآن بلغ مجموعها نحو ألف جزء.
وكتابه حسن التلخيص والتصنيف للأقوال، محذوف الأسانيد.
13: أبو العباس أحمد بن عمار التميمي المهدوي(ت:440هـ)، قارئ مفسّر لغوي، من أهل المهدية، وهي مدينة على ساحل تونس قريب من القيروان بناها أحمد بن إسماعيل المهدي والد خلفاء مصر، وكان المهدوي مقدماً في القراءات والعربية، وله مصنفات مفيدة، منها كتابان مهمّان في التفسير:
أحدهما: التفصيل الجامع لعلوم التنزيل، وقد حقق بعضه في رسائل علمية.
والآخر: التحصيل لفوائد كتاب التفصيل، وهو تلخيص لما قبله، وقد طبع كاملاً.
وتفسير المهدوي من مصادر ابن عطية والقرطبي.
14: أبو الفتح ناصر بن الحسين الطالبي الديلمي(ت:444هـ)، مفسّر زيدي، نشأ ببلاد الديلم، ثم قدم اليمن سنة 437هـ، وتقوّى بقبائل بايعته فتغلّب على صنعاء وكانت له دولة في اليمن لم تطل مدّتها، قُتل سنة 444هـ، وله كتاب "البرهان في تفسير القرآن"، حقق في رسائل علمية في جامعة القاهرة.
15: أبو الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي(ت:447هـ)، الفقيه الشافعي، والمفسّر الأديب، نشأ في الري ثم انتقل إلى الشام مرابطاً ومحتسباً لنشر العلم والسنة والتصانيف.
من شيوخه أبو حامد الإسفراييني، وابن فارس اللغوي.
ومن تلاميذه الخطيب البغدادي، والفقيه نصر المقدسي وغيرهما.
حجّ سنة 446هـ، ثم ركب بحر القلزم في صفر من سنة 447هـ عند ساحل جدة؛ فغرق في البحر، وقد نيّف على ثمانين سنة.
له مصنفات كثيرة، ومنها كتاب "ضياء القلوب في التفسير"، وقد حقق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية.
15: القاضي علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: 450هـ)، الفقيه الشافعي، والمفسّر المتفنن في العلوم، ولد سنة 364هـ، ونشأ في البصرة، وطلب العلم بها وببغداد وغيرهما حتى حصّل علماً غزيراً، وحفظ المذهب، وبرع في علوم عدة، وكان رجلاً عظيم القدر متقدماً عند السلطان، ولي القضاء ببلدان عدة، ثم استقرّ ببغداد، وهو من شيوخ الخطيب البغدادي.
- قال أبو عبد الله الذهبي: (قيل: إنه لم يظهر شيئاً من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلما دنت وفاته قال لمن يثق به: "الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نية خالصة، فإذا عاينت الموت ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها، فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى الكتب وألقها في دجلة، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك، فاعلم أنها قد قبلت، وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية".
قال ذلك الشخص: فلما قارب الموت، وضعت يدي في يده، فبسطها ولم يقبض على يدي، فعلمت أنها علامة القبول، فأظهرت كتبه بعده)ا.هـ.
اتهمه أبو عمرو بن الصلاح بالاعتزال، ولا يصحّ أن يُنسب إلى المعتزلة، لأنه يخالفهم في أكثر أصولهم ولا يقول بخلق القرآن، لكن له تأثر ببعض أقوالهم وأصولهم في القدر وغيره، ولم يكن محققاً في مسائل الاعتقاد.
له تفسير مطبوع سماه "النكت والعيون"، وقد لخّص فيه أقوال السلف في التفسير وحذف الأسانيد، وأورد بعض أقوال المعتزلة، وزاد أوجها في التفسير مما ظهر له بالتأمّل والاستنباط، وهو تفسير حسن يستفاد منه في معرفة المسائل والأقوال على جهة الإجمال، لكن لا يُعتمد عليه في نسبة الأقوال.
16: أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري(ت:465هـ)، الفقيه الشافعي والأشعري المتصوف، والمفسّر الأديب، شيخ خراسان، ورئيس الصوفية في زمانه.
ولد سنة 376هـ، ونشأ في ضواحي نيسابور في أسرة ثرية سرية عربية الأصل من قشير من هوازن، وتوفي أبوه وهو طفل؛ فاعتنى وليّه يتعليمه وتأديبه ووكّل به أبا القاسم اليماني الأديب فعلّمه وأدّبه، وبرع في العربية، والخط، والفروسية، واستعمال السلاح.
ثم تتلمذ على أبي علي الدقاق وتزوج ابنته، ودرس الفقه على أبي بكر الطوسي، وأخذ عن ابن فورك، وأبي إسحاق الإسفراييني، وقرأ كتب الباقلاني، وصحب أبا عبد الرحمن السلمي، وحج مع أبي بكر البيهقي، وأخذ طرفاً من علم الحديث.
ثم تصدر للوعظ والتعليم والتأليف؛ فصنّف كتباً عدة، ومنها كتابان في التفسير:
أحدهما: لطائف الإشارات، وهو تفسير إشاري صوفي، وقد طبع.
والآخر: "التيسير في علم التفسير" وقد حقق بعضه في رسائل علمية.
جرت له محنة فاضطر لمفارقة وطنه إلى بغداد، ثم رفعت عنه المحنة وعاد إلى نيسابور مكرماً محترماً مطاعاً، مجتهداً في العبادة عشر سنين حتى مرض ومات سنة 465هـ.
قال أبو عبد الله الذهبي: (لما مرض لم تفته ولا ركعة قائما حتى توفي).
17: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي (ت: 468هـ)، تلميذ الثعلبي، له ثلاثة تفاسير مطبوعة: البسيط وهو أوسعها، والوسيط، والوجيز، وله كتاب جامع في "أسباب النزول".
18: عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني (ت:471هـ) شيخ البلاغة وحامل لوائها، له كتاب دلائل الإعجاز أبان فيه عن إعجاز النظم القرآني ببيان بديع، وله كتاب "أسرار البلاغة" وفيه أمثلة كثيرة للبلاغة القرآنية، وله كتاب تفسير مفقود اسمه " درج الدرر في تفسير الآي والسور" ، وقد طبع كتاب آخر بهذا الاسم منسوباً إليه، وهو خطأ.
19: أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني (ت: 489هـ)، من أئمة أهل السنة في زمانه، له كتاب "تفسير القرآن" مطبوع، وقد هذّب فيه تفسير الثعلبي، وزاد فيه فوائد.
20: أبو سعد المحسن بن محمد البيهقي المعروف بالحاكم الجُشمي(ت:494هـ)، من رؤوس المعتزلة في زمانه، له كتاب "التهذيب في التفسير"، وقد طبع.
21: أبو الفتح عبد الصمد بن محمود بن يونس الغزنوي(ت: ق5 هـ) من بلاد غزنة بأطراف الهند، وهو قاضٍ حنفي مؤول، فرغ من كتابة تفسيره سنة 487هـ، ولم أقف على تاريخ وفاته، له "تفسير الفقهاء وتكذيب السفهاء"، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى.
الطبقة السادسة: طبقة المفسرين في القرن السادس الهجري
1: عماد الدين بن محمد الكيا الهراسي (ت: 504هـ)، من فقهاء الشافعية له كتاب في "أحكام القرآن"، مطبوع.
2: محمود بن حمزة الكرماني (ت: 505هـ تقريباً)، أشعري، وله كتابان في التفسير:
أ: لباب التفاسير، وقد حُقق في رسائل علمية.
ب:غرائب التفسير وعجائب التأويل، وهو مطبوع، جمع فيه ما يستغرب وما يستنكر من الأقوال في التفسير، قال فيه: (وكل ما وصفته بالعجيب ففيه أدنى خلل ونظر).
3: أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري(ت:514هـ)، من رؤوس الأشاعرة المتعصبين في زمانه، وله كتاب "التيسير في التفسير" حقّق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية، وقد اعتمد في تفسيره هذا على تفسير والده.
4: عبد الحميد بن عبد المجيد الحاكمي(ت: بعد 514هـ)، له تفسير ساه "تخليص الدرر" مطبوع.
5: الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ)، الإمام المعروف، وهو قارئ مفسّر محدّث، له كتاب "معالم التنزيل" كتبه وهو ابن 36 سنة، هذَّب فيه تفسير الثعلبي، وحقق نسبة القراءات وزاد على الثعلبي فيها، وأضاف إليه أحاديث كثيرة رواها بإسناده مما في الصحيحين وغيرهما مما له تعلّق بالتفسير، وحذف كثيراً من الأخبار الواهية.
6: قوام السنة أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني(ت:535هـ)، له كتب في إعراب القرآن ومعانيه، وله كتاب " الإيضاح في التفسير" حقق بعضه في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية.
7: أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي(ت:537هـ)، له كتاب كبير في التفسير اسمه "التيسير في التفسير"، وهو مطبوع.
8: أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن محمد ابن برّجان اللخمي الإشبيلي(ت:536هـ) شيخ الصوفية بالمغرب، كان قارئاً عابداً متكلماً، وله عناية بالحديث والتفسير، وتفسيره "تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم" مطبوع.
10: أبو الفضائل محمد بن الحسن المُعيني(ت:537هـ)، أشعري يمني، له عناية بعلوم اللغة، وتفسيره "لوامع البرهان وقواطع البيان في معاني القرآن"، مطبوع، وله تفسير آخر مفقود اسمه "البصائر في التفسير".
11: محمود بن عمر الزمخشري (ت: 538هـ)، من رؤوس المعتزلة في زمانه، وهو صاحب التفسير المشهور "الكشاف عن حقائق التنزيل"، وفي تفسيره اعتزاليات ظاهرة وخفية تستخرج بالفطنة والتمرس، وله عناية جيدة بالمسائل اللغوية والفوائد البلاغية.
12: أبو الحسن علي بن عراق الصناري الخوارزمي(ت: 539هـ)، له تفسير اسمه "شماريخ الدرر في تفسير الآي والسور" ، وقد طبع باسم "درج الدرر" منسوباً لعبد القاهر الجرجاني، وقد نبّهت د.نوال سلطان في بحث لها على خطأ النسبة.
13: أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي (ت: 543هـ)، الفقيه المالكي الأشعري، له كتابان في "أحكام القرآن" أحدهما كبير، والآخر مختصر له، وهما مطبوعان، وله كتاب كبير جداً في التفسير اسمه "أنوار الفجر في مجالس الذكر" ذكر أنه أملاه في نحو ثمانين ألف ورقة، لكنه تفرّق في أيدي الناس، وقد أشار إليه في عدد من كتبه، وله أيضاً "قانون التأويل" مات ولم يكمله، وله كتب أخرى كثيرة.
14: أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت: 546هـ)، وله الكتاب القيّم "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، وهو من أنفس التفاسير وأجودها، وأحسنها تحريراً، وفيه تأثّر بالأشعرية، ويخالفهم في مواضع.
15: محمود بن أبي الحسن النيسابوري الغزنوي(ت: 555هـ)، مفسّر لغوي متفنن، عاش في زمن اضطرابات وفتن، وله كتب كثيرة، ومنها في التفسير وعلوم القرآن: إيجاز البيان عن معاني القرآن، مطبوع، وقد اعتمد فيه على كتاب "لوامع القرآن" للمعيني؛ فهو كالاختصار له، ويكثر من النقل عن تفسير أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني(ت: 322هـ) المسمّى "جامع التأويل لمحكم التنزيل"، وتفسير القاضي علي بن حبيب الماوردي(ت:450هـ) المسمى "النكت والعيون".
وله كتاب "باهر البرهان في مشكلات القرآن" مطبوع، وقد طبع أيضاً بعنوان "وضح البرهان في مشكل القرآن"، وهو نفسه.
وله كتاب "غرر الأقاويل في معاني التنزيل" ذكره في مقدمة إيجاز البيان، وهو مفقود، وكتاب "التفصيل بين التفسير والتأويل" وهو مفقود أيضاً.
16: حجة الدين أبو جعفر محمد بن عبد الله ابن ظفر الصقلي(ت:565هـ)، لغوي نحويّ مفسّر، ولد بمكة ثم رحل في طلب العلم إلى مصر وإفريقيا والأندلس، ولقي أبا بكر ابن العربي، وأقام بالمهدية وشهد حروب المسلمين مع الإفرنج وأُخذت المهدية وهو هناك، ثم انتقل إلى صقلية ثم إلى مصر ثم إلى حلب.
له كتاب "ينبوع الحياة في تفسير القرآن الكريم" وهو من مصادر الحافظ ابن حجر العسقلاني في التفسير، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة نوره.
17: أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني(ت:569هـ)، الإمام القارئ المحدث الزاهد، وكان واسع الرواية، له كتب في علوم القرآن وغيره، ومن أكبر كتبه "زاد المسافر".
- قال الحافظ ابن الجزري: (عندي أنه في المشارقة كأبي عمرو الداني في المغاربة بل هذا أوسع رواية منه بكثير)
18: أبو علي عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي(ت:582هـ)، له كتاب "تقشير التفسير" مطبوع.
19: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي (ت: 597هـ)، الفقيه الواعظ الحنبلي، صاحب المؤلفات الكثيرة المعروفة، ومنها " زاد المسير في علم التفسير"، استفاد فيه من تفسير الماوردي وزاد عليه زيادات كثيرة ووقع فيما وقع فيه الماوردي من أخطاء في نسبة الأقوال.
20: أبو محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم الأندلسي المعروف بابن الفرس (ت: 597 هـ)، له كتاب في أحكام القرآن، مطبوع.
الطبقة السابعة: طبقة المفسرين في القرن السابع الهجري
1: فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي (ت: 606هـ)، من نظار الأشاعرة وكبار المتكلمين، وقد ندم في آخر حياته على اشتغاله بعلم الكلام، له كتب كثيرة منها "التفسير الكبير" ويسمّى "مفاتيح الغيب"، وقد حظي تفسيره هذا بشهرة كبيرة واشتغل به عدد من المفسرين بعده اختصاراً وتعقبا ومناقشة واعتراضاً، وأُلِّفَ في كل ذلك مؤلفاتٍ كثيرة.
وقد اعتمد في تفسيره على عدد من كتب المعتزلة ووافقهم في بعض أقوالهم ورد بعضها، ونقل بعض أقوال السلف.
واعتمد طريقة في تفسيره تتلخص في تقسيم الكلام في الآية إلى مسائل وتفريعات كثيرة، ويكثر من إيراد الشبه والاعتراضات، ويجيب عليها، ويكثر من الاستطرادات جداً، وقد توسع في هذه الطريقة وتكلف فيها ودخل في كلامه كثير من الغلط.
وقد مات ولم يتمّ كتابه، ولم يؤلّفه في الأصل على ترتيب سور المصحف؛ فكان يفسّر بعض السور من غير ترتيب، ثمّ جمع الكتاب وأتمّ عمله تلميذه أحمد الخوبي، فظهر تفاوت بيّن بين أسلوب الشيخ وتلميذه.
2: صدر الدين أبو محمد روزبهان بن أبي النصر البقْلي الشيرازي(ت:606هـ)، فقيه متكلّم صوفي، أصله من فسا، ثم نزل شيراز فنسب إليها، له "عرائس البيان في حقائق القرآن"، وهو تفسير إشاري صوفي، مطبوع، وتفسيره من مصادر الملا سلطان علي القاري في كتابه "أنوار القرآن وأسرار الفرقان".
3: نجم الدين الكُبريّ أحمد بن عمر بن محمد الخوارزمي(ت:618هـ) شيخ خوارزم في زمانه، عابد زاهد، وفقيه شافعي، ومحدّث مسند، لكنه دخل في التصوّف وله عبارات تستنكر في التفسير الإشاري أودعها في تفسيره "التأويلات النجمية"، وهو مطبوع ، ومعه تتمته "عين الحياة" لعلاء الدولة أحمد بن محمد السمناني(ت:736هـ).
ولما زحفت التتار على خوارزم خرج إليهم نجم الدين مع جماعة من مريديه فقاتلوا حتى قتلوا مقبلين غير مدبرين.
4: أبو العباس أحمد بن محمد بن المظفر بن المختار الرازي الحنفي(ت:642هـ تقريباً)، فقيه حنفي، ومفسر أديب، أصله من الري، ثم انتقل إلى الشام، ثم إلى بلاد الروم، وله مؤلفات منها كتاب "مباحث التفسير" تعقّب فيه مواضع في تفسير الثعلبي وعلّق عليها، وهو مطبوع، وكتاب "حجج القرآن" مطبوع أيضاً، وله كتب غير مطبوعة منها "لطائف القرآن"، و"أذكار القرآن" ، وله تعليق على مختصر القدوري، ومقامات أدبية، وغيرها.
5: أبو الحسن علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت: 643هـ)، مقرئ أهل الشام في زمانه، له كتب في القراءات وعلوم القرآن، وله كتاب "تفسير القرآن العظيم" مطبوع.
6: أبو النعمان بشير بن حامد التبريزي الزينبي(ت:646هـ)، له كتاب "الغُنيان في تفسير القرآن"، طُبعت منه قطعة من أوّل المائدة إلى الآية 53 من سورة الأعراف.
