لو توضحون أهمية معرفة طالب علم التفسير بطبعات التفاسير وكتب علوم القرآن، وبيان السبيل إلى ذلك.
من الأمور المهمة لطالب العلم أن يحسن اختيار طبعات الكتب التي يريد اقتناءها، فإن وقوع طالب العلم في طبعات رديئة قد يوقعه في أخطاء في تحصيله العلمي من تلك الكتب لما يكون في الطبعات الرديئة غالباً من السقط والتصحيف والتحريف وبعض ذلك قد يقلب المعنى أو يفسده.
لكن مما ينبغي التنبه له أن الذين يتكلمون في طبعات الكتب والمفاضلة بينها على مراتب:
المرتبة الأولى: العلماء الباحثون الذين لهم عناية بطبعات الكتب، والموازنة بينها، فهؤلاء كلامهم في الحكم على الطبعات والمفاضلة بينها بأعلى المراتب لأن لديهم من الأدوات العلمية في التمييز بين الطبعات ما لا يتحصّل لكثير من طلاب العلم؛ فيعرفون الأصول الخطية التي اعتمدها المحققون، ويعرفون مراتبهم في التحقيق، ويقوّمون عملهم، ويدركون كثيراً مما يقعون فيه من الأخطاء؛ فإذا أوصوا بطبعة لكتاب فليحرص طالب العلم على اقتنائها، وقد يوصون في بعض الكتب بطبعتين أو أكثر، وإذا حذّروا من طبعة فليجتنبها.
المرتبة الثانية: المحققون المجيدون، وهؤلاء لهم أدواتهم في التمييز والمفاضلة بين الطبعات، لما لهم من خبرة ودراية بالتحقيق وأصوله، ومعرفة حال النسخ الخطية التي يعتمدها المحققون، ومراتبهم في التحقيق، فلذلك كان كلامهم في تقويم الطبعات مهماً لطالب العلم، ولا سيما من عرف ببذل النصيحة وإفادة طلاب العلم.
المرتبة الثالثة: الكُتُبيّون الذين لهم حظّ من الاطلاع ومعرفة أقوال العلماء والمحققين في الكتب والطبعات، لطول اشتغالهم بهذه الصنعة، ولهم أدوات في المفاضلة بين الطبعات من جهة معرفة قدر المحقق، ورواج الكتاب لدى أهل العلم، وكلام العلماء والمحققين في الكتاب والمحقق، وجودة الصفّ والإخراج، وغير ذلك من الأدوات التي يستعملونها في المفاضلة بين الطبعات.
فكلام هؤلاء في الطبعات إذا لم يتيسر لطالب العلم كلام العلماء والمحققين يُستأنس به، وهو خير من اجتهاد طالب العلم لنفسه إذا لم يكن لديه من الأدوات العلمية ما يميز به بين الطبعات.
أما كلام من سوى هؤلاء فلا يُعتمد عليه؛ إذا عرضت لطالب حاجة لاقتناء كتاب وأراد أن يختار من طبعاته، فليسأل من يتيسّر له من أصحاب هذه المراتب على الترتيب الذي ذكرته.