سؤال محمد بن جماعة - من ملتقى أهل التفسير:
في مطالعتي لعدد من الكتب المتعلقة بالقواعد التفسيرية والترجيحية والأصولية، لاحظت تداخلا كبيرا بين ما يندرج ضمن أدوات البحث التفسيري وأدوات البحث الأصولي، خصوصا في الجوانب اللغوية والحقل الدلالي. وهذا أمر تتفهّم أسبابه. ولكن:
هل توجد ضوابط للتمييز بين ما هو تفسيري وما هو أصولي في هذه القواعد؟ وهل يوجد من تكلم في هذا الموضوع؟ أطرح هذا السؤال لأنني لاحظت، من خلال قراءتي لمجموعة من الكتب الجامعية التي اشتريتها مؤخرا، تقدم البحوث التقعيدية في أصول الفقه مقارنة بميدان التفسير، وكذلك تكرر عدد من القواعد التي أوردها أهل التفسير (أمثال مساعد الطيار، وخالد السبت وحسين الحربي) في بحوث أخرى في اختصاص أصول الفقه. فتساءلت: لم لا يتم الاستفادة من هذا الوضع عن طريق الجمع بين مختلف القواعد لتحديد المشترك والمختلف بينها في التخصصين؟ وهذا الأمر يضطرني إلى طرح سؤال آخر: ما هي المباحث المشتركة بين التخصصين ؟ أهي فقط المباحث اللغوية ؟ أرجو المساعدة.
التشارك بين بعض العلوم في بعض المباحث ظاهرة عامة لا تختص بها العلوم الشرعية والعربية؛ فعلى سبيل المثال تجد بعض القوانين والنظريات الحسابية تدرس في علم الرياضيات وعلم الإحصاء وعلم الهندسة وعلم البرمجة
وكذلك تجد أبواباً كثيرة مشتركة بين علم الطب وعلم الصيدلة وعلم الأحياء وعلم النبات
وكذلك الحال في العلوم الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية و غيرها
لكن أصحاب كل اختصاص يتناولون تلك المسائل وفق ما يخدم اختصاصهم فيدرسونها يتوسع أكثر فيما يعنيهم من تطبيقات ذلك العلم.
والعلوم الشرعية والعربية بينها تشارك في عدد من المباحث وهو ما يسمى عند بعضهم بالتكامل العلمي، فإنه لا توجد مفاصلة تامة بين تلك التخصصات
فلا يمكن دراسة التفسير بمعزل عن علوم اللغة العربية، ولا يعني هذا أن جميع مباحث علوم اللغة تعني المفسر.
ولا يمكن دراسة التفسير بمعزل عن علم أصول الفقه، ولا يعني هذا أن جميع المباحث الأصولية تعني المفسر.
كما أنه لا يمكن دراسة أصول الفقه بمعزل عن علوم القرآن، ولا يعني هذا أن جميع مباحث علوم القرآن تعني الأصولي .
وكذلك الحال في عدد من فنون العلم الشرعي
ولذلك تجد بعض المباحث تدرس في عدد من العلوم
فمثلاً:
مبحث (العموم) يدرس في علوم القرآن الكريم لصلته الوثيقة بدلالة تفسير الآيات، وترجيح بعض الأقوال التفسيرية على بعض.
ويدرس في أصول الفقه لصلته بمعرفة من يشمله حكم الدليل من المكلفين، ولا يقتصرون في دراسة العموم على عموم الآيات بل يضمون معه عموم الأحاديث النبوية.
ويدرس في علم البلاغة لصلته بمعرفة فوائد أسلوب العموم من الناحية البلاغية ومعرفة أدواته، ومادته عندهم لا تقتصر على الآيات والأحاديث بل تشمل الكلام العربي كله.
- وتدرس بعض مباحث العموم في علم معاني الحروف لبيان إفادة الحروف الدالة على العموم لمعنى العموم وهو كما ترى جزء من مبحث العموم فإن أدوات العموم منها حروف ومنها أسماء ومنها أساليب
- وتدرس معاني تلك الحروف أيضاً وتبين بعض دلالاتها في المعاجم اللغوية.
فيدرس أصحاب كل علم هذا المبحث بتوسع فيما يخدم علمهم وتجدهم غالباً يعرضون عن التوسع في تطبيقات هذا العلم في العلوم الأخرى.