7: شهاب الدين أبو المناقب محمود بن أحمد الزنجاني(ت:656هـ)، قاضي القضاة، وكبير فقهاء الشافعية في العراق في زمانه، له تصانيف، واشتغال بالتدريس والإفتاء، قتله التتار لما اجتاحوا بغداد سنة 656هـ، وتفسيره من مصادر ابن حجر العسقلاني في التفسير.
8: أبو أحمد عزّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (ت: 660هـ)، من كبار العلماء المجاهدين، على أشعريّة فيه، وله كتب كثيرة منها كتاب في تفسير القرآن اختصر فيه تفسير الماوردي، و"فوائد في مشكل القرآن"، و"نبذ من مقاصد الكتاب العزيز"، وكلها مطبوعة.
9: أبو محمد عزّ الدين عبد الرزاق بن رزق الله الرسعني (ت: 661هـ)، الفقيه الحنبلي والمحدّث والأديب، من تلاميذ ابن قدامة المقدسي، وأبي البقاء العكبري، وتفسيره "رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز". طبع أكثره، وفيه سقط يسير.
10: أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم ابن بزيزة المغربي (ت:662هـ)، فقيه مالكي صوفي، من أهل تونس، له كتاب في شرح الأحكام لعبد الحق الأشبيلي، وله كتاب في التفسير اسمه "البيان والتحصيل المطلع على علوم التنزيل"، جمع فيه بين تفسير الزمخشري وتفسير ابن عطية، وهو من مصادر ابن حجر العسقلاني في التفسير، وقد حقق بعضه في رسائل علمية.
11: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت: 666هـ)، صاحب مختار الصحاح، له كتاب "أنموذج جليل في غرائب آي التنزيل"، وهو في بيان المشكل، وكتاب "تفسير غريب القرآن"، وهو مرتب على المفردات.
12: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)، المفسّر الكبير والفقيه المالكي صاحب كتاب "الجامع لأحكام القرآن"، وهو من أوسع كتب التفسير وأجمعها، اعتمد فيه على كتب كثيرة من أهمها كتب أحكام القرآن لابن العربي، والهداية لمكي بن أبي طالب، وتفسير ابن عطية، وتفسير المهدوي، وتفسير أبي الليث السمرقندي، وتفسير الماوردي، وأحكام القرآن لابن خويز منداد وغيرها، وقد استمدّ منه ابن كثير وغيره.
13: أبو العباس أحمد بن يوسف بن حسن الشيباني الموصلي الكَوَاشي(ت:680هـ)، القارئ المفسّر اللغوي، من أهل كواشة، وهي قلعة قرب الموصل، وكان عالماً عابداً زاهداً محتسباً، ولد سنة 590ه تقريباً، وعمّر حتى جاوز التسعين، وقد أضرّ قبل موته بعشر سنين، وله كتابان في التفسير كبير وصغير، وتفسيره "تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر" حقق في رسائل علمية.
14: أبو العباس أحمد بن محمد ابن المنيّر الإسكندري (ت: 683هـ)، قاضي الإسكندرية في زمانه، وهو متكلّم أشعري، له عناية بالأدب والخطابة، وله منظومة طويلة في تفسير غريب القرآن سماها "التيسير العجيب في تفسير الغريب" وهي مطبوعة.
وله كتاب "الانتصاف من الكشاف" استخرج فيه كثيراً من المسائل الاعتزالية في الكشاف، وتعقّبه فيها، وقد اُلّفت كتب كثيرة بسبب انتصافه هذا من أشهرها كتاب "الإنصاف مختصر الانتصاف من الكشاف"، لعلم الدين العراقي(ت:704هـ)، وهو مطبوع.
15: القاضي عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي (ت: 685هـ)، نسبة إلى البيضاء بلدة في شيراز بفارس، فقيه مالكي، وأصولي أشعري متكلم، تولى أمر القضاة بشيراز، وألّف في الكلام والفقه وأصوله، وحظي تفسيره "أنوار التنزيل وأسرار التأويل"، بشهرة كبيرة، وهو تفسير مختصر، اعتمد فيه على تلخيص الكشاف للزمخشري، ومفاتيح الغيب للرازي، ومفردات الراغب الأصفهاني، وغيرها، وعليه حواشٍ كثيرة جداً، أكثرها غير مطبوع.
16: برهان الدين محمد بن محمد النسفي البغدادي(ت:687هـ)، فقيه حنفي، وأصوليّ متكلّم، له كتب أكثرها في المنطق والأصول، وله تفسير حقق في رسال علمية في الأردن، اسمه "كشف الحقائق وشرح الدقائق في التفسير" وهو تلخيص وتهذيب لتفسير الرازي.
17: ابن أبي الربيع عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله القرشي الإشبيلي(ت:688هـ)، له كتاب "تفسير القرآن الكريم"، مطبوع.
18: جمال الدين يوسف بن هلال الصفدي(ت:696هـ)، فقيه حنفي، وطبيب أديب، كان من أطباء السلطان، سكن صفد مدّة فنُسب إليها، ثم انتقل إلى حلب، له كتاب "كشف الأسرار وهتك الأستار"، طُبع حديثاً.
19: عبد العزيز بن سعيد الدميري الديريني(ت: 697هـ)، له كتاب "التيسير في التفسير" اشتمل على منظومة طويلة في التفسير.
20: أبو عبد الله جمال الدين محمد بن سليمان بن الحسين المعروف بابن النقيب(ت:698هـ)، العابد الزاهد، والمفسّر اللغوي، والفقيه الحنفي، شيخ الذهبي وأبي حيان وغيرهما، أصله من بلخ، ولد سنة 611هـ، ونشأ بمصر وأقام بالجامع الأزهر، ثم انتقل إلى القدس وبها توفي، وأكثر عنايته بعلم التفسير، وله تفسير كبير اسمه "التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير" يعدّ من أكبر التفاسير في زمانه، ذكر أبو حيان أنه في نحو مائة سفر، ومات ولم يبيّضه، وهو من التفاسير التي اعتمد عليها أبو حيان.
وتفسيره يحقق في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى.
ومقدمة تفسيره حسنة، وهي في علم البيان والمعاني والبديع وإعجاز القرآن، طُبعت منسوبة لابن القيّم باسم "الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان"، ثم طبعت منسوبة له في مكتبة الخانجي.
الطبقة الثامنة: طبقة المفسرين في القرن الثامن الهجري
1: علم الدين عبد الكريم بن علي العراقي (ت: 704هـ)، له كتاب "الإنصاف مختصر الانتصاف من الكشاف" وهو مطبوع.
2: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي(ت:708هـ)، القارئ المفسر، والفقيه المالكي، واللغوي الأديب، كان من أوعية العلم بالأندلس، تخرّج به خلق كثير، وهو شيخ أبي حيان الأندلسي وابن جزي الكلبي وغيرهما من الأعلام، وكتبه تدلّ على ما وهبه الله من حسن فهم في العلم وقوة حجة واستنباط، وله كتاب "البرهان في تناسب سور القرآن" مطبوع، وهو بديع في بابه على اختصاره، وكتاب " ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل"، مطبوع، وهو في المتشابه المعنوي.
3: أبو الثناء قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي (ت: 710هـ)، قاضي شيراز في زمانه، كان طبيباً في شبابه ثمّ تتلمذ على نصير الدين الطوسي ودرس عليه علم الفلك وتخرّج به، وله كتب في التفسير وأصول الفقه والبلاغة والفلك والطبّ، وكان ملتزماً زيّ الصوفية، ومن مؤلفاته في التفسير:
- فتح المنان بتفسير القرآن، وهو تفسير كبير، حُقّق بعضه في رسائل علمية في جامعة تكريت في العراق.
- وحاشية على تفسير الكشاف للزمخشري، حُققت في رسائل جامعية في جامعة الأزهر.
- وكتاب "مشكلات التفسير"، ولم يُطبع فيما أعلم، وقد يكون اسماً لحاشيته على الكشاف؛ فقد ذكر في مؤلفاته شرح مشكلات الكشاف.
4: أبو البركات حافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي (ت: 710هـ)، فقيه حنفي ومتكلّم أصولي على طريقة أبي منصور الماتريدي، له كتب في الفقه وأصوله، وله كتاب في التفسير سماه "كتاب "مدارك التنزيل وحقائق التأويل"، اختصر فيه "الكشاف" للزمخشري، واستدرك عليه، وانتصر لمذهب أبي حنيفة في الفقه، ولأقوال أبي منصور الماتريدي في العقيدة، ولم يخل من تأثر ببعض أقوال المعتزلة.
5: أبو علي عمر بن خليل السكوني(ت:717هـ)، له كتاب "المقتضب من التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في تفسير الكتاب العزيز"، مطبوع.
6: شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ)، الإمام الحبر العلامة، كان واسع المعرفة في علوم الشريعة واللغة العربية، وله كتب غاية في التحقيق في التفسير والعقيدة والفقه وغيرها مع قيام حسن بتجديد الدين ونشر العلم والجهاد في سبيل الله.
ذكر تلميذه ابن رشيق المغربي عنه أنّه وقف على خمسة وعشرين تفسيراً مسنداً، وأنه كتب نقول السلف مجردًا عن الاستدلال على جميع القرآن، وهذا أصل عظيم النفع في التفسير.
وذكر تلميذه ابن القيّم رحمه الله في أسماء مؤلفاته نحو تسعين رسالة مفردة في التفسير.
ومن كتبه المطبوعة في التفسير وأصوله: تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء، والإكليل في المتشابه والتأويل، ومقدمة في أصول التفسير، وهي رسالة قيّمة انتفع بها خلق كثير من العلماء وطلاب العلم في دراسة مسائل التفسير ومعرفة أصوله وتمييز أنواع الخلاف في التفسير، وبنى عليها عامّة من ألّف في أصول التفسير بعده.
وقد جُمعت رسائله وكتبه في التفسير في أعمال كثيرة من أجمعها وأجودها جمع الأستاذ: إياد بن عبد اللطيف القيسي، في سبع مجلدات، واسم كتابه "تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية الجامع لكلام ابن تيمية في التفسير".
7: نظام الدين الحسن بن محمد الأعرج القمّي النيسابوري (ت: 728هـ)، صاحب كتاب "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" ، وهو مختصر لتفسير الرازي مع إضافات تتعلق بالوقوف والقراءات وفوائد أخر، وهو كتاب حسن التقسيم والترتيب والاختصار، وقد تابع الرازي في كثير من أقواله، وقد أشيع عن مؤلفه أنه شيعي، ولا يصح ذلك؛ فليس في تفسيره ما يدل على ذلك، وكان تفسيره مقرراً دراسياً في الأزهر.
8: أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي (ت: 741هـ)، القارئ المفسّر، والفقيه الأصولي، والخطيب الأديب، وله كتب في الاعتقاد والحديث، كان من نجباء تلاميذ أبي جعفر بن الزبير الغرناطي، خرج غازياً في سبيل الله وقتل في إحدى المعارك سنة 741هـ، وعمره 48سنة، وتفسيره مشهور متداول، واسمه "التسهيل لعلوم التنزيل"، وله مقدّمة حسنة شرحها د.مساعد الطيار في كتاب مطبوع.
9: أبو الحسن علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم الخازن (ت: 741هـ)، كان خازن الكتب بالمدرسة السميساطية بدمشق، وله عناية بالحديث والتصوف، له كتاب مشهور في التفسير اسمه "لباب التأويل في معاني التنزيل".
10: شرف الدين الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي (ت: 743هـ)، المفسّر اللغوي البارع، له حاشية نفيسة على كشاف الزمخشري اسمها "فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب".
11: أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)، المفسّر اللغوي ، تقدّم في القراءات والتفسير وعلوم اللغة، وتبحّر فيها إلى الغاية، وله كتب نفيسة في هذه العلوم، وله تفسير كبير سماه "البحر المحيط في التفسير"، ثم اختصره في كتاب "النهر المادّ من البحر المحيط"
وتعقّب في تفسيره الزمخشري في مواضع كثيرة، وحرر وناقش، واجتهد في تحرير مسائل الإعراب، وأوجه التفسير، ويعدّ كتابه هذا من أجمع المراجع في معاني القرآن وإعرابه، وفيه تحقيق لكثير من مسائل النحو.
12: سراج الدين أبو حفص عمر بن عبد الرحمن بن عمر البهبهائي الفارسي القزويني(ت:745هـ) لغوي مفسّر، من تلاميذ شرف الدين الطيبي، وكان موصوفاً بالذكاء والاجتهاد في طلب العلم، مات وهو ابن سبع أو ثمان وثلاثين، له حاشية على الكشاف اسمها "الكشف عن مشكلات الكشاف" وتسمى "كشف الكشاف" و"الكشف على الكشاف"، وقد حقق بعضها في رسائل علمية في جامعة تكريت بالعراق، وفي جامعة نورة بالرياض، وغيرهما.
13: أبو المكارم فخر الدين أحمد بن الحسن الجاربردي (ت: 746هـ) من تلاميذ القاضي البيضاوي، وله حاشية كبيرة على الكشاف، بلغني أنها حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
14: تاج الدين أبو محمد أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم القيسي(ت: 749ه). الفقيه الحنفي، له مختصر في التفسير اشتمل على فوائد من تفسير أبي حيان سماه "الدر اللقيط من البحر المحيط"، وقد طُبع ملحقاً به.
15: أبو الثناء محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني(ت:749 هـ)، فقيه شافعي متكلّم، اعتمد في تفسيره على الجمع بين الكشف للثعلبي، والكشاف للزمخشري، وتفسير الرازي، وقدّم لتفسيره مقدّمة حافلة، له تفسير "أنوار الحقائق الربانية في تفسير اللطائف القرآنية"، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
16: عماد الدين يحيى بن قاسم العلوي المعروف بالفاضل اليمني(ت: 750هـ)، فقيه شافعي، ومفسّر أديب، من أهل صنعاء، له عناية بتفسير الكشاف، كتب عليه حاشيتين: إحداهما: درر الأصداف في حل عقد الكشاف، وبلغني أنها حققت في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى.
والأخرى: تحفة الأشراف في حل غوامض الكشاف، كتبها بعد اطلاعه على حاشية الطيبي.
17: شمس الدين محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي المعروف بابن القيّم(ت:751هـ)، الإمام البارع المعروف، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، ووارث علومه، له مؤلفات عظيمة النفع في علوم الشريعة واللغة العربية، وله براعة في التفسير والبيان عن المعاني وشرح المسائل، وله رسائل وفصول في التفسير ضمّنها في كتبه ، هي غاية في علم التفسير، وفيها من التحقيق ما لا يكاد يوجد نظيره في كثير من التفاسير.
وقد جمعت أقواله في التفسير وفي ذلك أعمال أجمعها "الضوء المنير على التفسير"، جمع: علي بن حمد الصالحي، وقد مكث في جمعه وإعداده خمسة عشر عاماً ومات رحمه الله بعد أن دفعه للمطبعة.
18: شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (ت: 756هـ)، تلميذ أبي حيان الأندلسي، له عناية بالقراءات والتفسير وعلوم اللغة، وولي تدريس القراءات بجامع ابن طولون بالقاهرة، له كتابان مطبوعان في التفسير:
أحدهما: "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون"، وهو أشهر كتبه، وقد استفاد غالب مادّته من شيخه أبي حيان ، وناقشه فيه في حياته.
والآخر: "القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز"، وهو في تفسير آيات الأحكام، وقد حقق في رسائل علمية في الجامعة الإسلامية.
19: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت:762هـ)، المحدّث الكبير، أصله من زيلع، وهي مدينة على ساحل الصومال قريب من جيبوتي، وعاش المؤلف حياته في مصر وتوفي في القاهرة، وهو محدّث فقيه على المذهب الحنفي، له كتاب مطبوع في تخريج أحاديث الكشاف.
20: قطب الدين محمد بن محمد التحتاني الرازي (ت: 766هـ)، فقيه شافعي، اشتغل بالمنطق وعلم الكلام، والبلاغة والبيان، وله حاشية على الكشاف وصل فيها إلى سورة طه، حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
21: عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي(ت: 774هـ)، الإمام المفسّر والحافظ المحدث والفقيه والمؤرخ، صاحب التفسير الشهير الذي سارت به الركبان، واشتهر في الآفاق، وتبوأ منزلة عالية عند أهل العلم؛ حتى فضّله بعضهم على جميع التفاسير، اختصر فيه أقوال السلف من غير إسناد غالباً، وامتاز بجمع الأحاديث المتعلقة بتفسير الآيات وساقها بأسانيدها، وحرر القول في كثير من المسائل بعبارة حسنة موجزة، وعقّب على كثير من الأقوال والروايات التي يُحتاج فيها إلى تعقيب وبيان.
وقد ابتدأ تأليف سنة 737هـ، من الآية المائة من سورة الأنعام، حتى إذا فرغ من تفسير سورة الناس، عاد إلى أوّله فأتمّه.
وقد اجتهد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليل هذا البدء الغريب، وخلص إلى استظهار أنّ ابن كثير كان يدرّس التفسير لطلابه من غير كتابة، حتى إذا وصل إلى هذا الموضع قوي عزمه على كتابة التفسير فلم يحبّ أن يقطع الدرس ويستأنفه من أوّله.
وقد مكث ابن كثير في كتابة تفسيره أربع سنوات، وفرغ منه يوم الجمعة 24 ذو القعدة سنة 741هـ، ثمّ قرئ عليه بعد ذلك، وأعاد النظر فيه مراراً، وأضاف إليه أحاديث وأشياء انتقاها من تفاسير الزمخشري والرازي والقرطبي وغيرهم، ولم يزل يهذّب تفسيره ويحرره حتى توفي رحمه الله، ولذلك ظهر التفاوت في نسخ تفسير ابن كثير، كما ذكر ذلك أحمد شاكر رحمه الله في مقدمة "عمدة التفسير".
22: أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي (ت: 775هـ تقريباً)، فقيه حنبلي، من أهل حلب، له شرح على المحرر ، وله كتاب كبير في التفسير سماه "اللباب في علوم الكتاب"، جمع مادته من معاني القرآن للفراء والزجاج ومن تفاسير الرازي القرطبي والدر المصون للحلبي وغيرها، وهو من مصادر الخطيب الشربيني والشوكاني في التفسير، وقد حُققتْ بعض أجزاء الكتاب في رسائل علمية، وله طبعة عن دار الكتب العلمية كثيرة التصحيف والأخطاء.
وفي تعيين تاريخ وفاة المؤلف خلاف كبير، وقد توصل د.مرهف سقا بعد دراسته لتراجم شيوخه وتلاميذه إلى أنّ سنة وفاته 775هـ تقريباً، وما ذكر أن تاريخ وفاته نحو 880هـ، إنما كان مستنده تاريخ نسخ بعض نسخه المخطوطة.
23: بهاء الدين حيدر بن علي بن حيدر القاشي (ت: بعد 776هـ)، وهو محدّث مفسّر جمع الأحاديث المتعلقة بالتفسير ونزول القرآن في كتاب سمّاه "المعتمد من المنقول فيما أوحي إلى الرسول"، ولم أقف على تاريخ وفاته، لكن ذكر محقق كتابه أنه فرغ من كتابته سنة 776هـ.
ويخلط بين هذا المحدّث وبين معاصرٍ له اسمه بهاء الدين حيدر بن علي الآملي الطبري، وهو شيعي متكلّم متصوّف له كتاب تفسير مطبوع اسمه "المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم" وكتاب "نص النصوص في شرح الفصوص" شرح فيه فصوص الحكم لابن عربي، وهما مطبوعان.
24: سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت: 792هـ). أشعري متكلّم، وفقيه شافعي، وله عناية بأصول الفقه والمنطق والبلاغة والنحو، وقد ظهر أثر عنايته بالمنطق وعلم الكلام على تآليفه.
له حاشية على الكشاف، مطبوعة، وهي مختصرة من حاشية الطيبي وفي عباراته تعقيد.
25: الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي(ت:795هـ)، الإمام المحقق، والعلامة المدقق، تلميذ ابن القيّم لازم دروسه حتى مات، ثم تصدّر للتدريس في المدرسة الحنبلية، وله كتب نافعة تدلّ على تمكّنه في علوم الشريعة واللغة العربية، وله رسائل في التفسير طبعت مفردة.
وقد جمع الشيخ طارق بن عوض الله أقوال ابن رجب في التفسير في كتاب سماه "روائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي" وهو مطبوع، لكنّه ربما نسب إلى ابن رجب بعض ما نقله عن غيره؛ فمما وقفت عليه ما ذكره الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة من نقول في التفسير عن الوزير ابن هبيرة، فجعلها الجامع من كلام ابن رجب.
الطبقة التاسعة: طبقة المفسرين في القرن التاسع الهجري
1: أبو بكر بن علي بن محمد الزبيدي الحداد(ت: 800)، فقيه حنفي من أهل "زبيد" باليمن، له كتب كثيرة في الفقه على مذهب أبي حنيفة، وله تفسير مطبوع أثنى عليه الشوكاني، اسمه "كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل".
2: عفيف الدين محمد بن سعيد الدين محمد بن مسعود الكازْروني(ت:802هـ)، محدّث عابد، من تلاميذ الحافظ ابن كثير، اختصر تفسيره في نحو نصف حجمه مع تصرّف في النقل وتهذيب وإضافة، واسم مختصره " البدر المنير الملخص من تفسير ابن كثير"، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
3: أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي(ت:803هـ)، عالم تونس في زمانه، ومفتي أفريقيا، وإمام جامع الزيتونة، انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي في بلده، وله تبحّر في علوم الشريعة واللغة، شاع ذكره في الأمصار في حياته، وحجّ سنة 792هـ ولقيه الحافظ ابن الجزري في القاهرة ثم اصطحبا إلى الحج، وأطنب في الثناء عليه في "غاية النهاية"، وقال: (لم أر مغربياً أفضل منه).
وكان ابن عرفة مع سعة علمه خطيباً بليغاً وواعظاً مؤثراً، له مجالس في التفسير يأتي فيها باللطائف العجيبة، والفوائد البديعة، ويحضر مجالسه خلق كثير، فقيّد بعض تلاميذه بعض فوائد دروسه في التفسير، فكان في ذلك أعمال منها:
أ- تفسير ابن عرفة، برواية تلميذه القاضي أبي عبد الله محمد بن خِلْفَة ابن عمر الوشتاتي الأبّي(ت:827هـ)، وهو مطبوع، وهو صاحب إكمال إكمال المعلم بشرح صحيح مسلم.
ب- التقييد الكبير في تفسير كتاب الله المجيد، لأبي العاس أحمد بن محمد البسيلي التونسي(ت:830هـ)، وهو مطبوع.
ج- نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد، لأبي العاس البسيلي المتقدّم ذكره، اختصره من تقييده الكبير عن شيخه ابن عرفة وزاد عليه، ووصل فيه إلى سورة الصفّ، ثمّ أكمله تلميذه أبو عبد الله محمد بن غازي العثماني المكناسي(ت:919 هـ).
4: أبو الحسن الشريف علي بن محمد بن محمد الجرجاني(ت:816هـ)، فقيه حنفي، من أهل شيراز، وله اشتغال بالمنطق وعلم الكلام، شَرَح المواقف لعضد الدين الإيجي(ت:756هـ) وهو متكلّم أشعري، وشرح تجريد العقائد لنصير الدين الطوسي الفيلسوف وزير هولاكو، وله مباحثات مع سعد الدين التفتازاني، وله حاشية غير تامّة على الكشّاف طبعت قديماً على هامش تفسير الكشاف في المطبعة العامرة سنة 1308هـ، ثم حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
5: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت: 817هـ)، قاضي اليمن، والفقيه الشافعي، والمحدث المسند، والأديب اللغوي صاحب القاموس المحيط، الذي ذاع صيته واشتهر في الآفاق.
ولد مجد الدين بكازْرون سنة 720هـ، ونشأ في شيراز ثم رحل إلى العراق وأخذ عن محدثيها، ثم إلى الشام وحضر مجالس ابن القيّم، وأخذ عن جماعة من علماء الشام، ثم رحل إلى مصر، وجاب الآفاق حتى استقرّ به المقام في زبيد باليمن، فاستقبله واليها، وبالغ في إكرامه، وولاه قضاء زبيد، ثم أضاف له قضاء اليمن كلّه سنة 797هـ، ولم يزل يقضي ويفتي ويعلّم ويؤلّف حتى توفي رحمه الله، وكانت له خزانة كتب ضخمة.
له كتب كثيرة منها كتاب "بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" وهو كتاب جيّد في بابه، وكتاب "تنوير المقباس من تفسير ابن عباس" جمع فيه النسخة الواهية من رواية السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
6: جمال الدين محمد بن علي بن عبد الله بن أبي بكر الخطيب المَوْزَعي(ت: 825هـ)، ويعرف بابن نور الدين الموزعي، نسبة إلى مَوْزَع، قرية باليمن، وهو فقيه أصوليّ نحوي مفسّر، من علماء اليمن الكبار، له فضل وإحسان وصدقات كثيرة، تصدّى للصوفية وناظرهم، وأنكر على أحد القضاة إدخال كتب ابن عربي، وبيّن ما فيها من الضلال، فعقدت له مجالس مناظرة، وهمّت الصوفية بالفتك به، فنجّاه الله.
له كتاب "كشف الظلمة عن هذه الأمة"، وهو في الرد على ابن عربي، وله كتاب "حروف المعاني"، وله كتاب في تفسير آيات الأحكام على المذهب الشافعي اسمه: "تيسير البيان لأحكام القرآن" مطبوع.
7: أبو العباس أحمد بن محمد البسيلي التونسي(ت:830هـ)، تلميذ ابن عرفة الورغمي، وجامع تفسيره في كتابه "التقييد الكبير في تفسير كتاب الله المجيد"، وهو مطبوع.
ثمّ اختصره وزاد عليه في كتاب سماه "نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد" ووصل فيه إلى سورة الصفّ، ثمّ أكمله تلميذه أبو عبد الله محمد بن غازي العثماني المكناسي(ت:919 هـ).
8: القاضي شمس الدين يوسف بن أحمد بن عثمان الثلائي الزيدي(ت:832هـ)، من رؤوس الزيدية وكبار فقهائهم في اليمن، له كتاب "الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة" وهو في تفسير آيات الأحكام، له شهرة في اليمن، وطبعته وزارة العدل اليمنية عام 1423هـ.
9: شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد ابن الجزري الشافعي(ت:833هـ) الإمام الحافظ، شيخ القراء، ومجدد علم القراءات في زمانه، مولده سنة وفاة ابن القيم 751هـ، نشأ بالشام وأخذ عن ابن كثير والبلقيني وغيرهما، وأجازه ابن كثير بالتدريس والإفتاء سنة 774هـ، وولي قضاء الشام سنة 793هـ، ورحل إلى مصر والحجاز وبلاد الروم والعراق، واستقرّ به المقام في شيراز وولي قضاءها وأنشأ بها داراً للقرآن، واشتغل بالإقراء والتدريس إلى أن توفي رحمه الله.
له كتب أكثرها في القراءات، وله كلام حسن في توجيه القراءات وفي بعض مسائل التفسير في كتبه، وله كتاب "كفاية الألمعي" في تفسير قول الله تعالى: {وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي} أبان فيه عن براعة في التفسير البياني.
10: علاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم المهايمي (ت: 835هـ) فقيه شافعي متصوف، من علماء الهند، له كتاب في شرح فصوص ابن عربي، وله تفسير مطبوع اسمه "تبصير الرحمن وتيسير المنان".
11: الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد ابن حجر العسقلاني (ت: 852هـ)، المحدّث الكبير، والفقيه الأديب، عالم مصر في زمانه، وقاضيها ومفتيها، صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة طبع منها نحو ثمانين كتاباً.
ومن مؤلفاته:
أ: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، وهو أشهر كتبه وأعظمها نفعاً، وفيه شرح كتاب التفسير من صحيح البخاري، وشرح ما ذكره البخاري من مسائل في التفسير في غير كتاب التفسير.
وقد جمع د.عبد المجيد الشيخ عبد الباري الروايات التفسيرية في فتح الباري ودرسها وأخرجها في ثلاثة مجلدات.
ب: الكاف الشاف في تخريج للأحاديث الواردة في الكشاف للزمخشري.
ج: العجاب في بيان الأسباب، ولم يكمله.
د: المطالب العالية، وفيه كتاب كبير في التفسير، وقد جمع فيه زوائد ثمانية مسانيد على الكتب الستة وعلى مسند الإمام أحمد، وهي: مسند أبي داوود الطيالسي، ومسند الحميدي، ومسند مسدد بن مسرهد، ومسند محمد بن يحيى ابن أبي عمر العدني، ومسند أحمد بن منيع، ومسند ابن أبي شيبة، ومسند الحارث بن أبي أسامة، ومسند عبد بن حميد، وزاد عليها زوائد مسند أبي يعلى ومسند إسحاق بن راهويه لكنهما لم يقعا له تامّين.
وتتبع ما فات شيخه الهيثمي من مسند أبي يعلى لكونه اقتصر في كتابه على الرواية المختصرة منه، وابن حجر وقف على الرواية المطولة.
وقد ذكر الحافظ السخاوي من مؤلفات ابن حجر:
- تحرير التفسير من صحيح البخاري.
- والإحكام لما وقع في القرآن من الإبهام، جمع فيه بين كتابي السُّهيلي وابن عساكر.
13: جلال الدين محمد بن أحمد بن محمد المحلي (ت: 864هـ)، فقيه شافعي، وأصوليّ متكلّم، بارع في التلخيص والاختصار، له كتب في الفقه وأصوله والنحو، عرض عليه القضاء فامتنع، واشتغل بالتدريس والتأليف على صلاح وتديّن وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
له كتاب مختصر في التفسير ابتدأه من تفسير سورة الكهف إلى سورة الناس، ثم كتب تفسير سورة الفاتحة، ومات ولم يكمله؛ فأكمله تلميذه جلال الدين السيوطي، وعرف بتفسير الجلالين، واشتهر هذا التفسير لدى أهل العلم، وعني به كثير من العلماء قراءة وشرحاً وتحشية؛ حتى تعسّر حصر حواشيه.
14: أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي (ت: 875هـ)، فقيه مالكي، ومفسّر أشعري متصوف، من أعيان الجزائر، له كتب منها:
- الجواهر الحسان في تفسير القرآن.
- والذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز.
وهما مطبوعان.
15: فخر الدين عبد الله بن محمد بن القاسم النَّجْري(ت:877هـ)، فقيه زيدي، من أهل نّجْرة باليمن، له كتب منها كتاب "شافي العليل شرح خمسمائة آية من التنزيل"، اختصار لتفسير "الثمرات اليانعة" للثلائي الزيدي، وقد حقق في رسائل جامعية في جامعة أمّ القرى، وجامعة صنعاء.
16: مصلح الدين مصطفى بن إبراهيم ابن التمجيد(ت: 880هـ تقريباً)، فقيه حنفي، من علماء الدولة العثمانية، كان معلّم السلطان محمد الفاتح، اختلف في سنة وفاته.
وله حاشية على تفسير البيضاوي، طبعت بهامش حاشية القونوي في الأستانة سنة 1285هـ، وحقق بعضها في رسائل علمية.
17: برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن البقاعي(ت:885هـ)، مفسّر قارئ، قرأ على الحافظ ابن الجزري العشر، وأخذ عن الحافظ ابن حجر، وعن غيرهما كثير، وتنقل بين الشام وفلسطين ومصر، وقد ابتلي بالفقر الشديد إلى أن توفي رحمه الله.
له كتب من أشهرها وأكبرها "نظم الدرر في تناسب الآي والسور" اعتمد فيه على كتاب أبي جعفر الغرناطي ثم توسّع في هذا العلم توسعاً كبيراً، لكن دخل عليه التكلّف في مسائل كثيرة، وتوسّع في النقل، وقد انتقده بعض علماء عصره وأنكروا عليه النقل من التوراة والإنجيل، وله أصول في التعرف على أوجه المناسبات بعضها صحيح وبعضها فيه نظر وبعضها منكر.
وله عناية بمسائل البيان وكشف المشكل.
- قال الشوكاني: (وكثيرا ما يشكل على شيء في الكتاب العزيز فأرجع إلى مطولات التفاسير ومختصراتها فلا أجد ما يشفي وأرجع إلى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب)ا.هـ.
وللبقاعي كتاب آخر مطبوع اسمه "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور".
18: شهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن عثمان الكَوْراني (ت:893هـ)، الفقيه الحنفي، ومفتي بلاد الروم في زمانه، وهو كردي الأصل، نشأ بمصر ثم انتقل إلى القسطنطينية، وكان مقرّباً من السلطان مراد بن عثمان، له كتب منها تفسير اسمه "غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني" وهو مطبوع بتحقيق جماعة من الباحثين.
الطبقة العاشرة: طبقة المفسرين في القرن العاشر الهجري
1: معين الدين محمد بن عبد الرحمن الحسيني الإيجي (ت: 905هـ)، فقيه شافعي، ومفسّر من أهل إيج، بلدة من ضواحي شيراز، له تفسير حسن الاختصار والتلخيص للمسائل وأقوال العلماء، سمّاه "جامع البيان في تفسير القرآن" مطبوع طبعات عدة،وعليه حاشية حسنة لمحمد بن عبد الله الغزنوي(ت:1296هـ) تعقبه في بعض المواضع، وربما أطال في بعضها كما فعل في تعقبه في المقدمة في سؤاله الرسول صلى الله عليه وسلم، والإيجي مضطرب في تفسير آيات الصفات فربما أوّلها وربما فوّضها على طريقتي الأشاعرة.
2: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت: 911هـ)، علامة متفنن في العلوم، كثير التأليف، أحصيت المطبوع منها 240 كتاباً، ولا أزعم أني استقصيت تمام الاستقصاء، وله كتب لها نسخ خطية لم تطبع، وأخرى مفقودة، وذكر الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله أن كتبه نحو ألف كتاب.
وكان قد ترك الإفتاء والتدريس بعد بلوغه سن الأربعين وتفرّغ للعبادة والتأليف، ورزق الإقبال على كتبه؛ فاشتهر كثير منها، وانتفع الناس بها، ومنها كتب أصول في بابها.
وله في التفسير كتب عدة منها:
(أ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور، وهو مختصر من تفسير له كبير مفقود.
(ب) إكمال تفسير جلال الدين المحلي، وطبع باسم تفسير الجلالين.
(ج) الإكليل في استنباط التنزيل، وهو في الاستنباط من الآيات.
(د) نواهد الأبكار وشوارد الأفكار، وهي حاشية على تفسير البيضاوي.
