بارك الله فيكم
شيخنا وردت هذه الجملة في أصول التفسير لابن عثيمين:
اقتباس:
مثال ما اختلف فيه المعنيان، وقدم الشرعي: قوله تعالى في المنافقين: {ولا تصلّ على أحدٍ منهم مات أبداً} [التوبة: الآية 84] فالصلاة في اللغة الدعاء، وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي، لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب، |
لم أفهم ما معنى الجملة: «المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب».
قوله: (المقصود للمتكلِّم) أي ما يريده المتكلّم ويعنيه، والمتكلِّم بالقرآن هو الله جلّ وعلا.
وقوله: (المعهود للمخاطب) أي الذي يعهده ويعرفُه من خوطب بالقرآن ، والمخاطَب في هذه الآية هو النبي صلى الله عليه وسلم أصالة، وأمّته تبعاً، فكلّهم مخاطبون بهذا النهي في قوله تعالى: {ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره}.
ولأن الصلاة على الميّت معلومة معهودة وصفتها معروفة للمخاطبين فإنهم يفهمون من قوله تعالى: {ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا} النهي عن الصلاة على المنافق المعلوم نفاقه صلاة الجنازة المعروفة.
لكن في قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم} فالمراد بالصلاة هنا الدعاء وهو موافق للمعنى اللغوي.
وفي قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبيّ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} المراد بالصلاة هنا الذكر المعلوم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي ورد بصيغ متعددة كل منها مجزئ، وليس المراد أن يصلى عليه صلاة ذات أقوال وأفعال كصلاة الجنازة أو غيرها.
فاختلاف هذه المعاني مع اتّحاد اللفظ وهو (الصلاة) وعدم التباس ذلك على المخاطَبين سببه أنّهم يعرفون المراد من سياق الكلام؛ فلما ذكر النهي عن الصلاة على الميّت المنافق وهم يعرفون أن الميّت المسلم يُصلّى عليه فهموا أن المراد بالصلاة هنا هو صلاة الجنازة ذات الأقوال والأفعال المعلومة.
لكن لو لم تُشرع صلاة الجنازة أصلاً لكان المعنى المتبادر للفظ الصلاة هو المعنى اللغوي وهو الدعاء.
فعلم بهذا أنّه إذا اجتمع للفظ معنى لغوي ومعنى شرعي فالأصل تقديم المعنى الشرعي لأنه أخصّ من المعنى اللغوي، وهو المعهود في الخطاب الشرعي.