جاء في تفسير ابن كثير:
اقتباس:
{وفومها} (61): قال: قالوا وفي اللغة القديمة: "فوّموا لنا" بمعنى اختبزوا. |
وجاء في تفسير الزجاج لقوله تعالى: {ولما جاءهم} (89): قال:
اقتباس:
تُقرأ (جاءهم) بفتح الجيم والتفخيم، وهي لغة أهل الحجاز، وهي اللغة العليا القُدمى، والإمالة إلى الكسر لغة بني تميم وكثير من العرب. |
فهل يكون معنى اللغة القديمة هي لغة أهل الحجاز؟
لا يقتضي ذلك، بل لبعض قبائل تميم لغات قديمة مهجورة لم تعد مستعملة.
وإطلاق وصف القدم هنا نسبي؛ فالقديم منه العتيق الذي يندر استعماله، ومنه المهجور غير المستعمل، ومنه المستعمل الأقدم من غيره.
وعلماء اللغة يقسّمون الألفاظ العربية إلى قسمين: مستعمل ومهمل
فالمستعمل الذي تتداوله الألسنة، وقد يكون منه الغريب.
والمهمل يطلق على معنيين:
المعنى الأول: ما أهمل من الألفاظ والأبنية ولم تتكلم به العرب، وهذا المعنى يذكره بعض النحاة والصرفيين، ويمثل له بعضهم بـ ( ديز) مقلوب زيد، وببعض الأبنية مثل (عضخ)، ويذكره بعض اللغويين في بعض الجذور التي يهمل استعمالها.
والمعنى الآخر: ما كان مستعملاً في لغات قديمة ثم أهمل وترك، وقد يسمّى المهجور، وهو على أنواع:
- فمنه اللفظ المهجور الذي لا يكاد يُستعمل؛ كالهوغ: أي الشيء الكثير، يقال: جاء فلان بالهوغ أي بالمال الكثير، وهي لغة غير مستعملة.
- ومنه لغات مهجورة مخالفة للمستعمل المشهور من الإعراب، كما قيل في بيت المتلمّس: فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى .. مساغاً لناباه الشجاع لصمما
قال أبو منصور الأزهري: (هكذا أنشده الفراء (لناباه) على اللغة القديمة لبعض العرب).
- ومنه ما غيّر بكثرة الاستعمال بتسهيل أو تقديم حرف على حرف، كما قيل: في قول الشاعر: أري عينيّ ما لم تَرْأياه .. كلانا عالم بالترّهات
(ترأياه) على الأصل، لأن مضارع "رأى": "يرأى" ، كسعى ويسعى، وسُهلّت الهمزة لكثرة الاستعمال، ولم تعد تهمز إلا نادراً.
وكما قيل في قول الشاعر: فلست لإنسي ولكن لِمَلأك .. تبارك من فوق السماوات مرسله
الملأك هو الملك، على الأصل، ثم قدّمت الهمزة فقيل: مألك، ثم سهّلت فقيل (مَلَك).
والقول الصحيح أن ما ورد من الألفاظ في القرآن فلا يصحّ أن يُجعل في غير المستعمل، وإن كان من عتيق كلام العرب.