(هـ) قطف الأزهار في وكشف الأسرار، وهو كتاب في التفسير البياني للقرآن وبيان وجوه البلاغة ومناسبات الترتيب، وصل فيه إلى سورة التوبة.
(و) الإتقان في علوم القرآن، وهو من أجلّ كتبه وأنفعها، ومن أجمع الكتب في علوم القرآن.
(ز) التحبير في علم التفسير، وهو كتاب جامع في علوم القرآن ألّفه وهو ابن ثلاث وعشرين سنة.
3: نور الدين أحمد بن محمد بن خضر الكازْروني(ت:923هـ)، فقيه شافعي ، جاور بمكة، له حاشية على تفسير البيضاوي، مطبوعة باسم "الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم".
4: أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري السنيكي الأزهري (ت:926هـ) فقيه شافعي من أهل مصر، وعلامة متفنن في العلوم، في القراءات والتفسير والفقه والحديث وعلوم العربية، تولى القضاء مدّة، واشتغل بالتدريس والإفتاء والتأليف حتى كثرت مؤلفاته، وعمّر حتى بلغ المئة أو جاوزها، ومن كتبه:
(أ) حاشية فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل، مطبوعة، وهي حاشية على تفسير البيضاوي.
(ب) فتح الرحمن في كشف ما قد يلتبس في القرآن، وهو في بيان المشكل.
(ج) إعراب القرآن العظيم.
(د) المقصد لتلخيص ما في المرشد للعَمّاني، وهو في الوقف والابتداء.
وكلها مطبوعة.
5: مجير الدين أبو اليُمْن عبد الرحمن بن محمد العُليمي(ت:928هـ)، فقيه حنبلي، من أهل القدس، كان قاضي قضاة القدس، وله كتاب في تاريخ القدس مطبوع، وله كتاب في التفسير طبع مؤخراً باسم "فتح الرحمن في تفسير القرآن".
6: شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا الرومي الحنفي(ت:940هـ)، مفتي القسطنطينية في زمانه، فقيه حنفي متكلّم، له كتب في فنون من العلم، وله حاشية على الكشاف، وله تفسير مطبوع باسم "تفسير ابن كمال باشا" وصل فيه إلى سورة الصافات.
7: سعد الله بن عيسى بن أمير خان المعروف بسعدي جلبي(ت:945هـ)، فقيه حنفيّ، أصله من الروم، وكان قاضي القسطنطينية ومفتي أهلها، له حاشية على تفسير البيضاوي معروفة بحاشية سَعدي جلبي، حققت في رسائل علمية في الجامعة المستنصرية ببغداد.
8: عصام الدين إبراهيم بن محمد بن عرب شاه الإسفراييني (ت:945هـ) نحويّ بلاغيّ، من أهل سمرقند، كان أبوه قاضي أسفرايين وهي الآن شمال إيران، من أشهر كتبه "الأطول في علوم البلاغة" شرح فيه تلخيص المفتاح، وله حاشية على تفسير البيضاوي عرفت بحاشية العصام بلغني أنها تحقق في رسائل علمية في جامعة بغداد.
9: محيي الدين محمد بن مصطفى القوجوي الرومي المعروف بشيخ زاده (ت:950هـ)، فقيه حنفي تركيّ، من أهل القسطنطينية، ولي القضاء مدة ثم تقاعد واشتغل بالتدريس، ثمّ اعتزل التدريس واجتهد في العبادة والتأليف، له مؤلفات في الفقه الحنفي وفي علوم العربية، وله حاشية على تفسير البيضاوي عرفت بحاشية محيي الدين شيخ زاده، وهي مطبوعة.
10: أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الرحمن البكري(ت:ت:952هـ)، نسبة إلى أبي بكر الصديق، فقيه شافعي متصوّف، له كتب منها، تفسيره المسمى "الواضح الوجيز في تفسير القران العزيز"، ويعرف اختصاراً بتفسير البكري، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
11: شمس الدين محمد بن أحمد القاهري المعروف بالخطيب الشربيني (ت: 974هـ)، فقيه شافعي، ونحوي بياني، له كتب في التفسير والفقه والنحو والبلاغة، وتفسيره مطبوع طبعات عدة، واسمه "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير" ويُعرف اختصار بتفسير الخطيب الشربيني.
12: أبو السعود محمد بن محمد بن محمد العمادي الحنفي (ت: 982هـ)، العلامة المتفنن، والفقيه الحنفي، ومفتي الديار الرومية في زمانه، تتلمذ على سعدي جلبي وابن كمال باشا وغيرهما، له تفسير مشهور اسمه "إرشاد العقل السليم بمزايا القرآن الكريم" طبع مراراً، وعليه حواشٍ.
ولأبي السعود حاشية على تفسير الكشاف لم يكملها.
- قال نجم الدين الغزي: (أخبرني شيخنا القاضي محب الدين الحنفي العلامة أن المفتي أبا السعود رحمه الله تعالى توفي بالقسطنطينية في الثلث الأخير من ليلة الأحد خامس جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة).
13: وجيه الدين العلوي الأحمدآبادي(ت:998هـ)، له حاشية على تفسير البيضاوي تعرف بحاشية العلوي، مطبوعة.
الطبقة الحادية عشرة: طبقة المفسرين في القرن الحادي عشر الهجري
1: بدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الكرخي(ت:1006هـ)، فقيه شافعي، ولد سنة 910هـ، نشأ بمصر، وأخذ عن زكريا الأنصاري، وغيره، له حاشيتان على تفسير الجلالين، كبرى وصغرى، والكبرى اسمها "مجمع البحرين ومطلع البدرين"، وقد حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
2: خضر بن عطاء الله بن محمد الموصلي(ت:1007هـ)، أصله من الموصل، نزل بمكة، واشتغل بعلوم العربية، وألف كتاب "الإسعاف في شرح شواهد القاضي والكشاف"، وأهداه إلى أمير مكة "حسن بن أبي نميّ" فأجازه عليه، ثمّ إنه نُفي من مكة بسعاية من وزير الأمير، فخرج إلى المدينة ومات قبل وصولها.
وكتابه في شرح الشواهد محقق في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
3: نور الدين الملا علي بن سلطان محمد القاري الهروي(ت:1014هـ)، فقيه حنفي، أصله من هراة، وهي بلدة على الجانب الغربي من أفغانستان اليوم، قرب إيران، نشأ بها وتعلّم على شيوخها ثم رحل إلى مكة، وأقام بها حتى مات، واشتغل بالكتابة والتأليف، وكان يعيش من كتابة المصاحف وبيعها، وأكثر من تلخيص الكتب، وله مؤلفات في علوم شتى، وله كتابان مطبوعان في التفسير:
أحدهما: أنوار القرآن وأسرار الفرقان، جمع فيه بين أقوال العلماء في التفسير والمعاني الإشارية وأكثر فيه من النقل من "لطائف الإشارات" للقشيري، ومن "عرائس البيان" للشيرازي.
والآخر: كتاب الجمالين للجلالين، وهو حاشية على تفسير الجلالين.
4: محبّ الدين أبو الفضل محمد بن أبي بكر بن داوود العلواني الحموي(ت:1016هـ)، فقيه حنفي من أهل الشام، كان شافعياً في أوّل أمره ثمّ تحوّل إلى المذهب الحنفي، ولي القضاء مراراً في بلدان عدة، وله منظومة سائرة في الفقه اسمها "عمدة الحكّام"، وهي مطبوعة، وكانت له دروس في شرح تفسير القاضي البيضاوي والكشاف، وله كتاب مطبوع في شرح شواهد الكشاف اسمه "تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات".
وهو جدّ أبي المحبّي صاحب "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر"، وقد أطال في ترجمته.
5: زين الدين عبد الرؤوف بن علي المناوي (ت: 1031هـ)، فقيه شافعي من أهل مصر، وحافظ محدّث، وأشعري متصوّف، مكثر من التأليف، بلغت مؤلفاته نحو المائة في فنون كثيرة؛ حتى ألّف في الطبّ، وله كتاب "الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي" مطبوع.
6: المطهّر بن عليّ بن محمد الضمدي(ت:1048هـ)، مفسر نحويّ، من أهل اليمن، له تفسير "الفرات النمير في تفسير الكتاب المنير" حقق في رسائل علمية، ونشرته الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه.
8: محمد علي بن محمد علان البكري الصديقي (ت:1057هـ)، فقيه شافعي متصوف، من أهل مكة، له كتب كثيرة من أشهرها "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" وهو كتاب كبير مطبوع في شرح رياض الصالحين للنووي، وله كتب في شرح الحديث، وفي التاريخ والعربية والتصوف، وله تفسير حقق بعضه في رسائل جامعية اسمه "ضياء السبيل إلى معاني التنزيل".
9: عبد الحكيم بن شمس الدين محمد السيالكوتي(ت: 1067هـ)، فقيه حنفي ماتريدي، هندي من بلاد البنجاب، كان رئيس العلماء عند سلطان الهند محمد شاه جهان، له كتب في علوم العربية، وله شرح على العقائد النسفية من متون العقيدة عند الماتريدية، وله حاشية على تفسير البيضاوي، طبعت في مطبعة الأستانة عام 1270هـ، وحققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
10: محمد بن الحسين بن القاسم الزيدي(ت: 1067هـ)، ابن إمام الزيدية، وأمير من أمراء اليمن، قاد الجيوش وخاض المعارك ثم انقطع للعلم والتأليف، وله كتب منها " منتهى المرام في شرح آيات الأحكام" طبع قديماً، ثمّ حقق في رسائل علمية في جامعة أمّ القرى، وجامعة الإيمان باليمن، وجامعة أمّ درمان الإسلامية.
11: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي (ت: 1069هـ)، فقيه حنفي، متفنن في العلوم، تولى قضاء العسكر بمصر مدّة، وله مؤلفات كثيرة، من أشهرها حاشيته على تفسير البيضاوي المسماة "عناية القاضي وكفاية الراضي" واشتهرت بحاشية الشهاب، وهي مطبوعة.
الطبقة الثانية عشرة: طبقة المفسرين في القرن الثاني عشر الهجري
1: يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد الزيدي اليمني(ت:1100هـ)، من أعيان الزيدية في اليمن، اشتغل بالعلم والتأليف وزهد في المناصب، وأكثر من التأليف في تاريخ اليمن.
وله كتاب في التفسير اسمه "البيان لما خفي من القرآن" حقّق في رسالة جامعة في جامعة المنيا بمصر.
2: صالح بن مهدي بن علي المقبلي(ت:1108هـ)، من أعلام فقهاء الزيدية باليمن، كان مجتهداً لا يقلّد أحداً على ضعفٍ في علم الحديث، وكان يعظّم الصحابة ويذمّ من يفرّق بين الآل والأصحاب، وله ردود على المعتزلة والأشاعرة والصوفية، وله كتاب مطبوع في ذمّ التقليد اسمه " العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ" وأوذي بسبب كتبه هذه.
وله حاشية على الكشاف سمّاها "الإتحاف لطلبة الكشاف" حقّقت في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وفي جامعة أمّ درمان وجامعة عدن.
3: إسماعيل حقي بن مصطفى البروسوي (ت: 1127هـ)، تركيّ صوفيّ، وفقيه حنفي، نزل بالقسطنطينية، وكان من أعيانها، وكان واعظ جامع أياصوفيا، له تفسير "روح البيان" مطبوع، وهو تفسير صوفي إشاري.
4: أحمد بن أبي سعيد بن عبد الله الأميتهوي(ت:1130هـ)، المعروف بملا جيون، وأحمد شيخ جيون، وجيون بالهندية تعني الحياة، فقيه هندي حنفي، له كتب في الحديث والأصول، وله كتاب "التفسيرات الأحمدية في بيان الآيات الشرعية مع تعريفات المسائل الفقهية" وهو مطبوع.
5: شمس الدين محمد بن أحمد بن سعيد عقيلة(ت:1150 هـ)، فقيه حنفي من أهل مكّة، أكثر عنايته بالحديث والتاريخ وله كتاب "الجوهر المنظوم في التفسير بالمرفوع من كلام سيد المرسلين والمحكوم"، وقد حقق في رسائل علمية في جامعة الملك خالد بأبها.
6: محمد بن المختار بن محمد سعيد اليدالي(ت:1166هـ)، مفسّر صوفي من بلاد شنقيط، له كتاب تفسير طبع مؤخراً باسم "الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز"
- قال د.محمد بن سيدي محمد مولاي في كتابه "التفسير والمفسرون ببلاد شنقيط":(ويعتبر اليدالي من أبرز أوائل مؤسسي الصوفية الشنقيطية الذين صبغوا حياتهم الثقافية بصبغة صوفية خالصة ويتجلى ذلك في كتبه بصفة عامة، وخاصة في تفسيره "الذهب الإبريز" و"كتاب الأفعى" و"خاتمة التصوف" وغير ذلك من كتبه).
7: شمس الدين محمد بن الحسن ابن همّات(ت: 1175هـ)، يعرف بابن همات زاده، محدّث مسند، حنفي المذهب، تركماني الأصل، شاميّ المولد والنشأة، نزيل استانبول.
له كتب أكثرها في علوم الحديث، وله "تحفة الراوي في تخريج أحاديث تفسير البيضاوي" حقق في رسائل علمية في جامعة الشارقة.
8: محمد بن محمد بن محمد البُلَيدي الحسني(ت:1176هـ) قارئ نحويّ من أهل المغرب، من بلدة يُقال لها "البُليدة" تقع في الجزائر حالياً، وإليها ينسب، نزل مصر، وتصدّر في الجامع الأزهر للإقراء والتعليم، وله كتب في القراءات والنحو والمنطق، وله حاشية على تفسير البيضاوي عُرفت بحاشية البُلَيدي، وقد حققت في رسائل علمية في جامعة القاهرة.
9: أبو إبراهيم محمد بن إسماعيل بن صلاح الحسني المعروف بالأمير الصنعاني (ت:1182هـ)، جرّ الشوكاني نسبه في "البدر الطالع" إلى الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم، ولد سنة 1099هـ بكحلان شمال صنعاء ثم انتقل مع والده إلى صنعاء، ونشأ بها وأخذ عن علمائها، ثم رحل إلى الحرمين وتتلمذ على بعض علمائهما، ثم رجع إلى اليمن، وبرع في العلم حتى كان من أهل الاجتهاد، وجرّد الدعوة إلى اتّباع الكتاب والسنة، ونبذ التقليد، فأوذي إيذاء شديداً، وجرت له محن عظيمة ذكر الشوكاني طرفاً منها.
له كتب قيّمة من أشهرها "تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد" و"سبل السلام" بشرح بلوغ المرام، وهو اختصار لكتاب "البدر التمام" للمغربي، وتوضيح الأفكار في علوم الحديث.
وله كتاب في التفسير اسمه "مفاتيح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن" حقق في جامعة صنعاء، وحقق بعضه في الجامعة الإسلامية.
10: القاضي عبد الله بن محيي الدين بن العراسي الصنعاني(ت:1187هـ)، فقيه زيدي، من تلاميذ الأمير الصنعاني، له عناية بالحديث والتخريج، وله مؤلفات منها "الفتوحات الإلهية في تخريج ما في الثمرات من الأحاديث النبوية" وهو تخريج لأحاديث تفسير "الثمرات اليانعة" للثلائي.
11: عطية الله بن عطية البرهاني الأُجْهوري (ت:1190هـ وقيل: 1194هـ) فقيه شافعي ضرير من أهل "أُجْهور" بضمّ الهمزة، هكذا ضبطها الزبيدي في تاج العروس والمحبي في خلاصة الأثر، والمشتهر الآن فتحها، وهي قرية على ساحل النيل غرب القليوبية من مصر.
تصدّر عطية الله الأجهوري للتدريس في الجامع الأزهر، وله كتب في علوم القرآن والعربية والمنطق، ومن كتبه حاشية الكوكبين النيرين في حال ألفاظ الجلالين، وقد حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
وليس هو الأجهوري صاحب الألفية في النحو، فذاك فقيه مالكيّ اسمه علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري(ت:1066هـ).
12: جمال الدين علي بن صلاح الدين بن يحيى الحسني الكَوْكَباني (ت:1191 هـ) فقيه محدّث زيدي من أهل كوكبان بلدة شمال غرب صنعاء، له اشتغال بالحديث ألّف فيه كتباً منها "منهج الكمال النفسي بمعرفة الكلام القدسي" ، وله كتاب "درر الأصداف المنتقاة من سلك جواهر الإسعاف شرح شواهد البيضاوي والكشاف"، وقد حقق في رسائل علمية.
13: عصام الدين أبي المفدّى إسماعيل بن محمد بن مصطفى القونوي الحنفي(ت:1195هــ)، فقيه حنفي من أهل قونيه بتركيا، نزل حلب، واشتغل بالتدريس وله مشاركات في العلوم، وله حاشية مطوّلة على تفسير البيضاوي عرفت بحاشية القونوي، لها طبعات عدة منها طبعة في عشرين مجلداً ومعها حاشية ابن التمجيد، عن دار الكتب العلمية.
الطبقة الثالثة عشرة: طبقة المفسرين في القرن الثالث عشر الهجري
1: سليمان بن عمر بن منصور العجيلي (ت: 1204هـ) المعروف بالجمل، أصله من "منية العجيل" قرية غربي مصر، تغيّر اسمها إلى "منشأة البدوي".
