السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال من دورة الإيمان بالقرآن...
شيخنا الفاضل،...
أخذنا أن من عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن، علمهم اليقيني بأن كل حرف في القرآن تكلم الله به حقيقةً، و أن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى
سؤالي،... كيف تكون معاني القرآن من الله تعالى، وقد يرد في التفسير اختلافٌ في الأقوال وتوجيه المعاني، حتى في زمن السلف الصالح؟؟
أم أن المراد بالمعاني أمرٌ آخر؟؟
أرجوا منكم توضح هذه المسألة، وجزاكم الله خيرًا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مراد السلف بقولهم: "إن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى" هو أن الله تكلّم بحروف القرآن حقيقة، ولم يعبّر بها جبريل ولا غيره عن مراد الله تعالى كما تزعم الأشاعرة، وليس القرآن ألفاظا مجردة عن المعاني كما زعم ذلك بعض الجهمية.
فالقرآن حروفه ومعانيه من الله أي أنّ الله تعالى هو الذي تكلّم به حقيقة، ولكلامه تعالى معان أرادها به.
وأما فهم مراد الله تعالى بكلامه فالناس يتفاضلون فيه تفاضلاً كبيراً، فإنّ الله تعالى جعل في هذا القرآن تفصيل كلّ شيء، ولذلك يحصل بين العلماء فضلا عن غيرهم تفاضل كبير في إدراك هذه المعاني، ويقع منهم اجتهاد في إصابة تلك المعاني فمنهم من يصيب ومنهم من يخطئ، ومنهم من يدرك بعض المعنى، ولذلك قام علم أصول التفسير لضبط الاجتهاد في تفسير القرآن والبيان عن مراد الله تعالى بكلامه؛ فمن المعاني معان مجمع عليها لا اختلاف فيها بين أهل العلم، ومنها معان ظاهرة يدركها طالب العلم بالتعلّم والمران، ومنها معان لا تُدرك إلا بحسن الفهم وجودة الاستنباط بعد توفيق الله تعالى في كلّ ذلك.
ومعرفة مراد الله تعالى بكلامه يكون بالنص الصحيح أو الإجماع أو الاجتهاد الصحيح.
فإذا صحّ النقل عن النبي صلى الله علىه وسلم في بيان مراد الله تعالى بكلامه فهو حجة صحيحة يجب قبولها.
وكذلك إذا أجمع السلف على تعيين المراد فالإجماع حجة صحيحة.
والنص والإجماع يكون في مسائل كثيرة عامّتها مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومما يحتاج الناس فيه إلى العمل حاجة ماسّة.
وأما الاجتهاد فبابه واسع، وله شروط وضوابط، وله أصول يميّز بها بين الاجتهاد الصائب والاجتهاد الخاطئ.
ومن معاني القرآن معان استأثر الله بعلمها فلا يدركها على حقيقتها إلا الله جلّ وعلا، كما روي معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه.