في أحد الأقوال في تفسير قوله تعالى: {قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} أن الملائكة قالوا ذلك على وجه التمدح.
فهل جائز أن يقع منهم ذلك؟ وهل الملائكة معصومون من الخطأ؟ أم يقاسوا في ذلك بالكُمَّل من البشر كالرسل والأنبياء؟
الملائكة معصومون من العصيان كما قال الله تعالى: {لا يعصون الله ما أمرهم} ، فيحمل وقوع السؤال منهم والتعجب ونحو ذلك على ما لا عصيان فيه، ولو ذكروا عن أنفسهم ما يعلمه الله منهم اعترافاً لله بفضله كما في قوله تعالى: {ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك} فليس في ذلك معصية، وإنما خرج منهم هذا الكلام مخرج التعجب.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان من دعائه : ((اللهم لك أسلمت وبك آمنت ، وعليك توكلت...)) الحديث. وكذلك : (( اللهم لك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك )) ، وقد كان هذا الدعاء مما نزل من القرآن فنسخت تلاوته.
فهذا نظير قول الملائكة : {نسبح بحمدك ونقدّس لك } لم يقولوه منّة على الله، ولا على وجه تفاخر مذموم، وكذلك أدعية النبي صلى الله عليه وسلم.
بل من المشروع للعبد أن يتوسّل إلى الله بعمله الصالح الذي يرى من نفسه أنه حقق الإخلاص لله تعالى.