وهو فقيه شافعي أشعري صوفيّ، من تلاميذ عطية الأجهوري، له حاشية على تفسير الجلالين عُرفت بحاشيته الجمل، وقد سمّاها "الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية". طبعت مراراً وأجود طبعاتها طبعة بولاق ثم طبعة البابي الحلبي، وقد حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
وهو صاحب مقولة: اعتقاد ظواهر النصوص من أصول الكفر، وقد ردّ عليه جماعة من العلماء وشنّعوا عليه في ذلك.
2: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ)، الإمام المجتهد، ومجدد الدين في القرن الثاني عشر، اشتغل بالدعوة والجهاد، وكانت أكثر عنايته في الدعوة إلى توحيد الألوهية وله في ذلك مراسلات كثيرة وكتب جليلة منها: كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، وفضل الإسلام، وأصول الإيمان، ومسائل الجاهلية، وثلاثة الأصول ألفها مرارا، ولذلك اختلفت نسخها، وله رسائل في التفسير أكثرها على أسلوب الاستنتاج، وكان بارعاً في الاستنباط واستخراج الدلائل من النصوص.
وقد جمعت رسائله في التفسير وطبعت ضمن مجموع مؤلفاته، وسيرته عطرة كتبت فيها رسالة ملخّصة.
3: محمد ثناء الله العثماني البانيباتي المظهري(1225هـ)، فقيه حنفي، وصوفيّ نقشبندي، من أهل بانيبات، مدينة شمال دلهي بالهند، من تلاميذ الشيخ وليّ الله الدهلوي.
ذكر عبد الحي الحسني(ت:1341هـ) في "نزهة الخواطر" أن نسبه ينتهي إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، له تفسير مطبوع باسم "تفسير المظهري".
4: أبو عبد الله محمد الطيب بن عبد المجيد ابن كيران الفاسي(ت:1227هـ)، فقيه مالكي، من أهل فاس بالمغرب، له عناية بالنحو والتصوّف، شرح الحِكَم العطائية، ووضع حاشية على أوضح المسالك، وله كتاب "أجوبة وتقاييد في تفسير الكتاب العزيز"، وهو مطبوع.
5: سلام الله بن فخر الدين الدهلوي (ت: 1229هـ). محدّث هندي، من أهل دهلي، له حاشية على تفسير الجلالين سماها بالكمالين على الجلالين، قال في خاتمة تفسيره: (وسميت هذا التحرير بالكمالين كأنه تكملة لكلّ من النصفين).
يريد أن التثنية باعتبار تكميله مكون من جزأين أحدهما تكميل لتفسير جلال الدين المحلي، والآخر تكميل لتفسير جلال الدين السيوطي.
6: أحمد بن محمد الخلوتي الصاوي (ت: 1241هـ)، فقيه مالكي صوفي مصري من أهل صاء الحجر وهي قرية من قرى غرب الدلتا بمصر، وإليها يُنسب، انتقل إلى القاهرة وتوفي بالمدينة النبوية، له حاشية على تفسير البيضاوي، طبعت طبعات عدّة.
7: محمد بن على بن محمد الشوكاني (ت: 1255هـ)، العلامة المجتهد، والفقيه المفسّر، قاضي صنعاء، وعالم اليمن ومفتي أهلها في زمانه، أصله من "شَوْكان" وهي هجرة في بلاد خولان، قريب من صنعاء، ولد بها سنة 1173هـ ثم انتقل إلى صنعاء، ودرس على علمائها في فنون كثيرة حتى برع في العلم ونبغ.
وتولّى القضاء بصنعاء وهو في عقد الثلاثين، واشتغل بالتدريس اشتغالاً عجيباً؛ حتى ذكر عن نفسه أن الطلبة كانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس في فنون متعددة، اجتمع منها في بعض الأوقات: التفسير والحديث والأصول والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والفقه والجدل والعروض، له مؤلفات كثيرة أربت على المئة في أنواع من العلوم، ومن كتبه في علوم القرآن:
(أ) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، وهو من أجود التفاسير، وكان مقرراً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(ب) فيوض العلام على تفسير آيات الأحكام.
9: شهاب الدين أبو الثناء محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت: 1270هـ)، مفسّر لغوي، وفقيه حنفي، وصوفيّ نقشبندي، يعظّم السلفية ويدعو إليها على مخالفات في تحقيقها، تولى الإفتاء ببغداد سنة 1248هـ، ثم عزل، وأقبل على العلم والتأليف، وابتدأ تأليف تفسيره الكبير المسمى "روح المعاني" وهو في السادسة والثلاثين من عمره، جمع فيه الحسن وما دونه من أوجه التفسير، واجتهد في الإبانة عن بيان القرآن، واعتمد على البحر المحيط لأبي حيان، وتفسير أبي السعود، ونقل كثيراً عن الزمخشري، وكثير من حواشي البيضاوي، وحشا تفسيره بالإشارات الصوفية، واضطرب في تفسير آيات الصفات، أحيانا ينتصب للرد على شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وأحيانا يثني عليهما، وقد ذكر في "غرائب الاغتراب" أن له مجموعة سماها "دقائق التفسير".
10: أحمد بن عبد القادر بن أحمد الحسني الكوكباني(ت:1282هـ)، فقيه زيدي من أهل كَوكَبان باليمن، له كتاب في التفسير اسمه "تيسير المنان" حقق في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد تأوّل فيه بعض الصفات.
وقد ذكر نسبه في مقدمة تفسيره إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
11: عبد الله بن صبغة الله بن محمد غوث المدراسي (ت: 1288هـ)، محدّث فقيه شافعي، من أهل مدراس بالهند، له كتب في الفقه الشافعي، وله كتاب "فيض الباري بتخريج أحاديث تفسير البيضاوي".
12: القاضي الحسن بن أحمد بن عبد الله الضمدي (ت: 1290هـ)، المعروف بعاكِش، من تلاميذ الشوكاني، فقيه ومفسّر ومؤرّخ، من أهل ضمد من نواحي جازان، رحل إلى زبيد وصنعاء ثم عاد إلى جازان، وتولى القضاء في أبي عريش في إمارة الشريف الحسين بن علي، ثم في إمارة محمد بن عائض، ثم في ولاية الأتراك وبقي مفتياً وقاضياً في المخلاف السليماني حتى توفي سنة 1290هـ. رحمه الله.
له كتب طبع منها "عقود الدرر في تراجم رجال القرن الثالث عشر"، وحدائق الزهر في ذكر الأشياخ أعيان الدهر"، "والديباج الخسرواني في أعيان المخلاف السليماني"
وله تفسير اسمه "فتح المنان بتفسير القرآن"، حُقّق في رسائل علمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
كان يعظّم السلف ويدعو إلى تحقيق السلفية وينصر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لكنّه وقع في تأويل وتفويض في تفسيره، وتأثّر ببعض مشايخه من الصوفية، وكان قد تتلمذ في الفقه على بعض فقهاء الشافعية وفقهاء الزيدية، وله كتب في الفقه والنحو والبلاغة، وغلب عليه التأليف في التاريخ.
13: إبراهيم بن علي بن حسن السقا(ت:1298هـ)، فقيه شافعي وخطيب مصري، تولّى الخطابة بجامع الأزهر مدة تزيد على عشرين عاماً.
له كتاب "غاية الأمنيّة في الخطب المنبرية" ، وله حاشية على تفسير أبي السعود عرفت بحاشية السقا، لم تتم، وقد حققت في رسائل علمية في جامعة الأزهر.
الطبقة الرابعة عشرة: طبقة المفسرين في القرن الرابع عشر الهجري
1: أبو الطيب محمد صديق بن حسن خان القنَّوجي (ت: 1307هـ) من أعيان الهند، كان على نظارة المعارف في بهوبال، ثمّ تزوّج ملكة بهوبال سنة 1287هـ، فأضحى كالملك في الهند؛ على حال عظيمة من الرخاء والتمكّن في البلاد، وكان فاضلاً كثير التأليف محباً للعلماء مكرماً لهم، ثم ابتلي في آخر حياته، وحيكت له المؤامرات والسعايات من قبل الحكومة البريطانية في الهند لتحريضه على الجهاد، ونشره الدعوة السلفية في الهند، وانتزعت منه ألقاب الإمارة ومنعته الحكومة الإنجليزية من التدخّل في إدارة شؤون البلاد سنة 1302هـ، فتنكّرت له الوجوه وتغيّرت عليه الأمور غير زوجته بقيت له على الوفاء والمؤازرة جهدها، ثم مرض بالاستسقاء، واستمر به المرض إلى أن توفي رحمه الله.
له مؤلفات كثيرة، اعتمد في أكثرها على مؤلفات القاضي الشوكاني رحمه الله، ومن مؤلفاته في التفسير: فتح البيان في مقاصد القرآن، ونيل المرام من تفسير آيات الأحكام، وهما مطبوعان.
2: محمد نووي بن عمر بن عربي الجاوي (ت: 1316هـ) فقيه شافعي، ومفسّر متصوّف، أصله من جزيرة جاوة بأندونيسيا، ثم نزل مكة، له تفسير سمّاه "مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد" وهذا الاسم يوافق بحروف الجُمَّل 1304 ولعله تاريخ شروعه في تأليفه، فإنه ذكر في خاتمة تفسيره أنه فرغ من تأليفه في شهر ربيع الآخر من عام 1305هـ.
وقد اعتمد فيه على حاشية الجمل على الجلالين المسماة بالفتوحات الإلهية، وعلى تفسير الرازي وتفسير الخطيب الشربيني وتنوير المقباس للفيروزآبادي وتفسير أبي السعود.
3: محمد بن عبده بن حسن بن خير الله المصري(ت: 1323هـ) زعيم ما يسمّى بالمدرسة العقلية الاجتماعية في مصر، ومفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر في عهد الخديوي عباس حلمي، نشأ نشأة صوفية، ثم تتلمذ على جمال الدين الأفغاني لما زار مصر سنة 1287هـ، وأخذ عنه الفلسفة والمنطق، ثم اتصل عن طريقه بالماسونية والإنجليز، وكان له تمكن في مصر حتى تولى مشيخة الأزهر، ولقّب بالشيخ الإمام، وأحدث تغييرات كثيرة في الأزهر، وكتبه طافحة بتقديم العقل والإعراض عن السنة وأقوال السلف، وليس فيها كبير علم، بل هي مما لا ينبغي أن يُقرأ إلا على حذر، وفي كتبه ومراسلاته بواقع وطوام، نسأل الله العافية.
وكان أمره خفيّاً على بعض العلماء في زمانه، فكان منهم من يعتذر له، ويزعم أنه قد غرّر به، وأنه انخدع بدعاوى الماسونية.
ولمحمد عبده كلام في دعوى التجديد ونبذ التقليد والحرية والعدل والإصلاح ونحوها من العبارات التي ظاهرها حسن مطلوب يكسب به تأييد العامة وبعض العلماء، لكن يقع الخطأ والخطر في تعيين المراد بها وطريقته في تحقيقها.
وله تفسير جزء عمّ، وتفسير سورة الفاتحة، وتفسير سورة العصر، وله دروس في التفسير في الجامع الأزهر جمع مادّتها تلميذه محمد رشيد رضا، ونشرها في تفسير سماه "تفسير المنار" ثم شرع في إتمامه سنة 1330هـ بعد سبع سنوات من وفاة شيخه ووصل إلى نهاية تفسير الجزء الثاني عشر في أواخر تفسير سورة يوسف عام 1353هـ.
4: أبو محمد عبد الوهاب لوقش الأموي الأندلسي التطواني(ت:1341هـ)، مفسّر صوفي، انتسب للزاوية الريسونية، ثم الدرقاوية الشاذلية، ثم تولى مشيخة الطريقة، وعاش في خصومات وصراعات مع منافسيه من أصحاب الطرق الصوفية، وله كتب أكثرها في التفسير والتصوف، ومنها تفسيره "نصرة الإسلام في إخراج مقامات الدين من القرآن"، وهو مطبوع، وله تفسير سورة الفاتحة، وشرح الحكم العطائية، وغيرها.
5: عبد القادر بن أحمد بدران الحنبلي(ت:1346هـ)، من أهل دمشق، فقيه حنبلي، وأصولي سلفي، وكان مع ذلك أديباً حسن المحاصرة، له عناية بالتاريخ وبآثار دمشق ومبانيها القديمة، وله مؤلفات حسنة، منها: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وشرح روضة الناظر لابن قدامة، وغيرها.
وله تفسير سماه "جواهر الأفكار ومعادن الأسرار المستخرجة من كلام العزيز الجبار"، وقد طبعت قطعة يسيرة منه بتحقيق زهير الشاويش، حقّق ما وقف عليه من المخطوط، وهو من الفاتحة إلى الآية 189 من سورة البقرة.
6: أبو الفرج محمد جمال الدين بن محمد سعيد القاسمي(ت: 1332هـ) من علماء دمشق، كان أشعرياً صوفياً نقشبندياً إلى أن بلغ الثلاثين من عمره، وكان يكتب ذلك في كتبه، وكان ينتدب من الدولة السورية للدعوة في المدن والقرى، وزار محمد عبده في مصر وأعجب به، وهو الذي اقترح عليه تلخيص "إحياء علوم الدين".
ثم إنه قرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم فانتفع بها، وتحوّل إلى مذهب السلف، ومدحه ودعا إليه، وأكثر في تفسيره من النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وتقرير اعتقاد السلف في آيات الصفات، لكنه لم يخل من مؤاخذات أخذت عليه، ورواسب بقيت لديه، منها نقله عن محمد عبده وابن عربي والطوسي، والثناء على المعتزلة والجهمية في كتابه "تاريخ الجهمية والمعتزلة"، ودعوته للمقاربة بين السنة والشيعة.
7: حميد الدين أبو أحمد عبد الحميد بن عبد الكريم بن قربان قنبر الأنصاري الفراهي(ت:1349هـ) ولد سنة 1280هـ في قرية "فَرِيها" من قرى منطقة "أعظم كره" شمال الهند شرقي لكناو، وكان أبوه من أعيان تلك البلاد غنيّاً سريّاً؛ درس على ابن عمته شبلي النعماني(ت:1332هـ) وعبد الحيّ اللكنوي(ت:1304هـ)، وفيض الحسن السهارنفوري(ت:1304هـ) وغيرهم، ودرس في المدارس النظامية فالتحق بثانوية "كرنل غنج" ثم حصل على الشهادة الجامعية من كلية عليكرة.
وحذق الفارسية والإنجليزية، وأشرف على ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية، ودرس العبرانية، وقرأ كتب العهد القديم والعهد الجديد من كتب أهل الكتاب، ودرس الفلسفة على المستشرق الإنجليزي توماس أرنولد(ت:1349هـ) ثم كان يحذّر من الفلسفة بعد ذلك ويبيّن ضررها، وكان نهماً في القراءة، حادّ الذكاء، واسع الاطلاع، وله مكتبة كبيرة.
وتولى أعمالاً علمية عدة في شبه القارة الهندية، وكان له درس أسبوعي في تفسير القرآن في حيدر آباد، وقد أنهكته الأمراض في آخر حياته حتى توفي رحمه الله وهو يتلو القرآن، في شهر جمادى الآخرة من عام 1349هـ، بعد عملية جراحية أجريت له.
له مؤلفات أكثرها في علوم القرآن، ومنها "نظام الفرقان وتأويل القرآن بالقرآن"، وهو تفسيره المشهور، ولم يقدّر له إكماله، ولم يخل من تعقبات في طريقته ومنهجه في التفسير؛ فقد كان جريئاً على ردّ أقوال المفسرين وتخطئتها ولو كان القول لجمهورهم، ولديه إعراض غريب عن الاستدلال بالسنة، ويعوّل كثيراً على فهمه لنصوص منتقاة من كتب أهل الكتاب، ويكثر من إيرادها ويطيل جداً في محاولات تقرير ما يذهب إليه من تقرير ما كان يسميه "عمود السورة"، حتى ربما فسّر الآية الواحدة في فصول عديدة يزعم أنها ضرورية لفهم نظام السورة، ويقع منه تكلّف ظاهر وأخطاء وأوهام ليست قليلة في أثناء ذلك بسبب اعتماده على دلالات رمزية إشارية تترقى عنده حتى يراها دلائل قاطعة إذا وافقت ما استخرجه من عمود السورة، ثم يزري على المفسرين بأنهم لم يفهموا من الآيات ما فهم.
وقد تعقبه الشيخ عبد الرحمن المعلمي في تفسير سورة الفيل تعقباً حسناً بيّن فيه كثيراً من الأخطاء المنهجية والتفصيلية التي وقع فيها الفراهي، مع أدب وإنصاف وحسن بيان.
وهو من أهل الصدق والفضل فيما نحسب، قد أجهد نفسه في البحث والتحرير إجهاداً كبيراً، لكن لا ينبغي أن يُؤخذ كلامه على علاته، بل يُمرّ على مشرح التمحيص.
وله كتب أخر منها: دلائل النظام، وفاتحة نظام القرآن وهو مقدّمة تفسيره، وإمعان في أقسام القرآن، والتكميل في أصول التأويل، لم يكمله، والرأي الصحيح فيمن هو الذبيح، ومفردات القرآن، لم يكمله، وحجج القرآن، لم يكمله، ولم يبيّضه، وحكمة القرآن، لم يكمله، وأساليب القرآن، وهو كتاب في ذكر وجوه الأساليب في القرآن وبيان دلالاتها ومواقع استعمالها.
