في قوله تعالى: {بأييكم المفتون}
قال ابن كثير رحمه الله:
اقتباس:
إنما دخلت الباء لتدل على تضمين الفعل |
هل هذا يعني أنها بمعنى (في)؟
وجزاكم الله خيرا.
للعلماء ثلاثة مذاهب في معاني الحروف إذا عديت بها بعض الأفعال على غير المشهور فيها:
المذهب الأول: القول بالتعاقب، وهو أن تفسّر بعض الحروف ببعض، فيقال هنا: الباء بمعنى في، والباء (وفي) تتعاقبان كثيراً في كلام العرب؛ كما تقول: زيد بالبيت، وزيد في البيت.
وهذا المذهب هو المشهور عن الكوفيين.
والمذهب الثاني: القول بالتضمين، وهو أن يشرب الفعل معنى فعل آخر فيعدّى بحرفه ليفيد المعنيين، كما قالوا في قوله تعالى: {عينا يشرب بها} أنها ضمّنت معنى "يروى" ، وكما قالوا في قوله تعالى: {ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا} أن النصر هنا عدّي بـ"من" لتضمينه معنى النجاة والحفظ.
المذهب الثالث: التماس معنى آخر للحرف؛ إما القول بأنّه صلة أو الوقوف على مناسبة تقتضي تعدية الفعل بذلك الحرف من غير طريق التضمين.
وقول ابن كثير هنا: (إنما دخلت الباء لتدل على تضمين الفعل) أراد به أن الإبصار متضمّن لمعنى الإخبار أو العلم، والإخبار يعدّى بالباء؛ كما تقول: أخبرتك بكذا وكذا، وكذلك العلم يعدّى بالباء؛ كما تقول: علمت بكذا وكذا.