أحسن الله إليكم شيخنا؛ يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: (أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله). هل هذا الأثر صحيح؟ وكيف نجمع بينه وبين ما ثبت في صحيح البخاري بأن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة، فتوقف تورعا، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك؟ أليس الأجر العظيم للأول الذي سن سنة حسنة وهو عمر رضي الله عنه؟
وبارك الله فيكم
عمر هو المشير بذلك والدالّ عليه، وأبو بكر هو الفاعل، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله)).
وهذه المساواة من حيث أصل الفعل، وأمّا المضاعفة فإنّ الفاعل يضاعف له من الثواب ما لا يضاعف للدالّ عليه لأسباب متعددة، ويحصل له من الأجر من وجوه أخر ما لا يحصل للدالّ عليه؛ فقد يجد في العمل من المشقّة والنصب ما يجد، وقد يبتلى في تفاصيل عمله بأنواع من الابتلاءات فإذا عمل في ذلك بهدى الله حصل له من الأجر ما ليس لمن دلّ على أصل العمل.