من الدرس العاشر أيضا:
- (وذكر ابن عبد البر في التمهيد عن الإمام مالك أنه قال: (قد كان الناس ولهم مصاحف، والستَّةُ الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف).
يريد بالستة: عثمان، وعلي، والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين.
بارك الله فيكم
لا تعارض بينهما في حقيقة الأمر، فإن الذي نفاه ابن كثير هو أن يكون لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه مصحف منقول عنه معروف أنه له يروى بالإسناد المتصل إليه، ولم ينف أن يكون له في حياته مصحف كان يقرأ فيه، وكذلك الستة الذين روي عن الإمام مالك أنهم كانت لهم مصاحف -إن صحّ عنه هذا النقل - فإما أن تكون تلك المصاحف بعد جمع أبي بكر، أو بعد جمع عثمان؛ فإن المصاحف قد كثرت في ذلك الوقت، فأما قبل جمع أبي بكر فلم يكن لأحد من الصحابة مصحف تام، وأما بعد جمع عثمان فإن كل مصحف كان على خلاف الرسم العثماني قد أمر به عثمان فأحرق.
وما نسخ بعد جمع عثمان فهو موافق للرسم العثماني لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام الذي جمعه عثمان رضي الله عنه، فبقي الاقتداء بهذه المصاحف التي بثّها عثمان في الأمصار، وتُرك كل ما خالفها، ولذلك لم تكن للتابعين حاجة في أن يكتبوا مصاحف عن أفراد من الصحابة لأن المصاحف العثمانية كانت مبثوثة في الأمصار مشهورة معروفة، وكانوا يستنتسخون منها، وكان في كلّ مصر قراء معروفون يرجع إليهم الناس في تعلّم القراءة وتقويم المصاحف.