وله كتب في العربية منها: جمهرة البلاغة، ورسالتان في النحو والصرف، وديوان شعر، وغيرها.
6: محمد رشيد بن علي رضا الحسيني(ت: 1354هـ) المعروف بمحمد رشيد رضا، صاحب مؤسسة المنار، ولد في القلمون قرب طرابلس الشام عام 1282هـ، ونشأ بها نشأة صوفية، ودرس في المدارس الدينية حتى نال ما سماه شهادة العالِميّة، ثم تأثر بمنهج محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، واشتغل بالعمل السياسي، وأسس جمعية سياسية سرية لمناهضة الدولة العثمانية، وناصَرَ الشريفَ حسيناً في أوّل الثورة العربية الكبرى وخطب في "منى" في حجّ سنة 1334هـ خطبة حثّ فيها على مبايعته ومناصرته، ثم إنه انقلب عليه بعد ذلك وحذّر منه.
وأصدر مجلة المنار في شهر شوال من سنة 1315ه، وكان لها انتشار واسع في العالم الإسلامي، وبثّ فيها آراءه في الإصلاح الديني والاجتماعي، واستكتب فيها بعض العلماء والدعاة.
وكان أقرب إلى السلفية من شيخه محمد عبده؛ ولم يخل من مؤاخذات منها؛ منها تشنيعه على بعض السلف، ولا يتحاشى من ردّ قول جمهورهم، مع اعتداد كبير بما يراه صواباً، على ضعف منه في المعرفة الحديثية وأحكام المرويات، وقد وقع بسبب مغالاته في نبذ الخرافات والبدع إلى الوقوع في بدع وأخطاء؛ فأنكر أحاديث الدجال ونزول عيسى ابن مريم وتأوّلها بما يقتضي نفيها حقيقة.
وأفتى فتاوى غريبة في مسائل عصرية في زمانه منها إباحة بعض أنواع الربا، وتسويغ التعامل به.
وقد وُصم بالانضمام إلى الماسونية، فمن أهل العلم من شنّع عليه بذلك واتّهمه في قصده ونصحه للأمة، وأن مواقفه السياسية نابعة مما يمليه عليه المحفل الماسوني، ومنهم من اعتذر له وعدّ ما بدر منه اجتهاداً أخطأ فيه، واغتفر ما كان منه من أخطاء في جانب ما أحسن فيه من نشر الدعوة السلفية والحماية عنها على اجتهاده ورأيه.
وقد أكمل محمد رشيد رضا تفسير المنار إلى نهاية تفسير الجزء الثاني عشر من القرآن، كما تقدّم، وطبعته مؤسسة المنار في مصر، ثمّ طبعته بعد ذلك دور نشر أخرى.
وقد اختصره القاضي محمد كنعان في كتاب بعنوان "التفسير المختصر المفيد للقرآن المجيد"، وراجعه الشيخ زهير الشاويش، وطبعه المكتب الإسلامي.
7: طنطاوي جوهري المصري (ت:1358هـ)
من أهل المحافظة الشرقية بمصر، درس في دار العلوم حتى تخرج بها، ثمّ عيّن مدرّساً في مدرسة ابتدائية، وتنقّل في مدارس عدة حتى درّس في المدرسة الخديوية، وتعلّم اللغة الإنجليزية حتى حذقها، وترجم أعمالاً لبعض الشعراء الإنجليز، ومؤلفات لبعض أعيان الإنجليز، ثم اختير لتدريس الفلسفة العربية في جامعة لندن، لكنّ لم يتمّ له الأمر، ثمّ عيّن مدرساً للتفسير والحديث في مدرسة دار العلوم، ثم عضواً لهيئة التدريس بالجامعة المصرية الأهلية.
وقد أخذت بلبّه عجائب العلوم النظرية والتجريبية، ورأى أنها هي سبب تفوّق الغرب وازدهار حضارتهم المادّية، واستعبادهم للأمم، وأنّ الأخذ بها هو السبيل إلى نهضة الأمة وتحررها.
ثم لمّا تقاعد سنة 1340هـ توافر على استكمال تفسيره الكبير الذي سماه "الجواهر في تفسير القرآن المشتمل على عجائب بدائع المكونات وغرائب الآيات الباهرات"، وهو تفسير مرتب على سور القرآن، سار فيه على النهج الذي شغل به حياته وملأ به مقالاته وكتبه.
وتوسّع توسعاً كبيراً في ذكر العلوم التجريبية حتى خرج بعيداً عن حدّ التفسير، مع ما في بعض ما يذكره من أخطاء ظاهرة، وما وقع فيه من تكلّف الربط بين تلك النظريات وبين الآيات القرآنية، وزعم أنّ للآيات دلالات رمزية على كثير مما ذكره أصحاب العلوم النظرية والتجريبية وغلا في ذلك حتى دخل في نوع من التفسير الباطني؛ فزعم أن الماء في قول الله تعالى: {وكان عرشه على الماء} رمزاً للعلم، وأن الكوثر وما ذكر في صفاته رموز لعجائب يتوصل إليها بالعلوم التجريبية والنظرية مع بقاء دلالة الألفاظ على المعنى الأصلي.
وأدخل في تفسيره كلاماً في الروحانيات والأحلام التي يراها، والخيالات التي يتخيلها، والقصص والأساطير، والخرافات التي لا يتحاشى من ذكرها، حتى ذكر تحضير الأرواح، وادّعى أنه علم، وذكر الجمعيات والشركات الغربية المعتنية به، وحاول الاحتجاج له بقصة البقرة وما ذكر الله من إحياء الميت ببعضها، وكان قد ذكر من قبل أنه نجح في تحضير روح هارون الرشيد، وأنه شكره على تأليف كتاب "براءة العباسة"، وهو إن صدق إنما تمثّل له شيطان فاغترّ به.
وفي تفسيره من هذا وشبهه شيء كثير مع تمجيد لأصحاب العلوم الظاهرة من الغربيين وانبهار شديد بعلومهم ونظرياتهم، ومحاولة لتشويق المسلمين لهذه العلوم من طريق التفسير.
وقد تولّى رئاسة تحرير صحيفة الإخوان المسلمين، وخُصِّص له درسٌ في التفسير في المركز العام للإخوان المسلمين؛ فكان يفسر القرآن بالعلوم الحديثة على المنهج المتقدّم وصفه.
وقد انتقده جماعة من علماء عصره بسبب منهجه في التفسير، وكتب الشيخ عبد الرحمن السعدي رسالة إلى محمد رشيد رضا فيها تحذير من هذا التفسير وشبّهه بكلام أهل وحدة الوجود والفلاسفة الإسلاميين.
وفي مقابل تحذير العلماء من تفسير طنطاوي جوهري كانت الصحافة الغربية تمجّده وتبالغ في الثناء عليه وتصفه بأنه حكيم الإسلام، وأنتجت له فيلما يعرض صوراً من حياته، وقد رُشّح لجائز نوبل للسلام، لكنّه مات قبل أن يتقرر منحها له.
8: عبد الحميد بن محمد بن المصطفى ابن باديس الصنهاجي(ت: 1359هـ)
مؤسس النهضة العلمية الإصلاحية في الجزائر في القرن الرابع عشر، ومهندس خطتها، ومعدّ رجالها، يتصل نسبه بالمعزّ بن باديس بن منصور الصنهاجي البربري، وكان للمعزّ دولة في أفريقيا في القرن الخامس الهجري.
ولد في القسنطينة بالجزائر عام 1308هـ، ثم التحق بجامع الزيتونة بتونس، ودرس على جماعة من العلماء منهم الشيخ الخضر بن الحسين والشيخ محمد النخلي والشيخ محمد الطاهر بن عاشور(ت:1393هـ) وتوفي قبله بزمن، وابن عاشور أسنّ منه بنحو اثني عشر عاماً.
ثم اجتهد في الدعوة إلى الكتاب والسنة، وتربية تلاميذه على الارتباط بالقرآن والاهتداء به، والسعي في النهوض بالأمة، ونبذ الجمود والتقليد، ومحاربة البدع والخرافات والطرق الصوفية، والمناهج الكلامية، ومقاومة الاحتلال الفرنسي بالطرق الممكنة من غير تهوّر ولا مجازفة.
وأسس مجلتي "المنتقد" "والشهاب" لتبصير الناس بخطر الطرق الصوفية على الأمة، وضرورة قيام نهضتها على العلم والإيمان.
ثم أسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1351هـ وتولّى رئاستها، فازداد أثر دعوته، وتوسّع نشاطه، وتقوّى بإخوانه العلماء حتى كان لهم أثر ظاهر في انتشار الدعوة السلفية والنهضة العلمية في الجزائر، وتحرير الناس من أضاليل الطرق الصوفية والمناهج الكلامية والبدع والشركيات.
وله جهود كبير في مقاومة الهيمنة الفرنسية على الجزائر، والسعي في تحرير الجزائريين من تسلطها وبغيها.
وقد شُغل عن تأليف الكتب بقيادة ورعاية مشروعه الإصلاحي، والإعداد للجهاد بنفس طويل وتؤدة وروية، ولذلك أثر عنه أنه قال: (شَغَلَنا تأليفُ الرجال عن تأليف الكتب).
جُمعت مجالسه في التفسير التي كان ينشرها في افتتاحيات أعداد مجلة الشهاب وأصدرت في كتاب بعنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، ولم يجتمع منها تفسير كامل لسور القرآن.
وقد اعتمد فيه الأسلوب المقاصدي، فقرأ أقوال السلف واللغويين ثمّ تحدث عن معاني الآيات بما يبرز مقاصدها ويجلّي هداياتها، وهذا أقرب الأساليب لما يريده من الإصلاح الاجتماعي وتبصير الناس بهدايات القرآن.
9: أبو الوفاء ثناء الله بن خضرجو الآمرتسري الهندي (ت:1367 هـ)
أصله من كشمير، وولد سنة 1287هـ بآمرتسر وهي من بلاد البنجاب شمال الهند؛ فنشأ بها، وطلب العلم على علماء بلده، ثمّ انتقل إلى ديوبند للدراسة في جامعتها، فدرس المنطق والعقيدة والأصول والفقه،
ثم درس على المحدث الكبير نذير حسين الدهلوي وقرأ عليه بعض كتب الحديث.
ثم انتقل إلى كانفور فدرس على الشيخ أحمد حسن الكانفوري العلوم النقلية والعقلية.
ثم اشتغل بالتدريس بضع عشرة سنة في مدرسة "تأييد الإسلام"، ثم في مدرسة شرعية في "ماليركوتله".
ثمّ اعتزل التدريس وانقطع للتأليف والدعوة والإرشاد والمناظرات والردود، فناظرَ القاديانية والآرية من الهندوس وطوائف من الملاحدة ومنكري السنة، وبرع في الردود والمناظرات وذاع صيته فيها.
وناظر الدجال الكبير الميرزا غلام أحمد القادياني الذي تنتسب إليه الطائفة الأحمدية، وكان قد ادّعى النبوة، ثمّ ادّعى لنفسه شيئاً من خصائص الألوهية؛ فناظره ثناء الله الآمرتسري وأفحمه وأضحك الناس عليه حتى خرج مغضباً.
ثم جرت بينهما مباهلة على أن يموت المبطل منهما قبل صاحبه، فلم يلبث القادياني أن أصيب بمرض الكوليرا، واستطلق بطنه، حتى صار كثير التردد على الخلاء، فلما أعياه ذلك صار يقضي حاجته حيث كان، وساءت حاله جداً وتقذر منه من حوله، حتى هلك في ربيع الأول سنة 1326هـ.
وعاش أبو الوفاء الآمرتسري بعد ذلك إحدى وأربعين سنة قضاها في الدعوة والتعليم والجهاد العلمي.
وفي عام 1321هـ أسس داراً للطباعة، وأصدر صحيفة أسبوعية سماها "أهل الحديث"، وطبع كتابه في التفسير الذي سماه "تفسير القرآن بكلام الرحمن"
وتأثر بالشيخ المحدّث ولي الله الدهلوي وذهب مذهبه في العقيدة ورجع عن كثير مما كان قد نشأ عليه من أخطاء في الاعتقاد.
وفي سنة 1324هـ سعى مع جماعة من علماء الهند لتأسيس جمعية علماء الحديث في الهند، واختير أبو الوفاء الآمرتسري أمين عاماً للجمعية.
وقد مثّل الجمعية في المؤتمر الإسلامي الذي أقيم في مكة في حجّ سنة 1349هـ، واقترح على الملك عبد العزيز إنشاء إدارة للحجّ؛ فأجيب طلبه.
ترك أبو الوفاء نحو مئة وثلاثين كتاباً غير المقالات التي يصعب حصرها في الصحف والمجلات التي أصدرها وتوالت أعدادها سنوات عدة.
وأكثر مؤلفاته ومقالاته في الرد على القاديانية، والنصارى، والآريّة وهم طائفة من الهندوس، وله ردود على طوائف من القبوريين والخرافيين وغيرهم من المبتدعة، وأسس ثلاث جرائد لكل جريدة غرضها الدعوى.
وقد لقى الشيخ أبو الوفاء إيذاء شديداً من طوائف ممن يردّ عليهم، حتى جرت له محاولة اغتيال جرح بسببها جرحاً شديداً ثم عافاه الله.
وآذته جماعة من السيخ وقتلوا ابنه الوحيد، فارتحل بمن بقي من أهل بيته إلى باكستان، وتوفي في لاهور سنة 1367هـ. رحمه الله رحمة واسعة.
للشيخ أبي الوفاء كتاب في التفسير اسمه "تفسير القرآن بكلام الرحمن" ، وأجود طبعاته الطبعة التي صدرت سنة 1423ه بعناية الشيخ صفيّ الرحمن المباركفوري لأنها اعتمدت التصويبات التي أجراها أبو الوفاء رحمه الله، وكان قد طبع الكتاب في مطبعته في آمرتسر بالهند سنة 1321هـ، وكان إذ ذاك على طريقة الديوبندية، وأكثرهم على مذاهب المتكلّمين في العقيدة، فوقع الشيخ في تأويل بعض آيات الصفات، مع انتسابه لأهل الحديث ودعوته إلى التمسك بالكتاب والسنة، لكن بدرت منه هذه الأخطاء بسبب ما نشأ عليه من التأويل ودراسته العقيدة في جامعة ديوبند.
10: أحمد بن مصطفى بن محمد القاضي المراغي (ت: 1371هـ)
من أهل المراغة بصعيد مصر، ولد سنة 1300هـ من أسرة معروفة بتوارث القضاء، وعامتهم على المذهب الحنفي، تولّى التدريس في المدارس الأميرية، ثم انتقل إلى السودان ودرّس بها، ثمّ عاد إلى مصر ودرّ بمدارس دار العلوم، ثمّ نُدب لتدريس البلاغة في الأزهر.
وقد سار على طريقة شيخه محمد عبده في التفسير، وأضاف إليه مما لديه من علم بالبلاغة والبيان، وذكر بعض النظريات العلمية في الفلك والجيولوجيا والطب وغيرها.
وفي تفسيره تأويل لبعض الصفات، وردّ لأخبار الآحاد، واعتماد على عقله في فهم المعاني والعبارة عنها وإن كان مخالفاً لما صحّ من الأحاديث والآثار عن السلف.
11: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت: 1376هـ)
أصله من تميم، ولد في عنيزة سنة 1307هـ، ونشأ يتيم الأبوين، ماتت أمّه وله أربع سنين، ثم مات أبوه وله سبع سنين.
وكان ذكيّاً فطناً حافظاً، أتمّ حفظ القرآن وله إحدى عشرة سنة، ثمّ اشتغل بالتعلّم على علماء بلده حتى نبغ مبكراً، وجلس للتدريس وهو ابن ثلاث وعشرين سنة.
وأقبل على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيّم فقرأها قراءة حسنة، وتفهّم مقاصدها، وحذق طريقتهما في بحث ودراسة مسائل العلم؛ مع إلمامه بكتب الفقه الحنبلي وبعض العلوم اللغوية، وكان يستعين على الحفظ بالنظم، حتى نظم منظومات عدة في علوم متفرقة.
ثمّ اختطّ لنفسه نهجاً خاصّاً في التدريس والتأليف، اعتمد فيه على التأصيل والإفهام وتقريب مسائل العلم للعامة ولطلاب العلم بعبارات جامعة محررة تنبئ عن معرفة بأقوال السلف فيها وإعمال لقواعد الجمع والترجيح من حيث لا يشعر المتلقي غير الخبير بما وراء عباراته من بحث وتحرير، وقد أوتي مع ذلك براعة في الاستنباط، وفقهاً للمقاصد، وحسن أسلوب في الكتابة والتحرير.
له كتب في التفسير وعلوم القرآن منها:
(أ) تيسير الكريم الرحمن بتفسير كلام المنان، وهو تفسيره المشهور، وهو من أجود التفاسير وأحسنها تحريراً مع اختصاره.
(ب) تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن، وفكرته بديعة في بابها، فنظر في الموضوعات التي تتكرر في القرآن فجمعها وصنفها على الأبواب ثمّ فسّرها في مجلد لطيف، ليكون أصلاً يبدأ طالب علم التفسير بدراسته ليكتسب معرفة عامة حسنة بمقاصد القرآن.
(ج) القواعد الحسان لتفسير القرآن، وهو كتاب لطيف جمع فيه جملة من القواعد الأصولية واللغوية المعينة على تفسير القرآن.
