الأسئلة العلمية
حالة السؤال
سؤال عن ما ورد في تفسير السعدي لقوله تعالى: {الذي يؤتي ماله يتزكى}

0

0

0

حسام صلاح السيد
طالب علم


12:53 29-11-1435 | 24-09-2014

اقتباس:

({وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (16) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} بأنْ يكونَ قصدُهُ بهِ تزكيةَ نفسهِ،وتطهيرَهَا مِنَ الذنوبِ والعيوبِ، قاصداً بهِ وجهَ اللهِ تعالى، فدلَّ هذا على أنَّهُ إذا تضمنَ الإنفاقُ المستحبُّ تركَ واجبٍ، كدينٍ ونفقةٍ ونحوهمَا، فإنَّهُ غيرُ مشروعٍ، بلْ تكونُ عطيتُهُ مردودةً عندَ كثيرٍ منَ العلماءِ، لأنَّهُ لا يُتزكّى بفعلٍ مستحبٍّ يفوِّتُ الواجبَ).

من أين استدل العلامة السعدى من الآية على: «فدلَّ هذا على أنَّهُ إذا تضمنَ الإنفاقُ المستحبُّ تركَ واجبٍ، كدينٍ ونفقةٍ ونحوهمَا، فإنَّهُ غيرُ مشروعٍ، بلْ تكونُ عطيتُهُ مردودةً عندَ كثيرٍ منَ العلماءِ، لأنَّهُ لا يُتزكّى بفعلٍ مستحبٍّ يفوِّتُ الواجبَ».


عبد العزيز بن داخل المطيري
المشرف العام
12:56 12-1-1436 | 05-12-2014

استدلّ رحمه الله بهذه الآية وذكر قريبا من هذا القول عند تفسير قول الله تعالى: {وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}

وبيان ذلك أن زكاة النفس تكون بفعل الأمر واجتناب النهي، فمن اجتنب ما نهي عنه ، وفعل ما أمر به زكت نفسه، وقوله تعالى: {وسيجنّبها الأتقى الذي يؤتي ما له يتزكّى} أي يقصد بإيتائه المال زكاة نفسه وطهارتها بأن يكفّر الله عنه بصدقته سيئته ، ويتقبّل منه نفقته؛ فتزكو نفسه بالطاعات واجتناب المعاصي كما يزكو النبات وينمو إذا أُمِدّ بغذائه ووقي الآفات التي تضعفه وتنهكه وربّما تميته؛ فالذنوب آفات النفس والطاعات غذاؤها.

وإنفاق المال منه ما هو واجب كالزكاة الواجبة في المال وكنفقة الرجل على من يعول، وكذلك أداء الحقوق الواجبة لغيره كردّ القرض والعارية وأداء الأمانة وضمان ما أتلفه من مال المعصومة أموالهم من غير حق ؛ فهذه كلها حقوق مالية واجبة ؛ يجب عليه أن يؤدّيها لأهلها.

فإذا كان لدى المرء مالٌ يريد أن يتصدّق به وهو عليه حقّ يمكن أن يؤدّي بهذا المال بعض ما يقضي به ما وجب عليه ؛ فإنّه قد تعارض لديه أمران:

الأمر الأول: الصدقة المستحبة.

والأمر الآخر: الحق الواجب.

وإذا تعارض الأمران فيجب عليه تقديم أداء الحقّ الواجب.

فهذا من حيث الأصل لا إشكال فيه، لكن قد يكون على بعض الناس دين كثير ، وهو يريد أن يتصدّق بصدقة يسيرة بحيث لو أعطاها لصاحب الحق الواجب لم يقبلها؛ فهذا لا يمنع من الصدقة؛ بل هي باقية على الاستحباب في حقّه.

مثال ذلك: رجل عليه دين لرجل مائة ألف ريال، وهو يريد أن يتصدّق بعشرة ريالات؛ فإن صدقته بهذه الريالات لا أثر لها في إعاقة تسديد دينه؛ بل ربّما أثيب على صدقته بأن يخلف الله عليه أضعاف ما أنفق، ويتمكّن من سداد بعض دينه.

لكن لو أنّه أراد أن يتصدّق بآلاف الريالات ؛ فهنا يمنع من هذه الصدقة غير الواجبة، ويجب عليه أن يدفع هذا المال لصاحب الحقّ حتى يقضي به بعض ما له عليه من الدين.

فهذا القول هو أقرب الأقوال وعليه العمل ؛ فإنّ الرجل قد يتصدّق بفضل طعامه وفضل لباسه وشيء يسير من المال لا يضرّ بأصحاب الحقوق؛ فلا يمنع من ذلك، ويرجى أن تكون صدقة متقبّلة.

وأمّا الصدق بالمال الكثير الذي يضرّ بأصحاب الحقوق فالراجح المنع منها.

وكذلك يقال لو لم يكن عليه دين، لكن عليه نفقة واجبة تضرّ بها الصدقة بالمال الذي يسدّ بعض حاجة أهل البيت ؛ فإنّه يلزم بالنفقة الواجبة التي يترتّب على فواتها حصول ضرر وحرج على أهل بيته، ويمنع من تلك الصدقة، إلا أن تكون الصدقة بشيء يسير لا تتعلّق به نفوس أهل البيت، أو يكون قد كفاهم مؤونتهم وأراد أن يتصدّق ببعض ما فضل معه من المال فله ذلك.