في تفسير جزء تبارك:
وقولُه: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} فإنْ قالَ قائلٌ: القمَرُ إنما خُلِقَ في سماءِ الدنيا، فكيفَ قالَ: {فِيهِنَّ نُوراً}؟ والجوابُ مِن وُجوهٍ: أحَدُها: أنه يَجوزُ في لِسانِ العرَبِ أنْ يُقالَ فيهنَّ نوراً، وإنْ كانَ في إحِدَاهُنَّ، كالرجُلِ يقولُ: تَوَارَى فُلانٌ في دُورِ فُلانٍ، وإنْ كانَ تَوارَى في إِحْدَاهَا، ويقولُ القائلُ: ونَزَلْتُ على بني تَميمٍ، وإنْ كانَ نَزَلَ عندَ بعضِهم. والوجهُ الثاني: ما قالَه عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ أنَّ وجْهَ القمَرِ إلى السماواتِ السبْعِ وَقفاهُ إلى الأرْضِ، وكذا قالَ في الشمسِ، فعلى هذا قولُه: {فِيهِنَّ نُوراً} أيْ: نُورُه فِيهِنَّ. والوجهُ الثالثُ: أنَّ السماواتِ في المعنى كشيءٍ واحدٍ، فقالَ: {فِيهِنَّ نُوراً} لهذا، وإنْ كانَ في سماءٍ واحدٍ. والوجهُ الرابعُ: أنَّ معنى قولِه: {فِيهِنَّ نُوراً} أيْ: مَعهنَّ نُوراً. قالَ امْرُؤُ القَيْسِ: وهل يَنْعَمَنْ مَن كانَ آخِرُ عَهْدِه ..... ثلاثينَ شَهْراً في ثلاثةِ أَحْوَالِ أيْ: مع ثلاثةِ أَحوالٍ. |
أرجو توضيح قول الشاعر حتى نستفيد من الشاهد، وجزاكم الله خيرا.
قول امرئ القيس:
وهل ينعمن من كان أقرب عهده .. ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال
معنى البيت: هل يكون منعّما من كان أقربُ عهده بالرفاهية ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال؟
والأحوال جمع حول ، وهو السنة على قول الجمهور.
واختلف في معنى (في) في هذا البيت على قولين:
القول الأول: أنها بمعنى (من) وهذا قول الأصمعي وابن قتيبة وابن هشام والزبيدي وغيرهم.
فتكون (من) هنا بيانية ومجموع المدة: سنتان ونصف، فهي ثلاثون شهراً في ثلاث سنين؛ منها سنتان تامتان وبعض السنة الثالثة.
والقول الثاني: أنها بمعنى (مع) أي أنه أراد ثلاثين شهراً مع ثلاثة أحوالِ، وهذا قول ابن دريد وابن سيده في المخصص، ومؤدَّى هذا القول أن المدة خمس سنوات ونصف.
وقال أبو الفتح ابن جني في الخصائص: (وأمّا قوله : وهل يِعِمَنْ من كان أحدث عهده ... ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
فقالوا : أراد : مع ثلاثة أحوال . وطريقه عندى أنه على حذف المضاف يريد : ثلاثين شهرا في عَقِب ثلاثة أحوال قبلها . وتفسيره : بعد ثلاثة أحوال . فالحرف إذاً على بابه).
وقد تعقّبه ابن هشام في مغني اللبيب.
وفي شرح البيت قول آخر يصرف هذه المسألة عن وجهها الأول وهو قول البغدادي في خزانة الأدب حيث قال: (وكل من فسره ذهب إلى أن الأحوال هنا السنون جمع حول، والقول فيه عندي: أن الأحوال هنا جمع حال لا جمع حول، وإنما أراد كيف ينعم من كان أقرب عهده بالنعيم ثلاثين شهرا؟!! وقد تعاقبت عليه ثلاثة أحوال، وهي اختلاف الرياح عليه، وملازمة الأمطار له، والقدم المغيّر لرسومه؛ فتكون في هنا هي التي تقع بمعنى واو الحال في نحو قولك: "مرت عليه ثلاثة أشهر في نعيم" أي وهذه حاله)ا.هـ.