12: فيصل بن عبد العزيز بن فيصل آل مبارك النجدي(ت:1376هـ)
فقيه حنبلي، ولد في حريملاء بنجد سنة 1313هـ، ونشأ بها نشأة صالحة؛ ودرس على الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، وحمد بن فارس، وسعد بن حمد بن عتيق، وعبد الله العنقري وغيرهم.
ثم اشتغل بالقضاء والإفتاء والتدريس والتأليف أكثر حياته، وتنقّل في القضاء في بلدان عدة إلى أن استقرّ به المقام بالجوف، وترك مؤلفات نافعة في علوم الشريعة، منها رسائل مختصرة، ومنها كتب متوسّطة، واختصر بعض المطولات كنيل الأوطار وفتح الباري.
وكان وقته عامراً بالإفادة والتعليم من صلاة الفجر إلى بعد العشاء بمدة، يرتّب الدروس بين طلابه وكانوا بالمئات، وبين التأليف والقضاء ومعاملات الناس، وكان كريماً جواداً وجيهاً فانتفع الناس بعلمه وجاهه وتدبيره.
مرض آخر سنوات عمره، وكان يوم فاته مشهوداً، إذ احتشد الناس في سكاكا للصلاة عليه، حتى لم تُقم صلاة الجمعة في بقية المساجد لانصراف أهل البلد كلهم للصلاة عليه بما فيهم الأمير، وازدحم الناس في المقبرة، وكانت وفاته في شهر ذي القعدة من عام 1376هـ.
له تفسير سماه "توفيق الرحمن في دروس القرآن" اختصره من تفاسير ابن جرير وابن كثير والبغوي، وأضاف إليها إضافات يسيرة، وهو مطبوع.
13: محمد أمين الخولي(ت:1385هـ) رئيس جمعية الأمناء بمصر،
تنقّل في أعمال علمية دينية في مصر وإيطاليا وألمانيا ثم رئيساً لقسم اللغة العربية في جامعة فؤاد الأول ثم وكيلاً لكلية الآداب، ثمّ مديراً عامّاً للثقافة حتى تقاعد سنة 1374هـ.
وهو ممن تأثر بمنهج محمد عبده وطريقته، بل غلا فيها غلوا منكراً فيما يتعلق بتفسير القرآن؛ فكان يدعو إلى البدء بدراسة القرآن على أنه نصّ أدبيّ بغضّ النظر عن هداياته، وعن أقوال السلف في التفسير.
وله كتاب سماه "مناهج تجديد في النحو والبلاغة والتفسير والأدب" شكك فيه في أسانيد التفسير حتى توصّل إلى أنّه ليس بأيدينا من الأحاديث والآثار أصل متين يُمكن أن يُعتمد عليه في التفسير.
واتجه إلى التفسير البياني لما لديه من معرفة منقوصة في اللغة والبلاغة والأدب، مع اعتماده على عقله وذوقه في فهم النصّ القرآني، وانحراف مقصده في التفسير عن الاهتداء بالقرآن، كما صرّح بذلك ودعا إليه.
وزعم أن دراسة ما كتبه المستشرقون عن القرآن ضرورية لمعرفة التفسير، ثمّ وضع مع ما تقدّم من الشروط شروطاً تعجيزية أخرى تنقضي أعمار طلاب العلم قبل أن يفوا بواحد منها.
وقد تزوّج أمين الخولي الكاتبةَ عائشة بنت الشاطئ صاحبة كتاب التفسير البياني للقرآن، وأنجب منها ثلاثة أبناء، وهي الزوجة الثالثة له.
ولم يترك تفسيراً تاماً لكنه كان ذا أثرٍ على تلاميذه وبعض الكتّاب في زمانه وبعده لما كان له من الترأس الثقافي في بلده.
وقد ورث عنه تلاميذه الجرأة على العلماء المتقدمين فكثيراً ما يزعمون أن المفسرين لم يفقهوا سرّ الآيات التي يفسّرونها، ولم يتنبهوا لما فيها من البيان، وإنما ذلك بسبب قلّة اطلاعهم، وضعف آلتهم في توجيه أقوال السلف في التفسير، وإغفال لإعمال أصول التفسير وقواعده.
ومن كتبه التي تركها وليته سلم منها وسلم منها تلاميذه:
(أ) التفسير نشأته تدرجه تطوره.
(ب) مناهج تجديد في النحو والبلاغة والتفسير والأدب.
(ج) التفسير معالم حياته منهجه اليوم.
- قالت عائشة بنت عبد الرحمن تلميذة الخولي وامرأته وهي ممن يكثر منها تجهيل المفسرين المتقدمين: (كان المنهج المتَّبع في درس التفسير - إلى نحو ربع قرن من الزمان - تقليديًّا أثريًّا، لا يتجاوز فهم النص القرآني على نحو ما كان يفعل المفسرون من قديم، حتى جاء الإمام الأستاذ أمين الخولي، فخرج به عن ذلك النمط التقليدي وتناوله نصًّا أدبيًّا على منهج أصَّله، وتلقاه عنه تلامذته وأنا منهم)ا.هـ.
14: عبد الرحمن بن يحيى بن علي المعلّمي اليماني(ت:1386هـ)
يُنسب إلى بني المعلّم، وهم من أهل عُتْمة، مدينة جنوب غرب صنعاء بين ذمار وزبيد، ولد سنة 1313هـ، وقرأ القرآن على والده وعلى رجل من عشيرته، ثم درس في مدرسة حكومية، ثم اشتغل بدراسة النحو والفقه والفرائض وأعمال القضاء، وكان ذكياً فهِماً، ثم عمل كاتباً في محكمة الحجرية.
وفي سنة 1336هـ ارتحل إلى جيزان وكانت تحت حكم الأدارسة؛ فولّاه أمير عسير محمد الإدريسي رئاسة القضاء ولقّبه شيخ الإسلام، فاشتغل بالتدريس والوعظ والإفتاء مع عمله في القضاء، وبقي فيها إلى أن توفي الإدريسي سنة 1341هـ.
ثمّ ارتحل إلى الهند وعمل في تصحيح الكتب في دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد، وبقي فيها ثلاثين سنة؛ رضي فيها بأجرة زهيدة لأن العمل فيها كان يوافق هواه وهمّته في البحث العلمي وتصحيح الكتب؛ فحقق كتباً كثيرة، وأتمّ كثيراً من مؤلفاته ونشرها.
وفي سنة 1371هـ عاد إلى مكّة؛ فعيّن أميناً لمكتبة الحرم المكي؛ فبقي فيها مشتغلاً بمطالعة الكتب وبالتحقيق والتأليف حتى توفي في السادس من شهر صفر عام 1386هـ رحمه الله.
وقد حقق كتباً كثيرة نافعة، وترك مؤلفات كثيرة في فنون عدّة، وكان بارعاً في الردود، وأكثر مؤلفاته كانت رسائل مطوّلة أو متوسّطة لحاجة عارضة، وقد جمعت وطبعت في مجموع آثار الشيخ بتحقيق جماعة من الباحثين ونشرتها دار عالم الفوائد، ومنها بضع عشرة رسالة في التفسير، جمعت في مجلد واحد، وتعقيبه على الفراهي أفرد في مجلد، ورسائله في التفسير نافعة جداً لطالب العلم.
15: سيد قطب إبراهيم الشاذلي (ت:1386هـ)
أديب مصري، عاش في تقلّبات فكرية، ثمّ ابتعثته وزارة المعارف إلى أمريكا سنة 1368هـ، وعاد بعد عامين، ثم انضمّ لحزب الإخوان المسلمين، وترقّى فيه حتى صار عضواً في مكتب الإرشاد للجماعة، وتولى رئاسة تحرير مجلة الإخوان المسلمين، واشتغل بالسياسة وأدبياتها والحركات التنظيمية حتى كان ذلك سبباً في سجنه ثمّ قتله سنة 1386هـ.
وقد كان سيّد قطب في شبابه على طريقة كثير من الأدباء في بلده، قد دخل عليهم من أنواع الانحراف الفكري بسبب الاستعمار وعملائه ما دخل، ثمّ بعد تديّنه وانضمامه لجماعة الإخوان المسلمين أخذته الحماسة الشديدة للعمل للإسلام وخدمة التفسير بما مهر به من الأدب والبيان، وبما تحصّل له من الثقافة والاطلاع الطويل، وبما يراه مخرجاً للأمّة لاستعادة حريتها ومجدها، وهو لم يكن معدوداً من علماء الشريعة، ولذلك وقع في كثير من كتاباته مخالفات أخذت عليه، ولا سيّما ما كتبه في مؤلفاته الأولى ومقالاته القديمة، وقد رجع عن كثير منها.
وفي المدة التي قضاها في السجن تغيّرت كتاباته كثيراً، وتحسّن أسلوبه تحسّناً ظاهراً، وتخلّص من كثير من رواسب الأفكار القديمة، واجتهد في مراجعة تفسيره وإكماله، وكان قبل ذلك قد نشر كثيراً منه في مقالات صحفية، وسمّاه "في ظلال القرآن"، وقد طبع طبعات كثيرة جداً.
وقد بناه على ما سمّاه قوّة التعبير في القرآن، وهو لون من ألوان التفسير البياني، لكنّه عبّر عنه بأسلوب أدبي، كان يجيد فيه في بعض المواضع حتى يبلغ غاية تبهر القراء، وتأخذ بمجامعهم، وتقع منه أحياناً عبارات منكرة مستبشعة، له منها قصد لا تساعده عليه عبارته، ومردّها لضعف تأصيله العلمي، وفرط الحماسة والاندفاع، وتوسّعه في التعبير.
ولذلك تعقّبه جماعة من العلماء منهم الشيخ المحدث عبد الله الدويش في كتابه "المورد العذب الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال".
ولم يزل كبار أهل العلم عندنا إذا سُئلوا عن تفسيره يُثنون على ما أحسن فيه، ويحذرون مما وقع فيه من أخطاء، ولا يوصون به المبتدئ الذي ليس لديه من العلم ما يميّز به الخطأ من الصواب، وهذا أقرب المسالك إلى الإنصاف الذي يسلم به صاحبه من التجنّي والمغالاة.
16: أَحْمَدو بن الشيخ محمدو بن أحمذيّ الحسني(ت:1387هـ)
فقيه مالكي، ومفسّر لغويّ، ومتصوّف أشعريّ، من أهل بوتلميت وهي منطقة في وسط موريتانيا، كان مولده بها سنة 1290هـ، حفظ القرآن وهو صغير ودرس في محاضر العلماء في موريتانيا فنون العلم، حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره؛ فطرقهم الاحتلال الفرنسي؛ فانقطع عامين للجهاد ومدافعة الاحتلال.
ثم عاد إلى بلاده، ولازم أباه يساعده في التدريس في محضرته، حتى توفي أبوه، فصارت المحضرة إليه.
وكان في أوّل أمره على الطريقة القادرية الصوفية تبعاً لأبيه الذي كان شيخاً فيها، وكان على قدر كبير من العبادة والزهد والورع، فتخلّص من كثير من آثار ما كان عليه من أغلاط الصوفية، ودعا إلى الإصلاح، والالتزام بالسنة، ونبذ البدع، مع بقاء بعض آثارها عليه.
ثمّ جلس للتدريس والتربية سنة 1332هـ، فذاع صيته في تلك البلاد وشاع، وتوافد عليه الطلاب من شتّى الأصقاع.
وله منظومات كثيرة في فنون وأغراض شتّى، وله مؤلفات في التفسير والحديث والسيرة والفقه على مذهب الإمام مالك.
وله شرح شواهد تفسير الطبري، وشَرَح معلقة لبيد، وطائية المتنخل، وجيمية العجاج، وميمية حميد ابن ثور، وغيرها.
وله مؤلفات طبع منها كتاب "مراقي الأواه إلى تدبر كتاب الله" وهو تفسير منظوم على بحر الرجز اشتمل على نحو ثمانية آلاف بيت، وقد اعتمد فيه على تفسير ابن جرير والنسفي ونظام الدين النيسابوري واللباب للخازن، والفتوحات الإلهية لسليمان الجمل، والذهب الإبريز لليدالي.
وقد شرح في منظومته الغريب وحكى الأقوال ورجح في بعضها، ولم يستوعب الحديث عن جميع الآيات، وإنما كان يقصد إلى مسائل ينتخبها، يرى حاجة الطلاب إلى بيان معانيها، وأوّل وفوّض في آيات الصفات على طريقة الأشاعرة، ولم يخل نظمه من تأثر صاحبه بالطريقة الصوفية الشائعة في بلده، وإن كان أقرب إلى السنة وتعظيمها والدعوة إليها.
17: محمد الطاهر بن الشيخ محمد بن محمد الطاهر ابن عاشور (ت: 1393هـ)
وهو حسني هاشمي، هاجر جده الأكبر محمد بن عاشور سنة 1060هـ إلى تونس فاراً بدينه من الظلم والتنصير الإجباري في الأندلس.
ونشأ الشيخ محمد في بيت شرف وعلم؛ والتحق بحلقات الدراسة في جامع الزيتونة حتى حصل على شهادة التطويع سنة 1317هـ، وهي شهادة يُجاز بها بتدريس ما يشاء من الكتب.
ودرس في تلك السنوات كتباً كثيرة في التفسير والفقه وأصوله والحديث والسيرة، ودرس فيها المنطق وعلم الكلام والعقائد الأشعرية.
ثمّ شرع في الإقراء في جامع الزيتونة في تلك السنة، ولم يزل يشتغل بالتدريس والأعمال العلمية في جامع الزيتونة والمدرسة الصادقية حتى عيّن سنة 1328هـ عضواً في لجنة إصلاح التعليم الأولى، وكان في كلّ عام يُسند إليه عمل جديد؛ حتى عيّن قاضياً مالكياً في سنة 1331هـ.
وفي سنة 1341هـ عيّن مفتياً مالكياً، وعاد للتدريس بجامع الزيتونة والمدرسة الصادقية، ثمّ عيّن كبير أهل الشورى المالكية.
وفي سنة 1351هـ لقّب بشيخ الإسلام المالكي، وهو أوّل من تولّى هذا المنصب من المالكية، ثم سُلّمت إليه إدارة جامع الزيتونة؛ فبقي فيها سنة ثم استقال من مشيخة جامع الزيتونة بسبب فتوى التجنيس، ثم عاد إليها سنة 1364هـ وبقي فيها إلى سنة 1370ه.
وفي سنة 1375هـ بعد إعلان استقلال تونس، عيّن عميداً للجامعة الزيتونية.
وفي سنة 1382هـ ألغي اسم جامعة الزيتونة، وجُعلت كليّةً تابعة للجامعة التونسية تختص بتدريس الشريعة وأصول الدين؛ وأما جامعة الزيتونة الحالية فإنما أنشئت بهذا الاسم عام 1407هـ وهي غير الأولى.
وبعد إلغاء اسم جامعة الزيتونة استقال الشيخ من العمل، وتفرّغ للكتابة والتأليف، حتى توفي رحمه الله في 26 رجب 1393هــ على المشهور من أقوال من ترجموا له، وذكر تلميذه محمد الحبيب بن الخوجة أنه توفي يوم الأحد 13 رجب 1394هـ.
وكان مع سعة علمه، وجودة تحريره، وحسن أسلوبه، غزير الإنتاج العلمي؛ فقد كتباً كثيرة ومقالات عديدة نشرت في المجلات العلمية كمجلات المجامع اللغوية والمنار والرسالة وغيرها.
وكان مذكوراً بحسن الخلق، وطيب المعشر، وكرم الخِيم، وعفة النفس، والترفع عن صغائر الأمور، وعن المشاحنات والمخاصمات.
وقد ترك كتباً كثيرة أشهرها أوجلّها تفسيره الذي سمّاه "تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد"، ثم اختصر اسمه إلى: "التحرير والتنوير من التفسير"، وهو من أحسن التفاسير عنايةً ببلاغة القرآن وموازنةً بين أقوال المفسرين، واستيفاءً للمسائل التفسيرية وحسن تحريرٍ لها، وفيه تأويل لبعض آيات الصفات على طريقة الأشاعرة فليتفطّن لذلك.
شرع في تأليفه عام 1341هـ وفرغ منه يوم الجمعة 12 رجب 1380هـ
18: محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي (ت: 1393هـ)
هو محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح من آل جاكن الأبرّ الذي ينتسب إليه الجَكْنيّون، وهم بطن من حمير انتقلوا من اليمن إلى بلاد المغرب الأقصى.
وُلِدَ الشيخ محمد الأمين رحمه الله عام 1325هـ في ماءٍ يقال له "تَنْبَهْ" في ناحية "كيفة" جنوب موريتانيا.
ومات أبوه وهو غلام صغير؛ فنشأ يتيماً في بيت أخواله الذين هم أبناء عمّ أبيه، وكان وحيد أبيه، وقد ترك له ثروة من مال وأنعام، أعانته على طلب العلم.
فقرأ القرآن، ثم تعلّم رسم المصحف والتجويد، ودرس الأدب والنحو والسيرة وأنساب العرب وأيّامهم، والفقه والأصول والنحو والصرف والبلاغة وشيئاً من الحديث والتفسير.
وقد اجتمع له مع قوّة الحفظ حدة الذكاء وحسن الفهم والنهم في طلب العلم والاجتهاد في التحقق من صحة نظره في مسائل العلم، فكان إذا درس باباً من أبواب العلم لم يقرّ له قرار حتى يحكم ضبط مسائله، ويعرف قواعده وأدلّته.
