السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته، أحسن اللهُ إليكم.
أطلق السيوطي وتبعه الزمزمي في منظومته على علوم القرآن " علم التفسير " فما صحةُ هذا الإطلاق؟
وهل هو مشهورٌ بين علماء السلف والخلف؟
هذا التعريف أخذه السيوطي من تعريف أبي حيان في مقدّمة تفسيره البحر المحيط إذ قال: ( التفسير علمٌ يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتماتٍ لذلك. فقولنا علمٌ هو جنسٌ يشمل سائر العلوم. وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات. وقولنا ومدلولاتها، أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم. وقولنا وأحكامها الإفرادية والتركيبية هذا يشمل علم التصريف، وعلم الإعراب، وعلم البيان، وعلم البديع، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب شمل بقوله التي تحمل عليها ما لا دلالة عليه بالحقيقة، وما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئًا، ويصد عن الحمل على الظاهر صادٌ، فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على غير الظاهر، وهو المجاز. وقولنا، وتتماتٍ لذلك، هو معرفة النسخ، وسبب النزول، وقصةٍ توضح بعض ما انبهم في القرآن، ونحو ذلك).
وهذا التعريف على طوله فيه خروج عن حدّ التفسير المعروف إذ التفسير متعلق ببيان ما يدلّ عليه كلام الله تعالى ؛ فيشمل ذلك بيان معاني المفردات والأساليب وما يستنبط من أحكامه وفوائده وسائر مدلولاته.
وكون التفسير له تعلّق بعدد من العلوم كالقراءات والتصريف والإعراب والبلاغة وغيرها لا ينكر، لكن لا يصح أن تجعل هذه العلوم داخلة في حدّ علم التفسير.
وأجود من تعريف أبي حيان تعريف الزركشي في البرهان إذ قال: (التفسير علمٌ يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحِكَمه).
ثم قال: (واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ).
فبيّن أولا حدّ علم التفسير؛ ثمّ ذكر ما يُستمدّ منه علم التفسير من علوم القرآن الأخرى وغيرها.