ثم تصدّر للتدريس، وبرع في القضاء حتى اختير أحد عُضْوَي لجنة الدماء التي تُعرض عليها أحكام القصاص في القتلى.
وعني بالتفسير عناية خاصّة فدرس كلّ آية على حدة، دراسة متأنية، حرص فيها على استيعاب أقوال المتقدمين فيها، حتى أثر عنه أنه قال: (أخذت المصحف من أوّله إلى آخر، ولم تبق آية إلا تتبّعت أقوال العلماء فيها وعرفت ما قالوا).
ودرس المنطق ومذاهب المتكلّمين التي كانت شائعة في بلده دراسة فاحصة، وعرف أدلتهم العقلية التي يوردونها وكيف دخل عليهم الغلط في استدلالهم وفي ترتيب أدلّتهم؛ فتبيّن له بطلان ما هم عليه وأنّ الحقّ والنجاة في التمسّك بالكتاب والسنة.
وفي عام 1367هـ رحل الشيخ من بلاد شنقيط إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ثم زيارة المسجد النبوي، وكان في عزمه الرجوع إلى بلده بعد ذلك، لكن شاء الله له أن يختار المقام في المدينة النبوية، وصار له مجلس تدريس في المسجد النبوي فقدّم دروساً علمية قيّمة عظم النفع بها وطار خبرها في البدان.
وكان رحمه الله يقول: (ليس من عملٍ أعظم من تفسير كتاب الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وفي عام 1369ه درّس التفسير في دار العلوم بالمدينة النبوية سنتين.
وفي عام 1371 افتتح المعهد العلمي بالرياض وكليّة الشريعة وكلية اللغة العربية واختير الشيخ للتدريس في المعهد والكليّتين فتولّى تدريس التفسير والأصول فيها إلى سنة 1381هـ، وألّف لهم مذكّرة في أصول الفقه، طبعت فيما بعد، وكانت له دروس بين العشاءين بدخنة في الرياض في شرح بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكان يذهب في الإجازة الصيفية إلى المدينة فيلقي دروس التفسير في المسجد النبوي كلّ يوم.
وفي عام 1381هـ افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة؛ فانتقل الشيخ للتدريس فيها والإقامة الدائمة في المدينة؛ فكان يدرّس في الجامعة والمسجد النبوي التفسير وأصول الفقه.
وفي عام 1391هـ أسّست هيئة كبار العلماء من سبعة عشر عضواً؛ واختير الشيخ عضواً فيها.
وقد عاودته أمراض في آخر حياته، وذهب إلى لندن للعلاج، ثم عاد وندم على ذهابه إلى لندن وعدّ ذلك ذنباً يحتاج إلى التكفير عنه بحَجَّة؛ فعزم على الحجّ عام 1393هـ؛ فلما قضى نسكه اشتدّ به المرض؛ فأدخل مستشفى أجياد، وكانت لديه حساسية من أحد الأدوية وقد أَخبر بذلك عند دخوله المستشفى لكن ربما لم يُفهم عنه؛ فأعطي هذا الدواء، وكان سبب موته رحمه الله؛ وصلّي عليه في المسجد الحرام، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة.
وقد ترك علماً غزيراً نافعاً فمنه ما طبع في حياته، ومنه ما فرّغ من دروسه الصوتية ثم طبع بعد وفاته، وقد جمعت آثاره العلمية بعناية جماعة من المحققين ونشرتها دار عالم الفوائد.
ومن كتبه:
1: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، وهو أشهر كتبه، وأغزرها فائدة علمية، وصل فيه إلى نهاية تفسير سورة المجادلة، ثم أتمه تلميذه الشيخ عطية سالم.
2: العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير، وهو كتاب مفرّغ من دروسه الصوتية في المسجد النبوي.
3: دفع إيهاب الاضطراب عن آي الكتاب.
4: منع جواز المجاز في المنزّل للتعبّد والإعجاز،
5: رسالة في بيان الناسخ والمنسوخ من آي الذكر الحكيم.
وله كتب أخرى منها: مذكّرة في أصول الفقه، وآداب البحث والمناظرة وهو كتاب دراسي ألّفه لطلاب كلية الدعوة بالجامعة الإسلامية ، وشرح مراقي السعود، وغيرها.
19: أبو الأعلى بن أحمد حسن المودودي(ت:1399هـ)
اسمه أبو الأعلى بن أحمد حسن بن مودود، وأصله من جنوب الهند، قرأ على أبيه القرآن الكريم ومبادئ علوم الشريعة واللغة العربية، وبدت عليه أمارات النجابة، والحرص على الشعائر الدينية؛ والنهمة القيادية؛ فكان وهو صغير يجمع أولاد جيرانه ويصلّي بهم.
وتعلّم اللغة العربية في أشهر ومهر في الكتابة والإنشاء في سنّ مبكرة، ثم اشتغل بالعمل الصحفي، وكانت له كتابات كثيرة في محاولات استنهاض الهمم للمحافظة على الخلافة الإسلامية والحيلولة دون تفكك بلدان العالم الإسلامي بعد ما يسمّى بالاستعمار؛ وكانت كتاباته تلقى رواجاً كبيراً، وإقبالاً ظاهراً من العلماء وطلاب العلم والعامة.
وكان شديد الإنكار على مخالفات الطرق الصوفية، ويصفها بالبطالة والكسل، والجمود على ما ألفوه، والفرار عن معترك الحياة، والانسحاب عن ميدان الكفاح والنضال، بل كان يصف بعض الطرق الصوفية بالاستسلام والخنوع، والتمالئ مع العدوّ.
لكنّه وقع في أخطاء منهجية بسبب حماسه واندفاعه للكتابة قبل التمكّن العلمي، بل شُغِلَ بالسياسة والصحافة والقضايا الفكرية عن التفقه في أحكام الدين كما ينبغي.
ثم أسس سنة 1360هـ وهو في الهند جماعة سمّاها "الجماعة الإسلامية"، وتولّى إمارتها، لتكون هي الناطق الشرعي باسم المسلمين في الهند؛ ليقطع الطريق على الرابطة التي أسسها اللإنجليز لتنتحل الحديث بلسان المسلمين والنيابة عنهم في إدارة شؤونهم السياسية، وعامّة قيادتهم القاديانية والإسماعيلية.
وفي سنة 1362هـ أشار محمد إقبال على المودودي بالانتقال إلى باكستان ليتقوّى بالأغلبيّة المسلمة فيها؛ فاستجاب لذلك وأنشأ مقرّ الجماعة الإسلامية في "لاهور".
وفي سنة 1366 انفصلت باكستان عن الهند، ونشط أبو الأعلى مع جماعته في مطالبة الرابطة الإسلامية بتحكيم الشريعة الإسلامية في باكستان؛ فقوبلت دعوته بالرفض وأدخل السجن سنة 1367هـ ولبث فيه إلى سنة 1369هـ ثمّ أطلق سراحه بضغط شعبي.
فكانت قضيّة تحكيم الشريعة هي شغله الشاغل؛ وعمود ما يجاهد عليه، وكشف للناس عوار ما يسمّى بالديمقراطية وبيّن خطورة استلاب رأي الأغلبية المسلمة؛ فينطق بلسانهم من ليس على عقيدتهم، ويختار لهم الأحكام الوضعية، ثم يتفرّغ لإضعاف قوّة المسلمين شيئاً فشيئاً في عقيدتهم وتربيتهم وسلوكهم ومصالحهم المعيشية.
فلما ظهر لكلامه أثرٌ كبير على الجماهير المسلمة أقدمت الحكومة الباكستانية على سجنه مرة ثانية سنة 1372هـ، وحكمت عليه بالإعدام، وطار خبر الحكم بإعدامه في بلدان العالم الإسلامي؛ فتوالت الضغوط على الحكومة الباكستانية من العلماء والمفكرين والمسؤولين وتدخّل الملك سعود بن عبد العزيز للشفاعة فيه؛ فخفف الحكم من الإعدام إلى السجن ثم أُطلق سراحه سنة 1374هـ.
وأثمرت الجهود المتوالية لأبي الأعلى المودودي وجماعته عن رضوخ الحكومة الباكستانية سنة 1375هـ لإقرار موادّ إسلامية في الدستور إرضاء للجماهير المسلمة الغاضبة، ونصّت في الدستور على أن تكون الأحكام مستمدة من الشريعة الإسلامية، وهو نصّ عامّ غير مفصّل، لكنّ الجماهير المسلمة فرحت به وعدّته نصراً كبيراً، فلمّا هدأت الغَضبة لم تلق الحكومة بالاً لتلك المواد، وواصلت السير في طريقها العلماني.
وفي سنة 1382هـ حظرت الحكومية الباكستانية نشاط الجماعة الإسلامية، واعتقلت المودودي ونحو ستين رجلاً من قيادة الجماعة، ولبثوا في السجن إلى سنة 1384ه ثم أفرج عن الشيخ ورفاقه.
ثمّ واصل المودودي نشاطه الدعوي والفكري في رئاسة الجماعة الإسلامية، وكثّف صلاته بدول العالم الإسلامي، وزار كثيراً من البلدان، وكان على صلة حسنة بالشيخ عبد العزيز ابن باز، وهو الذي اقترح إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنة 1381هـ؛ فنُفّذ اقتراحه، وعُيّن عضواً في المجلس التأسيسي للجامعة، وعضواً للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.
وبقي أميراً للجماعة الإسلامية حتى سنة 1392ه إذ اعتزل الإمارة لأسباب صحية، وسلّم القيادة للأستاذ محمد طفيل، وتفرّغ هو للتأليف والكتابة؛ فأكمل تفسيره الذي سمّاه "تفهيم القرآن".
وفي عام 1399هـ منح المودودي جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، ثم توفّي في أوّل شهر ذي القعدة سنة 1399هـ، في فناء منزله في لاهور، وقد احتشد الناس لتشييعه حتى امتلأت الطرقات، وفي مقدمتهم الرئيس الباكستاني ضياء الحق، وصُلّي عليه صلاة الغائب في المسجد الحرام.
ترك أبو الأعلى المودودي كتباً كثيرة بلغت نحو مئة وأربعين كتاباً، ومنها كتاب في التفسير سمّاه "تفهيم القرآن"، وقد مكث في تأليفه نحواً من ثلاثين عاماً، لكنّه كان باللغة الأردية، ثم ترجم إلى الإنجليزية والمليبارية، وقد تُرجم منه إلى العربية تفسير سور البقرة وآل عمران والنور والأحزاب، ونشرته إدارة ترجمان القرآن بدلهي.
وله كتاب "المبادئ الأساسية لفهم القرآن" فيه أخطاء منهجية في تصوّر مسائل التفسير، وجراءة على نقد الصحابة والتابعين، وعدّ اختلافهم في التفسير من التفرّق الذي نهى الله عنه، وزعم أنه لا توجد آية في القرآن فيها إجماع.
وظنّي أنه أُتي من جهة كثرة اشتغاله بالعمل الصحفي، وتصدّره للكتابة في سنّ مبكرة جداً، كان الأولى أن يشتغل فيها بالتفقه في الدين، ودراسة الأحكام الشرعية، لكنه لما اشتغل بالعمل الصحفي لم يكن طلبه للعلم إلا اطلاعاً يسيراً بنفَس المنتقد الذي وجد نفسه في محلّ التصدّر لا بنفَس المسترشد؛ فأورثه ذلك جهلاً ببعض الأصول وجرأة على النقد تجاوز بها تجاوزاً كبيراً؛ وكانت تأخذه الحماسة فيفهم من معاني بعض الآيات ما هو بعيد عن دلالتها الصحيحة، ويجزم بذلك جزماً يشعر به المتلقّي أنه على يقين تام لا تردد فيه بصحة قوله.
فإذا قرأ العاميّ وطالب العلم المبتدئُ كلامَه من غير معرفة بسيرته والأحداث التي كان يكتب فيها ربما سلّم له وانحرف منهجه في تصوّر المسائل العلمية.
ولذلك دخل على سيّد قطب بعض الغلو في مسألة الحاكمية والحكم على المجتمعات الإسلامية التي يُحكم فيها بغير الشريعة، وسبب ذلك أنّ سيد قطب لما تحوّل إلى التديّن شرع في الكتابة والتصدر وتشرّب أفكار أبي الأعلى المودودي قبل أن يأخذ نفسه بالتفقه في الدين على طريقة أهل العلم، وقد لقي أبا الأعلى لما زار مصر، وأخبره أنه تتلمذ على كتبه.
وأمّا أهل العلم فإنهم يميّزون غلط أبي الأعلى من صوابه، وقد يجدون في كتبه بعض ما يفيدهم بسبب طول خبرته في الصراع الفكري مع طوائف مختلفة عامّتهم مما لا يُشكّ في ضلالهم؛ فينتقون من كتبه، ولا يسلّمون له بكلّ ما فيها.
ولذلك كان الشيخ ابن باز إذا سئل عن كتب أبي الأعلى وسيد قطب يثني عليها ثناء مجملاً وينبّه على أنّ فيها أغلاطاً لا تخفى على طلاب العلم.
وقد وقع أبو الأعلى في جملة من الأخطاء المنهجية في المسائل الكبار المتعلّقة بالتكفير وأحكام المكلّفين ومراتب الدعوة، وغلبت عليه الحماسة حتى حمّل النصوص ما لا تحتمل، فإذا قرأ له من لم يتمكّن في العلم الشرعي ربما تأثّر به وانحرف مساره وغالى في التكفير، واضطرب لديه فهم مراتب الدعوة.
20: عبد الرحمن بن محمد بن خلف آل نادر الدوسري (ت: 1399هـ).
فقيه حنبلي، وإمام مفسّر، ولد في البحرين، ونشأ في الكويت، ودرس في المدرسة المباركية، وهي مدرسة أهلية سلفية تدرّس فيها المتون العلمية، ويُلزم الطالب بحفظها.
وشرع في حفظ القرآن ودراسة علوم الشريعة، ثم أصيب في بصره بشيء خاف منه العمى على نفسه؛ فعكف على حفظ القرآن حتى أتمّ حفظه في شهرين، مخافة أن يعمى قبل أن يتمّ حفظه، ولكنّ الله عافاه ومتّعه ببصره حياته كلّها.
واجتهد في مواصلة طلب العلم، وانهمك في القراءة والبحث، والدراسة على العلماء في الكويت والبحرين، وكان نهماً في طلب العلم، قويّ الحفظ جداً، وله في استظهار ما قرأ من الكتب عجائب وغرائب.
واشتغل مع أبيه في تجارة المشالح، حتى استقلّ بنفسه، وصار ينفق على نفسه وأهله من كسب يده، ولا يسعى للوظائف، بل كان له نظر في التحذير منها.
وكان مع ذلك واسع الاطلاع والمعرفة، يتابع ما يُكتب في الصحافة في ذلك الوقت عما تشهده بلدان العالم الإسلامي من الاحتلال الصليبي والاجتياح الشيوعي، وما خلفاه من عملاء، وما يدبرون من مكائد.
ونشأ عزيز النفس قويّ البأس، يأكل من كسب يده، وما تدرّه عليه تجارته، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويشتغل بالدعوة والنصح والإرشاد وإعانة طلاب العلم، وكان شديداً غليظا على صنفين من العلماء:
- صنف من علماء السوء الذين يضلون الناس ويدلسون عليهم خدمة لأعداء الأمة وتأكلاً بعلمهم ومكانتهم.
- وصنف يسكتون عن الحقّ مع معرفتهم به وبخطر مخططات الأعداء وحاجة الأمة إلى نصحهم وبيانهم.
وهو من أوائل من تنبّهوا لخطر العلمانية والماسونية، وكان كثير التحذير منهما ومن الشيوعية والوجودية وعملاء هذه التنظيمات في بلدان العالمي الإسلامي.
ولما أقرّ الدستور الكويتي سنة 1382هـ انتقل من الكويت إلى الرياض؛ فكان محلّ ترحيب وتقدير من كبار أهل العلم في السعودية، فواصل طريقته في الاشتغال بالدعوة والإرشاد والخطابة، وكان يخطب في مساجد متفرقة، ويتنقل في البلدان للدعوة.
وله مشاركات في الإفتاء في الحجّ وغيره، وحلقات إذاعية، وله نحو ثلاثين مؤلفاً في التفسير والحديث والفقه والدعوة.
له تفسير قيّم توسّع فيه ولم يتمّه وسمّاه "صفوة الآثار والمفاهيم من تفسير القرآن العظيم"
وجعل من التفسير واستنباطه لهدايات القرآن أصلاً ينطلق منه للإصلاح الاجتماعي والتحذير من كيد أعداء الدين في داخل بلاد المسلمين وخارجها، واجتهد في التحذير من العلمانية والماسونية وأصحاب التيارات الفكرية الهدامة، وبيان سعيهم الحثيث لصدّ المسلمين عن سبيل عزّهم ومجدهم، وتضليلهم عن هدايات القرآن الكريم.
سافر في آخر حياته إلى لندن للعلاج، وألقى محاضرة في المركز الإسلامي في لندن، ثمّ عاد إلى المستشفى، وفي صبيحة يوم الأحد 16 ذو القعدة 1399هـ، توفّاه الله، وأعيد بطائرة إلى الرياض، واحتشد الناس للصلاة عليه، وشيّعوه مشياً على الأقدام حتى بلغوا به مقبرة العود في جمع كبير، وكانت العادة أن تُحمل الجنازة في سيّارة لبعد المسجد عن المقبرة.